السؤال الذي أرهق المسيحيين ... هل قال المسيح أنا الله؟ وهل قال أعبدوني؟
يلف ويدور النصارى للجواب علي هذين السؤالين، ويضيع السؤال في دوامة الاستنتاجات، لكن البابا شنودة الثالث كان صريحا في جوابه، إذ قال بصريح العبارة إن المسيح لم يقل أنه الله ولم يطلب العبادة، وقد رد البابا شنودة الثالث، علي هذا السؤالين، أكثر من مرة في كتابه سنوات مع أسئلة الناس، وكان جوابه في المرتبين بالنفي، مرة في الجزء الخاص بالأسئلة العقائدية ومرة أخري في الجزء الثامن، وسوف ننقل هنا الجواب كاملا، تجنبا للاتهامات، ونقلنا من الجزء الثامن من كتاب سنوات مع أسئلة الناس
لمعاينة صفحة مصورة من كتاب سنوات مع أسئلة الناس اضغط على الرابط
http://www.burhanukum.com/w/158



سأل سائل وقال
كيف نصدق لاهوت المسيح ، بينما هو نفسه لم يقل عن نفسه إنه إله ،و لا قال للناس أعبدوني ؟ ( ص 16 )

جواب البابا شنودة ( ص 17، 18 و 19 )
لو قال عن نفسه إنه إله ، لرجموه، ولو قال للناس " اعبدوني " لرجموه أيضاً ، و انتهت رسالته قبل أن تبدأ ... إن الناس لا يحتملون مثل هذا الأمر . بل هو نفسه قال لتلاميذه " عندي كلام لأقوله لكم ، و لكنكم لا تستطيعون أن تحتملوا الآن " ( يو 16 : 12 ) .
لذلك لما قال للمفلوج " مغفورة لك خطاياك " ، قالوا فى قلوبهم " لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف ؟‍ّ! ، من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده " ( مر 2 : 6 ، 7 ) . لذلك قال لهم السيد المسيح " لماذا تفكرون بهذا فى قلوبكم ؟ أيهما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك ، أم أن يقال قم احمل سريرك و امش ؟! ولكن لكى تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض ان يغفر الخطايا ، قال للمفلوج : لك أقول قم ، و أحمل سريرك واذهب إلى بيتك . فقام للوقت و حمل السرير ، و خرج قدام الكل حتى بهت الجميع و مجدوا الله ... " ( مر 2 : 8 - 12 ) .
كذلك لما قال لليهود " أنا و الآب واحد " تناولوا حجارة ليرجموه ( يو 10 : 30 ، 31 ) متهمين إياه بالتجديف و قائلين له " بأنك و أنت إنسان تجعل نفسك إلها " ( يو 10 : 33 ) .
إذن ما كان ممكنا عمليا أن يقول لهم إنه إله ، أو أن يقول لهم اعبدوني و لكن الذي حدث هو الآتي :
لم يقل إنه إله ، ولكنه اتصف بصفات الله . و لم يقل اعبدونى ، لكنه قبل منهم العبادة .
و الأمثلة على ذلك كثيرة جدا . و نحن فى هذا المجال سوف لا نذكر ما قاله الإنجيليون الأربعة عن السيد المسيح ، ولا ما ورد في رسائل الآباء الرسول ، إنما سنورد فقط ما قاله السيد المسيح نفسه عن نفسه ، حسب طلب صاحب السؤال . فنورد الأمثلة لآتية
*نسب السيد المسيح لنفسه الوجود في كل مكان ، و هي صفة من صفات الله وحده
فقال " حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي ، فهناك أكون في وسطهم " ( مت 18 : 20 ) . و المسيحيون يجتمعون باسمه في كل أنحاء قارات الأرض . إذن فهو يعلن وجوده في كل مكان . كذلك قال " ها أنال معكم كل الأيام و إلى إنقضاء الدهر " ( مت 28 : 20 ) و هي عبارة تعطى نفس المعنى السابق .
و بينما قال هذا عن الأرض ، قال للص التائب " اليوم تكون معي في الفردوس " ( لو 23 : 43 )
. كذلك قال " ها أنال معكم كل الأيام و إلى إنقضاء الدهر " ( مت 28 : 20 ) و هي عبارة تعطى نفس المعنى السابق .
و بينما قال هذا عن الأرض ، قال للص التائب " اليوم تكون معي في الفردوس " ( لو 23 : 43 )
إذن هو موجود في الفردوس كما هو في كل الأرض.
و قال لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلى السماء ، إلا الذى نزل من السماء ، ابن الإنسان الذي هو في السماء " ( يو 3 : 13 ) . أى أنه في السماء ، بينما كان يكلم نيقوديموس على الأرض ..
و بالنسبة إلى البرار قال إنه يسكن فيهم هو و الآب ( يو 14 : 23 ) . أما عن الإنسان الخاطئ فقال إنه يقف على باب قلبه و يقرع حتى يفتح له ( رؤ 3 : 20 ) .

