مشكلات في طريق المرأة المسلمة
من أصعب الأوقات أن يجد الإنسان نفسه أمام مشكلة،
خاصةً إن وقف منها موقفًا سلبيًّا،
لأن المشكلة تعني الحرج الذي وقع فيه،
وما يترتَّب على هذا الحرج من نتائج ومسبِّبات،
وتَتَفَاقم كثير من المشكلات حتى يَنْصب صاحبها، ويضيق صدره
بالعيش،فيتجه إلى الطريق المعوَجِّ، أو محاولات نسيان الواقع.
وعند الرجال تعوُّد تام على المشكلات، وتناسب بين
وجودها في عالمهم وبين خِلْقتهم ووجودهم على وجه الأرض،
ولكنها لا تتناسب بأي حال مع المرأة؛ حيث الرِّقَّةُ والرحمةُ، والحنان
والوداعة، التي تميل إلى الصفاء لا الكدر، وإلى الهدوء لا الصخب،
والعقلاء عامة لا يقفون من مشكلاتهم موقف العجز؛ بل يتصدَّون لها
ويواجهونها، ويحاولون دراستها وبيانَ معالمها، ثم وضع علاجها؛
فالتحرك السليم القويم نحو المشكلات تستريح به النفس، ويهدأ به
الضمير، فالمرأة صاحبة الحياة الهادئة تستطيع أن تكون أكثر
عطاء للبشرية؛ ذلك أن يقوم على سواعدها الكثير
والكثير مما لا يستطيع الرجال أن يُحَققوه.
فالمرأة حائرة تسمع الكثير كل يوم من هنا وهناك،
تسمع من يُفتي في مسألة، ثم تنصت لمن ينقضها في اليوم التالي،
تنصت إلى الفلاسفة وهم يتهامسون عنها؛ فمنهم من وضعها، ومنهم من
رفعها، ومنهم من غازلها، ومنهم من ظلمها بين فئتين: الأُولى:تناشدها
المطالبة بحقوقها، والثانية: تحاول أن تحدد معالمها وعملها في المجتمع،
فالأولى: قامت آراؤها على الوهم، وتصنُّع الأحداث، ومغالطات النفس،
والثانية: خضعوا لأمر الله ودرسوا الواقع الملموس، واستفادوا من تجارب
الآخرين، وأبحاث المناطقة والفلاسفة وعلماء النفس
الغربيين والشرقيين، فأرادوا لها العيش هنيئًا، وأرادوا أن يجنِّبوها
الظلمات، ولكنها - وما زالت - حائرة؛ فالدعاوى الغربية تحاول
إلصاق التُّهَم بالمرأة المسلمة، وتتكلم عن تحرر المرأة بمفهوم سفورها؛
حيث يحجزها الإسلام ويمنع انتشارها في بلاد المسلمين؛ لذا لَجَؤوا
إلى التشهير والتنكيل، وهناك مفكرون أرادوا يومًا أن ينهضوا بها،
وأن يظهروا لها الحنان؛ رغبةً في المودَّة، فرفعوا أصواتهم منادين
بحريَّتها، وآخرون بحثوا في أمرها فقالوا عنها الكثير، ولكنهم لم يلمسوا
جراحها، ولم يتبيَّنوا مشكلاتها، وآخرون أنصفوها فبيَّنوا قيمتها وما
ينبغي أن تكون عليه، وآخرون اتخذوها هزوًا، شيء أشبه بالمادة
الصامتة، أخذوا يغازلونها،ويتحدثون عن جمالها الفتَّان.
المرأة المسلمة أنصفها الإسلام منذ نزوله وربوعه؛
فضمن لها حقوقها ومالها، وصان عِرضها وقرَّر كرامتها،
واضعًا المرأة في مكانها الطيب اللائق بها.
أوصى الإسلام باحترامها وإكرامها كما أوصى بالوالد،
وجعل الأمر بالإحسان إليها تاليًا في الذكر والحديث
للأمر بتوحيده وعبادته - سبحانه وتعالى - فقال:
{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]،
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا *
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}
[الإسراء: 23، 24].
والمرأة لا تُزَوَّج إلا بإذنها واستشارتها،
وأوجب الإسلام لها على الرجل أن يدفع لها مهرًا؛
إعزازًا وإكرامًا وإشعارًا لها بالرغبة والمحبة والتضحية في سبيلها،
كما أوجب إشهار الزواج والإشهاد عليه للمحافظة على الأنساب والأعراض،
فإذا صارت زوجةً بالفعل فقد صارت شريكة حياة، ولها على زوجها حقوق،
وله عليها حقوق، كالشأن في جميع مظاهر الحياة وواقعها،
وأوصى الإسلام بالنساء خيرًا، ونهى عن سوء المعاشرة،
حتى مع كراهية الزوج لزوجته.
وكذلك إذا كانت المرأة بنتًا أو أختًا صانها الإسلام،
وحافظ على كرامتها وشرفها.
فليتَ كل مسلمة تتَّجه ببصرها وقلبها نحو الإسلام، بعيدًا عن تشويه
المفكرين، ودعاوى الغربيِّين، وإحباط الإعلاميِّين.
وليتها تَزِنُ ما يَعْرِض لها في حياتها بميزان لا يطفَّف أبدًا؛
لأنه ميزان الحق، الإسلامُ.
المفضلات