مركز التنبه الطبيعي عند المُسلم
الإسلام ؟
إن الانتباه شيء طبيعي في الإنسان كما هو في الحيوان و يكون مقصورًا على الغرائز و الحاجات العُضوية الــــتي فيه، و الانتباه نـــــــــــتــــــاج تلك الدوافع أي تلك الطاقة الحيوية الدافعة للإشباع و فطرت الخلائق على تحصيل الإشباع لتلك الجوعات، و خلاصة الأمر فالانتباه هو التعلق الشعوري بالمُتنبه منه كونه المُشبع لتك الجوعة، و سواء وقــــع الإشباع حينها أم لا و سواء كان هناك إصرار على الإشباع أم لا فحصول الانتباه هو حصول الإدراك الشعوري بالمُتنبه مـنه سواء كان الإدراك عابراً أم مُستمراً و سواء كان مثيراً للجوْعة أم لا، ففي كلا الحالتين يُعتبر الانتباه فطرياً في الكائنات، و إن كان الانتباه مُفاجئاً كصوت الرعد أو غير مُفاجئ كتناول الطعام فهو في جميع الحالات حصول الانتباه نــــحـــــو شيء مُعين بدافع الطاقة الحيوية، فإن تحقق غريزيا أي وقع التمييز الغريزي بما أُنتبه منه من كونه مُشبعاً لتلك الجوعـــــة الدافعة حصل الرِضى و كان الطلب و السعي، وإلا فالعكسُ بالعكسِ.
كـــــــــمـــــا أنه يطرأ أحيانا تشويشٌ في التمييز الغريزي فيحتار حينها في الإقبال على الإشباع أو الإحجام، و إن كــان بإلحاح الطاقة الحيوية على الإشباع و تفاقم ذلك و غياب التحقق و عَدم وضوح الواقع حينها و أن التشويش قــــــــــد ســاد فيلاحظ أن الإقدام حينها أو الانصراف عن ذلك الواقع مقرون بالطاقة الحيوية الغالبة حينها كأن يغلب الخوف على الشهوة، و إن بـــــــــــــدت مظاهر الغرائز عند الحيوان و كيفيات إشباعها مُعقدة أحيانا فهي فــــــــــــــي جميع الحالات لا تتعدي أن تكون تلك الكيفيات للإشباع نتاج تمييز غريزي محض لا وجود فيه مطلقا للعقل. فإعمال العقل لا يكون إلا عند الإنسان.فــــــــــــرد الفعل عند الحيوان غريزية بحتة و لا ترتقي و بــــــــأي حال للوصف بالعقلانية بخلافه عند الإنسان حيث تكون ردة الفعل عنده على أساس فكره.
و الإنسان هو ما يعنينا فكان اقتران الانتباه عنده بالناحية العقلية التي فيه لا يمكن وصفه بسببه بالغريزي المحض بــــــــل هو ممزوج بالناحية العقلية التي فيه, و لا تُنفى و بأي حال تلك الناحية العقلية و إن أمكن إلغاؤها نسبيا و يتشبه حـيـنـها حال الإنسان بدرك الحيوان.و عليه فالتنبه كان عند الإنسان فحسب لاجتماع عنصرين و هــــــــــــما الطاقة الحيوية ( أي الغرائز و الحاجات العُضوية ) و الناحية العقلية، بخلافه عند الحيوان الـذي وُجد عنده انتباه فحسب بحسب طاقته الحيوية.
و لما كان للفكر أنواع منها السطحي و العميق و المُستنير، و كـــــان التنبه بحسب نوع الفكر، فشدة التنبه عند ذوى الفكر السطحي أقل مما هو عند ذوي الفكر العميق و المُستنير. و كان التنبه شديداً عند المبدئيين فــــــــــــــي حياتهم السياسية بخلافه عند السطحيين، الذين يكون التنبه عندهم فـــــــــي مسائل سطحية لا ترقى بهم للنهضة الصحيحة مادام فكرهم كذلك.