*و نسب نفسه إلى السماء ، منها خرج ، و له فيها سلطان .
فقال " خرجت من عند الآب ، و أتيت إلى العالم " ( يو 16 : 28 ) . و قال إنه يصعد إلى السماء حيث كان أولاً " ( يو 6 : 62 ) . و في سلطانه على السماء قال لبطرس " و أعطيك مفاتيح ملكوت السموات " ( مت 16 : 19 ) 0 و قال لكل تلاميذه " كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء " ( مت 18 : 18 ) 00 و قال " دفع إلى كل سلطان في السماء و على الأرض " ( مت 28 : 18 ) .

*و نسب إلى نفسه مجد الله نفسه .
فقال " إن ابن الإنسان سوف يأتى في مجد أبيه مع ملائكته . و حينئذ يجازى كل واحد حسب عمله " ( مت 16 : 27 ) . و هو نسب لنفسه مجد الله ، و الدينونة التي هي عمل الله ، و الملائكة الذين هم ملائكة الله . و قال أيضاً أنه سيأتى " بمجده و مجد الآب " ( لو 9 : 26 ) . وقال أيضاً " من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشى كما غلبت و جلست مع أبى في عرشه " ( رؤ 3 : 21 ) . هل يوجد اكثر من هذا أنه يجلس مع الله في عرشه ؟!

*كذلك تقبل من الناس الصلاة و العبادة و السجود.
قال عن يوم الدينونة " كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا ، و باسمك أخرجنا شياطين ، و باسمك صنعنا قوات كثيرة " ( مت 7 : 22 ) . و قبل من توما أن يقول له " ربى و إلهى ، و لم يوبخه على ذلك . بل قال له : لأنك رأيتنى يا توما آمنت . طوبى للذين آمنوا و لم يروا ( يو 20 : 27 - 29 ) كذلك قبل سجود العبادة من المولود أعمى ( يو 9 : 38 ) ، و من القائد يايرس ( مر 5 : 22 ) و من تلاميذه ( مت 28 : 17 ) .. ومن كثيرين غيرهم .
و قبل أن يدعى ربا . و قال إنه رب السبت ( مت 12 : 8 ) . و الأمثلة كثيرة
اسنوات مع أسئلة الناس. القاهرة 1994 ص 17، 18 و 19

وهكذا أجاب البابا بكل صراحة ان المسيح لم يقل أنه الله ولا طلب العبادة، ويشكر شنودة علي جوابه الصريح، وليتكم تحتملون غباوتي قليلا، إذ أسأل: على أي أساس يعبد المسيح؟ ولم يقل أنه إله، لكنه قال عن نفسه إنه إنسان يبلغ رسالة ربه، كما في إنجيل يوحنا حيث ورد فيه ان يسوع خاطب اليهود وقال
( ولكنكم الآن تطلبون ان تقتلوني وانأ إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله.هذا لم يعمله إبراهيم) ( يو 8/40 )
. وقال عنه بطرس كبير الحواريين انه رجل مؤيد من الله
يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده (أعمال الرسل 2/22)
وحتي بعد حادثة الصلب وظهور المسيح مرة أخرى، قال كليوباس عن المسيح انه إنسان، وكان كلامه موجها إلي المسيح وكان المسيح متخفيا فلم يتعرف عليه
فأجاب احدهما الذي اسمه كليوباس وقال له هل أنت متغرب وحدك في أورشليم ولم تعلم الأمور التي حدثت فيها في هذه الأيام. فقال لهما وما هي.فقالا المختصة بيسوع الناصري الذي كان إنسانا نبيا مقتدرا في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب ( لوقا 24 /18-19 ).

