سأضع لكم الآن الفصل الثاني من الباب الأول من كتاب (السنة في كتابات أعداء الإسلام) للدكتور عماد السيد الشربيني مدرس الحديث بجامعة الأزهر الشريف.
والفصل الثاني من الكتاب حول المستشرقين وموقفنا من الاستشراق، وأدعكم مع هذا الفصل الماتع:
===================================================
أعـداء السنة النبوية مـن المستشرقين
وتحته أربعة مباحث :
المبحث الأول : التعريف بالاستشراق0
المبحث الثانى : منهج المستشرقيـن فـى دراسـة الإسـلام0
المبحث الثالث : المستشرقون وموقفهم مـن السنـة النبويـة0
المبحث الرابع : موقفنا من الحركة الاستشراقية والمستشرقين0
المبحـث الأول
التعريـف بالاستشـراق لغـة واصطلاحـاً
الاستشراق لغة : استشرق من الفعل "شرق" يقال : شرقت الشمس أى طلعت، واسم الموضع المشرق، والشرق : المشرق، والجمع إشراق0 والتشريق الأخذ فى ناحية المشرق، يقال : شتان بين مشرق ومغرب، وشرقوا أى ذهبوا إلى الشرق أو أتوا الشرق، وكل ما طلع من المشرق فهو شرق(1)0
واستشرق : أى طلب دراسة ما يتعلق بالشرق، فالألف والسين والتاء فى أى فعل تدل على الطلب كاستغفر أى طلب المغفرة0
الاستشراق اصطلاحاً : هو علم الشرق أو علم العالم الشرقى وهو تعبير أطلقه الغربيون على الدراسات المتعلقة بالشرقيين شعوبهم، وتاريخهم، وأديانهم،ولغاتهم، وأوضاعهم الاجتماعية،وبلادهم، وأرضهم، وحضارتهم، وكل ما يتعلق بهم0 وهذا معنى عام للاستشراق0
وهناك معنى خاص كان هدفهم الأساسى وهو : دراسة الإسلام والشعوب الإسلامية لخدمة أغراض التبشير من جهة، وخدمة أغراض الاستعمار الغربى لبلدان المسلمين من جهة أخرى، ولإعداد الدراسات اللازمة لمحاربة الإسلام وتحطيم الأمة الإسلامية(2)0
وهذا المعنى الخاص لمفهوم الاستشراق هو الذى يعنينا، وهو الذى ينصرف إليه الذهن فى عالمنا العربى الإسلامى عندما يطلق لفظ استشراق أو مستشرق وهو الشائع أيضاً فى كتابات المستشرقين المعنيين(3)0
والمستشرقون : هم الذين يقومون بهذه الدارسات من غير الشرقيين، ويقدمون الدراسات اللازمة للمبشرين، بغية تحقيق أهداف التبشير، وللدوائر الاستعمارية بغية تحقيق أهداف الاستعمار0
ومع الدراسات الاستشراقية الموجهة لأغراض التبشير والاستعمار، قام بعض محبى العلم بدراسات استشراقية حيادية غير موجهة، وكان من بعض هؤلاء إنصاف للحقيقة وبعض هؤلاء المنصفين تأثر بالإسلام وبالحضارة الإسلامية فأسلم(1)0
هذا ومما لا شك فيه أن الاستشراق كان له أكبر الأثر فى صياغة التصورات الأوربية عن الإسلام وأمته، وفى تشكيل مواقف الغرب إزاء الإسلام على مدى قرون عديدة وحتى يومنا هذا(2)0
والاستشراق من تعريفه الخاص السابق، موقف عقائدى وفكرى معاد للإسلام يقفه الكافرون بهذا الدين بوجه عام، وبعض أهل الكتاب من اليهود والنصارى بوجه خاص0 وهذا الموقف - فى جوهره النابع من العداوة فى العقيدة - ليس بجديد وإنما هو امتداد لموقف أسلافهم الكافرين بالإسلام من المشركين وأهل الكتاب - منذ ظهور الإسلام وحتى اليوم : وهو موقف الإنكار للرسالة، والتكذيب للرسول ، وإثارة الشبهات حول الإسلام وحول القرآن والرسول وسنته المطهرة بوجه خاص، لتشكيك المسلمين فى دينهم، ومحاولة ردهم عنه0
وقد تختلف وسائل المشركين ووسائل أهل الكتاب، ولكنهم - فى نهاية المطاف - يلتـقون حول الهدف : وهو محاولة منع الخير - وهو الإسلام - عن المسلمين، ومحاولة ردهم عنه كما قال الله تعالى : {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(3)0 وقال تعالى {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}(4)0
المفضلات