الغلمان في الجنة بين الحقيقة والافتراء
قرأت لأحدهم مقالا يدعي فيه أن القرآن الكريم يغري العرب كي يعتنقوا الإسلام بأن الجنة التي تنتظرهم فيها :غلمان سوف يطوفون عليهم ليمارسوا معهم الشذوذ الجنسي وحجتهم في ذلك هذه الآيات
قوله تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ) ( الطور : 24)
وقوله تعالى- (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا) الانسان : 19 ) )
وقوله تعالى (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ 17 بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ 18 لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ 19 وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ 20 وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( الواقعة : 17 –21 )
كم هو أمر خبيث أن يجهد المرء نفسه في سبيل افتعال نقائص في عقائد الآخرين للنيل منهم ومما يعتقدون
كم هو خبيث أن ينسلخ المرء من ضميره ومن إنسانيته كي يتهم دين الآخرين بما هو منه براء
كم هو خبيث أن يبرر الإنسان لغاياته كل الوسائل مهما كانت دنيئة منحطة
نعرف أن كل ما يخالف الفطرة السوية هو شيء خبيث لكننا لم نر بين الخبائث شيئا أخبث من البهتان.
لكن ما أيسر ذلك عند قوم لا يؤمنون والأحرى أنهم عن فطرتهم بعيدون معاندون لأن الأخلاق في الأصل هي فطرية وما دور الأديان فيها إلا التهذيب والتنمية والعمل على تفعيلها وتقويتها كي تكون مستقرة مستمرة
يقول أحدهم معلقا على قوله تعالى: { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا 19 وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا 20 عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ....}. ( سورة الإنسان)
هل كل هذا الشذوذ يليق بقدسية الله العلي؟...... غلمان لهم يرتدون الحرير!!! وعليهم حلي كالنساء!!!
وفي موقع مسيحي قرأت قولهم: إن القرآن يغري بغلمان نصفهم الأعلى ذكري والأسفل أنثوي
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا
قالوا لنا قديما: كل إناء بما فيه ينضح
وصدقوا فمن ذا الذي يطمع في أن يجني سكرا من حنظل ، فالشيء يرجع في المذاق لأصله.
إن هذ الوصف { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ....} هو وصف للأبرار المنعمين في الجنة وليس وصفا لخدمهم
الأبرار الذين تستطرد الآيات في وصف نعيمهم بدءًا من قوله تعالى: { إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا }
إلى أن قال: { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا 21 إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا } لاحظ التقرير بأن هذا المذكور هو جزاء لهؤلاء الأبرار
ويتضح المعنى أكثر حينما نعود إلى الآيات القرآنية التي تناولت نفس الموضوع لنرى لمن يكون هذا اللباس ؟
قال تعالى في سورة الكهف: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا 30 أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا)
وفي سورة الدخان : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ 51 فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ 52 يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ) 53
وفي سورة الحج: ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) 23
وفي سورة فاطر: ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ 32 جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) 33
وفي سورة الإنسان نفسها قال عن الأبرار: ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) 12
وإن تعجب فعجب أمرهم حين تبحث عن هدف هذه التشويهات هل هو محاولة تشكيك المسلمين في دينهم ؟
لو كان هذا هدفهم فإنهم في حال من الغباء لا يحسدون عليها لأن التجارب دلت على أن كل محاولات التشكيك في الدين الحنيف تذهب هباء فهي كسراب يحسبه الظمآن ماء. لأنها شبهات دائما شهواء ليس لها عين تبصر .ولا أذن تسمع بل هي من كل مظاهر الحياة خواء
أم تراهم يعتقدون أنهم بذلك يبنون لهم جدارا من الثقة بينهم وبين الناس احتفاء بذكائهم ورفعة تفكيرهم وأنهم وحدهم العقلانيون التنويريون التحرريون الذين حرروا أنفسهم من عبودية الحق ولكنهم سقطوا في بحر عبودية الخلق ، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير رفضوا أن يعبدوا إلها واحدا هو خالقهم ورازقهم ومدبر أمورهم وعبدوا آلهة متعددة من خلق الله قادهم إليها رسول العقل أو بالأحرى شيطان العقل الذي زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا نعم عبدوا " نيتشه وآينشتاين وفولتير " وغيرهم وغيرهم
يقولون – زعما – نحن نعمل عقولنا ولا نغيِّبها ولقد خلطوا بين الهوى والعقل كما خلطوا بين الإغراض وحسن القصد
كلا فلقد غابت عقولهم وقلوبهم وأخلاقهم أيضا!!!!!
