لا أحد يملك الحقيقة كلها.. فيوجد أناس كثيرون يقودهم التعصب لفكرة من الأفكار، أو مذهب من المذاهب، أو دين من الأديان إلى نسيان هذه الحقيقة التى بدونها تنتفى إنسانية الإنسان وقدرته على التعايش مع من يختلف معه فى الرأى..

فهناك فيلم أثار جدلا واسعا فى بلاد الغرب.. وهو يعرض تحت اسم "الإغراء الأخير للمسيح" للكاتب اليونانى "نيكوس كازنتساكيس" مؤلف زوربا اليونانى "وإعادة صلب المسيح".

التعصب الدينى اصبح ظاهرة فى هذه الأيام حتى فى الغرب. فقد أذيع أن الأمريكى "بيل برايت" أحد قادة حركة الحملة الصليبية فى سبيل المسيح عرض على شركة "يونيفرسال بكتشورز" أن يشترى منها جميع نسخ الفيلم مقابل مبلغ يساوى ثمنها بالكامل مضافا إليه جميع المصاريف الأخرى التى تكبدتها الشركة.. وكان هدفه من ذلك الحيلولة دون عرضه على الجماهير. ولكن الشركة ردت على هذا العرض فى صفحة إعلان كاملة وضحت فيها أن حرية الفكر ليست معروضة للبيع...

لقد بذلت بعض الأوساط الدينية مقاطعة الفيلم، فعندما عرض الفيلم أخيرا فى مهرجان البندقية (فينيسيا) اصدر مجلس الكنائس الإيطالى بيانا بأن "الإغراء الأخير للمسيح" فيلم لا يستحق المشاهدة، ودعت الناس إلى الإعراض عن رؤياه.

خلال الشهور الماضية شن عدد من القساوسة ورجال الدين حملة على المخرج الأمريكى "مارتين سكورسيسى" متهمين إياه بأنه حاول أن يحط من قدر اليسوع، وان ينال من منزلته عند الجماهير المسيحية عن طريق التعرض لحياته الخاصة بأسلوب لا يليق بمقامه بل أخذ الاعتراض أحيانًا شكلاً عنيفًا جدًا وصل إلى حد إحراق دور العرض التي تعرض الفيلم! (همجية) ، ولكن فى الوقت نفسه نشأت حركة قوية للدفاع عن الفيلم كعمل فنى رفيع المستوى يعطى تفسيرا ارقى لحياة المسيح، وبالتالى يعمق رسالته الدينية. وأصحاب هذا الاتجاه من الرجال والنساء فى الجامعات والمعاهد والأوساط الفنية والعلمية والدينية.

هناك نوعا من "الجنس" يكشف طبيعة العلاقات بين الرجل والمرأة وتناقضاتها، ويسعى إلى تهذيب الفكر، وتطوير الإحساس فى هذا المجال الذى يمس أخص ما يوجد فى حياة الإنسان فقد تناول مثلا علاقاته بمريم المجدلية ومريم من "بيت عانيا" وأختها "مارتا"، وصور بعض مناظر الحب تصويرا بطيئا كاشفا فيه عن تكثيف جمالى وحسى وعاطفى لرجل مصلوب فوق الصليب يتخيل نفسه ولمدة لحظات قصيرة وهو ينام فى أحضان المرأة التى يحبها.. يتصور نفسه رب أسرة سعيدة يعمل ويمرح فى بيته الصغير.. يتصور نفسه وقد اكتسب منزلة خاصة فى الناصرة لأنه اصبح امهر نجاريها. يتصور السعادة التى افتقدها طويلا .

كل هذا ومازالت الحياة الجنسية لليسوع متخفية لأنها تدينه .
.