--------------------------------------------------------------------------------
نصوص التوراة المحرفة (كتب العهد القديم)، والتي هي عبارة عن بقايا مشوّهة لرسالات أنبيائهم، مع تفسيرات وتوجيهات أحبارهم، وكذلك المعتقدات والأساطير والخرافات التي كانت متداولة في وقت تدوينها، أو حتى تلك التي سبقتها. هذه النصوص جعلت المتعصبين من النصارى يتحدثون بنشوة عن يهوه وهو يسحق الرؤوس، ويملأ الأرض بجثث غير المؤمنين، وعن الرغبة من الانتقام، من أطفال بابليين (عراقيين) وإلقائهم فوق الصخور.
إن ما يتعرض له العراق اليوم ما هو إلا حرب دينية في المقام الأول فهذا الحلف بين إسرائيل والولايات المتحدّة هو حلف عقائدي عسكري تُغذيه النبوءات التوراتية والإنجيلية المزروة، وللعلم فإن هناك أكثر من عشرين يهودي في إدارة بوش
إن خطة العدوان علي العراق هي خطة إسرائيلية وضعها صهيوني أمريكي اسمه (ريتشارد بيرل) وهو الذي يترأس مجلس السياسات الدفاعية بالبنتاجون ويعمل مستشارا لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد، وقد أعد هذه الخطة بمشاركة عناصر من اللوبي اليهودي الصهيوني وجري اقناع الرئيس بوش بتبنيها. (تقرير كتبه مصطفي بكري بعنوان بوش يخوض حربا دينية تحت شعار عودة المسيح(
تخبرنا هذه النصوص بأن اليهود لم ينسوا أبدا تخريب دولتهم الأولى على يد ملوك بابل، كما تنص عليه توراتهم في أكثر من ثلثها، وهم ينسبون ذلك إلى بختنصر (نبوخذ نصر) وهو ما يُسمّى تاريخيا (السبي البابلي) أو (السبي الآشوري).
كما يعتقد اليهود بأن تخريب دولتهم الثانية سيكون أيضا على أيدي البابليين وهم أهل العراق، وهم لذلك يرغبون وبقوة في ضرب العراق وتدميرها إنتقاما من وعد المرة الأولى وتفاديا لوعد الآخرة (المرة الثانية) كما في قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء 7 ) ولذلك قاموا بتزوير التوراة، وملئوها بمشاعر الحقد والقهر والنقمة والرغبة في الانتقام، ومن أمثلة ذلك هذا النص من التوراة: "داس مُضطهدونا أعناقنا، أُعيينا ولم نجد راحة، خضعنا باسطين أيدينا إلى أشور ومصر، لنشبع خبزا، " والنص الآخر كما جاء في تلمودهم عن العرب: (كانوا قادة تخريب الهيكل مع نبوخذ نصر).
وتقول توراتهم: "وفي ختام السبعين سنة أُعاقب ملك بابل وأمّته (العراق)، وأرض الكلدانيين على إثمهم، وأُحولها إلى خراب أبديّ، يقول الرب"
وتقول توراتهم محذرة من العراق كما في (حزقيال): "وأوحى إليّ الربّ بكلمته قائلا : أمّا أنت يا ابن آدم، فخطّط طريقين لزحف ملك بابل. من أرض واحدة تخرج الطريقان"
هذه النبوءات التوراتية حفرت في عقول اليهود ومن خلفهم الأمريكان النصارى إشارات لا تمحى، وكونت لديهم مواقف لا تقبل النقاش من العراق وبقية جيران إسرائيل، مما جعلهم يحرصون على حرمان الدول المعادية لإسرائيل والقريبة منها من أي قدرة عسكرية، والسعي للقضاء عليها إن وجدت وتدميرها. (وللاستزادة في هذا الشأن اقرأ كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لخالد عبدالواحد)
تقول توراتهم (أشعياء 14: 29) لا تفرحي يا كلّ فلسطين ( إسرائيل )، لأن القضيب الذي ضربك قد انكسر. فانه من أصل تلك الأفعى يخرج أُفعوان، وذريّته تكون ثعبانا سامّا طيّارا … ولول أيّها الباب، ونوحي أيّتها المدينة، ذوبي خوفا يا فلسطين قاطبة، لأن جيشا مُدرّبا قد زحف نحوك من الشمال … ".
