1- في سياق ردنا علي الالحاد والذي يقوم علي خمسة محاور
(ان الله موجود وان الالحاد غير علمي وغير عقلاني وغير اخلاقي وضار بالصحة)
2- وسنتحدث في هذا الباب عن العلوم الطبيعية التي يتذرع بها الالحاد في مواجهة الدين لغرضين
الاول : ان يخفي غرضه الحقيق وهو جر الناس الي الرزائل والقضاء علي الاخلاق التي يتميز بها الدين
الثاني : شغل المتدينين عن متابعة الالحاد وجرهم الي معركة مع العلم لتشتيت افكارهم وتضيع وقتهم
3- ولكي نقاوم تلك الخطة يلزم امرين ايضا
الاول : متابعة الالحاد وفضح ممارساته اللااخلاقية
الثاني : نشر العلم الطبيعي وتوضيحه بعبارات سهلة للمؤمنين ومتابعة اخر الابحاث وتوضيح تناسقها مع الدين
4- وللاسف فان الفاتيكان هي التي تمتلك مجمعا علميا ومرصدا وتستأجر كبار علماء الطبيعة ليشرحوا للبابا والكرادلة تطورات العلم
5- والي ان ينشأ في بلادنا مجمع كهذا والي اليوم الذي نجد فيه الدعاة يفهمون النسبية ونظرية الكم ويشرحونها للناس في المساجد سنضطر للقيام بهذا الدور علي رغم ضعف الصحة واتساع الموضوعات والله المستعان
الفصل الاول : قوانين الله
نحن نشبه طفل صغير دخل الي مكتبة كبيرة مملؤة بالكتب بلغات مختلفة ، هذا الطفل يعرف انه يجب ان شخصا ما كتب تلك الكتب ، ولكنه لايعرف كيف كتبها وهو لايفهم اللغة المكتوبة بها الكتب ، الطفل يلاحظ نظاما غامضا في ترتيب الكتب ولكنه لايعرف ماهو ، يبدو لي ان هذا هو شعور حتي اذكي البشر نحو الله ، نحن نري الكون مرتب بابداع ويتبع قوانين معينة ولكننا لانفهم تلك القوانين عقولنا المحدودة لايمكنها استيعاب القوة الغامضة التي تحرك الابراج
1- نقلنا قول ابو العلم الطبيعي ورجل الالفية البرت اينشتين لنستفيد منه امرين
الاول : شهادة اكبر علماء الطبيعة ان الكون تحكمه قوانين منتظمة ، وهذه الشهادة اصبحت بديهية الان ولم يعد ينكرها احد
الثاني : عجز العلم عن ادراك تلك القوانين
2- وفي هذا الفصل سنقدم تعريف بتلك القوانين الالهيةوليست الطبيعية كما يدعون ولكن قبل ذلك يجب ان نوضح ان الادعاء بان علم الفيزياء يؤدي الي الالحاد هو ادعاء كاذب
3- وليس ذلك فقط بسبب ان هناك علماء فيزياء مؤمنون ولكن لان علم الفيزياء وصل الي طريق مسدود كعادته في التقلب بين الافكار في اتجاه معين وعندما يغلق الطريق يعود العلم الي طريق اخر فيفتح افاق جديدة
4- فحينما اكتشف جاليلو وكبلر وكوبرنيكوس حركة الكواكب وتبعهما نيوتن واكتشف حركة الاجسام وهنا ظهر الملحدون وادعوا انهم فهموا الكونوادعي الملحدون ان الكون ساعة تم ضبطها وتركها تعمل وتبعهم الفلاسفة فاعلنوا موت الله (تعالي عن افكهم) وانساقوا وراء اوهامهم
ومرت البشرية بوقت عصيب من الشكوك والريب حتي استفاقت
5- ولم يمر قرن حتي انسدت الافاق من جديد واكتشف العلماء ظواهر لايمكن تفسيرها بقوانين نيوتن واصبح العلم في ازمة
6- ثم ظهر ماكس بلانك واينشتين وبوهر وفتحوا الطريق امام النسبية وفيزياء الكم وظهر الملحدون من جديد ليعلنوا ان نظريات النسبية والكم اغنت الناس عن الايمان بالله ، ولكن ثبت ان نظرية الكم كما اوضح اينشتين نظرية مبتسرة لم تكتمل بعد وحدث جدال بين اينشتين وبوهر واصر كل منهما علي رأيه
7- وما لبثت افاق العلم ان انسدت من جديد في انتظار عالم حقيقي يعيد العلم الي طريقه الصحيح وهكذا يتحرك العلم في قفزات ويستغل الملحدون كل قفزة لتشويه الدين
8- فالي متي سيظل المتدينون بعيدين عن تلك العلوم وتركها ليستغلها الملحدون ليؤثروا بالكذب علي عقول الناس حتي يستفحل الامر فيضطر المتدينون للتدخل والرد علي الالحاد
9- لماذا لانمتلك نحن المتدينون زمام المبادرة ونمول العلم والعلماء ونعرف تحركاتهم ونستعد لها قبل حتي ان يصلوا الي نتائج ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المبحث الاول : عجز العلم
العلم حتي الان عاجز عن فهم الحياة والكون من حولنا وسنقدم هنا شهادات لعلماء يعترفون بذلك العجز ثم نواصل الحوار
المطلب الاول : انتحار علم
من مقال بعنوان انتحار علم نقد الفيزياء الحديثة - د.هشام غصيب
نختصر الاتي :
1- إن الفيزياء الحديثة مضمحة بالدوغما والآيديولوجيا والتعصب حتى الثمالةوهذا في حد ذاته ضرب من التأزم. وهذه المثالب تعد نوعاً من الوباء أو المرض ينخر جسد الفيزياء الحديثة.
2- هناك عدد من الأمراض الجلية تنخر جسد الفيزياء الحديثة وتعبر عن أزمة حقيقية لا بد من محاولة إدراكها والتغلب عليها؛ أزمة لا تتمثل في عجز النظرية في استيعاب عدد من التجارب ، كما كان عليه الحال في أزمة الفيزياء الكلاسيكية في نهاية القرن التاسع عشر، وإنما تتمثل في مآزق فكرية جوهرية وتهافت نظري داخلي. وهناك على الأقل أربعة مواقع تأزم جوهري في الفيزياء الحديثة:
أ- مسألة الواقع الموضوعي:
1- لقد بنت الفيزياء مجدها وخاضت معاركها الضارية مع قوى الظلام والاستبداد على أساس أن هناك واقعاً موضوعيا يمكن معرفته بالأساليب العلمية الإبداعية المتنوعة واستناداً إلى عقلانية علمية مثلت أوج مسيرة العقلانية الفلسفية عبر التاريخ. وعانت الفيزياء ما عانت في سبيل الوصول إلى ذلك وترسيخه في الوعي الجمعي للبشرية.
2- ومع ذلك، نجد الفيزياء الحديثة، وبكل بساطة واستخفاف، تعمد إلى تخطي مفهوم الواقع الموضوعي والميل إلى نفيه وتغييبه، وكأن قرونا من المعارك الضارية والانتصارات الباهرة مجرد فقاعات فارغة لا تعني شيئا ولا تساوي شيئاً.
3- فها هو ذا نيلزبور يقول إن الفيزياء لا تستطيع أن تنفذ إلى الواقع الموضوعي بحكم منهجها، وإنما تقتصر بالضرورة على الظاهرات، وكأنه يفتح المجال على مصراعيه أمام السحر والتصوف والفكر الغيبي للعودة بزخم إلى قلب المعرفة والثقافة. 4- وها هو ذا هايزنبرغ يتكلم عن واقع بالقوة، فضاء افتراضي من الاحتمالات، تحوله عملية القياس أو المشاهدة إلى واقع فعلي، مكسبا هذه العملية البشرية جداً ملكة خلق العالم من العدم.
5- وها هو ذا يوجين فغنر، يليه فولفغانغ باولي، يؤكدان أن العقل أو الوعي هو شرط من شروط ما يسمى انهيار الدالة الموجية، ومن ثم شرط من شروط الوجود المادي العياني .
6- وينبري كبار الفيزيائيين الرياضيين، أمثال فون نويمان وديراك، لتدعيم هذه الدوغما الآيديولوجية وهذا التعصب والتحيز “بالبراهين” والتمثيلات الرياضية.
7-وحين تصدى الأمير لوي دي بروي، مؤسس الميكانيكا الموجية، لهذه التأويلات المثالية الذاتوية بتأويله الموضوعي المسمى ” الحل المزدوج” ، انهالت عليه عصابة كوبنهاغن كالوحوش الكاسرة بالضربات الحاقدة حتى أفلحت في لجمه لمدة خمسة وعشرين عاماً كاملة.
8- ولم يجرؤ على استئناف النظر في تأويله والكلام عنه إلا بعد عام 1952، حين جرأ الفيزيائي الأميركي ، ديفد بوم، على نشر تأويل موضوعي شبيه في مجلة الأميركية الشهيرة، جابه به عصابة كوبنهاغن بفاعلية واقتدار، وإن خرج بوم عن طوره في محاولته التنصل من المفهوم الكلاسيكي للواقع الموضوعي، وكأن الأخير معيب وضرب من الإثم.
9- والسؤال هو : لماذا لم يعطَ دي بروي ، ذلك الفيزيائي الفذ، الفرصة للدفاع عن تأويله وعن مفهوم جهدت الفيزياء طويلا من أجل ترسيخه؟ كيف لنا أن نفسر تلك الهستيريا التي جوبه بها دي بروي؟
10- إنها، أيها السادة، الدوغما، الآيديولوجيا، التعصب. لقد لاحت الفرصة لدى الثورة المضادة لتوجيه ضربة مؤلمة إلى خاصرة الثورة في عقر دارها، في قلعة العقلانية العلمية، فاقتنصتها بإصرار وحشي، ولم تكن مستعدة للتخلي عنها بسهولة أمام رد الأمير الثوري. وكان عليها أن تمارس الاستبداد الفكري في أحط صوره حتى تخلو الساحة لها وتوجه نصل العلم الحاد إلى نحره هو ونحر الثورة.
11- وعلينا ألا ننسى في هذا المقام ألبرت آينشتاين ونضاله البطولي ضد عصابة كوبنهاغن دفاعاً عن مفهوم الواقع الموضوعي. لقد أدرك آينشتاين ما معنى التخلي عن هذا المفهوم أو نفيه أو تحييده. لذلك أبى أن يستسلم لعصابة كوبنهاغن وظل يتحداها، وبخاصة زعيمها، نيلر بور، المرة تلو الأخرى. وتوج هذا النضال البطولي بتجربة آينشتاين/ بودلسكي / روزن ، التي ما زالت تولد التداعيات المهمة في هذا الشأن.
12- وماذا كان رد عصابة كوبنهاغن تجاه عميد فيزياء القرن العشرين؟ الاستخفاف والتهميش ثم العزل. فبدلا من الإنصات بتركيز لهذا الفيزيائي الفذ، وبدلا من التعاون معه من أجل رد الاعتبار إلى مفهوم الواقع الموضوعي، جوبه بضراوة شرسة وروج عنه أنه استهلك، وأنه رجعي ما عاد قادراً على استيعاب الجديد، وأن الزمن قد تخطاه، وأنه تحنط وهو حي ، وأنه بات يعمل على هامش الجماعة الفيزيائية.
13- لكن آينشتاين لم يكن وحيداً في موقفه هذا. إذ شاركه ذلك عمالقة آخرون من مثل ماكس بلانك ولوي دي بروي وإرفن شرودنغر، ثم ديفد بوم وجون بل، وإن خصت العصابة آينشتاين بتركيز خاص وضراوة خاصة لأسباب لا تخفى على أحد.
14- وهنا يبرز السؤال: لماذا هذا الإصرار على مفهوم الواقع الموضوعي؟ لماذا نتشبث به بعناد؟ لماذا لا نريد أن نفرط به حتى لو فرطنا بالفيزياء الكلاسيكية؟ لماذا نحن مستعدون للتفريط ببعض الجوانب الجوهرية في الفيزياء الكلاسيكية، لكننا لسنا مستعدين للتفريط بهذا الجانب الأنطولوجي؟
15- والجواب هو أن الممارسة العلمية نفسها تفترض مفهوم الواقع الموضوعي. من ثم فإن التأويلات التي تنفيه وتلغيه وتغيبه تدخل في تناقض تناحري مع الممارسة التي تدعي أنها نتاجها، وكأن هذه الممارسة تدخل نفسها في تناقض داخلي يهدمها ويدمرها من الداخل.
16- إنه نوع من الانتحار الإيبستملوجي (المعرفي). فالممارسة العلمية تنطوي على العقلانية العلمية.
17- وقوام العقلانية العلمية هو التحقق من وجود الظاهرات، وتحديدها بالكميات الفيزيائية، التي تتحدد بدورها بالرياضيات والقياس الدقيق، وبيان آليات ظهورها، وسيرورة هذا الظهور.
18- وأساسها هو العلاقة الجدلية بين التنظير المرّيض (الذي يستخدم الرياضيات ) والتجريب الدقيق. وبهذا المعنى، فإن العقلانية العلمية تفترض أن الطبيعة هي نظام فيزيائي يتكون من عدد لامتناه من الأنظمة الفيزيائية التي تتفاعل معاً. وهذه التفاعلات الداخلية والخارجية هي التي تنتج الظاهرات الطبيعية. وتتوحد هذه الأنظمة الفيزيائية عبر شبكة من الكميات الفيزيائية التي تربطها معا علاقات متنوعة تحكم تغيراتها.
19- والممارسة العلمية لا مبرر لها ولا معنى من دون هذه الصورة الأنطولوجية للطبيعة وظاهراتها. وأعتقد أن تأويل كوبنهاغن ينسف الأساس الذي تقوم عليه الممارسة العلمية ويجردها من معناها ومبرر وجودها.
ب- مسألة المعنى الفيزيائي والتمثيل الرياضي
1- والنقطةالجوهرية هنا أنه، في الفيزياء الكلاسيكية، يأتي المعنى الفيزيائي قبل التمثيل الرياضي، ويسبقه منطقيا. لذلك، فإن التمثيل الرياضي يأتي تتويجاً لمسيرة تركيب المعنى الفيزيائي وإتماماً لها.
2- وعلى سبيل المثال، فإن مفهوم القوة النيوتني محدد المعنى الفيزيائي مسبقا. إذ ينبع معناه من التصور النيوتني للكون ومبدأ العلية . فهو تعبير عن التفاعل المادي بين الجسيمات المادية في المكان والزمان المطلقين.وهو العلة الأساسية للتغيير. وتنبع خصائصه الرياضية ودوره في قوانين الطبيعة والمعادلات الفيزيائية من هذا المعنى تحديداً.
3- وكذلك الحال مع المجالين الكهربائي والمغناطيسي. فهما محددا المعنى الفيزيائي مسبقا. إذ تم اكتشافهما وتحديد معناهما قبل صوغ ماكسويل معادلاته التفاضلية المشهورة. فجاءت هذه المعادلات تعبيراً وامتداداً رياضيين لهذا المعنى، بل وتتويجا وتتمة له. أضف إلى ذلك أن القوانين الكلاسيكية تسبق منطقيا الظاهرات المراد تفسيرها وتشكل قاعدة لهذا التفسير.
4- ولنقارن ذلك بالكيفية التي ركبت بها ميكانيك الكم. ولنبدأ بالميكانيكا الموجية ومعادلة شرودنغر. من الواضح هنا أن اكتشاف الدالة الموجية وتحديد معناها الفيزيائي لم يسبقا اكتشاف معادلة شرودنغر. فالمعادلة جاءت أولا، ثم بدأت محاولات اكتشاف معناها وتحديده، تلك المحاولات التي ما زالت مستمرة ومتواصلة حتى هذه اللحظة.
5- إن التمثيل الرياضي في هذه الحالة يسبق المعنى الفيزيائي بل ويعطي الانطباع بأنه يحل محله، وكأننا بإزاء فيثاغورية جديدة تؤكد أن المعادلة الرياضية هي الحقيقة الموضوعية الوحيدة. أما الباقي فمحض ذاتية.
