بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .
أن هذا هو الجزء الثاني من قصة الذبيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وكما بينت في الجزء الأول أن هذا البحث ما هو إلا عبارة عن تبسيط وجملة لما وصل إليه علمائنا الأجلاء مع بعض الآراء والرجوع إلى التفاسير الأولى وكتب الحديث ومحاولة لتقريب الفكرة لكل باحث عن الحق .
في هذا الجزء سوف نتناول القصة من ناحية القصص القرآن والتأكيد أن القرآن ويوكد أن الذبيح إسماعيل عليه السلام وإبراز وتبسيط وتوضيح ما وقع من لبس في بعض كتب التفسير التي أقرت على أن الذبيح هو إسحاق
أن قصة الذبيح وردت كاملة في سورة الصافات ضمن قصة إيمان وهجرة سيدنا إبراهيم علية السلام ومع أن النص القران لم يصرح صراحة باسم الذبيح إلا أن سياق الآيات القرآنية ومجمل ذكر سيدنا إسماعيل في القرآن ويوكد انه هو الذبيح واليكم اخوانى المسلمين والأصدقاء المسحيين الآيات القرآنية
بسم الله الرحمن الرحيم ((وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ 99 رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ 100 فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ101 فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ 102 فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ 103 وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ 104 قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ 105 إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ 106 وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ 107 وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ 108 سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ 109 كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ 110 إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ 111 وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ 112 وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ 113 وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ 114 ))
صدق الله العظيم ( الصافات 99-114 )
وقد بدأت الآيات بما قبل القصة وأيه بعدها حتى لا يقول قائل أننا نقتطع النصوص
وكما نرى فان النص القرانى لا يذكر اسم الذبيح صراحة ولكن قبل الخوض في موضوع الذبيح يجب أن نعرف أن القرآن الكريم دائما وفى كل قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كلها ذكرت متفرقة في مواقع كثيرة من السور ماعدا قصة سيدنا يوسف عليه السلام والحكمة من هذا كما قالوه علمناء الذين بحثوا كثيرا أن الهدف هو أرثاء عقيدة وقواعد شرعية قبل ما وإخراج حكمة وموعظة للناس أكثر من كونه أدارج حدث تاريخي ومع ذلك فالقصص مرتب باحداثة التاريخية ترتيب دقيق لكل من يقرءا قصص الأنبياء في القرآن وهذا أيضا من الإعجاز القران الكريم وهو سرد قصة بترتيب تاريخي بالبدء في مواضع مختلفة من جوانب وإحداث مختلفة واستخراج الفائدة المطلوبة منها في ذلك الموقع فان هذا شيء يعجز عنه البشر ومما يدل على انه من كلام الخالق سبحانه وتعالى .
وبما أن قصة الذبيح هنا جاءت ضمن ذكر لقصة سيدنا إبراهيم فلم يذكر اسم الذبيح حتى لا تنقطع القصة الأساسية والحكمة المراده منها ، وأيضا فان في دعم ذكر اسم الذبيح حكمة إلهيه بالغة وهى أن القران الكريم كان يطالب دائما أهل الكتاب بالرجوع إلى كتبهم للتأكد من أن الرسول صلى الله عليه وسلم مذكور عندهم وانه جاء ليتم الشرائع ومثال ذلك قوله تعالى
((وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )
سورة البقرة 101
ومن المعروف كما ذكرنا أن التوراة ذكرت أن الذبيح صراحة هو إسحاق فلو أن القران قال أن الذبيح هو إسماعيل لنفر أهل الكتاب وخاصة اليهود وتمسكوا بما عندهم وجادلوا بالباطل والعناد فكان هذا بمثابة حجة عليهم ومع هذا فان المتدبر لسياق النص القرانى يتبين له أن الذبيح إسماعيل وليس إسحاق
تسلسل الاحداث في سياق النص القرانى :
