أدونيس: اللغة العربية يمكن أن تموت رغم أن القرآن يحميها
قال الشاعر والناقد الثقافي السوري الشهير أدونيس إن موت اللغة العربية أصبح فرضية يجب النظر فيها رغم اتفاقه على أن القرآن الكريم يحفظها، معتبرا في ذات الوقت أن موقفه لم يكن أبدا ضد الدين "بوصفه تجربة روحية تنظم شؤون الإنسان الفرد وعلاقته بالغيب"، ولكنه ضد أن "تمأسس" هذه الظاهرة نفسها وتحاول أن تفرض الدين على الجميع سياسيا واجتماعيا.
وفي موضوع آخر شن الشاعر السوري هجوما على الناقد السعودي عبد الله الغذامي واتهمه بأنه "إمام مسجد أكثر منه ناقدا" معتبرا أن الغذامي "لا يزال يعيش في الإطار التقليدي للتفكير"، وذلك ردا على اتهامات الأخير للشعراء بأنهم وراء عيوب الفكر العربي.وكان أدونيس قد حل ضيفا على المجمع الثقافي ضمن فعاليات "معرض أبوظبي الدولي للكتاب" حيث قال خلال اللقاء الذي نشرت عنه صحيفة "الإمارات اليوم" الإماراتية إن اللغة العربية تعيش أزمة حقيقية، "ورغم أن القرآن الكريم يحفظها، إلا أن عدم الجدية في قراءة القرآن، يجعل موت اللغة العربية فرضية يجب النظر فيها".
وأكد في إجابات على أسئلة القراء أنه لم يكن إطلاقا ضد الدين كتجربة روحية تنظم شئون الإنسان الفرد وعلاقته بالغيب، وهي "تجربة ضرورية يجب أن نحترمها والدفاع عنها باستمرار، ولكنها تخون نفسها وتضطر الآخرين لرفضها حينما تريد أن (تمأسس) نفسها، وأن تفرض ذلك على الجميع سياسيا واجتماعيا، ولذلك لا بد من فصل الدين عن الدولة"، معتبرا أن النتائج المرعبة التي يعيشها الوطن العربي الآن، خصوصا في العراق وسوريا ولبنان هي نتيجة لتفتت المجتمع إلى أقليات –مع تحفظه على استخدام هذا المصطلح- ومحاولة السيطرة عليه بالمعنى الديني والثقافي.
وطالب أدونيس المفكرين العرب بتأمل أحداث القرن الماضي وأخذ العبرة منها "فهو القرن الذي انقضى بالكامل في محاولات لفرض إرادة التعريب والوحدة على الجميع، وسجن كل من يعارض ذلك. وهو أيضا القرن الذي أصيب فيه العرب بأعظم الكوارث في تاريخهم حتى أن العالم كله شهد في الخمسين عاما الأخيرة تقدما كبيرا من إندونيسيا إلى البرازيل مرورا بإفريقيا، ما عدا العرب الذين زادت مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية، على الرغم من الثروة الهائلة التي كانت في أيديهم والتي تبين أنها فردية وليست وطنية، ولم يتفوقوا إلا في معدلات استهلاك كل ما ينتجه الآخرون"، منبها إلى أن هذا الحكم لا يشمل الفرد العربي الذي استطاع التفوق في جميع الميادين في الدول التي تتيح له الإنتاج والحرية، في الوقت الذي تمتصه المؤسسات في الدول العربية.
الغذامي "إمام مسجد"
من ناحية أخرى رد أدونيس على اتهام الناقد السعودي عبد الله الغذامي للشعراء بأنهم وراء عيوب الفكر العربي وأن الحداثة العربية متجلية في تجربة أدونيس تكرر النسقية نفسها، فقال إن "الغذامي إمام مسجد أكثر منه ناقدا"، وأشار إلى أنه "لا يزال يعيش في الإطار التقليدي للتفكير".
واعترف أدونيس في هذا السياق أن من الأخطاء العديدة التي ارتكبها عدم قراءة ما كتبه الغذامي كما يجيب، ومن بينها اتهام الناقد له وللشاعر نزار قباني بالفحولة، وهو ما يتهم حداثة ما يكتبانه بالرجعية.
وأشار الشاعر إلى مخالفته هذا الموقف "الذي يمثل تبسيطا للموقف الاشتراكي الذي يربط العمل الأدبي بمصالح وقضايا المجتمع على المستوى السياسي"، مؤكدا أن الشعر لا يجب أن يتحدث عن السياسة بشكل مباشر ليكون سياسيا، مستشهدا على ذلك بالشاعر أبو نواس الذي سبب ثورة السياسة والثقافة العربية من خلال قيم مدنية جديدة في مقابل قيم أخرى، "هناك شعر سياسي انتهى بانتهاء مرحلته السياسية، ولم يخلق أي بعد عمودي يغير في ذوق أو رؤية المجتمع، مكتفيا بإعطاء الناس ما يثبت قناعاتهم، بين الشعر الحقيقي هو الذي يخرج الناس من قناعاتهم، وبذلك يكون في عمقه عملا سياسيا".
ووصف أدونيس الغذامي بأنه "إمام مسجد أكثر منه ناقدا"، مشيرا إلى أن الغذامي ما زال يعيش في الإطار التقليدي للتفكير، ولا يميز بين الأنا الفردية والأنا ذات البعد الإنساني. كما أنه لم يلتفت إلى أننا نعيش في مرحلة تثبيت الهوية الفردية للشخص، بينما ثقافة المجتمع العربي تقتل البعد الفردي العميق في الإنسان، ولذلك نحتاج إلى تحطيم البنية الجمعية للثقافة".
المصدر: العبرية نت
http://www.alarabiya.net/Articles/2006/04/03/22539.htm
المفضلات