فلإحداث تنبه مبدئي عند الإنسان كـــــــان لزاما أن ينهض بما عنده من فكر. و ما يهمُنا في هذا الحديث هو التنبه المبدئي عند المُسلم خصوصا و ليس الانتباه مـــــــــــــــن حيث هو، و عليه فالتنبه غير الانتباه حيث إن التنبه يكون بحسب فكر الإنسان أما الانتباه فمرده للطاقة الحيوية و هـــــــــو فطري كالانتباه لصوت الرعد و لمع البرق أو الأكل والشرب أو إشباع لأي جوعة كانت.
فتنبه الرأسمالي للخمر بأنه مقبول بخلافه عند المُسلم. و لمــا كان أساس الفكر هو العقيدة و هي القاعدة و القيادة الفكرية بحيث تكون بقية الأفكار فــروعاً عنها أو جزءاً منها كان لزاما أن يرقي التنبه عند الإنسان ليكون تنبهه على أساس المبدأ بحيث يكون على أساس العقيدة العقلية السياسية الروحية التي ينبثق عنها نظام.
و لمـــــــــا كان المبدأ الإسلامي هـــــــــــــــــو الصحيح لمُوافقته لفطرة الإنسان، وإقناعه لعقله، و لــمـّـــا ضعفت العقيدة عند المُسلمين اليوم بحيث أصبحت عقيدة روحية كهنوتية و بالتالي غُيّب الإسلام السياسي عندهم و انحط المسلمون أشــــــدّ الانحطاط بغياب وضوح العقيدة عندهم، و عليه غـــــــــــــــاب الإسلام السياسي فأصبح التنبه الــــطـــبــيــعــــي مُهمشاً فتارة تُعتمد المصلحة كــــمقياس للأعمال وطورًا الحلال و الحرام و غير ذلك بحيث اعتوره التناقض و التضارب، وفقدت الثقة بأحكام الإسلام عندهم وفصلت الطاقة العربية عن الطاقة الإسلامية، و عليه لا بد مــــــــن نفض الغُبار عــــــــــــــــــن العقيدة الإسلامية عندهم حتي تعود براقة ناصعة، ويقع ضرب كل الأفكار الفاسدة من ديمُقراطية و قومية و غيرها و بيان عورها و فسادها، و نقض كل القوانين الوظعية و نظرية الإلتزام فــــي القانون المدني و الإشتراكية الماركسية و المبدأ الرأسمالى و الشيوعي، حيث تكون العقيدة الإسلامية المُنبثق عنها نظام يُعالج جميع مشاكل الإنسان فــــــــــــــي الحياة هـــــــــــي العقيدة الصحيحة، وبحيث يُستحيل أن لا تتم عملية انبثاق إلا عن هذه العقيدة، فالانبثاق للنظام هــــو خاصية فيها كخاصية النظر في العين، و إلا لما كانت عقيدة سياسية روحية و لمــــــــــــا كانت قيادة وقاعدة فكرية بالإضافة إلى أن النظام المُنبثق عنها مُوافق لفطرة الإنسان من حيث هو إنسان، فمسألة موافقتها لفطرة الإنسان لكون العقيدة ليست سياسية بحتة بـــــــل هي سياسية روحية بموافقتها للفطرة، فالعقيدة الإسلامية يـــجــب أن يكون أخــذها على أنها تقنع العقل و تملأ القلب طمأنينة و معنى ذلك أنها موافقة لفطرة الإنسان.
و مــــــتى تبلورت الفكرة يكون مقياس الأعمال الحلال و الحرام و تكون فكرة نشر الاسلام وحمايته والرد على المشككين بهذا الدين العظيم فكرة واضحة وتكون ايضاً فكرة العمل لاستئناف الحياة الإسلامية ثابتة وواضحة. بذلك يكون التنبه الطبيعي عند المسلمين هـــــــــــــــــو الإسلام هو الحل و لا شيء غير الإسلام .
﴿ وَ إِنْ اسْتنصَرُوكُمْ فِي الدِينِ فَعَلَيْكُمُ النَصْر ﴾
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المفضلات