ونعود إلى البابا شنودة، وليحتمل غباوتي حين أسأله
ألا يستطيع الله أن يحمي نفسه من الراجمين، إذ تقول
لو قال عن نفسه إنه إله ، لرجموه ( ص 17 )
ونرى في كلام البابا خطأ كتابيا، إذ يفيد الكتاب أن رجمه غير ممكن قبل أوانه، وهذا ما صرح به يوحنا الحبيب إذ قال
(فطلبوا أن يمسكوه.ولم يلق احد يدا عليه لان ساعته لم تكن قد جاءت بعد) ( يو 7/30 )
ومعني هذا الكلام، ان اليهود أرادوا القبض على يسوع ليقتلوه، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك، لأن لم يكن مكتوبا أن يموت في تلك الساعة، إن فهم شنودة ذلك فلله الحمد، وان لم يستوعب النص، فليحتمل غبائي

. نعود إلي كلام البابا إذ يقول
لو قال عن نفسه إنه إله ، لرجموه، ولو قال للناس " اعبدوني " لرجموه أيضاً ، وانتهت رسالته قبل أن تبدأ
ونركز على عبارة " وانتهت رسالته قبل أن تبدأ" ونسأل: ما هي رسالته
هل رسالته هي إعلان أن لا إله إلا الله والمسيح رسول الله كما جاء في يوحنا 17 /3 أم رسالته الموت الكفاري؟ إذا كان البابا يرى ان الرسالة هي الموت الكفاري، فما الخوف من رجمه
ما الإشكال لو قال أنه الله ورجمه اليهود، وبهذا يكون قد عرف الناس بالله وأتم رسالته الكفارية، بدون مشقة
ما أسهل الموضوع، لكن البابا يريد أن.يعقدها، ولعلنا نذكره بمقولة تسلل البسطاء إلي الملكوت بينما يتفلسف البابوات في تعقيد السهل السلس
والبابا في تعقيده للسهل السلس يقول
إن الناس لا يحتملون مثل هذا الأمر . بل هو نفسه قال لتلاميذه " عندى كلام لأقوله لكم ، و لكنكم لا تستطيعون أن تحتملوا الآن
نقول، هذا الكلام غير صحيح، لأن عقيدة تجسد الآلهة كانت معروفة عند أغلب الشعوب الوثنية، والكتاب المقدس يعطينا مثالا للشعوب التي نادت بتجسد الآلهة في أعمال الرسل، إذ يخبرنا ان شعب ليكأونية كانوا يعتقدون ان الآلهة تتجسد
فالجموع لما رأوا ما فعل بولس رفعوا صوتهم بلغة ليكأونية قائلين ان الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا الينا ( أ ر 14/11 )
يقول شنودة
بل هو نفسه قال لتلاميذه " عندى كلام لأقوله لكم ، و لكنكم لا تستطيعون أن تحتملوا الآن " ( يو 16 : 12 ) .
ونتساءل
إذا كنا غير قادرين على فهم العقيدة من المسيح نفسه، والإله في فكر شنودة، ممن نفهمها
هل غادرنا دون ان يوضح الإيمان الصحيح، وأتي من بعده من يرى نفسه أكثر قدرة من المسيح عليه السلام كي يبين لنا ما فشل يسوع في توضيحه، وليحتمل البابا غبائي
ومرة أخرى نسأل: على أي أساس عبد النصارى يسوع
البابا يقول
إذن ما كان إله، عمليا أن يقول لهم إنه إله ، أو أن يقول لهم اعبدوني و لكن الذي حدث هو الآتي :
لم يقل إنه إله ، ولكنه اتصف بصفات الله . و لم يقل اعبدوني، لكنه قبل منهم العبادة.


