"الدين النصيحة"
قول مختصر ولكنه جامع للكثير من الأحكام التى يحتاج اليها المسلمون فى حياتهم فعلينا جميعا أن نعرف أهمية التناصح بين المسلمين والامر بالمعروف والنهى عن المنكر وانه لو وجد العصاة من ينصحهم ويلومهم ويعاتبهم ويوبخهم على عصيانهم وعدم التزامهم بأوامر الله من نواه وأوامر لامتنع العصاة عن المعصية ويجب على المذنبين ان يعلموا ان ذنوبهم ستكون سببا فى رفض الاخرين لهم واعتزالهم وانه على المجتمع ان يتعامل مع العصاة بوضوح وخطوات حاسمة بلا تمييع للحقائق وما يجب أن يتم نحوهم فهناك خطوات يجب ان نلتزم بها تجاه العصاة وهى
: اولا : توضيح الحق والباطل حتى لا يحاول البعض إيجاد المبررات والأعذار لهم بالجهل بالذنب بل يقوم المسلمون بتوضيح الحلال والحرام فى العبادات والمعاملات والأخلاق وبذلك نؤدى ما علينا من شرح الدين وتوضيح ما به من أسس وقواعد
ثانيا : ان نلتزم بما نقول ولا نكون مخالفين لما أمر الله به وان نعلم أن الأولوية لنا فى الالتزام بأوامر الله حتى نكون قدوة لمن حولنا بلا رياء أو رغبة فى الظهور .
ثاللثا : و يجب على كل إنسان أن يعلم انه مسئول أولا عن نفسه وان يكون مراقبا لها معاتبا لائما لها على كل ذنب " يأيها الذين امنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم"
وبعد نصح الذات علينا الاهتمام بأقرب الناس لنا " وانذر عشيرتك الاقربين" ثم النصح العام لكل المسلمين " الدين النصيحة" " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"
رابعا : ان تكون هناك اولويات للنصح فننصح أولا بالفروض ثم السنن والمباحات وننكر الحرام أولا ثم ننكر المكروه يكون الخلاف على الواضح فى الحكم وليس على أمور اختلف حولها علماء الإسلام فما يحدث فيه اختلاف وتتعدد الآراء ولا يتضح الحكم النهائى الصريح للأمر فعلينا ألا نثير الخلافات حوله ولا نكسر شوكة المسلمين بسببه
خامسا : محاولة الفهم لاعذار الناس والتفاعل نع مراحل حياتهم فالشاب معروف انه من اضعف الناس اما فتنة النساء ولعل الرسول قد اوضح لنا الفهم لما يحاصر الشباب من افكار وانفعالات واضطرابات فى هذه المرحلة عندما اتاه شاب يشكو اليه انه التقى بامراة ففعل معها الا الزنا وصلى مع الرسول ص واتاه ثانية بعد الصلاة واعاد عليه القول والاعتراف بالذنب فقال له الرسول " اما صليت معنا قال نعم قال " ان الحسنات يذهبن السيئات " وعندام اتاه فتى يريد ان يأذن الرسول له فى الزنا فاضطرب الصحابة من حوله فقال له الرول ص " اترضاه لأمك : قال لا ق ال اترضاه لاختك قال لا فمسح الرسول على صدره ودعا له
فنحن نشعر هنا بمدى الاضطراب الذى وقع فيه الشاب فلا يمكن ان نتخيل ان ياتى ساب الر سول وان يطلب منه هذا الاذن وان ياذن له الرسول ولكنننا نتخيل انه شاب يقع تحت ضغط نفسى شديد وتتاح له الفرصة ولكن عنده من الدين والخوف من الله ما يمنعه عن الوقوع فى المعصية وان لا يستطيع مقاومة المعصية وايضا لا يستطيع الوقوع فيها والتعرض للعقاب من الله فذهب الى الرسول ففهم الرسول ما يعانيه هذا الشاب واحسن الظن به وشعر بضعفه وعدم قدرته على الصمود وعدم قدرته ايضا على معصية الله تعالى ولا يعرف اين المهرب وكيف السبيل لارضاء شهوة مكبوته وعدم الوقوع فى المعصية
وايضا لابد ان يفهم الناصح الحكم الشرعى للمعاملات حتى يحكم بفهم وعندما اتى الرسول الى المدينة ولاحظ انهم يخدعون فى الميزان ويظنون ان هذا على سبيل التجارة المباحة طالما انتهى البيع والمشترى راضى فنهى الرسول عن الكثير من المعاملات ونزلت سورة المطففين
وكان الرسول لا يجهر باسماء العصاة او التلميح لاصحاب الاخطاء بل كان يكتفى بقول " ما بال اقوام يفعلون كذا او ما بال اقوام يقولون كذا "
وهناك خطوات مع العصاة وهى
1 / النصح العام وتوضيح الحكم الشرعى للكثير من الامور بدون اظهار قصد لشخص معين او طائفة معينة.
