اخي العزيز,
بداية الاصحاح 33 (اي العدد الاول) من سفر التثنية, يتكلم عن بركة موسى, بانه بارك الشعب بهذا الكلام, ثم يبدأ بالايات. فموسى يتكلم عمّا فعل الرب بالعبرانيين خلال السنين الماضية. ولعلك تلاحظ الفعل الماضي للكلمات "جاء", "اشرق", "تلألأ", فالكلام هو عن امور ماضية قد حصلت مع العبرانيين انذاك, وليس عن نبوات لامور مستقبلية.
اما شرح الايات المذكورة فهو بمضمون العجائب التي صنعها الرب بهم, وهي كالتالي:
جاء الرب من سيناء:
في سيناء, ظهر الرب اول مرة لموسى, وامره بالذهاب الى مصر لتحرير الشعب, مؤيداً بعجائب وايات عظيمة يظهرها الله امامهم, ومن ثم قادهم الى هنا, وتراى الرب لموسى في هذا الجبل واعطاه الشريعة.
[سفر الخروج 19: 20 ونزل الرب على جبل سيناء الى راس الجبل.ودعا الله موسى الى راس الجبل.فصعد موسى] – كلام الرب مع موسى في برية سيناء.
اشرق لهم من سعير:
جبل سعير, او منطقة سعير, هي ارض ادوم (الادوميون: ابناء عيسو, الذين سكنوا في سعير). فهناك عندما وصلوا العبرانيين الى هذه الارض, تذمروا على الله العظيم ادعاءا بانه شردهم بالبرية بعدما اخرجهم من ارض مصر, فارسل لهم الرب حيات تلدغهم من اجل تذمرهم, وامر موسى بان يصنع حية من نحاس, وكل من لٌدغ ونظر اليها كان يحيا. فتابوا ومجدوا الله بعدما رأوا اعاجيبه وبعدما شفاهم.
[سفر التكوين 36: 8, فسكن عيسو في جبل سعير.وعيسو هو ادوم] – منطقة سعيرهي ارض ادوم.
[سفر العدد 21: 4 و 8, (4) وارتحلوا من جبل هور في طريق بحر سوف ليدوروا بارض ادوم فضاقت نفس الشعب في الطريق. (8) فقال الرب لموسى اصنع لك حية محرقة وضعها على راية فكل من لدغ ونظر اليها يحيا] – معجزة الشفاء للدغات الحيات في برية ادوم (سعير).
وتلألأ من جبل فاران:
فاران, هي احدى المحطات التي توقفوا فيها العبرانيين في ارتحالهم من مصر الى ارض كنعان وهي قريبة من جبل سيناء (وهي ليست مكّة كما يعتقد البعض), فهناك كان يقودهم الرب بطريقة معجزية عن طريق سحابة معينة التي يسيروا وراءها. جبل فاران هو ايضا تتمة مطولة لجبل سيناء.
[سفر العدد 10: 12, فارتحل بنو اسرائيل في رحلاتهم من برية سيناء فحلت السحابة في برية فاران]. – قيادة الرب للعبرانيين عن طريق السحابة.
[سفر العدد 13: 26, فساروا حتى اتوا الى موسى وهرون وكل جماعة بني اسرائيل الى برية فاران الى قادش وردّوا اليهما خبرا والى كل الجماعة وأروهم ثمر الارض.] – فاران هي منطقة قريبة من منطقة كنعان وليست مكّة.
واتى من ربوات القدس:
عشرة الاف القدس, هم عشرة الاف الملائكة الذين يستدعيهم الرب في حضوره الممجد كما تكلم عنه داوود النبي. وهنا تتمه للمنطقة التي افتتحت الاية, سيناء, والكلام هو عن اعطاء الشريعة, وهو اهم واقدس حدث في هذه الاية.
[مزمور 68: 17 مركبات الله ربوات الوف مكررة. الرب فيها. سينا في القدس.]
وعن يمينه نار شريعة لهم:
كان الرب بسيناء يتكلم من وسط النار, وكلمته (اي الشريعة المعطاة في سيناء) هي ايضا نار لهم, تخترق الاذهان والآذان, وهي قادرة على ادانتهم وتتحدد بها مصائرهم.
[سفر التثنية 5: 26 لانه من هو من جميع البشر الذي سمع صوت الله الحي يتكلم من وسط النار مثلنا وعاش.]
الحلقة الاساسية لفهم الاية هو استعمال الصيغة الماضية للافعال, وصفا مجازيا من موسى لشعبه عن بركة الرب لهم في السنين الماضية وتشجيعا لهم قبل رحيله عنهم.
حبقوق 3:3
نرى ايضا في [حبقوق 3: 3, الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران. سلاه .جلاله غطى السموات والارض امتلأت من تسبيحه], هي تمجيد مرة اخرى للرب في ظهوره في تيمان (بلد في منطقة ادوم وجبل سعير), والقدوس (احد اسماء الله في الكتاب المقدس) هنا هو الرب نفسه, وفاران المحيطة بجبل سيناء (كما ذكر اعلاه) هي المنطقة التي قاد الرب فيها العبرانيين عن طريق السحابة فتمجد هناك ايضا, في قيادته, في ظهوره, وفي اعطاء شريعته. اما عن كلمه "تسبيحه" (او حمده), فهي تابعة للقدوس (الله), اي ان تسبيح الله القدوس ملأ الارض, وجلاله غطى السماوات.
المفضلات