إذن النصارى عبدوا المسيح بناء على استنتاجات، وهكذا فعل الشعب الذي خاطبه هيرودس، لقد جلس هيردس علي عرش الملك ولبس ملابسا أنيقة، فاستنتج الشعب انه إله
ففي يوم معين لبس هيرودس الحلّة الملوكية وجلس على كرسي الملك وجعل يخاطبهم فصرخ الشعب هذا صوت اله لا صوت إنسان ( أعمال الرسل 12/21-22 )
وبولس نفسه تم تأليه أكثر من مرة، وكذلك برنابا، كله بناء على استنتاجات، انظر أعمال الرسل 28 وأيضا 14/11. .
في أولي استنتاجه يقول شنودة
نسب السيد المسيح لنفسه الوجود في كل مكان ، و هي صفة من صفات الله وحده
فقال " حيثما اجتمع إثنان أو ثلاثة باسمي ، فهناك أكون في وسطهم " ( مت 18 : 20 )
نقول الحق أن يقال ان الله لا يحصره مكان، والحقيقة التي أقرها البابا شنودة نفسه هي ان الله في السماء، وقد صرح بذلك في كتابه <آبانا الذي في السموات> حيث قال
" التمييز بين هذا الآب الذي في السموات ، وأبانا الذي علي الأرض . فكل منا له أب جسدي علي الأرض يطلب منه ، وله أيضاً آباء روحيون .. أما هذا الذي نصلي إليه ، فهو الآب الإله . " [1]
وقال
وكونه في السموات تعطينا فكرة ارتفاع قدر هذا الأب ."إن الله في سماء السموات ، و هكذا يتضح الإتضاع الكبير .. فإن أبانا الذي في السموات مع أرتفاعه العظيم هبط لنا نحن المتواضعين و الله الذي في سماء السموات و خالق سماء السموات يكلم الأرضيين والترابيين" [2]
وعلى أي حال، إذا كان يسوع وسط المؤمنين فان الشيطان وسط الأشرار حيثما يجتمعون، جميعهم كما يفيد البابا إذ يقول
" و إذ ملكت الخطية ، ملك الشيطان ، و أصبح يلقب برئيس هذا العالم ! ( يو 14 : 30 ) أي رئيس هذا العالم الخاطئ .. و استمر الشيطان يسيطر علي الكل" [3]
بل ان الكتاب المقدس، يخبرنا أن الشيطان يستطيع ان يستعرض العالم في لمحة بصر
جاء في دائرة المعارف الكتابية
وفي التجربة في البرية استعرض إبليس أمام يسوع كل مماليك العالم مؤكدا بذلك أنها كلها له قد دفعت ليده وان بإمكانه أن يعطيها لمن يشاء ( لو4/5 - 6 ) والجدير بالملاحظة ان يسوع لم يعترض على دعوة الشيطان بسيادته على هذا العالم
[4]
ويلاحظ ان قدرات الشيطان، تفوق قدرات يسوع في هذا المشهد، اذ ان يسوع لم يكن يرى جميع مماليك العالم، والذي أراه هو الشيطان، إنجيل متى في غاية الصراحة إذ يقول ان الشيطان أراه
ثم أخذه أيضا إبليس إلى جبل عال جدا واراه جميع ممالك العالم ومجدها ( متى 4/8).
لكن هل النص يفيد أن يسوع في كل مكان؟
لو كان النص يفيد ان يسوع في كل مكان، لما اشترط في النص الاجتماع باسم يسوع
حيثما اجتمع إثنان أو ثلاثة باسمي ، فهناك أكون في وسطهم
إذن يسوع ليس بين من لم يجتمع باسمه .. إذن ليس في كل مكان، وقد قال يسوع
لان الفقراء معكم في كل حين.وإما إنا فلست معكم في كل حين ( متى 26/11 )
الإشكال في تفسير البابا الحرفي متي شاء، والروحي حينما لا يعجبه التفسير الحرفي .. مثال على ذلك، الكتاب يقول
( متى 5/30 ) وان كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها والقها عنك.لأنه خير لك ان يهلك احد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم
والسؤال: هل تأمر الكنيسة بقطع الأيادي؟ كلا
يقول البابا شنودة
، قال للص التائب " اليوم تكون معي في الفردوس " ( لو 23 :43 ) . إذن هو موجود في الفردوس ، كما هو في كل الأرض
وليست شعري، لما لم يقل أنعمت عليك بالفردوس؟
والتفسير الوحيد الذي يرتاح له القلب، هو أنه عبد أنعم الله عليه، نعم أنعم الله عليه بالفردوس،
يقول البابا شنودة

و قال أيضا " من يغلب فأسعطيه أن يجلس معي في عرشي ، كما غلبت و جلست مع أبي في عرشه " ( رؤ 3 : 21 ) . هلي يوجد أكثر من هذا أنه يجلس مع الله في عرشه ؟

