حوار مع الباحث الإسلامي:د.محمد جلال القصاص ج1
التاريخ: الأثنين 25 أغسطس 2008
الموضوع: د. محمد جلال القصاص


حوار مع الباحث والمفكر الإسلامي / محمد جلال القصاص

 

حاوره  رئيس التحرير / محمد المصري .

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :-

 

يسر إدارة مجلة أنا المسلم الإلكترونية إجراء حوار مع الكاتب والباحث الإسلامي /محمد جلال القصاص ، لا نملك الكثير عن شخص الداعية محمد جلال القصاص ، رغم أنه من أوسع الأسماء انتشاراً في الشبكة العنكبوتية ، وحضوراً في القضايا المثارة بين أفراد الصحوة الإسلامية .

 

محمد جلال القصاص ، أديب ينظم الشعر ، ويكتب القصة ، والمقال ، له عدد من الأبحاث منها ما طُبع ومنها ما لم يطبع بعد ، وعدد من الصوتيات على موقع طريق الإسلام والمواقع المختصة بمحاربة التنصير . ولا تخطئ عينُ قارئ أو سامع عذوبة اللفظ وعمق الفكرة فيما تكتب يد محمد جلال القصاص .

 

مجلة ( أنا المسلم ) الإلكترونية في عددها الثاني تبدأ سلسلة من الحوارات مع الكاتب والمفكر الإسلامي محمد جلال القصاص ، تحاول أن تقترب أكثر من شخصيته ، وتعرف عن قرب رأيه فيما يثار على الساحة . أملا في جديد قد يفيد أمتنا وشبابنا .

 

* مَن محمد جلال القصاص ؟

 

عبد من عباد الله ، قروي ، من ريف مصر ، أحفظ القرآن الكريم منذ التاسعة من عمري ولله الحمد ، ولازمت الكِتابَ منذ تعلمت القراءة ، وأذكر أنني انتهيت من قراءة البداية والنهاية وسيرة بن هشام ، ورجال حول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغيرهم في نفس موضوعهم قبل السادسة عشر من عمري ، وكنت أقرأ فيما طرح ضد الصوفية ، ذلك أنها كانت القضية الثائرة في قريتي يومها ، وكانت القضية الثائرة في رأس من أرشدني للمطالعة في الكتب الإسلامية ، وهو مدرس مادة الإنجليزي في قريتنا الأستاذ محمد مصطفى ياسين . ولم يكن في القرية قضايا مثارة أكثر من الصوفية ، ثم بعد الذهاب للقاهرة لدراسة الصيدلة في جامعة الأزهر ، حدث انفتاح شديد على العالم ، فقد كانت القرية بعيدة عن الأحداث . أُعجبت كغيري بفكر الإخوان المسلمين لانتشاره في الجامعة حينها ، ثم التحقت بمسجد التوحيد في غمرة ومكثت هناك أربع سنوات في دروس الشيخ فوزي السعيد حفظه الله . وحضرت للدكتور سيد العربي ، وأتيت على عدد من مكاتب بعض أهل العلم .. درست كتب نفر غير قليل من شيوخنا أقرأ كل ما كتبوا . ثم اتجهت للكتابة في فترة متأخرة منذ أربع سنوات فقط . ونشر لي عدد قليل من المقالات قبل ذلك في مجلة البيان.

 

* من الذي ساهم في انتشارك ؟

 

صيد الفوائد .ثم طريق الإسلام ؛ لم ألقَ أكرم ولا أفضلَ من أبي حمزة صاحب موقع صيد الفوائد ، والكل بخير ، وربما تكلمت عن ذلك لاحقاً إن شاء الله.

