-
بولس و أثره في النصرانية - ف 3
الفصل الثالث
بولس و التلاميذ
ورغم أن بولس لم يلق المسيح فإنه يعتبر نفسه – و كذا اعتبره النصارى من بعده - في مرتبة التلاميذ ، لا بل متميز عنهم ، فنقرأ في رسالته الى أهل غلاطية : (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 13فَإِنَّكُمْ سَمِعْتُمْ بِسِيرَتِي قَبْلاً فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا. 14وَكُنْتُ أَتَقَدَّمُ فِي الدِّيَانَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى كَثِيرِينَ مِنْ أَتْرَابِي فِي جِنْسِي، إِذْ كُنْتُ أَوْفَرَ غَيْرَةً فِي تَقْلِيدَاتِ آبَائِي. 15وَلَكِنْ لَمَّا سَرَّ اللهَ الَّذِي أَفْرَزَنِي مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَدَعَانِي بِنِعْمَتِهِ 16أَنْ يُعْلِنَ ابْنَهُ فِيَّ لِأُبَشِّرَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، لِلْوَقْتِ لَمْ أَسْتَشِرْ لَحْماً وَدَماً 17وَلاَ صَعِدْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ قَبْلِي، بَلِ انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضاً إِلَى دِمَشْقَ.) .
ويؤكد بولس على تميزه عن سائر التلاميذ وانفراده عنهم : (4وَلَكِنْ بِسَبَبِ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَساً لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا - 5اَلَّذِينَ لَمْ نُذْعِنْ لَهُمْ بِالْخُضُوعِ وَلاَ سَاعَةً، لِيَبْقَى عِنْدَكُمْ حَقُّ الإِنْجِيلِ. 6وَأَمَّا الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ شَيْءٌ، مَهْمَا كَانُوا، لاَ فَرْقَ عِنْدِي: اللهُ لاَ يَأْخُذُ بِوَجْهِ إِنْسَانٍ - فَإِنَّ هَؤُلاَءِ الْمُعْتَبَرِينَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَيَّ بِشَيْءٍ. 7بَلْ بِالْعَكْسِ، إِذْ رَأَوْا أَنِّي اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ كَمَا بُطْرُسُ عَلَى إِنْجِيلِ الْخِتَانِ.) ، فهو يصف الحواريين بالأخوة الكذبة و أنهم يتجسسوا حريتهم في المسيح و أطلق على كرازته لقب انجـيل الغرلة ( لأن دعوته كانت بين الأمم ) بينما كرازة الحواريين المتمثلين في بطرس هي انجيل الختان ( لأن دعوتهم كانت بين اليهود فقط كما أوصاهم المسيح u ) ، و في هذا يظهر التباين بين شريعة التلاميذ و شريعة بولس التي يغض المحققون النصارى الطرف عنها ، بل و يجاهدون في عدم إظهارها .
كيف اكتسب بولس صفة القداسة ؟
و للإجابة على هذا السؤال نعود إلى قصة تنصر بولس ، و نقرأ النص التالي : ( 23وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ تَشَاوَرَ الْيَهُودُ لِيَقْتُلُوهُ 24فَعَلِمَ شَاوُلُ بِمَكِيدَتِهِمْ. وَكَانُوا يُرَاقِبُونَ الأَبْوَابَ أَيْضاً نَهَاراً وَلَيْلاً لِيَقْتُلُوهُ. 25فَأَخَذَهُ التَّلاَمِيذُ لَيْلاً وَأَنْزَلُوهُ مِنَ السُّورِ مُدَلِّينَ إِيَّاهُ فِي سَلٍّ. 26وَلَمَّا جَاءَ شَاوُلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَاوَلَ أَنْ يَلْتَصِقَ بِالتَّلاَمِيذِ وَكَانَ الْجَمِيعُ يَخَافُونَهُ غَيْرَ مُصَدِّقِينَ أَنَّهُ تِلْمِيذٌ.) ، و نجد أن بولس عندما أخذ يكرز باسم يسوع علانيةً في دمشق قد افتضح أمره بين اليهود ، و عندما تأمروا عليه و أرادوا قتله – و هذا طبعا يضفي على القصة طابعا بطوليا – فيحكي السفر أن التلاميذ قد هربوه من المدينة بوضعه في سل و أنزلوه من السور ، و ذلك بعد أن اقتنعوا بصدق دعوته فهل يا ترى قد سخّرهم الروح القدس في خدمته ؟!.. و لعل هذا أيضا – إن كان حقا - هو الذي دعاه الى الذهاب الى العربية المكوث بها فترة قبل الذهاب الى اورشليم .