هذا الاستنتاج في غاية السخافة، لأسباب، أولها أن يسوع ليس الوحيد الذي يجلس علي العرش، فكل من يغلب يجلس علي العرش، ثانيا، لو لم يغلب يسوع لن يجلس على العرش، فقد علل جلوسه بالغلبة، ثالثا، الذي أجلسه فهو ربه، وقد استخدم لفظ الأب في النص، والأب في القاموس جاءت بمعني الخالق، والمبدع [5]
ويتضح هذا من نص آخر في نفس السفر، إذ يقول يسوع
من يغلب فسأجعله عمودا في هيكل الهي ولا يعود يخرج إلى خارج واكتب عليه اسم الهي واسم مدينة الهي أورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند الهي واسمي الجديد ( رؤ 3/12)
ولا يفوت القارئ أن يسوع كرر لفظ<إلهي> أربع مرات في هذه العبارة القصيرة
إضافة إلي ذلك، سفر الرؤية يناقض ما جاء في الأناجيل، حيث يصرح يسوع في الأناجيل، ان ليس له السلطان أن يجلس أحد علي العرش
وأما الجلوس عن يميني وعن شمالي فلا يحق لي أن أعطيه، لأنه للذين هيأه لهم أبـي ( متى 20/23)
يقول شنودة البابا
كذلك تقبل من الناس الصلاة و العبادة و السجود .
ترى، أين قبل يسوع الصلاة والعبادة

يبدأ البابا شرحه بالقول
قال عن يوم الدينونة " كثيرون سيقولون لى في ذلك اليوم : يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا ، و باسمك أخرجنا شياطين ، و باسمك صنعنا قوات كثيرة " ( مت 7 : 22 )
هذه عبارة أقحمها البابا في جوابه، ولا نرى لها علاقة بالسؤال
وأضاف البابا شنودة
. و قبل من توما أن يقول له " ربى و إلهى ، و لم يوبخه على ذلك . بل قال له : لأنك رأيتنى يا توما آمنت . طوبى للذين آمنوا و لم يروا ( يو 20 : 27 - 29 )
هل حقا، توما قال ليسوع ربي وإلهي؟
لنعود إلي سبب مقولة توما
القصة كما يرويها يوحنا، ملخصها ان توما لم يحضر أول لقاء يسوع، بالتلاميذ، ولما قيل له ان يسوع قام من الموت، أعلن أنه لن يصدق ذلك، حتى يضع أصبعه مكان الجراح،
فقال له التلاميذ الآخرون: «قد رأينا الرب». فقال لهم: «إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أومن ( يو 20/25)
وفي اللقاء الثاني، كان التلاميذ معا في غرفة مغلقة، ودخل عليهم يسوع وقال لتوما: «هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمن.
ولما تأكد توما ان الذي أمامه هو يسوع حقا قال ربي وإلهي، وهذا أمر طبيعي، فكلنا نقول شيئا من هذا القبيل، عندما نرى شيئا عجيبا، وقد ناقش مجمع قسطنطينية الثاني هذا الأمر عام 553، حيث قال البعض أن عبارة توما لم تكن موجهة للمسيح[6]

والآن نعود إلي القصة
يسوع يقول لتوما : لأنك رأيتنى يا توما آمنت . طوبى للذين آمنوا
ونسأل: بماذا آمن توما ؟
الجواب، سهل، توما آمن بما كفر به في البدء – وما كفر به توما هو وجود يسوع على قيد الحياة، وكان قد قال: إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أومن. وها قد تأكد توما من ان يسوع مازال حيا، فقال مخاطبا رب العزة، ربي وإلهي، وهكذا كل المؤمنين، تراهم إذا ما أبهرهم شيء، يقولون عفويا، يا إلهي، أو سبحانك، ما شاء الله
هذا وفي قصة يوحنا، عدة إشكالات، نذكرها باختصار
أولا، عدم حضور توما اللقاء الأول يناقضه كاتب إنجيل متى، الذي يخبرنا إن الملائكة دحرجوا الحجر لإخراج يسوع من القبر، حيث إلتقي بالمريمتين، وبعدها مباشرة إلتقي بجميع تلاميذه، ومنهم توما (متى 28)
وأما الأحد عشر تلميذا فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع (متى 28/16).
إذن قصة شك توما وقوله ربي وإلهي كلها لا تستقيم في ضوء إنجيل متى

