-
من سنن وآداب الطعام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاءت الشريعة المطهرة باحترام النعم ، وشكر المنن ، وتقدير الخير الذي يسخره سبحانه وتعالى للناس .
والطعام من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان ، جعل فيه حياته وقوته ، كما جعل فيه لذته ، ولذلك أمر بالحمد بعد تناوله ، والشكر على إحسانه به .
يقول الله عز وجل :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة/172
وقال سبحانه :
( فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) النحل/114
وقال سبحانه :
(لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ) يس/35
ولا شك أن من شكر نعمة الطعام احترامها وعدم إلقائها ، ورفعها عن مواضع الإهانة والقذارة ، وحفظها عن ما يفسدها .
يقول المناوي في "فيض القدير" (1/191) :
" حسن الجوار لنعم الله من تعظيمها ، وتعظيمها من شكرها ، والرمي بها من الاستخفاف بها ، وذلك من الكفران ، والكَفور ممقوت مسلوب ، ولهذا قالوا : الشكر قيد للنعمة الموجودة ، وصيد للنعمة المفقودة . وقالوا : كفران النعم بوار ، فاستدع شاردها بالشكر ، واستدم هاربها بكرم الجوار .
فارتباط النعم بشكرها ، وزوالها في كفرها ، فمن عظَّمَها فقد شكرها ، ومن استخف بها فقد حقرها وعرضها للزوال ، ولهذا قالوا : لا زوال للنعمة إذا شكرت ، ولا بقاء لها إذا كفرت .
قال ابن الحاج : كان العارف المرجاني إذا جاءه القمح لم يترك أحدا من فقراء الزاوية ذلك اليوم يعمل عملا حتى يلتقطوا جميع ما سقط من الحب على الباب أو بالطريق .
قال : فينبغي للإنسان إذا وجد خبزا أو غيره مما له حرمة ، مما يؤكل ، أن يرفعه من موضع المهنة إلى محل طاهر يصونه فيه ، لكن لا يُقَبِّلُهُ ولا يرفعه فوق رأسه كما تفعله العامة ؛ فإنه بدعة .
قال : وهذا الباب مجرَّب ، فمن عظَّم الله بتعظيم نعمه لطف به وأكرمه ، وإن وقع بالناس شدة جعل له فرجا ومخرجا " انتهى .
وقد جاءت النصوص تأمر برفع الطعام الساقط على الأرض :
فعَنْ جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمْ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ، ثُمَّ ليَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ ) رواه مسلم (2033)
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ ، قَالَ وَقَالَ : إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ ، قَالَ : فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمْ الْبَرَكَةُ ) رواه مسلم (2034)
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (13/206) :
" معناه والله أعلم : أن الطعام الذى يحضره الإنسان فيه بركة ، ولا يُدرى أن تلك البركة فيما أكله ، أو فيما بقي على أصابعه ، أو في ما بقي في أسفل القصعة ، أو فى اللقمة الساقطة ، فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصل البركة ، وأصل البركة الزيادة وثبوت الخير والإمتاع به ، والمراد هنا والله أعلم : ما يحصل به التغذية ، وتسلم عاقبته من أذى ، ويُقَوِّي على طاعة الله تعالى وغير ذلك " انتهى .
وقد نص الفقهاء في كتبهم على هذا الأدب العظيم ، حتى قال ابن حزم في "المحلى" (6/117) بوجوبه ، وانظر : المبسوط (30/268) ، حاشية تحفة المحتاج (7/438) ، الإنصاف (8/327) ، الموسوعة الفقهية (6/121) .
كما ذكروا لهذا الأدب حكما عديدة ، وفوائد كثيرة ، منها :
1- امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم وسنته .
2- التواضع وعدم التكبر .
3- احترام نعم الله تعالى وتعظيمها وشكرها وعدم الاستخفاف بها .
4- تحصيل البركة التي قد تكون في اللقمة الساقطة .
5- حرمان الشيطان من ذلك الطعام ، حتى قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (13/204) :
" فان وقعت على موضع نجس فلا بد من غسلها إن أمكن ، فإن تعذر أطعمها حيوانا ولايتركها للشيطان " انتهى .
6- الاقتصاد وعدم الإسراف .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "شرح رياض الصالحين" (1/459) :
" من آداب الأكل أن الإنسان إذا سقطت لقمة على الأرض فإنه لا يدعها ؛ لأن الشيطان يحضر الإنسان في جميع شئونه ...
والإنسان إذا فعل هذا امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وتواضعا لله عز وجل ، وحرمانا للشيطان من أكلها ، حصل على هذه الفوائد الثلاثة : الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، والتواضع ، وحرمان الشيطان من أكلها " انتهى .
ويغفل كثير من الناس عن هذا الأدب أثناء تناول الطعام على السفر ، فيظنون أنه أدب خاص بما إذا سقط الطعام على الأرض ، ولكنه أدب ينبغي الامتثال به حتى على السفر ، فإذا سقطت اللقمة من الصحن على السفرة فعليه أن يرفعها .
سئل الشيخ ابن عثيمين في "لقاءات الباب المفتوح" (31/سؤال رقم 25) :
" الطعام الذي يسقط على السفرة هل يدخل في حديث إماطة الأذى ؟
فأجاب :
نعم . الطعام الذي يسقط على السفرة داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا سقطت لقمة أحدكم ، فليأخذها وليمط ما بها من أذى ، ولا يدعها للشيطان ) " انتهى .
منقول عن موقع الإسلام سؤال وجواب
لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا
(النساء:172)
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة نورعمر في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 09-11-2010, 01:00 AM
-
بواسطة مريم في المنتدى قسم الأطفال
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 10-04-2010, 02:00 AM
-
بواسطة ســاره في المنتدى منتدى التجارب والأشغال اليدوية
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 27-02-2010, 02:00 AM
-
بواسطة أمـــة الله في المنتدى منتدى الأسرة والمجتمع
مشاركات: 11
آخر مشاركة: 11-03-2009, 03:24 PM
-
بواسطة أم الخير في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 10-08-2008, 01:55 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات