رحلة البحث عن الدين , ثم التردي في الهاوية !
عدت مرة أخرى لليهودية , درست "اليهودية" و وجدت نفس التعاليم التي دعا اليها المسيح فيما يتعلق بالأمور الروحانية و لكن اليهود تم التضييق عليهم كثيرًا في الشرائع , فابتعدوا عن الروحانيات .
درست "البوذية" و "الهندوسية" و "الطاوية" و "الكونفوشوسية" و "البوشيدو" , بل حتى "الويكان" و كل دين يقع بين يدي كنت أدرسه و اتعمق فيه , و لكن كنت أُجري اختبارًا بسيطًا جدًا و لكنه فعّال كثيرًا في نفس الوقت مع كل دين ؛ كنت أسأل أهل هذه الأديان :
" هل لديكم كتاب ؟"
"إذا كان هذا الدين هو الحق من عند الرب, فأمدوني بشيء ملموس و محسوس - مثل كتابكم المقدس - يدعم هذه المقولة , لا أريد شيئًا غامضًا و مبهمًا مثل الإيمان و نحو ذلك من الأمور التي سمعتها طوال حياتي و مللت منها"
" أنظروا أين أودى بي هذا الإيمان ! لقد جعلني أتصور أني أجلس وراء مقود سيارة "مرسيدس" و أنا في الحقيقة أقود سيارة "داتسون" '82 متهالكة !"
و هكذا قرأت "البغافادجيتا" "Bhagavad Gita" [كتاب الهندوس] و "التوراة" و "مخطوطات 'طاو'" و "قوانين البوشيدو" و كتب "الويكا" الملآى بالأرواح و التعاويذ و الشعوذة الخاصة بهم .
قرأت هذا كله و وجدت شيئًا مشتركًا و متكررًا تجتمع عليه الأديان الكبرى , كلهم يتحدثون عن طبيعة الرب , و معظمهم يتحدثون - بشكل غامض أحيانًا - عن طبيعة الرب الواحد و أنه أرسل لنا الرسل لهدايتنا و تعليمنا , و لكن - و للأمانة - كانت كلها محشوة بالهراء بل و "النفايات" التي لا استطيع تصديقها عقليًا أو منطقيًا بأي حال من الأحوال.
و هكذا قبل أن أبلغ الثامنة عشرة - و تقريبًا في السابعة عشرة و النصف - استسلمت و تركت البحث عن الرب , و أصبت بالغضب من الرب , و قلت :
" أنا هنا أبحث عنك و لا استطيع الوصول اليك , و لا يبدو أنك سوف تقدم لي أي عون أو مساعدة"
و ربما يمكنكم تصور هذا الأمر ...
فتى مصاب بالإحباط من الرب و العالم في السابعة عشرة من عمره.
أي شخص على هذه الحالة من الإحباط و الغضب على العالم بأسره , و خصوصًا في هذا السن , لا بد أن يقع في مواقف مربكة و محرجة , بل و تتجاذبه المشاكل , و يغدو شابًا خطِرًا لسان حاله يقول :"هناك رب موجود و لكنه لا يكترث لأمري".
بدأت في الشرب قبل السن القانوني و أنغمست في حياة العربدة و أنا شخص متقن و أسعى للكمال بطبعي , فعندما كنت نصرانيًا حاولت أن أكون الأفضل في ذلك , و إذا أردت التحويل لدين آخر فإني أسعى أن التزم بشرائعة لآخر مدى , لذلك صدقوني إذا قلت لكم أنني أنغمست في "الدنيا" و حياة اللهو و العبث :)
كنت أجيد الرياضات القتالية منذ سن الخامسة عشرة , و في سن السابعة عشرة كنت أرى نفسي "بروس لي" , و تستطيعون تخيل المشاكل و المشاجرات التي أوقعت نفسي فيها , فقد طُرِدت من المدرسة و التحقت بمدرسة أخرى , و حُبِست مرة بسبب الشجار مع أحدهم.
حصلت حادثتان أوقفتا هذا الهبوط السريع نحو الهاوية , هذا الإنحدار الذي لو استمر لربما وصلت إلى حالة لا تخرج عن إثنين ؛ إما أن أقوم بإيذاء أحدهم أو قتله أو أن يحصل معي نفس هذا الشي , فيتم إيذائي أو قتلي.
كانت هاتين الحادثتين بمثابة "كابح" الطواريء الذي أوقف هذا الإنزلاق نحو الهاوية السحيقة.
حوادث على طريق الحياة : صدمات الإفاقة من الغيبوبة !
الحادثة الأولى:
كنت طرفًا في أحد حوادث السير التي جرت أحداثها ليلة عودتي مع أحد الأصدقاء من حفلة جامعية و نحن على الطريق السريع في "كارولينا الجنوبية".
كان هو السائق و كنا مصابين بالسُّكر الشديد , و قد قمت بربط حزام الأمان , و ذلك حتى أمنع نفسي من السقوط عن مقعدي أثناء النوم , فلم أكن أفعل للتقيد بالسلامة , إذ كنت أؤمن بأن الموت إذا أتي فسوف يأتي و لا مهرب منه و إذا حان أجلي , فلا مناص.
و هكذا ربطت حزام المقعد و أخلدت للنوم .
أستيقظت على اهتزاز عنيف للمركبة , و أردت أن أنبه صاحبي الذي يبدو أنه قد غفا و نام أثناء القيادة.
و لكن عندما فتحت عيني و جدت صف الأشجار و رصيف الشارع يتحرك باتجاه وجهي مباشرة و النوافذ تتحطم و المركبة تنقلب و تتدحرج.
في النهاية هَوت بنا المركبة في خندق أو قناة تصريف و قفزت خارجًا من السيارة عن طريق الجزء الخلفي الذي لم يعد موجودًا و كان مُلقى على منتصف الطريق السريع الذي يقع في الجهة المقابلة لهذه الهوة , سحبت صديقي - الذي كان فاقدًا للوعي - إلى جانب الطريق و تفقدت بدني فوجدت بأنني لم أصاب بأي شيء خطير , بل هناك شظية زجاجية انغرست في ذراعي و قمت بإخراجها.
تصادف مرور "دورية" شرطة الولاية على الطريق المقابل التي قفلت عائدة نحونا , و سألني الشرطي مالذي حصل ؟ هل شاهدت كيف حصل هذا الحادث ؟ أين الركاب ؟ إذ أعتقد بأنني أحد المارة الذين عادة يتوقفون في هذه الحالات , لا سيما و أنني مشيت نحوه.
قلت له :
" نعم شاهدت ما حصل بالضبط , فقد كنت في هذه المركبة "
أمتقع لونه و شحب و جهه و نظر نحو غير مصدق و قال لي مصدومًا :
" لا يمكن أن تكون قد خرجت لتوك من تلك المركبة !"
ذهبنا للمستشفى و تم القاء القبض على صديقي بتهمة القيادة تحت تأثير المُسكِر.
و لكن حدث أمر عجيب , و قد كان هذا الشرطي رجلا متدينًا , فقد قال نظر نحوي و قال لي قبل أن أدلف إلى سيارة الإسعاف :
" يا فتى , ينبغى لك أن تدرك هذه الليلة أنك على هذه الأرض لسبب , السبب الوحيد الذي مازلت حيًا صحيح البدن لأجله هو أن الرب لديه هدف من خلالك , إذا لم يكن ذلك فالليلة هي ليلة وفاتك , فالناس لا يخرجون أحياء أصحّاء من هكذا حوادث , لابد أن تدرك ذلك"
قلت في نفسي " هذا رجل عجوز خَرِف"
ثم قلت له :
" إذا كان الرب يريد الوصول الي لفعل ذلك من وقت طويل , فلا تقل لي مثل هذا الحديث عن الرب الآن"
و لم أعر إهتمامًا كثيرًا بما قاله لي.
الحادثة الثانية:
و بعد ما يقارب الشهر قررنا أنا و صديقي - ذات الشخص و كان مازال يستند على العكازات - الذهاب بالسيارة إلى مدينة نيويورك , هكذا بدون أن نخبر والدينا , و يخبرهم كل واحد منا - على حده - بأنه سوف يقضي عطلة نهاية الأسبوع في منزل الآخر.
و هكذا سافرنا إلى مدينة نيويورك , و أذكر أنني ذهبت إلى ماكينة الصرف الآلي " ATM " كي أسحب بعض المال.
نظام هذه المكائن في مدينة نيويورك يتطلب الدخول لحجرة زجاجية صغيرة تحوي هذه المكائن , الآن الحمد لله النظام يتطلب سحب البطاقة على القاريء المرتبط بقفل الباب , و لكن عام 1997 لم يكن هذا الإجراء الأمني متبعًا.
و كانت هذه الحجرات مثل مصائد الفئران , إذا ذهبت لسحب المال و جاء المجرم من وراءك , فليس هناك من مهرب.
سمعت الباب يُفتَح من ورائي و ألتفت بجسدي نحو القادم , فإذا بذلك الرجل الذي يحمل مسدسًا مصوبًا فوهته نحوي , و لا بد أن يكون هذا الشخص في حاجة شديدة جدًا للنقود , إذ لم يتفوه بكلمة واحدة , بل ضغط على الزناد و كان المسدس من نوع الساقية الدوارة أو "البَكرة" , و سمعت صوت التكة المميزة لهذا السلاح و شاهدت البكرة تدور ( و كأني في مشهد بطيء و قد تركزت حواسي نحو هذا المسدس فقط) و شُلَّ تفكيري لفترة بسيطة , ثم أستيقظت حواسي - و لعل الفضل في ذلك يعود لإجادتي للرياضة القتالية - و أخطأت الرصاصة و جريت بسرعة مصطدمًا عبر المجرم و جريت بسرعة و بلا وعي نحو الفندق و أتفوه بشيء مما حصل , و عدت في اليوم التالي إلى "كارولينا الجنوبية" , و لم أفصح عن ذلك لجدي لأنه كان سيقتلني إن عرف أنني ذهبت إلى نيويورك بدون إذنه , و لربما قام بالواجب عوضًا عن المجرم.
راودتني الكوابيس و أصبحت أرى هذا المسدس و تلك الحادثة بشكل متكرر في مناماتي , و بعد شهر و نصف أو شهران أفضيت بسري إلى جدتي , فقالت لي ذات ما قاله لي الشرطي قبل أشهر:
" يجب أن تدرك أن الرب لديه هدف لك في هذه الحياة , أنت هنا لسبب , و الناس لا يمرون بما مررت به ولا يزالون يمشون على هذه الأرض , أنتبه ! يكاد صاعك أن يمتليء !"
" الرب لديه شيء بشأنك و أنت لا تأخذه , أنتبه ! أنت تكاد تتجاوز الحد "
لم تطلب مني العودة للنصرانية أو تشير علي بقراءة الانجيل , و لكن قالت :
" الرب لم يذهب إلى أي مكان , بل أنت من لم يبحث عنه بَعد في المكان الصحيح"
و هكذا قررت أن أجمع شتات نفسي بعد هذه الإشارات , حادث المركبة , و حادثة المسدس و غيرها.
و أصبحت أتبع منهج الروحانية و الإيمان بلا دين محدد "Agnostic" آمنت بالرب و أصبحت أعبده "جاثيا على الأرض" كما قرأت في جميع كتب الأديان "الانجيل" "التوراة" و "العهد الجديد" و "البغافادجيتا" , بأن هذه هي طريقة عبادة البشر الأتقياء للرب.
في تلك الفترة تعرفت على الإسلام و "شطبته" فورًا من قائمة الأديان التي لدي , و هذه قصة طريفة !
الإسلام : "لماذا لا أريد أن أكون مسلمًا ؟"
_______________________________________________
يتبع إن شاء الله ...
أخوكم
المفضلات