و لدى عودته الى اورشليم حاول أن يذهب لتلاميذ المسيح ، و يقول السفر أنه أراد أن يلتصق بهم و هي مقولة عامة : فهل قصد أن يتعلم منهم مبادئ الدعوة ؟.. و ما بال الذي دعاه في دمشق من قبل لقيا التلاميذ ؟!!.. أم هل هو من قبيل الوفاء للمسيح أن يتعرف على تلاميذه و يقيم معهم علاقة جيدة ؟.. و فيم كان اختلافه معهم كما سيلي شرحه ؟..
المهم أن التلاميذ كانوا غير مصدقين توبته حتى تدخل برنابا و عرفهم به فكانت علاقة طفيفة سطحية ؛ فهو لم يصاحبهم بعد ذلك ، بل أنه لم ير منهم سوى بطرس ويعقوب ولمدة خمسة عشر يوماً فقط ، و ذلك بعد ثلاث سنوات من تنصره ، ثم عاد مرة أخرى أورشليم ، وعرض عليهم ما كان يدعو به بعيداً عنهم . و عن هذا يقول بولس في رسالته الى أهل غلاطية : ( 1ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدْتُ أَيْضاً إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ بَرْنَابَا، آخِذاً مَعِي تِيطُسَ أَيْضاً. 2وَإِنَّمَا صَعِدْتُ بِمُوجَبِ إِعْلاَنٍ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الإِنْجِيلَ الَّذِي أَكْرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، وَلَكِنْ بِالاِنْفِرَادِ عَلَى الْمُعْتَبَرِينَ، لِئَلاَّ أَكُونَ أَسْعَى أَوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلاً. 3لَكِنْ لَمْ يَضْطَرَّ وَلاَ تِيطُسُ الَّذِي كَانَ مَعِي، وَهُوَ يُونَانِيٌّ، أَنْ يَخْتَتِنَ. 4وَلَكِنْ بِسَبَبِ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَساً لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا - 5اَلَّذِينَ لَمْ نُذْعِنْ لَهُمْ بِالْخُضُوعِ وَلاَ سَاعَةً، لِيَبْقَى عِنْدَكُمْ حَقُّ الإِنْجِيلِ. 6وَأَمَّا الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ شَيْءٌ، مَهْمَا كَانُوا، لاَ فَرْقَ عِنْدِي: اللهُ لاَ يَأْخُذُ بِوَجْهِ إِنْسَانٍ - فَإِنَّ هَؤُلاَءِ الْمُعْتَبَرِينَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَيَّ بِشَيْءٍ. 7بَلْ بِالْعَكْسِ، إِذْ رَأَوْا أَنِّي اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ كَمَا بُطْرُسُ عَلَى إِنْجِيلِ الْخِتَانِ. 8فَإِنَّ الَّذِي عَمِلَ فِي بُطْرُسَ لِرِسَالَةِ الْخِتَانِ عَمِلَ فِيَّ أَيْضاً لِلأُمَمِ. 9فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ.) .
