أسلوب جديد في التدليس لتشكيك المسلمين
التدليس في اللغة : كتمان عيب السلعة في البيع وقد يقال إنه مشتق من الدلس وهو اختلاط الظلام واشتداده وجه التسمية به سمي به لاشتراكهما في الخفاء .
والمقصود من التدليس : أن تقوم عند نقلك لكلام ما بإخفاء جزء منه مما ترى أنه سيضر بما تحاول أن توهم به الآخرين .
وروي عَنْ شعبة أنه قال : (( التدليس أخو الكذب )) .
وما يفعله كثير من المنصرين أو اللادينيين هو ما يلي : يأتي من كتب التفسير بتفسير آية وينقل جزء منه يوافق ما يريد أن (يوهمك به) ، ويترك الجزء الآخر من التفسير ولا ينقله وهو الجزء الذي ينافي ما يريده .
أو كم يقرأ قوله تعالى : (ويل للمصلين) ولا يكمل الآية ([COLOR="rgb(0, 100, 0)"]الذين هم عن صلاتهم ساهون[/COLOR]) .
لماذا يقومون بذلك ؟
لتشكيك المسلم بما يؤمن به ، ومن خلال ما يؤمن به (القرآن) .
أما كذبة اليوم ، وهي من كتاب (الصليب في الإنجيل والقرآن) للقس اسكندر جديد .
وهذا الكتاب هو من جملة كتب موجهة (للمسلمين) لتشكيك المسلمين بقرآنهم .
ماذا يقول في كتابه ؟
جاء في الفقرة الثانية من كتابه وتحت موضوع بعنوان (الصليب في الإنجيل والقرآن)
وعند حديثه عن الآية الكريمة : (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ) ، والآية الثانية (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ)
يقول القس اسكندر جديد في كتابه ما يلي :
********************************
ولا مراء في أنّ هذا التباين في الروايات، نجم عن عدم وجود نصّ صريح في القرآن، حول نهاية أيّام جسد المسيح على الأرض. وهذا التباين فتح باب الإشكال والتضارب في الآراء. ولهذا لم يكن بدّ لعالمٍ نزيه كالإمام العلاّمة فخر الدين الرازي، أن يفنّد قصّة الشبه تفنيداً محكماً.
ففي تفسيره العدد 55 من سورة آل عمران يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ عالج مسألة الشبه بكلّ موضوعيّة إذ قال :
من مباحث هذه الآية موضع مشكل، وهو أنّ نصّ القرآن دلّ على أنّه تعالى حين رفعه ألقى شبهه على غيره، على ما قال وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم والأخبار أيضاً واردة بذلك، إلاّ أنّ الروايات اختلفت. فتارة يروي أنّ الله تعالى ألقى شبهه على بعض الأعداء الذين دلّوا اليهود على مكانه حتّى قتلوه وصلبوه، وتارة يروي أنّه رغب بعض خواصّ أصحابه في أن يلقي شبهه حتّى يُقتل مكانه. وبالجملة فكيفما كان، ففي إلقاء شبهه على الغير إشكالات :
الإشكال الأول :أنّا لو جوّزنا إلقاء شبه إنسان على إنسان آخر، لزم السفسطة. فإنّي إذا رأيت ولدي، ثمّ رأيته ثانياً فحينئذٍ أجوز أن يكون هذا الذي رأيته ثانياً، ليس بولدي، بل هو إنسان أُلقي شبهه عليه. وحينئذٍ يرتفع الأمان على المحسوسات. وأيضاً فالصحابة الذين رأوا محمّداً، يأمرهم وينهاهم، وجب أن لا يعرفوا أنّه محمّد، لاحتمال أنّه ألقى شبهه على غيره. وذلك يفضي إلى سقوط الشرائع. وأيضاً فمدار الأمر في الأخبار المتواترة، على أن يكون المخبر الأّول، إنّما أخبر عن المحسوس. فإذا جاز وقوع الغلط في المبصرات، كان سقوط خبر التواتر أولى. وبالجملة ففتح هذا الباب، أوّله سفسطة، وآخره أبطال النبّوات بالكلّيّة.
الإشكال الثاني :هو أنّ الله تعالى كان قد أمر جبريل عليه السلام، بأَن يكون معه في أكثر الأحوال. هكذا قال المفسّرون في تفسير قوله إذ أيّدتُك بروح القدس ثمّ أنّ طرف جناح واحد من أجنحة جبريل، كان يكفي العالم من البشر. فكيف لم يكفِ في منع أولئك اليهودِ عنه؟ وأيضاً المسيح لمّا كان قادراً على إحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص فكيف لم يقدر على إماتة أولئك اليهود، الذين قصدوه بالسوء، وعلى إسقامهم، وإلقاء الزمانة والفلج عليهم حتّى يصيروا عاجزين عن التعرّض له؟
الإشكال الثالث :أنّه تعالى كان قادراً على تخليصه من أولئك الأعداء بأن يرفعه إلى السماء. فما الفائدة في إلقاء شبهه على غيره، إلاّ إلقاء مسكين في القتل، من غير فائدة إليه؟
الإشكال الرابع :أنّه ألقى شبهه على غيره، ثمّ أنّه رُفِعَ بعد ذلك إلى السماء فالقوم اعتقدوا فيه أنّه عيسى، مع أنّه ما كان عيسى. فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس، وهذا لا يليق بحكمة الله.
