لقد وُجِّهت إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم أثناء حياته أسئلة عديدة وقد ورد في القران الكريم بعض من هذه الأسئلة التي وردت بصيغة يسألونك ، وكان الجواب يأتي دوماً بصيغة قل . من هذه الآيات :الجبال
" ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو " ( البقرة 219)
" ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير " ( البقرة 220)
عدا آية واحدة في القرآن الكريم التي ورد فيها السؤال عن الجبال فقد جاء الجواب بصيغة فقل . قال الله تعالى :
" ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفاً " ( طه 105 )
فقد قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : كل سؤال في القرآن ( قل )
بغير فاء إلّا هذا ؛ لأن المعنى إن يسألوك عن الجبال فقل . فتضمن معنى الشرط وقد علم الله أنّهم سيسألونه عنها فأجابهم قبل السّؤال .
ولقد ورد في القرآن الكريم ذكر الجبال في مواضع كثيرة مثل قوله تعالى :
" ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود " ( فاطر 27 )
ولقد جاء تفسير (جدد ) في كتب التفسير كما يلي :
1- في تفسير القرطبي رحمه الله : الجدد قطع ، مأخوذة من جدّدت الشيءإذ قطعته ، والجدّة أيضاً الخطّة في ظهر الحمار تخالف لونه ، والجدّة الطريقة والجمع جدد أي طرائق تخالف لون الجبل ، وكساء مجدّد فيه خطوط مختلفة وجُدد بالضم جمع جديدة وهي الجدّة ويقال جديدة وجدد وجدائد .
2- وفي تفسير الطّبري رحمه الله : ومن الجبال طرائق وهي الجديد .
3- وفي تفسير ابن كثير رحمه الله : الجدد جمع جدّة مختلفة الألوان والجدد الطرائق.
من خلال هذه التفاسيروغيرها نلاحظ أنّ كلمة جدد تحمل معنيين :
المعنى الأول : جدد من جدّة وهي الطريق والخطوط المميزة بالألوان .
المعنى الثاني : جدد من الجديدة .
ولو تأمّلنا جيّداً في الآية الكريمة التي ذكرت فيها كلمة جدد وفكرنا وتساءلنا ما هي النّعم التي أوجدها الله تعالى لنا في الجبال ، وفتّشنا عن هذه النعم لوجدنا أن أحد هذه النعم هي ثروة الخامات الرّخامية ( الرّخام) المميّزة بألوانها المتدرّجة من الأبيض الجميل إلى الأسود الرائع ، هذا الرّخام الذي نزيّن به الأبنية والعمارات والقصور الفاخرة . ويمتاز الرّخام بميّزتين :
أوّلاً : وجود خطوط مميّزة وطرق منتشرة ومتعرّجة فيه وهي التي تعطي للرّخام جماله وقيمته ، فالرّخام الأبيض التّركي والأبيض الإيطالي يختلفان عن بعضهما بشكل الخطوط المنتشرة فيهما ولونهما ، وتختلف قيمة وسعر الرّخام بطريقة توزّع هذه الخطوط وألوانها ، وكذلك أنواع الرّخام الأخرى وألوانها .
ثانياً : الرّخام دائم الجدّة ، أي يمكن تجديده دائماً بعمليّة الجلي ، فقد اخترع الإنسان في العصر الحديث آلات حديثة خاصّة تعرف باسم (جلاياّت الرّخام) ، والنتيجة فإنّ الرّخام المختلف الألوان نعمة من الله كسائر النعم .
" وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاَ ألوانه " (النحل 13 )
والرّخام موجود منذ القديم ، وقد عرفه الإنسان واستخرجه بطرائق بدائيّة ولكنّه اليوم يستخرجه بكمّيات كبيرة وبطرق حديثة بعد اكتشاف الدّيناميت والمتفجّرات . قال الله تعالى في كتابه العزيز :
" وإذا الجبال نسفت " ( المرسلات 10 )
لذلك نرى أنّ بعض الجبال وبسبب استخراج الرّخام وأحجار البناء المختلفة قد زالت أجزاء كثيرة منها حيث تسيّر وتنقل لبناء المدن الحديثة .
" وسيّرت الجبال فكانت سراباً " ( النّبأ 20 )
هذا الشّيء نشاهده في عصرنا الحاضر ، ولكنّ الله تعالى قادر يوم القيامة أن ينسف كامل الجبال .
" وحملت الأرض والجبال فدكّتا دكّة واحدة " ( الحاقة 14 )
من كتاب " خواطر علمية من كتاب الله "
لمؤلفه محمد صفوح الموصللي
دمشق
المفضلات