فهذا بولس نفسه ينفي أية علاقه له مع تلاميذ المسيح u ، بل و يصفهم بالإخوة الكذبة المدخلين خفية ، و هذا يوضح الفجوة العميقة التي بينهم ، و التي حفرها بما ابتدعه من أراء و شرائع لم يعرفوها ! فالنص السابق يخبرنا أته كان يسير بصحبة رجل يوناني اسمه ( تيطس ) و هو أيضا غير مختتن ، و قد أمرهم المسيح u من قبل ألا يذهبوا بدعوتهم الى الأمم ، و أوصاهم الناموس أن يختتنوا و يحدوا من علاقاتهم مع غير المختتنين . و بذا فهو يفرق بين كرازتهم و يسميها ( انجيل الختان ) ، و بين كرازته التي أسماها ( انجيل الغرلة ) . و أوضح أن رسالة بطرس ( كمثال للتلاميذ ) لليهود و أهل الناموس ، هو - أي بولس - أيضا سيكون له رسالة مماثلة لها و لكن للأمم ! و ذلك دون أدنى سند .
و لا يوجد طبعا أي تفسير عند النصارى لذلك سوى أنه مسوق من الروح القدس !!
و نرى أيضا أنه – أي بولس - يطلب منهم أن يعطوه برنابا شريكا له في كرازته للأمم ، و يرى د. منقذ السقار : إن هذا و إن كان صحيحا فإن التلاميذ أبعدوا بولس بعيداً عن اليهود الذين بُعث إليهم المسيح وأوصى تلاميذه مرة بعد مرة أن يقوموا بدعوتهم ، وأما إرسال برنابا معه فيبدو أنه كان بقصد التوجيه والإصلاح لبولس ، وهو يقوم بدعوة الوثنيين الغلف في الغرب .
و يقول أيضا في رسالته الى أهل فيليبي : ( 17كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي مَعاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ، وَلاَحِظُوا الَّذِينَ يَسِيرُونَ هَكَذَا كَمَا نَحْنُ عِنْدَكُمْ قُدْوَةٌ. 18لأَنَّ كَثِيرِينَ يَسِيرُونَ مِمَّنْ كُنْتُ أَذْكُرُهُمْ لَكُمْ مِرَاراً، وَالآنَ أَذْكُرُهُمْ أَيْضاً بَاكِياً، وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ، ) و هو طبعا يقصد التلاميذ الذين رفضوا كرازته بين اليهود ! و لكنه في أنحاء متفرقة من رسائله يتحدث عن أولئك الرافضين لدعوته من غير أن يسميهم .
ويقول في رسالته الأولى الى تيموثاوس معتبراً نفسه صاحب التعاليم الصحيحة للمسيح : ( 3إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيماً آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى 4فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَ لاَ يَفْهَمُ شَيْئاً، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّلٌ بِمُبَاحَثَاتٍ وَمُمَاحَكَاتِ الْكَلاَمِ الَّتِي مِنْهَا يَحْصُلُ الْحَسَدُ وَالْخِصَامُ وَالاِفْتِرَاءُ وَالظُّنُونُ الرَّدِيَّةُ، 5وَمُنَازَعَاتُ أُنَاسٍ فَاسِدِي الذِّهْنِ وَعَادِمِي الْحَقِّ، يَظُنُّونَ أَنَّ التَّقْوَى تِجَارَةٌ. تَجَنَّبْ مِثْلَ هَؤُلاَءِ. ) ، و يعتبر هذا تكرار للمعاني في رسائله قصد به التوكيد على معنى واحد : أنه هو الصواب وحده و غيره هم المخطئين ! فيقول مندداً بمخالفيه: ( انظروا الكلاب، انظروا فعلة الشر…). و لا ندري أهم التلاميذ أم غيرهم ؟!.. وعلى هذا المنوال تمتلئ رسائله بالهجوم على معارضيه من النصارى، فيتهمهم بسائر أنواع التهم من كفر ونفاق و…(انظر كولوسي 4/10-11، فيلبي 2/19-31، تيطس 1/9-11، 1تيموثاوس 1/3-7، 2/23، 6/20-34،..).