نعم غابت عقولهم يوم أن ظنوا أن طرائقهم تجدي في التشكيك فالمشكك يجب ان يكون أكثر حنكة من ذلك فأين هؤلاء من الذين كانوا يدسون السم في العسل ورغم هذا فقد رجع سمهم عليهم فكانوا هم الشاربين له فقتلهم ؟
كم أنتم مساكين قليلو البضاعة لا تعرفون كيف تشتبهون ولا كيف تغرون الناس بما تعتقدون ، وربما لأنكم تعرفون أن ليس لما تعتقدون من قرار ، فلو أغرقتم في طرحه لكانت النتيجة: الفرار الفرار.
هنا تبدو أفضل طريقة ما بات يعرف بـ " أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم"
لكن من تهاجمون ؟!!!!
تهاجمون عقيدة قوم لا أمل لهم في الحياة بدونها ، قوم يعلمون أنه لا خير فيهم إن لم يكونوا مؤمنين.
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يصبها وأوهى قرنه الوعل
إن مشككي اليوم المتفاخرين بعقولهم يصنفون أنفسهم في خندق الضد ومَن مِن العقلاء يقبل نصيحةً من ضده عدوه الذي يكيل له الطعنات!!!!!!!
وغابت قلوبهم يوم أن حجبوها بحجاب من الظلمة حتى أصبحت لا تفرق بين ما ينبغي وما لا ينبغي يوم أن تنكروا لخالقهم ورازقهم والمنعم عليهم حيث أسكنهم في أرضه وغطاهم بسمائه وأسبل عليهم ستره وهم مع ذلك يبارزونه بالمعاصي لا بل بالافتراء عليه ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)
نعم فقد غرهم حلمه عليهم وصبره عن معاقبتهم وتلك والله صفة الخسيس الذي يكافئ على الجميل عصيانا ، وعلى الإحسان نكرانا ( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ)
وغابت أخلاقهم حين رضوا لأنفسهم بالكذب والتلفيق وإن بسوء التأويل واستنطاق النصوص بسيء ما .يعتقدون هم ويباشرون لا بما تحتمله هذه النصوص تصريحا أو تلميحا
هل القرآن الكريم يغري بالشذوذ الجنسي ؟
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على قوم قد شذت عقولهم كما شذت أخلاقهم فظنوا أن للقرآن شذوذا كشذوذهم
أي اجتراء وافتراء على الله ذلك الذي يتمتع به هؤلاء!!!!!
الله عز وجل يقول متحدثا عن بعض مظاهر نعيم أهل الجنة:
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ )هذا حديث عن الخدم الذين يخدمون من أمضوا حياتهم طاعة للجليل اعترافا له بالجميل إنهم يقدمون لمخدوميهم ما يطلبونه منهم من مشروبات ومطعومات هذا ما تذكره الآيات فهل يفهم منها شيء غير هذا ؟
يقولون: نعم فهذه الآيات تقول: ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا)
يقولون: إن هذه الآيات تحكي عن نظافة هؤلاء الولدان وأناقتهم الشديدة وليس ذلك إلا للسبب الذي يعتقدونه!!!!
قولوا بالله عليكم ما ذا نقول لقوم يسيئون النية لمجرد الوصف بالنظافة والأناقة وكأنهما قد أصبحا جرما في .عرف هؤلاء ولم لا والوسخ والدنس في عرف بعضهم وتقاليدهم شعيرة من الشعائر وعبادة من العبادات
أما إسلامنا فهو دين النظافة فالنظافة عندنا من الإيمان وقول أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: " الرجل منا يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا فهل يدخل ذلك في الكبر ؟ فرد عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم قائلا: إن الله جميل يحب الجمال"
إسلامنا هو دين الوضوء والغسل وإماطة الأذى عن الطريق
إسلامنا هو الذي أمرنا بأن نلبس أحسن الثياب وأن نتطيب ولو كنا مقدمين على عبادة ربنا وخالقنا
ففي سورة الأعراف ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ 31 قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) 32
فليتهم بدل أن ينطقوا بهذا السفه من القول أن ينظفوا أفعالهم ويتأنقوا في كلامهم
إن الإسلام يعتبر الشذوذ جريمة لا تضاهيها جريمة لأنها تخالف الفطرة التي فطر الله الناس عليها وكل ما يخالف الفطرة هو يخالف الإسلام لأن الإسلام دين الفطرة لنستمع إلى هذه الآيات: ( أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ) وقوله تعالى: ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) وقوله تعالى: ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)
ولقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من عَمِل عمَل قوم لوط ثلاث مرات ولعله لم يلعن على ذنب ثلاث مرات إلا عليه
|