 

* دكتور جلال لك انتشار واسع .. نُشر لك في صحيفة المحايد ( 37 ) مادة علمية بين مقال وقصة ، ونشر لك أكثر منها في موقع المسلم ( موقع الشيخ ناصر العمر ) و( طريق الإسلام ) و ( صيد الفوائد ) و( المختار الإسلامي ) وغيرهم ، وأعرف أنك تعمل متطوعاً في بعض الأنشطة الدعوية . ولك عدد من الأطروحات لترتيب الصف الدعوي وترشيده ، وأعرف أنك لك علاقة شخصية بعدد غير قليل من شيوخنا الكرام في مصر والخليج ، وأعتقد أن هذا يكفي لأن أفتح معكم محوراً كاملاً عن العمل الدعوي وخاصة الإعلامي ، أريد أن أسأل حضرتك بداية عن تقيمك للعمل الدعوي .. الإعلامي منه خاصة ؟

 

العمل الدعوي الإعلامي ، وهو الآن مقروء ( مجلات ومواقع ) ومسموع ( شرائط كاسيت ومحاضرات صوتية في الشبكة العنكبوتية ) ومرئي في شكل عدد من القنوات الفضائية والدروس المسجلة من المساجد أو من البيوت وبدأت تنتشر الآن ، إذا نظرنا إلى الإمكانات المتاحة والأثر الذي يحدث بموجب هذه الإمكانات نجد أن العمل دون دون دون المطلوب .

 

وحتى تعرف ذلك أسألك : أين نحن الآن ؟

 

* أجب أنت !

 

خلف الحدث . نحكيه ونحلله . أما أن نوجهه فلا ...أن نصنع الحدث فلا . حتى مشكلة سبِّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتي اجتمع من يُرجى اجتماعهم ومن لا يرجى ، لم نؤثر في الحدث إلا قليلاً جداً ثم ذهب أثرنا وعدنا كما كنا .

 

* لماذا دكتور ؟

 

لمعرفة السبب يمكن تقسيم العمل الدعوي ـ الذي يرفع شعار الدعوة إلى الله ـ إلى فريقين ، فريق متبع وفريق مبتدع ، وأعني بالمبتدعين العقلانيين والإصلاحيين وما يسمى بالدعاة الجدد و غير ذلك ممن لا يلتزم بهدي السلف ، ويرى أن الزمان غير ما كان ، وأنها لن تعود كما كانت ، أو من يسلك طريقاً غير طريق السلف ليعود بها كما كانت .

 

المبتدعون هؤلاء هم سبب رئيس في تأخر العمل الدعوي .لا تعجب .

 

هؤلاء عقبة حقيقية في طريق الدعوة الإسلامية ، والأمر يطول شرحه . ورأي الشخصي أن هؤلاء مَكَّنَ لهم من يريد أن يعرقل مسيرة العمل الدعوي .

 

أعطي حضرتك مثال .

 

التنصير مثلا ، حين يذهب أحدهم للنصارى ويقول لهم كلنا مؤمنون ، وكلنا نعبد الله ، وحين يقف أحدهم في برنامج عام شهير ( القاهرة اليوم ) وفي حلقة تناقش أمر الكذاب اللئيم زكريا بطرس ويقول النصرانية والإسلام لا يتعارضان ، يسيران في خطين متوازيين . ونأتي نحن ونقول أن النصارى كفار كما قال الله { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ } (73) سورة المائدة ، هنا تحدث بلبلة ، ويضيع الجهد .وقد حدث بالفعل .

 

الخبثاء من النصارى يستدلون بهولاء الإعلاميين علينا ، ويفتنون بهم قومهم ، وفي أحسن الأحوال نظهر نحن كمتشددين وهم كمعتدلين . وتدور معركة إعلامية داخلية وخارجية كلها في أرضنا وكلها من جَهدنا ، تأخرنا ولا تقدم لنا شيئا ، والسبب هو هؤلاء . إنهم عقبة حقيقية على الطريق .

 

وعلَّك تذكر ما حدث إبّان حرب حزب حسن نصر مع إسرائيل ، وخرج نفر من هؤلاء ينفسون عن ما في صدورهم على علماء الأمة ، ويدعون أن الرؤية العقدية للأحداث خدعة . تركنا إسرائيل وأخذنا نرد هؤلاء عنا ، انشغلنا بهم ، أشغلونا وضيعوا جهدنا .

 

* هل تربط بين هؤلاء وبين ( الآخر ) أعني الغرب ، أو بتعبير آخر هل تسيطر عليك فكرة المؤامرة وأنت تقرأ الساحة الإعلامية ؟

 

شوف أخي الفاضل ، هناك حقيقة شرعية يقرها نص صريح ، ويشهد لها الواقع والتاريخ ، وهي أن الكافرين يجادلون ويقاتلون .. كل الكافرين في كل العصور قال تعالى { وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ } [ غافر : من الآية 5 ] ، قريش كانت تجادل وتقاتل ، كانت شديدة الجدال وشديدة القتال وحاولت قتل النبي صلى الله عليه وسلم في مكة عدة مرات ، وخرجت لاستئصال الإسلام في بدر وفي أحد ويوم الأحزاب ، والعلمانية ـ وهي دين ـ تجادل وتقاتل ، والنصرانية تجادل وتقاتل ، فالجدال والقتال حقيقة شرعية ، وواقع نعيش وتاريخ نحكيه .

 

وجدال الكافرين يأخذ صوراً منها ( الكيد ) و ( الخديعة ) , ومحاولة تفريق الصف ، والله يخبرنا عنهم بقوله سبحانه {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا} (15) سورة الطارق ، والكيد يشي بشيء يدبر في الخفاء ، وهو ما تسميه أنت المؤامرة ، والمقصود أن الكافرين ( الآخر ) لا ينفكون عن الكيد عن المؤامرة . ولا ينفكون عن الجدال والقتال أبداً .

 

هم الذين يكرمون الشاذين فكرياً ، ويعطونهم الألقاب التي ينخدع بها العوام ، من محمد عبده ، ومروراً بـ على عبد الرازق ، وطه حسين ونجيب محفوظ و ... وانتهاءً بما هم بين أظهرنا اليوم جابر عصفور ، ونصر أبو زيد وغيرهم . هم أو أوليائهم من المنافقين المسيطرين على الإعلام في عالمنا الإسلامي .

 

فمكر الكافرين مِن صُوَره: مد ومساعدة من يثير بلبلة في صفوفنا ، ولا يمكن قراءة الصورة مجتزئة أبداً .

 

ومكر هؤلاء يصل الطيبين أيضا ، حين تنظر لمن يتكلم للناس من شيوخنا الكرام ، تجد من الوعاظ فقط ، ولا أعيب الوعظ ولا الوعاظ أبداً ، فقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتخول الصحابة ـ وهم الصحابة ـ بالموعظة مخافة السائمة كما يقول بن مسعود ، ولكن هم يسمحون لفريق وفريق لا يسمحون له ، ومن يسمحون له ممن لا ينغص عليهم عيشهم إلا قليلا . لا أريد الاسترسال هنا حتى لا يساء فهمي . دعني أكمل ما تبقى .

 

* تفضل

 

أما الفريق المتبع فهناك خلل في طبيعة العمل ، وخلل فيمن يعملون .

 

إذا نظرنا لطبيعة العمل تجد أن العمل الدعوي كله أو يكاد فردي ، كلما استأنس أحدهم من نفسه قوة استقل ، فتجد كثيراً من المواقع الإسلامية لا تفرق بينها ـ من حيث الطرح وآلية الطرح ـ إلا من خلال المشرفين عليها.وكثير من المشاريع تتكرر ، وكثير من الأفكار تتكرر ، ينجح مشروع ما فتجد مشاريع كثيرة بخلفية الفردية في العمل تنشئ نسخة أخرى من هذا المشروع ، والأفكار الجديدة قليلة ولكنها مكرورة .

 

وأسأل : بم نستطيع أن نفرق بين الفضائيات الإسلامية غير الشيوخ ؟ وبم نستطيع أن نميز بين كثير من المواقع الإسلامية ؟

 



وللأسف يحدث الآن تجديد في العمل الدعوي ككل .. يدخل العمل الدعوي مرحلة جديدة بذات المرض ، هذه المرحلة هي مرحلة مراكز الأبحاث والمحاضن التربوية ، هكذا اسميها من خلال رصدي للعمل الدعوي ، وقد كتبت مقالاً عن ذلك بعنوان ( على أبواب مرحلة جديدة من العمل الإسلامي ) ، وبدأت مراكز الأبحاث تنتشر بسرعة ، وكلها في مستوى محدود . لا يمكن أن ينهض بالأمة من التبعية للريادة .