فان قصة الذبيح وردت في سياق قصة هجرة إبراهيم لقومه لأنهم عاندوا ولم يقبلوا عبادة الله عز وجل فان قصة الذبيح جزء من سياق القصة والقصة تأتى بترتيب الاحداث وهى دعوة إبراهيم لأبيه وقومه ((إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُون 85 أَئِفْكًا آَلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ 86َ) الصافات 85 -86
ثم تحطيمه الأصنام (فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ 91 مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ 92 فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ )) الصافات 91-92 ثم قصة القاء سيدنا إبراهيم في النار ونجاته منها (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ 97 فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ) الصافات
ثم هجرته علية السلام لله وطلب الذرية الصالحة وكل ما سبق مهم للتأكد من التسلسل التاريخي للقصة وهنا تبدأ قصة الذبيح
إسماعيل عليه السلام هو الذبيح :
(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ 100 فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ 101 فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ 102)) الصافات 100-102
فالبشارة كانت بغلام حليم وهو أول أولاد إبراهيم وهو إسماعيل بإجماع المسلمين واليهود والنصارى فهو بكر إبراهيم وهو الذبيح لان توالى الاحداث ويوكد أن هذه البشارة هي ذلك الغلام الذي بلغ معه السعي وقول الغلام ستجدني أن شاء الله من الصابرين تأكيد للبشارة بقوله تعالى غلام حليم ويوكد هذا قول الله عز وجل
((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ) مريم 54
فان إسماعيل صدق وعده وكان صابرا كما وعد والده ويتبع تسلسل الاحداث نجد أن البشارة بإسحاق كانت بعد قصة الذبح وكانت جزاء لسيدنا إبراهيم على طاعة الله عز وجل .
استحالة كون سيدنا إسحاق الذبيح :
قال سبحانه وتعالى في سياق ذكر قصة الذبيح أن هذا لهو البلاء المبين وكما رأينا فاى بلاء لو كان الذبيح إسحاق وكان هناك إسماعيل يسبقه أن البلاء حقا كونه ذبح ابنة الوحيد وهو شيخ كبير لا يرجو الولد كما جاء ذلك في البشارة بإسحاق في قصة ضيف إبراهيم في سورة الذاريات فان إبراهيم كان يرجو الولد بعد ما هاجر قومه وجاءه الولد وبلغ معه السعي ولم يكن له غيره وبذبحه كان سينقطع نسله عليه السلام أن هذا حقا هو البلاء المبين .
ثانيا :
أننا كما ذكرنا أن البشارة كانت في سيدنا إسماعيل بغلام حليم وقد توفرت فيه هذه البشارة كما ذكرنا إما البشارة بإسحاق بأنة نبي وعليم
(قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ) الحجر85
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ )الذاريات 28
(وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) الصافات 112
ومن المعروف أن العلم لا يؤتى إلا بعد التعلم والوصول إلى مرحلة يستطيع الإنسان فيها كونه عليم بعكس الحلم الذي قد يلقيه الله عز وجل على صبى في اقل عمر وهذا معلوم بالفطرة السليمة ثم أن البشارة كانت بأنه سوف يكون نبي وأذن كيف يؤمر إبراهيم علية السلام بذبحه وهو يعلم انه سوف يكون نبي ، وأيضا البشارة لم تكن بإسحاق عليه السلام وحده بل كانت بذريته أيضا
(وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ) هود71
فكيف يكون قد بشر إبراهيم وزوجته سارة بان الذرية سوف تكون من نسل إسحاق في حياتهما ( كما قال بن كثير ) بل يذكر لهم اسم الحفيد ثم يؤمر بذبحه اى بلاء في هذا .
أن كل الدلائل القرآنية توكد أن الذبيح هو إسماعيل علية السلام وتوكد استحالة كونه إسحاق عليه السلام .
أرجو أن أكون وفقت للإيضاح في شكل سهل وميسر للجميع
سوف يكون الجزء الثالث والأخير بإذن الله تعالى توضيح لما وقع في بعض كتب التفاسير من أن الذبيح هو إسحاق (تفسير الطبري ) وإيضاح بعض الأحاديث النبوية في هذا المقال وبيان سندها وحكم علماء الحديث عليها ورد ابن كثير وابن القيم وبن تيميه في اختلاف علمائنا الإجلاء من السلف في شخص الذبيح .
وفى الختام أقول ماوفقت فيه فمن الله وما اصابنى من خطا او نسيان فمنى ومن الشيطان اللهم ماارزقنا الإخلاص في القول والعمل .
المفضلات