2/ النصح الخاص اذا لم يفهم الاشخاص ان الكلام موجه لهم وانهم المقصودون بالحكم الشرعى المقصود وانه يجب عليهم ان يفهمومه ويحتاطو لانفسهم
3 / اللوم والعتاب لمن يستمر على المعصية او الخطأ رغم النصح العام والخاص له ورغم ذلك يبحث 7عن مبرر لخطأه او ذريعة لاثمه ومعصيته ، مع ملاحظة ان العتاب يدل دائما على الحب ورغبة الصالح لمن نعاتبه واظهار اهميته عندنا
4 / التانيب والتوبيخ : وهو نوع من الشدة والعنف مع من يعرف الخطأ ويستمر عليه مصرا على الذنب متحديا للمجتمع من حوله.
5 / المقاطعه : اعتزال اهل المعصية ممن يصرون عليها ويجهرون بها رغم علمهم انها حرام وان اصرارهم عليها تحدى لله عز وجل فيجب علينا ان نعلم ان التعامل مع هؤلاء العصاة تقوية لهم ومسانده وتشجيع لهم على الاستمرار على المعصية وان هذا التواجد بجوارهم يعتبر تشجيع لهم واثبات لوجودهم وانه من الخطأ حدوث هذا بل يجب على المجتمع ان يظهر لهم الرفض واتبغضاء والانعزال عنهم وانهم من الشخاص الذين لا يرغب الناس فى التعامل معهم الا فى اضيق الحدود من المجاملات المحدودة والتى لا تدل على حب أو ود .
ولعلنا عندما نسمع هذه الاية نفهم بعض ما يخص النصيحة ومن يقومون بها :
وإذ قالت امة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم او معذبهم عذابا شديدا ، قالوا معذرة الى ربكم ولعلهم يتذكرون"
ما المقصود بهذه الآية ؟ تتحدث الآية عن الدعاة والوعاظ ومن ينصحون غيرهم بالطاعة والامتناع عن المعاصى ونصائح الآخرين لهم أنهم لن يجدوا من يستجيب لهم وانه من الناس من يستحق العذاب والعقاب من الله ولن تستطيعوا هدايتهم ولكن الجواب من أهل النصح أننا نلتمس العذر من الله وأننا قد فعلنا واجبنا بنصح الآخرين سواء استجابوا او لم يهتموا فقد قمنا بواجبنا نحوهم
وليس كما يفهم البعض الآيات انهم يعتذرون الى الله وأنهم لن يقوموا بالنصح بعد ذلك
ومن الطبيعى ان يتعرض الناصحون للرفض والجدال والعناد والسخرية والاستهزاء ممن يجرمون فى حق أنفسهم وحق الآخرين ولكن عليهم ان يصبروا على ذلك " ان الذين أجرموا كانوا من الذين امنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون"
"إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد"
المفضلات