 

* وما الخلل الذي فيمن يعملون ؟

 

لا أقصد هنا التشكيك في النوايا أو التطاول على أحد ، وإنما أصف ما أرى ، وأنا جزء مما أصف ، هذا الجيل لم يتخلص بعد من الثقافة العلمانية ، ويظهر ذلك في السمت الخارجي عند كثيرٍ من المنتسبين للعمل الدعوي ، وإن كان هذا الخلل بدأ يتراجع ، ويظهر أيضاً تأثر هذا الجيل بالعلمانية ، وغيرها من المذاهب الفكرية التي سادت في الأيام الماضية في آلية التفكير وهذا هو الأخطر وهو ما أريد أن أشير إليه حقيقة إذ أن كثيراً من ( الإسلاميين ) الفاعلين في الساحة الدعوية الإعلامية يفكرون بقوالب غربية . يسمونها إسلامية ، والإسلام له خصوصية شاملة ، وقد تكلمت في هذا كثيراً ، وانتهيت الآن من كتابة الجزء الأول من السيرة النبوية وهو خاص بفترة الجاهلية وإن شاء الله أستفيض في شرح هذا الأمر (خصوصية الشريعة الإسلامية ) في الجزء الثاني ، ويمكن الرجوع لمقال ( مهلا أيها الاستراتيجون ) .

 

* عفوا ماذا تريد ؟ لو وضحت أكثر ؟

 

والله أخي دعني أكون صريحاً معك ، لابد من الاستقلالية التامة للعمل الدعوي ، ودعني أأصل لهذا الأمر حتى لا يلتبس على أحد.

 

في يوم العسرة كانت الحاجة ماسّة للرجال وللأموال ، فالسفر بعيد والزاد قليل ، والعدو هو الروم ذات القرون ، وكان المنافقون يعجبُ الرائي أموالَهم وأولادَهم ، ومن ينظر إليهم ، فتطلعت نفوسٌ لمشاركتهم بأموالهم وأولادهم وأنفسهم ، فأنزل الله قوله : { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }[ التوبة : 47].

 

فهم خبال ، وهم أهل الفتنة ، وهم يغررون ببعض المتقين .

 

ولذا فإن للشريعة الإسلامية خصوصية كاملة في طلب التمكين في الأرض ، وما يعنينا هنا هو أن الصف الإسلامي لا يحمل الخبث ، أو بالأحرى لا يرضى به ، ولا يقال أن الشريعة سكتت عن المنافقين ورضيت بهم ، هي سكتت عن عقوبتهم ولكنها وقفت لهم من أول موقف وقفوه تكشف أمرهم وتفضحهم ، تصف أفعالهم ، وتروي أقوالهم ، وتكشف عما يدور في نفوسهم ... ومنهم .. ومنهم .. ومنهم .. حتى كادت تسميهم بأسمائهم ، وكان سكوتها عن استئصالهم لأمر آخر يتعلق بمن يقف بعيداً يرى الصورة على غير حقيقتها ، ويتكلم دون أن يتدبر .

 

واليوم لم نتعظ بما وعظنا الله به . ولم نتدبر السيرة ، ورحنا تستكثر ممن لا يسمن ولا يغني من جوع .في المجال الإعلامي وغير الإعلامي ، فكان الحال كما قال الكبير المتعال (مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) .

 

فَرِحْنا بالخارجين من وَحْل العلمانية ، ورحّبنا بهم ، وقلنا خطوة تتبعها خطوات ، فنبشوا عن المعتزلة ، ومدوا الجسور مع الكافرين ( الحوار بين الأديان ) ، وشقوا طريقاً وسطاً أقل آثاره أنه شتت الناس .

 

وفرحنا بالفضائيات العلمانية حين عرضت على ( الكِبار ) التحدث لجمهورها العريض ، فقلنا نحدثهم ، فسُرِقْنا ولم ندر ، فها نحن نرى نفراً منهم على خطى محمد عبده ، يدعون للحوار بين الأديان ، وينادون بأن الولاء للآخر أمر فطري ، وأحدهم يغازل نوبل ، ويرى أننا جفاة غلاظ .

 

قد كان حكيما ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين حرّم مخالطة الكافرين ، وأمر بأن لا يتراءى نارهما . وأضرب مثالاً بالتنصير .. بما يحدث في مقاومة التنصير.

 

أحد القائمين على محاربة التنصير تكلم أكثر من واحد من الثقات بأنه ( يسب بالدين ) وأنه ( لص يأخذ الأموال في جيبه .. وقدموا أدلة على ذلك ، وتكلم غير واحد أنه ( يكذب أكثر من مرة في المجلس الواحد ) ومع ذلك يلقون زمام التصدي للتنصير في يده . والرجل يعرف أنهم يعرفون حاله ، ويعرف أنهم يداهنونه ويرضى بذلك . أين تصل ومثل هذا قائدها ؟!

 

إلى غير بعيد .ثم تلقي بمن على ظهرها و( تدوس ) عليه بقدمها .إنها تحقق فقط أهدافاً يرتضيها ( الآخر ) .. ضد النصارى .

 

ثم يتوجه إليه ( الآخر ) ويزجره فينزجر ، ويسترشده عن الجادين فيرشده ، ويأمره فيمتثل . ومن ثم يضللها ويسير بها في طريق آخر ، أو في أحسن الأحوال يقف بها مكانها . ونعود من جديد إلى دوامة الخلاف ، وإلى زنازين المجرمين . والعياذ بالله ، نسأله العافية.

 

وكذا الإخوان في مصر .. أصبح الصف الثاني في الجماعة الآن .. أو قل الأول .. من العلمانيين أصحاب المسحة الدينية .. الجذور الدينية .. وهم الآن يؤدبونهم ، وبعد قليل يَعرضون عليهم الثوابت ومن ثم يفكرون ويراجعون ... ويتراجعون . وينشق عليهم مَن ورائهم ، ويدور جدال داخلي . يوقف المسير ، ويهوي بالصحوة إلى كبوة بلا قرارٍ ولا معين .

 

كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منتهى الحزم مع أصحابه كي لا يشربوا من وعاءٍ آخر ، وكان في منتهى الحزم ـ هو وأصحابه رضوان الله عليهم ـ أن يكون هناك دورٌ للمنافقين في الكيان الإسلامي .

 

غضب حين رأى عمراً ممسكاً بصحيفتهم وعدّ ذلك تهوكاً فيها ، وعمر بعد ذلك فهم الدرس جيداً ، فحين عثر جند الله بعد القادسية على مكتبة كبيرة في أرض الفرس أمرهم بحرقها قائلاً قولته الشهيرة : إن كان فيها خير فقد أبدلنا الله خيراً منها ، وإن كان فيها شر فقد أراحنا الله منه . ولك أن تتخيل الحال لو ترجمت هذه الكتب بدعوى ما فيها من علوم .

 

وبرزت العلوم وازدهرت ، وفتحت البلاد واستضاءت بنور الله بالأعراب ، بل بعبيدِ الأعراب ( بلال وعمار وزيد وصهيب وياسر وسمية وأم أيمن الحبشية ) . فمن لي بتقي أستحث به خطى السماء ؟

 

وأمر آخر يزيد الموضوع بياناً ، وهو حين تنظر في الخلافات الموجودة داخل الصف الإسلامي منذ بدأ الخلاف في هذه الأمة لا تجد إشكالاً في الدليل وإنما فيما يتعاملون مع الدليل ، وأن قضيتنا اليوم تنقية الصف مع تنقية القضايا ، ولم تُطل الشريعة جدال المخالفين في حين أنها أطالت جهادهم ( كما الخوارج ) وأطالت كشف عوارهم ( كما المرجئة والمبتدعة ) ، وقد دفعني كل هذا لإعادة قراءة السيرة النبوية من جديد ، لبيان حركة الدعوة الإسلامية وهي تدافع الكافرين وهي تتعامل مع المنافقين ، أبين خصوصيتها المطلقة في منازلة النوازل ، وخصوصيتها المطلقة في تغير الحركة لمقاومة حركات التغيير

 

يكفي هذا ، فالمقام حوار وليس محاضرة .

 

الحديث شيق ، ولكن يكفي دكتور جلال حتى لا يخرج عن إطار الحوار .

 

* أسأل ما الحل ؟

 

الحل هو في بناء الكوادر والعمل على نشر الحق بقدر المستطاع ، وتقديم .. الفقهاء .. الذين يعرفون واقع أمتهم ، والحل في أن نكون صرحاء ، وأن نواجه الناس بدعوتنا على حقيقتها لا داعي للمواربة ، ولا داعي لمد الجسور فنحن الأضعف ، وفي كل مرة نغلب . ثم العمل يولد أسباب النجاة ، بمعنى لا تستطيع وضع خطة متكاملة تفضي إلى وجود الشريعة الإسلامية في حياة الناس ، لا تستطيع ، وليس من طبيعة هذا الدين ، ولكن أنت تعمل ثم بعد ذلك ـ وأنت تعمل ـ ترى وتبصر ، ومن ثم تمكن وتتمكن ، وينتشر الخير .

 

* هل نظرتك هذه هي السبب في هجومك على عدد من المشاهير ، يعني الطرح الهجومي يحتل جزء غير قليل في كتاباتك ؟

 

مثل ؟

 

* عمرو خالد مرتين ، و( الإخوان المسلمون ) ثلاث مرات أو أكثر ، ورددت على عدد ممن تحبهم أنت وتصرح بمحبتهم كالشيخ عائض القرني فيما أذكر ؟

 

في الكلام تعدي ، وقراءة عجولة ، لستُ منشغلاً بعمرو خالد ، ولم أسمعه في حياتي كلها أكثر من ساعتين ، كانت على الإفطار من بضع سنين عند أحد الزملاء ، لست منشغلا به ولا بمن هم مثله ، أقرأ عن أفعالهم وأقوالهم ولكنني لا أتتبعهم أبداً ، ولست منشغلاً بتتبع سقطات الشيوخ ، والكمال عزيز بل مفقود ، ولكني مهتم بالتنصير ومقاومة التنصير ، ورددت على عمرو خالد حين تكلم في هذا الباب بلا علم ولا عدل ، وردد على غيره أعرض وجهة نظري أرجو الخير ، أما الاحتجاج والتتبع فلا . وهي بضاعة سوء نسأل الله لنا ولكم العافية .

 

وشيء آخر ، النصارى ضلوا لأنهم يعتقدون العصمة في سادتهم ، ولا يردون عليهم ، وإن رأوا منهم ما ينكرون قولاً أو فعلاً ، اتهموا أنفسهم وتأولوا لهم ، ولذا ضلوا ، فالإنسان يحمل بطبعة النقص والخطأ ، أنا ارد اليوم على فلان ، وغدا يُرد علي من فلان ، وهكذا ، بهذا حفظ الله هذا الدين . فتأمل .!!

 

لذا نرد ويسمع من نرد عليه ، ويمتثل فنحمد فعله ، أو يردنا بعلم وعدل فنمثل ويحمد الناس فعالنا ويكتب ربنا الأجر ، ومن يتكبر ويتعالى فالخزي في الدنيا وفي الآخر عذاب النار إن لم تشمله رحمة العزيز الغفار ، عاملنا الله جميعاً برحمته

 

* والتنصير ؟

 

ماذا عن التنصير ؟

 

* الحديث عن التنصير في هذه الأيام اشتد لماذا ؟

 

لأمرين : أمر عام وأمر خاص ؟

 

الجزء الثاني

 







أتى هذا المقال من شبكة بن مريم الإسلامية - عن المسيح الحق - حقيقة يسوع الانجيل - عن تحريف الكتاب المقدس - نفي التثليث - عن الله محبه
http://www.ebnmaryam.com/web

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.ebnmaryam.com/web/modules.php?name=News&file=article&sid=1181