الإشكال الخامس: أنّ النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدّة محبّتهم للمسيح وغلّوهم في أمره. أخبروا أنّهم شاهدوه مقتولاً ومصلوباً. فلو أنكرنا ذلك، كان طعناً في التواتر. والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوّة محمّد، ونبوّة عيسى، بل في وجودهما، ووجود سائر الأنبياء، وكلّ ذلك باطل.
الإشكال السادس : أنّه ثبت بالتواتر أنّ المصلوب بقي حيّاً زماناً طويلاً. فلو لم يكن ذلك عيسى، بل كان غيره، لأظهر الجزع، ولَقال : إنّي لست بعيسى بل إنّما أنا غيره. ولبالغ في تعريف هذا المعنى. ولو ذُكِر ذلك، لاشتهر عند الخلق هذا المعنى. فلمّالم يوجد شيء من هذا، علمنا أنّ الأمر ليس على ما ذكرتم.التفسير الكبير 7 :70-71.
************************
انتهى كلام القس اسكندر جديد .
طبعاً أي مسلم سيقرأ هذا الكلام سيظن في بداية الأمر أن (أمر وقوع شبه عيسى عليه السلام على شخص آخر) كما حكاه القرآن أمر لم يحدث وسيحتار !!!. وهذا ما يريده القس اسكندر جديد .
ولكن السؤال المهم : هل كتب الفخر الرازي في تفسيره (تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير) هذا الكلام ؟
الجواب : نعم .. كتبه .
****************
ولكن صبراً أخي المسلم الإمام الفخر الرازي (يوقن تماماً) وبدون أي شك وقوع (أمر شبه عيسى عليه السلام على إنسان آخر) ، تماماً كما يؤمن به كل المسلمين .
إذن كيف يكتب الفخر الرازي هذا الكلام في كتابه وكأنه يشكك في كلام الله ؟
الجواب : لأن الفخر الرازي كان ينقل شبهات المعارضين وتكذيبهم (من نصارى وغيرهم) لكلام القرآن عن قوله تعالى : (شبه لهم) .
والرازي جاء بتلك الأقوال وسردها (كما كتبها القس اسكندر جديد أعلاه) ، ثم قام الفخر الرازي بالرد عليها كما يلي :
أنظر ما رد به الفخر الرازي على الشبهات أعلاه مباشرة بعد ذكره لتلك الشبهات :
*****************************************
فهذا جملة ما في الموضع من السؤالات:
والجواب عن الأول: أن كل من أثبت القادر المختار، سلم أنه تعالى قادر على أن يخلق إنساناً آخر على صورة زيد مثلاً، ثم إن هذا التصوير لا يوجب الشك المذكور، فكذا القول فيما ذكرتم:
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]والجواب عن الثاني[/COLOR]: أن جبريل عليه السلام لو دفع الأعداء عنه أو أقدر الله تعالى عيسى عليه السلام على دفع الأعداء عن نفسه لبلغت معجزته إلى حد الإلجاء، وذلك غير جائز.
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]وهذا هو الجواب عن الإشكال الثالث[/COLOR]: فإنه تعالى لو رفعه إلى السماء وما ألقي شبهه على الغير لبلغت تلك المعجزة إلى حد الإلجاء.
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]والجواب عن الرابع[/COLOR]: أن تلامذة عيسى كانوا حاضرين، وكانوا عالمين بكيفية الواقعة، وهم كانوا يزيلون ذلك التلبيس.
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]والجواب عن الخامس[/COLOR]: أن الحاضرين في ذلك الوقت كانوا قليلين ودخول الشبهة على الجمع القليل جائز والتواتر إذا انتهى في آخر الأمر إلى الجمع القليل لم يكن مفيداً للعلم.
[COLOR="rgb(75, 0, 130)"]والجواب عن السادس[/COLOR]: إن بتقدير أن يكون الذي ألقي شبه عيسى عليه السلام عليه كان مسلماً وقبل ذلك عن عيسى جائز أن يسكت عن تعريف حقيقة الحال في تلك الواقعة، وبالجملة فالأسئلة التي ذكروها أمور تتطرق الاحتمالات إليها من بعض الوجوه، ولما ثبت بالمعجز القاطع صدق محمد صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر عنه امتنع صيرورة هذه الأسئلة المحتملة معارضة للنص القاطع، والله ولي الهداية.
*************
انتهى كلام الفخر الرازي .
أرأيتم كيف أن القس اسكندر جديد قام بنقل (تساؤلات وتشككات) أوردها الرازي في تفسيره ليجيب عليها ، ولكن القس اسكندر جديد قال أنها (اعتراضات الرازي نفسه وتفنيداته) ؟؟!!
وهذا تدليس وكذب يقصد به تشكيك المسلمين بقرآنهم ، ولكن عبثاً يحاولون ، والله أعلم بما يوعون ؟
منقول للفائدة
المفضلات