6- كذلك، فإن العلاقة بين القانون والظاهرة تنقلب رأسا على عقب، فلا تعود القوانين قاعدة لتفسير الظاهرة، وإنما تغدو الأخيرة ذخيرة، مجرد ذخيرة، لتحديد معنى الآولى.
7- وقل الشيء ذاته عن الميكانيكا المصفوفية لهايزنبرغ ومعادلة دالة فغنر التوزيعية، وهما صياغتان كميتان بديلتان لصياغة شرودنغر.فالمعادلة تأتي أولا، ثم يبدأ البحث الذي لا ينتهي عن المعنى الفيزيائي.
8- والمشكلة أن هذا التسلسل الفيثاغوري يفتح الباب على مصراعيه أمام التأويلات الذاتية اللاعقلانية، كما رأينا. لقد قلبت ميكانيك الكم وتأويلاتها منطق الاكتشاف العلمي والعقلانية العلمية رأسا على عقب معرضة أسهما لخطر منطقي حقيقي.
ت- مسألة المبادئ الفيزيائية والمبادئ الرياضية
1-تتبدى أزمة الفيزياء في أن المبادئ الرياضية حلت محل المبادئ الفيزيائية كليا تقريبا. ولأبين هذه الفكرة باستعراض مسيرة آينشتاين العلمية.
2- لقد بدأ آينشتاين مسيرته العلمية بالبحث عن مبادئ كونية عامة تحكم الكون وعلائقه وتتمتع بصفتي الثبات والإطلاق. ولم يرتكز في ذلك إلى الرياضيات والمعادلات الرياضية المعقدة، وإنما إلى نهج جديد في قراءة التجارب المألوفة . هكذا توصل إلى مبدأ النسبية الخاصة، ومبدأ ثبات سرعة الضوء، ومبدأ التكافؤ ، ومبدأ النسبية العامة.
3- وقادته محاولة التوفيق بين هذه المبادئ إلى إعادة النظر في مفهومي المكان والزمان وفي هندسة الزمكان . لكنه، وفي سياق انتقاله من نظرية النسبية الخاصة إلى نظرية النسبية العامة، وقع تحت سحر الرياضيات، وأخذ يتحول من البحث عن المبادئ الفيزيائية الكونية إلى المبادئ الرياضية العامة،
4- فجاءت معادلاته المجالية نتيجة دمج جدلي بديع لجملة من المبادئ الفيزيائية والمبادئ الرياضية العامة. ولكن بعد هذه الذروة البديعة، تنامت النزعة الرياضية لدى آينشتاين بخاصة ، وفي الفيزياء النظرية بعامة، حتى طغت تماماً وقادت إلى أن يحل البحث عن المبادئ الرياضية البحتة محل المبادئ الفيزيائية الكونية.
5- فرأينا آينشتاين يقضي السنوات الثلاثين الأخيرة من عمره بحثا عن مبادئ هندسية في غاية التجريد من أجل بناء نظرية مجال موحد شاملة تفسر الجاذبية والكهرمغناطيسية والمادة وتحل محل نظريتي الكم والنسبية العامة. هل يعود إخفاقه في ذلك إلى هذا الانزياح في نهجه من الفيزياء إلى الرياضيات؟
6- وقد تبين لاحقاً أن هذا الانزياح لم يقتصر على آينشتاين ، وإنما كان نزعة عامة عمت الفيزياء النظرية برمتها . ونحن نلحظها اليوم بجلاء في نظرية الخيوط الفائقة ونظرية الجاذبية الكمية. فما هي طبيعة المبادئ التي تحكم هاتين النظريتين، مثل مبادئ التناسق القياسيومبادئ الازدواجيةوالمبدأ الهولوغرافي
7- إنها مبادئ رياضية بحتة مغرقة في التجريد ولا تمس التجربة لا من بعيد ولا من قريب، بعكس المبادئ الفيزيائية، التي سادت الفيزياء في السابق، والتي كانت تتمتع بمعنى فيزيائي جلي مرتبط ارتباطاً وثيقا بالتجربة الفيزيائية. لقد تحول الفيزيائيون النظريون بالفعل إلى مجرد رياضيين تطبيقيين في أحسن الأحوال، وإلى مجرد خبراء في إجراء الحسابات في أسوئها.