الإشكال الثاني
يسوع يناقض نفسه، فمنذ قليل أرادت مريم المجدلية أن تلمسه، لكنه قال لها لا تلمسيني
قال لها يسوع: «لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ( يوحنا 20/17 )
وبعد قليل يسوع يطلب من توما أن يلمسه ويتحسس آثار الجراح
ولكن هل أصحاب الأجساد الممجدة التي تخترق الحواجز تبقي عليها آثار الجراح، وهل تلمس ويشعر بها
وأخيرا، نقول أنه من العجب أن يؤمن توما بإلوهية يسوع لمجرد أن عاين آثار الجراح، ولم يؤمن، لما رأي معجزاته العجيبة
يقول البابا شنودة
كذلك قبل سجود العبادة من المولود أعمى ( يو 9 : 38 ) ، و من القائد يايرس ( مر 5 : 22 ) و من تلاميذه ( مت 28 : 17 ) .. ومن كثيرين غيرهم .
ولم يقدم لنا البابا نصا واحدا قبل فيه يسوع العبادة، فالأعمى قبل يد يسوع و القائد يايرس قبل يده والتلاميذ ربما سجدوا لكن لمن؟ النص في الأصول اليونانية غير واضح
طبعا الترجمات العربية تترجم الكلمة اليونانية proskuneO لها أكثر من معني، وتعني تقبيل اليد، وتعني التبجيل كما تعني أيضا السجود، ولكن حتي لو كان المعني المقصود سجودا، فالسجود ليس عبادة في كل الحالات، والبابا نفسه يقبل السجود، وكذلك الآباء الكهنة يضرب لهم المطانيات
هذا وهناك إشكالات نصية في سجود التلاميذ، إن كانت الكلمة فعلا تعني السجود، الإشكال الأول هو ان النص، لا يحدد لمن سجد التلاميذ، فلفظ <له> ولفظ <بعضهم> لم يتفق عليهما، لذلك نرى ترجمة الفولجاتا الجيرومية أسقطت لفظ < له>[8]
And seeing them they adored: but some doubted [7]
ولما رائهم عظموه ولكن البعض شك
ونسخة الترجمة الحرفية أسقطت لفظ<بعضهم>
And seeing Him, they worshiped Him. But they doubted. (LITV)
وبرؤيته عبدوه لكنهم شكوا
فالترجمة الصحيحة إذن هي
ولما رأوه سجدوا ولكن شكوا، وهكذا النص في الأصل اليوناني، ننقله كما جاء في كتاب العهد الجديد - ترجمة بين السطور [9]


ونؤكد مرة أخرىـ، النص اليوناني لم يرد فيه لفظ<له> ولا لفظ <بعضهم> ومن أراد التأكد، مما نقول، فيمكنه مراجعة الكتاب المذكور أعلى، وهو إصدار مسيحي، وقد سهل البحث لغير المتخصصين، حيث وضع تحت كل كلمة يونانية مرادفها العربي، وعند التأكد، ربما تتسأل معنا هل يسجد مريبا لمن يشك فيه؟ ولماذا أضيفت كلمتان في النص؟

وأخيرا يقول البابا شنودة
و قال إنه رب السبت
نقول، كل إنسان رب السبت، فحرمة نفس الإنسان أعظم حرمة عند الله من كل أيام الأسبوع بل وأعظم من الكعبة
وكما هو بين من رد البابا شنودة، تأليه المسيح، مبني على استنتاجات بشرية، وهي هشة لا تقوم لها قائمة، كما تبين من هذه السطور، والأهم من كل اعتراضتنا، هو اتفاق الدارسين، أن تلاميذ المسيح، لم يدركوا ألوهية المسيح، اثناء تواجده على الأرض، ولاحتى بعد حادثة الصلب [10] ، فاذا كان تلاميذ المسيح لم يقولوا بألوهينه، فليس من المعقول ان تستخدم أقوالهم لتأليه المسيح

إذن يمكننا أن نقول أن البابا شنودة صادق في قوله: ان المسيح لم يقل إنه إله. لكن جانبه الصواب في استنتاجاته، فلا اتصف المسيح بصفات الله ولا قبل العبادة، وحاشاه من هذا الكفر .. أسأل الله أن يوفقنا الى ما يحبه ويرضاه ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل


[1] شنودة الثالث. أبانا الذي في السموات ص 40
[2] المصدر السابق ص 41
[3] المصدر السابق ص 72-73
[4] وليم بباوي . منيس عبد النور. دائرة المعارف الكتابية ج 1 ص 33
[5] Swanson, J. (1997). Dictionary of Biblical Languages with Semantic Domains : Hebrew (Old Testament)
[6]Brown, R. E., S.S. (2008). The Gospel according to John.New Haven; London: Yale University Press.P 1026
[7]The Holy Bible, Translated from the Latin Vulgate. 2009 (Mt 28:16–20).
[8] Jason David Beduhn. Truth in translation. University press of America P 48
[9]بولس الفغالي وآخرون. العهد الجديد - ترجمة بين السطور الجامعة الأنطونية ص 160
[10] جرجس الخضرى، تاريخ الفكر المسيحي م 1 ج 2 ص 268