في خضم الأحداث الدموية التي كانت تعيشها مدينة سراييفو قبل تسعة أعوام خلت قام الرئيس الفرنسي الراحل أنذاك فرانسوا ميتران بزيارة مفاجئة للمدينة المنكوبة المحاصرة من قبل القوات الصربية ووصفت تلك الزيارة بالتحدي الكبير والعمل البطولي لزعيم أوروبي يتحدى الحصار ويخاطربحياته من أجل رفع الحصار عن المدينة وإعلان أن سراييفو حية لا تموت .
غير أنه اتضح فيما بعد أن ميتران خلال تلك الزيارة القصيرة اجتمع بزعيم الأقلية الصربية المطارد حاليا رادوفان كاراديتش وأطلعه بالموقف الفرنسي الواضح والرافض لإقامة، بأي شكل من الأشكال، دولة إسلامية في قلب القارة الأوروبية وبالضبط في منطقة البلقان.
ويقال إن تلك الإشارة الفرنسية فسرت من قبل قادة التطهير العرقي والديني من صرب البوسنة على أنها تأييد لسياساتهم العدوانية الهادفة إلى مسح الوجود البشنقي المسلم في جمهورية البوسنة والهرسك. أو بالأحرى فسر على أنه تزكية فرنسية أوروبية لتلك السياسة التي كانت تتنافى مع كل القيم التي بنيت عليها أوروبا بعد مأساة الحرب العالمية الثانية وما خلفته من أثار وجروح عميقة في هذه القارة التي لم تعرف السلم الكامل لقرون طويلة من الزمن.
رفض ميتران إقامة الدولة الإسلامية في البوسنة والهرسك وكان له ما أراد إلى حد بعيد لأن الخريطة التي رسمت بها هذه الجمهورية اليوم استنادا إلى بنود اتفاقية دايتون للسلام مزقت البوسنة والهرسك إلى شبه "كونتونات" صغيرة لا يمكنها بأي حال أن تصبح قادرة على إقامة دولة وفقا للمعايير الدولية الجيو استراتيجية المعتمدة.
ولكن بعد مرور تسعة أعوام على رحيل فرانسوا ميتران وفي الأسابيع القليلة الماضية فقط عرضت إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية مقابلة مع ابنة الرئيس الفرنسي وهي حامل. . وسألها المذيع ماهو الاسم الذي ستختاره ابنة ميتران لو أنجبت ولدا فاجابت عبد القادر ولو كانت بنتا قالت فاطمة.
فوجئ الجمهور الفرنسي الذي كان يتابع وقائع اللقاء في الاستوديو وعبر شاشات التلفزيون بغرابة الموضوع واتضح أن ابنة الرئيس الفرنسي الراحل التي أخفى قصتها عن الرأي العام الفرنسي لاكثر من ثلاثين عاما متزوجة من مواطن فرنسي الجنسية مغربي الأصل وهو مسلم . المذيع قال ساخرا "عبد القادر ميتران" أو "فاطمة ميتران" علما أن ذلك لن يحدث بحكم أن الولد أو البنت ستتخذ لقب الوالد المغربي المسلم وليس لقب الأم.
الغريب في هذه المسألة أن الرئيس الفرنسي الذي أقسم خلال وجوده في العاصمة سراييفو بان فرنسا مثل أوروبا لن تقبل بإقامة دولة مسلمة في القارة أصبح جدا وهو يرقد في قبره لولد أو بنت مسلمة. قد تكون الأمور مجرد صدفة وقد تكون مجرد شيء طبيعي لكن هذا أمر وجدته يستدعي الاستغراب فعلا، ولله في خلقه شؤون.
منقول من موقع قناة العربية
http://www.alarabiya.net/Articles/2005/05/21/13240.htm
المفضلات