وتقول أيضا : (انظروا، ها شعبٌ زاحف من الشمال، وأمّة عظيمة تهبّ من أقاصي الأرض، …، لمحاربتك يا أورشليم (بلد السلام - القدس).
وفي نص آخر من توراتهم المحرفة ينسبون إلى الرب أنه قال متوعدا بني إسرائيل: (وآتي بهم عليك من كل ناحية، أبناء البابليين، وسائر الكلدانيين (العراق)، ومعهم جميع أبناء أشور (سوريا).
فهل نستغرب بعد ذلك أن هذه الحرب المجنونة التي يعترف الجميع بما فيهم السياسيون الأمريكيون بأن المحرض الأول عليها هم اليهود إنما هي تنفيذ لمخطّطات أحبار اليهود القديمة التي كتبوها للانتقام من أهل بابل أو كما يصفونها (بنت بابل) أي العراق الجديدة.
وتقول التوراة المحرفة أيضا: "ها هو يوم الرب قادم، مفعما بالقسوة والسخط والغضب الشديد، ليجعل الأرض خرابا ويبيد منها الخطاة … والشمس تظلم عند بزوغها ( كسوف )، والقمر لا يلمع بضوئه ( خسوف ) . وأعاقب العالم على شرّه والمنافقين على آثامهم، وأضع حدّا لصلف المُتغطرسين وأُذلّ كبرياء العتاة … وأُزلزل السماوات فتتزعزع الأرض في موضعها، من غضب الرب القدير في يوم احتدام سخطه. وتولّي جيوش بابل حتى يُنهكها التعب، عائدين إلى أرضهم كأنهم غزال مُطارد أو غنم لا راعي لها. كل من يُؤسر يُطعن، وكل من يُقبض عليه يُصرع بالسيف، ويُمزّق أطفالهم على مرأى منهم، وتُنهب بيوتهم وتُغتصب نسائهم ".
وقد رأى العالم كيف أن القذائف التي تلقيها قوات التحالف الجائرة والتي تنطلق من بلدان أبناء يعرب تمزق الأطفال وتهشم رؤوسهم وتبقر بطونهم تماما كما يريد كاتبوا هذه النصوص.
ويقول نص آخر "فتسخرون من ملك بابل قائلين : " كيف استكان الظالم وكيف خمدت غضبته المُتعجرفة ؟ قد حطّم الرب عصا المنافق وصولجان المُتسلطين … (إلى قوله) أعدّوا مذبحة لأبنائه جزاء إثم آبائهم، لئلا يقوموا ويرثوا الأرض فيملئوا وجه البسيطة مُدناً. يقول الرب القدير : " إني أهبّ ضدهم، وأمحو من بابل، اسماً وبقيةً ونسلاً وذريةً، وأجعلها ميراثاً للقنافذ، ومستنقعاتٍ للمياه، وأكنسها بمكنسة الدمار ". ويفسرون (مكنسة الدمار) بأنها القنابل النووية.
ولنا أن نسأل كيف يأمرهم الله بتدمير العراق وإبادة أهله، وتمزيق أطفاله؟ هل الله أن يأمر أو يُحرّض على الإفساد في الأرض، بل إن الله عز وجل قد توعد اليهود (بني إسرائيل) بالتدمير لأنهم سيفسدون في الأرض كما في سورة الإسراء: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ... الآية) فالله عز وجل سيعاقبهم لعظم ما أفسدوه في أرضه، ولأجل الإفساد ذاته فكيف يأمر به؟ ومع ذلك فهذه النصوص التحريضية للأسف الشديد يؤمن بها كثير من النصارى الأمريكان وعلى رأسهم الرئيس بوش الابن الذي نقلت عنه (مجلة النيوزويك في عدد 10 مارس) أنه وهو وأنصاره من الانجيليين يأملون أن تكون الحرب القادمة علي العراق فاتحة لنشر المسيحية في بغداد"
بوش الذي يعتبر أحد أعمدة طائفة المعبرة عن التحالف الصهيوني المسيحي، والذي يعزو البعض نجاح بوش في حياته السياسية بأنه توقف علي هذه الطائفة التي تشكل خليطا من الصهيونية والمسيحية.