وينال بولس من بعض تلاميذ المسيح الذين يقول عنهم المسيح: ( 16لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي. 17بِهَذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. ) ، لكن بولس ومدرسته لم تبق لهم ثمراً ، ولم تخلد لهم فكراً ولا كتباً ، فيما سوى بعض الصفحات القليلة من العهد الجديد بما لا يتعارض مع أفكار بولس و وصاياه .
و نراه في رسالته الى أهل غلاطية ينال أيضا من التلاميذ في شخص بطرس ( كبير الحواريين ) فيقول : (11وَلَكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُوماً. 12لأَنَّهُ قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلَكِنْ لَمَّا أَتَوْا كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفاً مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. 13وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِي الْيَهُودِ أَيْضاً، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضاً انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ! 14لَكِنْ لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَسْلُكُونَ بِاسْتِقَامَةٍ حَسَبَ حَقِّ الإِنْجِيلِ، قُلْتُ لِبُطْرُسَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ: «إِنْ كُنْتَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ تَعِيشُ أُمَمِيّاً لاَ يَهُودِيّاً، فَلِمَاذَا تُلْزِمُ الأُمَمَ أَنْ يَتَهَوَّدُوا؟» ) فها هو يظهر بطرس – و طبعا باقي التلاميذ – مظهر المرائي إذ أنه يتمسك بدعوة اليهود ، بل و يحاجه و يخطئه لكي لا يذهب الجمع لدعوته . و لعل القاريء قد لاحظ هجوم بولس أيضا على برنابا أيضا الذي اختاره من قبل شريكا للصحبه و سوف ندرس هذا بالتفصيل لاحقا . و هنا يتأكد أن نصرانية بولس كانت تختلف تمام الإختلاف عن نصرانية التلاميذ ، و لو كانت نفس الدعوة فلم هذا الهجوم من بولس عليهم و محاربته إياهم أينما ذهبوا ؟..
موقف حنانيا من بولس :
سبق و أن تكلمنا عن قصة إصابة بولس بالعمى أثناء رحلته إلى دمشق و يحكي سفر الأعمال أن المسيح u قد أمره أن يذهب إلى شخص يدعى حنانيا و سوف يرتد إليه بصره ، و الواقع أنه بالإطلاع على سفر الأعمال بالكامل نجد أن إسم حنانيا يرد في موضعين متعلقين ببولس : الأول هو المذكور عاليا في مشهد الرؤيا في رحلة دمشق ، و الثاني هو ما سنقرأه في النص التالي : ( 1وَبَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ انْحَدَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ مَعَ الشُّيُوخِ وَخَطِيبٍ اسْمُهُ تَرْتُلُّسُ. فَعَرَضُوا لِلْوَالِي ضِدَّ بُولُسَ. 2فَلَمَّا دُعِيَ ابْتَدَأَ تَرْتُلُّسُ فِي الشِّكَايَةِ قَائِلاً: 3«إِنَّنَا حَاصِلُونَ بِوَاسِطَتِكَ عَلَى سَلاَمٍ جَزِيلٍ وَقَدْ صَارَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَصَالِحُ بِتَدْبِيرِكَ. فَنَقْبَلُ ذَلِكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ فِيلِكْسُ بِكُلِّ شُكْرٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَكُلِّ مَكَانٍ. 4وَلَكِنْ لِئَلاَّ أُعَوِّقَكَ أَكْثَرَ أَلْتَمِسُ أَنْ تَسْمَعَنَا بِالاِخْتِصَارِ بِحِلْمِكَ. 