تقول الشبهة " إن كان لا يعلم متى ينزل الغيث إلا الله فكيف يستطيع الإنسان أن يُنزل المطر عن طريق الاستمطار "
الرد بعون الله ..
بسم الله الرحمن الرحيم الخالق العالم القادر عالم الغيب والشهادة والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين الذي لا ينطق عن الهوى وبعد..
نقسم الرد على هذا الموضوع إلى ثلاثة نقاط
الأولى : وهي التفريق بين الغيث والمطر
جاء في كتب المعاجم
الغيث: المطر الذي يغيث من الجدب.
وكان نافعا في وقته.
والمطر: قد يكون نافعا وقد يكون ضارا في وقته، وفي غير وقته، قاله الطبرسي ... الفروق اللغوية- أبو هلال العسكري
الغّيْثُ : المَطَرُ " وهو أَيضاً مصدرُ غَاثَ يَغِيثُ كباعَ . " أَو الَّذِي يَكُونُ عَرْضُه " أَي مِسَاحَة عَرْضِه " بَرِيداً " أَي شَهْراً . وقيل : هو المَطَرُ الخَاصُّ بالخَيْرِ الكَثِيرُ النَّافِعُ ؛ لأَنه يُغَاثُ به النّاسُ وهذا من شرحِ الشِّفاءِ ...تاج العروس
( الغيث ) المطر أو الخاص منه بالخير ....المعجم الوسيط
ويتضح المعنى كما نصت عليه آيات القرآن
1ـ (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) الأعراف 84
2ـ (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) الشعراء 173
3ـ (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا) سورة الفرقان الآية 40
وبالنظر إلى الآيات التي أستخدم فيها مصطلح المطر فسنجد
1 (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) الشورى 28
2 (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) يوسف 149
وبالرجوع إلى الآية 34 من سورة لقمان
(إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
وعلى ما تقدم نحمل الغيث على معنى المطر النافع وهو خصوص من عموم المطر الذي قد يكون نافعاً وقد يكون ضاراً .. فكيف يمكن للإنسان أن يتحكم في هذا القدر وكيف له أن يقدر كميته ؟!
(وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) المؤمنون 18
وهذا ما فسرته السنة أيضاً فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله
"ليست السنة بأن لا تمطروا . ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ، ولا تنبت الأرض شيئا" أخرجه مسلم في المسند الصحيح
وهذا بخصوص إنزال المطر والغيث وهي مسألة قدرة
نتحول إلى النقطة الثانية وهي متى يأتي المطر كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في الجامع الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم أحد ما يكون في غد ، ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام ، ولا تعلم نفس ماذا تكسب غدا ، وما تدري نفس بأي أرض تموت ، وما يدري أحد متى يجيء المطر ."
وهنا الحديث عن العلم وليس عن القدرة فمن هو الذي يسوق السحاب الى البلد لتمطر أو تستمطر ؟
قال تعالى (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) [فاطر: 9].
كيف للإنسان أن يتحكم في وجود السحاب أو لا ؟ ولا سيما تكوينه
وهنا أحب الإشارة إلى كيفية تكون الغيم الماطر وتابع معي
إن رحلة تشكل الغيوم تبدأ بدفع ذرات بخار الماء من المسطحات المائية باتجاه الأعلى بواسطة الرياح. ثم يتم التأليف بين هذه الذرات من البخار لتشكل غيوماً. ثم تتراكم هذه الغيوم فوق بعضها حتى تصبح جاهزة لإنزال المطر منها، والجدير بالذكر أنه ليس كل سحاب يكون ماطراً وفي هذا بحث كبير يمكن تقديمه في موضوع مستقل.
قد أشار القرآن لذلك فقال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) النور 43
وللاستفادة يمكن قراءة هذا البحث
النقطة الثالثة خاصة بعملية الاستمطار نفسها
وقبل أن أقول ما لدي سوف أضرب مثلاً ولله المثل الأعلى
عندما يقوم الإنسان من نومه ويذهب إلى عمله ليحصل على رزقه هل ذهب وهو ضامن أن ينال ما أراد من الرزق ؟
بالطبع لا
علم الرزق عند الله ولا يعلم ماذا يكسب الإنسان ولكن قد يتوقع فإما أن يُصيب وإما يخطئ
وهذا المثل ضربته لأبين أن الإنسان يجتهد في طلب الرزق _ الذي هو من علم الله_ ويناله منه ما أراد الله له فإن أعطاه ما توقع فليس هذا لأنه يعلم رزقه وكذلك عملية الاستمطار
فالإنسان يجتهد في طلب الخير وهو المطر النافع ويتوقع نزوله فإن أصاب ما توقع كان من فضل الله وليس لعلمه بأن المطر سيسقط على هذه المنطقة جزماً .. فلا علم إلا لله
وعلى هذا فإن الإجهاد مطلوب أما العطاء فمن الله بعلمه وقدرته وليس بعلم وقدرة الإنسان أبداً
وكان ردي هذا مبني على نجاح عملية الاستمطار ودعونا نرى الحقائق كما ذكرت جريدة الوطن السعودية حول هذا الموضوع
" وبالرغم من مرور أكثر من نصف قرن على بداية التجارب في صناعة الأمطار،
والمديح الذي كيل لهذه التقنية والوعود التي قطعتها الشركات لابتزاز المحتاجين،
وبالرغم من الإخفاقات المتتالية، و مشاركة أكثر من 40 دولة، من بينها المملكة العربية السعودية،
لا تزال هذه التقنية محل ريبة وشكوك.
إن تجارب استمطار السحب لم تؤت أكلها بعد، ولا تزال في طور البحث والدراسة "
ليس هناك داعي لتلوين بعض الكلمات لتمييزها ونتابع
في عام 2003 ذكر تقرير للأكاديمية القومية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية
" أنه لا توجد حتى الآن أدلة حاسمة ونتائج موثقة تؤكد فاعلية هذه التقنية ".
وبعد كل ما ذكرت هل يمكن أن يجزم أحد بأنه يستطيع أن يمطر منطقة معينة بعلمه وقدرته في وقت معين ؟!!
فمن كابر على ذلك فليحشر حشره ليمطر لنا قرية في الصحراء الكبرى أو ليمطر لنا مطراً بقدر معين في وقت معين حتى في لندن الماطرة
فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
ذو الفقار..
المفضلات