ث- مسألة تماسك النظرية الفيزيائية الحديثة
1- لقد كشف تطور النظرية الفيزيائية في القرن العشرين عن إشكال عميق في بنائها، وهو إشكال التماسك المنطقي والانسجام الداخلي في النظرية. وقد تبدى هذا الإشكال أكثر ما تبدى في نظرية المجال الكميفي جميع مراحل تطورها . تبدى في الإلكتروديناميكا الكمية. وتصاعد في الديناميكا اللونيــــــة الكمية.ووصل أوجه في الجاذبية الكمية
2- فهل بلغ تعقيد البناء النظري حدا جعل تحقيق تماسكه المنطقي وانسجامه الداخلي فوق طاقة العقل البشري؟ هل إن العقل البشري قاصر أو محدود في بنيته الداخلية؟ أم إن القصور يكمن في الكون ذاته؟ هل إن هناك فوضى منطقية في قلب الكون تحد من قابليته لأن يكون موضوعاً للتنظير؟
3- هل ينطبق على الكون ما قاله سارتر عنه في روايته المبكرة، “الغثيان” إذ أضحى من الصعب جدا بناء نظرية متماسكة غير آيلة للسقوط العفوي تحت وطأة مفارقاتها ولامعقولياتها ولانهائياتها
4- يبدأ المرء بمقدمات معقولة ومتماسكة. وما إن يبدأ في التطبيق وإجراء الحسابات حتى تبرز اللانهائيات واللامعقوليات العبثية هنا وهناك. إن النظرية الفيزيائية تبدأ وديعة ومسالمة ومؤدبة . لكنها سرعان ما تجمح بلا حدود وتصفع وتفحش. ولا أحد يدري كيف يضبط هذا الجموح . ولئن استطاع العلماء أن يضبطوا الإلكتروديناميكا الكمية إلى حد ما، وبطرق غير مقنعة تماماً، فقد عجزوا عن فعل ذلك مع باقي النظريات، حتى بالطرق الملتوية التي أتبعوها مع الإلكتروديناميكا الكمية .
5- ولكم سعدوا وهللوا فرحاً حين ظنوا أن نظرية الخيوط الفائقة تتغلب على مشكلة اللانهائيات في نظرية المجال الكمي. لكن سرعان ما خاب أملهم حين تبين أن هذه النظرية المتماسكة ظاهريا لا تمت بصلة إلى العالم المادي الفعلي. إنها تصف عدداً لا حصر له من العوالم المتخيلة.
6- ولكن ما فائدة نظرية ، مهما تكن متماسكة، لا تمت بصلة إلى العالم العياني الفعلي؟ ثم من برهن على تماسك هذه النظرية؟ لدينا إذاً نظرية لسنا متأكدين من تماسكها ولا تمت بصلة إلى العالم المادي العياني. والتحدي الذي يجابهنا اليوم هو كيف نبني نظرية توحيدية متماسكة تفسر العالم بدقة بجزئياته وأجزائه؟ هل إننا نسير في هذا الاتجاه ؟ ليس هناك ما يدل على ذلك. إننا نراوح مكاننا حيث تركنا آينشتاين عام 1955.
المبحث الثاني : الفيزيقا والميتافيزيقا
أ – 1- نقلنا في الباب السابق مختصر لمؤلفات هوكينج حول اصل الكون ونظريته (م) التي يدعي انها تحدد اصل الكون بانه خلق نفسه بنفسه ، بمعني ان العدم هو الذي خلق الوجود !!!!!!
2- وبعيدا عن رأينا في تخاريف هوكينج فانها تحمل شيئا مؤلما للعلم يكاد يصيبه في مقتل فننقل اقوال العلماء عن نظرية هوكينج كالاتي :
3- يقول روجر بن روز
المفضلات