وكذلك البريطانيين وعلى رأسهم توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الذي انضم إلي طائفة الميسوديت منذ ثلاثة أعوام وأصبح منتظما في قراءة الكتاب المقدس للميسوديت وأداء كل طقوس العبادة التي تقرها هذه الطائفة. وقد كان لانضمام بلير إلي الطائفة الفضل في وجود لغة مشتركة بينه وبين بوش، حيث يعتبر بلير أن بوش أستاذه في الطائفة.
ونعود إلى نصوص التوراة التي تقول: "فها أنا أُثير وأجلب على بابل، حشود أُمم عظيمة ( إلى قوله) فتصبح أرض الكلدانيين غنيمة، وكل من يسلبها يُتخم"
وتحرض على تدمير بابل فتقول: "اسمعوا ها جلبة الفارّين الناجين، من ديار بابل ليذيعوا في صهيون، أنباء انتقام الرب إلهنا والثأر لهيكله، استدعوا إلى بابل رماة السهام، (إلى قوله) جازوها بمُقتضى أعمالها، واصنعوا بها كما صنعت بكم"
وتحرض على القتل والسلب، ولنهب مدخرات العراق: "ها سيف على عرّافيها فيصبحون حمقى، وها سيف على مُحاربيها فيمتلئون رعبا. ها سيف على خيلها وعلى مركباتها، وعلى فِرق مُرتزقتها فيصيرون كالنساء، ها سيف على كنوزها فتُنهب"
وتقول توراتهم عن التحالف: "وقد اصطفوا كرجل واحد، لمحاربتك يا بنت بابل" ويقولون: " لذلك اسمعوا ما خطّطه الربّ (وحاشاه عن ذلك) ضدّ بابل ، وما دبّره ضد ديار الكلدانيين، ها صغارهم يُجرّون جرّا، ويُخرّب مساكنهم عليهم. من دوي أصداء سُقوط بابل ترجف الأرض، ويتردّد صراخها بين الأمم ".
وتقول توراتهم عن شعب إسرائيل: (أما نصيب يعقوب فليس مثل هذه الأوثان، بل جابل كل الأشياء. وشعب إسرائيل ميراثه، واسمه الرب القدير، أنت فأس معركتي وآلة حربي، بك أُمزّق الأمم إربا وأُحطّم ممالك، بك أجعل الفرس وفارسها أشلاء، وأهشّم المركبة وراكبها، بك أُحطّم الرجل والمرأة، والشيخ والفتى والشاب والعذراء، بك أسحق الراعي وقطيعه، والحارث وفدّانه والحكّام والولاة ".
وهناك نصوص واضحة تبين دوافع الانتقام: "قد افترسنا نبوخذ نصر ملك بابل، وسحقنا وجعلنا إناءً فارغا، ابتلعنا كتنّين، وملأ جوفه من أطايبنا، ثم لفظنا من فمه ". يقول أهل أورشليم : " ليحُلّ ببابل ما أصابنا، وما أصاب لحومنا من ظلم ". ويقول نص آخر: " كما صرعت بابل قتلى إسرائيل، هكذا يُصرع قتلى بابل في كل الأرض" في كل الأرض وليس فقط في العراق، ولذلك صاروا يطالبون بطرد السفراء من جميع دول العالم.
والخلاصة هل يشك عاقل بعد كل هذه النصوص بدوافع اليهود الدينية لحرب العراق، هذا أولا. ثم هل يشك من له أدنى علم بحقيقة مراكز القوى في أمريكا بدور اليهود الكبير في توجيه السياسة الأمريكية؟
أما بالنسبة للدول العربية، فإنهم قد علقوا بالشرك الذي نصبه أعدائهم لهم، وارتموا للأسف الشديد في أحضان جلاديهم، فدور كثير من الدول العربية في هذه المؤامرة غير يسير، بعلم وبدون علم، برغبة منهم، أو رغما عنهم، وكثير منهم أدى دوره كما رسم له، وأخذ نصيبه (بعضهم نقدا مقدما وبالدولار) !!.
المفضلات