5فَإِنَّنَا إِذْ وَجَدْنَا هَذَا الرَّجُلَ مُفْسِداً وَمُهَيِّجَ فِتْنَةٍ بَيْنَ جَمِيعِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي الْمَسْكُونَةِ وَمِقْدَامَ شِيعَةِ النَّاصِرِيِّينَ 6وَقَدْ شَرَعَ أَنْ يُنَجِّسَ الْهَيْكَلَ أَيْضاً أَمْسَكْنَاهُ وَأَرَدْنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِنَا. 7فَأَقْبَلَ لِيسِيَاسُ الأَمِيرُ بِعُنْفٍ شَدِيدٍ وَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا 8وَأَمَرَ الْمُشْتَكِينَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْكَ. وَمِنْهُ يُمْكِنُكَ إِذَا فَحَصْتَ أَنْ تَعْلَمَ جَمِيعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي نَشْتَكِي بِهَا عَلَيْهِ». )
و لا نستطيع أن نفهم أهو حنانيا الذي رد لبولس بصره في دمشق و قام بعملية التعميد له ؟.. و يجيب القس منيس عبد النور أنه حنانيا أخر و ذلك دون دليل أو سند . و لكن هناك رأي أخر لمحمد عبد الرحمن عوض : إنه نفس الشخصية التي عمدت بولس و قد كان ذلك غالبا لأن يكون عونا لليهود على أتباع المسيح u في أورشليم و لكنه يصبح صاحب خطة مستقلة عنه ، فلم يكن أمام حنانيا إلا أن يشكوه أمام الوالي بعد أن اكتشف أنه مفسد و أنه مهيج فتنة . و يؤكد ذلك أن بولس لم ينكر يهوديته أمام الناس في أي نص من رسائله أو من سفر الأعمال .
تعقيب :
و مما سبق ، نرى أن تلاميذ المسيح u قد عارضوا بولس ، و وقفوا في وجهها ، و دليل ذلك اخنفاء ذكرهم عن عالم المسيحية بعد ظهور ذلك الأخير ، فقد اختفت كتاباتهم و حوربت ولم ينج منها إلا رسالة يعقوب و التي يفهم منها أن الأعمال الصالحة خير شهيد لأصحابها ، و هذا لا يؤيد عقيدة الفداء التي ابتدعها بولس ، أيضا في رسائل بطرس نجد تنديدا من بطرس : (1وَلَكِنْ كَانَ أَيْضاً فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضاً مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكاً سَرِيعاً. 2وَسَيَتْبَعُ كَثِيرُونَ تَهْلُكَاتِهِمْ. الَّذِينَ بِسَبَبِهِمْ يُجَدَّفُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ. 3وَهُمْ فِي الطَّمَعِ يَتَّجِرُونَ بِكُمْ بِأَقْوَالٍ مُصَنَّعَةٍ، الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ مُنْذُ الْقَدِيمِ لاَ تَتَوَانَى وَهَلاَكُهُمْ لاَ يَنْعَسُ. ) و هو يندد بالناس ألا يتبعوا المعلمين الكذبة الذين يدسون لهم بدع الهلاك .
و لهذا يمكننا القول بأن العهد الجديد قد صاغه و نشره بولس و تلاميذه ، و أبعدوا عنه كل ما يعترض نهجه و أفكاره ، و قد طال هذا الإبعاد بعض تلاميذ المسيح u و حملة دينه و أفكاره إلى امته ، فقد واجه التلاميذ فكر بولس بصرامة شديدة لم تمنعه من نشر أفكاره في أسيا و أوروبا بعيدا عن تلاميذ المسيح و أصفيائه الذين كانوا بحق حملة دينه و المبشرين بتعاليمه .
التعديل الأخير تم بواسطة Alexi_Tarek ; 09-05-2005 الساعة 04:36 PM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة Alexi_Tarek في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 10-08-2006, 12:17 AM
-
بواسطة Alexi_Tarek في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 09-05-2005, 04:32 PM
-
بواسطة Alexi_Tarek في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 09-05-2005, 04:29 PM
-
بواسطة Alexi_Tarek في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 09-05-2005, 04:27 PM
-
بواسطة Alexi_Tarek في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 09-05-2005, 04:23 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات