*
( المسيح نبي الله ميتا ً أم لم يزل حيا ً ؟!!. . وكيف وأين هو ؟!!. . )
حتى نستطيع فهم ما حدث من ألفي عام ، للسيد المسيح لا سبيل لنا غير مراجعة القرءآن الكريم ، فهو سبيلنا الوحيد نظرا ً لأنه من عند الله فلا يأتيه الباطل . .
و أيضا ً لأنه الكتاب ألذي يهدي الحيارى و ينير الطريق ويكشف الغمة وما علينا إلا تدبره ، ليهدينا كلام ربنا الذي بين أيدينا لجادة الصواب ، ونحن لا نثق إلا به . . والله المستعان ،
بسم الله الرحمن الرحيم
***
(اللهُيَتَوَفَّى الأَنْفُسَحِينَمَوْتِهَاوَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِيمَنَامِهَافَيُمْسِكُ الَّتِيقَضَىعَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّىإِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الزمر : 42
تلك الآية أنزلها ربنا للتفكر . . فهلم نستجيب لله ،
يذكر ربنا في تلك الآية الكريمة ( سورة الزمر : 42 ) طريقة توفي النفس البشرية ، و بأن ذلك التوفي يحدث يوميا ً مع نومنا من غير أن نشعر ، فكيف ذلك ؟!! . . .
تقول مقدمة الآية الكريمة ( اللهُيَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَمَوْتِهَا ) كلنا يعلم أن الموت هو استيفاء النفس لعمرها و أجلها . .
غير أن الآية عطفت حالة أخرى جديدة لم نكن نعلمها ، وهي قوله تعالى : ( وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ) فيصبح مجموع حالتي التوفي كالتالي:
( اللهُيَتَوَفَّى الأَنْفُسَحِينَمَوْتِهَاوَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِيمَنَامِهَا )
***
إذن التوفي له علاقة بالموت و النوم على حد ٍ سواء ، لننتقل الآن لوسط الآية الكريمة حيث تقول : ( فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ )
***
لطيفة: ذكرت الآية قبض الروح بـ . . فَيُمْسِكُ لأن القبض يكون بالقهر و الألم ، فتؤخذ الروح عنوة بينما الإمساك يكون للشيء الحر الطليق ،
وهذا يناسب روح النائم التي تسبح وتهيم مفارقة ً الجسد للحظات فتمسك و تؤخذ على غرة والإمساك عكس الإرسال أي تحجز فلا تعود
***
للتذكير: إن موعد ولوج الروح في المضغ والآجال وموعد قبضها من الأجساد كل ذلك في كتاب من قبل أن يبرأها الله ، ولها معادلات تنتج عنها ،
( إلا أن البعض يفهم مما سبق أن المقصود تحديد ساعة ميلاد وساعة موت وعدد سنين العمر مسبقا ً )
والأمر على غير ذلك !! . . ، فالذي دون في كتاب الآجال ، هي أشراط متى توفرت تحققت نتائجها ، بمعنى القواعد والقوانين ( السنن )
متى توفرت أركانها ترتبت عليها نتائج ، فالميلاد والموت وسنين العمر ، هي نتائج لمقدمات تتحرك ولا تتحقق حتى تستوفى المسببات
لذلك غم على ملك الموت ، متى يقبض روح فلان ، فيسر عليه . . محيط العلم . . ( ربنا تبارك وتعالى ) بأن خلق شجرة الآجال والأعمار
فإذا بزغت عن تلك الشجرة ورقة جديدة ، هرع إليها مرسل الروح فيجد اسم المولود واسم أمه ( التي لا خلاف عليها ) فيعلم أن أشراط
ميلاد الطفل قد اكتملت فيذهب لمستقر الأرواح ( مكان حفظ الروح قبل التجربة ) فينادي عليها فتجيبه وقد عرفت نفسها ،
فيأخذها ثم يهبط بها فيضعها محلها ، فتدب الروح بالجنين . .
وتحيى هذه الدابة والمولود ما وافق أشراطه ، حتى يستنفذها ، فتذبل ورقته على شجرة الحياة ثم تسقط فيعلم ممسك الروح من ذلك
أن قد استوفت أجلها فيهبط عليها فيقبضها أو يمسكها بحسب عملها ويريها بعض ملكوت السماء لتعلم أن وعد الله حق ،
وتلك الرحلة تكون على مقدار ما قدمت لنفسها من عمل واستحقت ،
ثم يذهب بها حيث مستودعها ( البرزخ تحفظ فيه بعد التجربة ) ليوم البعث . .
تصديقا ً لقول باريها : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَ مُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) سورة هود: آية 6
* * *
ويخفى على الكثيرين ، أن الموت معروض علينا منذ كنا في الأرحام ، والأصل أن يصيبنا في أي لحظة ، والعجب كل العجب كيف نحيى
كل هذه السنين والموت لا يحتاج إلا لسبب ، بينما نحن نحتاج لنحيا ألآف ألآف الأسباب ، كأن تكون الشمس في موضعها
والأرض بسرعتها والجو المناسب وأن يتوفر لنا ماء وهواء وأن يعمل جسدنا بانتظام ونحصل على الغذاء والدواء
وألا تدركنا مهلكة فنموت وأشياء لا تحصى ، فكيف توفرت هذه الأشياء في زمان ومكان واحد لنحيا ؟!!
هذا هو المدهش بحق . . سبحان ربي لا نحصي نعمك علينا . . فأوزعنا أن نشكرك ولا نكفرك ، ولا أن نكفر نعمك علينا بأن نعبد سواك . . آمين يا ولي النعم . .
أرجو المعذرة باستخدام كلمة سيناريوهات فإن الموت يطلب الواحد منا بأكثر من سيناريو متى استكملت حلقاته وأحكمت أحاط بصاحبه ولا يُفلته ،
فالعبرة ليست بتوقيت سابق قد دون في كتاب الآجال والأعمار ، بل المدون معادلة متى توفرت أركانها التي كثيرا ً ما نكون نحن المتسببين فيها ،
تحتمت نتائجها ومن أسباب تحققها التعرض للهلاك حيث تزداد نسب الموت وتقل نسب النجاة ،
و قد نهينا عن ذلك حيث يأمرنا ربنا ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ، ( ولا تقتلوا أنفسكم )
دعونا نشاهد رسولنا الكريم وهو يرسم لنا صورة ً توضيحية ليقرب لنا فكرة احتمالات الموت ألمتعددة التي نتعرض لها يوميا ً
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعاً ، وخط خطا في الوسط خارجاً منه ، وخط خططاً صغاراً إلى جانب هذا الذي في الوسط ، ثم قال رسول الله:
( هذا الإنسان ( مشيرا ً إلى الخط الطولي داخل المربع ) وهذا أجله قد أحاط به ( مشيرا ً إلى المربع )
وهذا الذي هو خارج أمله ( مشيرا ً إلى الخط الطولي الممتد خارج المربع )
وهذه الخطط الصغار الأعراض ( مشيرا ً إلى الخطوط العرضية الصغيرة داخل المربع ) ،
فإن أخطأه هذا نهشه هذا ( يعني الموت ) ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا ) رواه البخاري
* * *
(اللهُيَتَوَفَّى الأَنْفُسَحِينَمَوْتِهَاوَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِيمَنَامِهَافَيُمْسِكُ الَّتِيقَضَىعَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّىإِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
لطيفة: ذكرت الآية الكريمة ( وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) ولم تقل إلى وقت معلوم ، لأن الروح تؤجل من عارض إلى عارض حتى تقع في المسمى ( استكمال الشروط )
لطيفة: الذي يتوفى الأنفس في الآية الكريمة هو الله . . والذي يمسكها ( يقبضها ) هو ملك الموت . .
سؤال: لماذا نستفيض في تفهم الآيات للحد الذي يجعلنا نفرق بين ضمير الفاعل في التوفي و ضمير الفاعل بإمساك الروح ؟ !! . .
ج - هذه الاستفاضة يترتب عليها فهم آيات أخرى تستخدم نفس المفردات . . وكذلك من منطلق أن القرءآن يفسر بعضه بعضا ً . .
* * *
يخبرنا قرآننا العظيم أن المسيح عيسى عليه السلام سيتبرأ ممن عبدوه يوم القيامة فيقول :
( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِيكُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المائدة : 117
وهنا نقف بين تأويلين لنفسر بأحدهما قول رسول الله عيسى عليه السلام ( فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي ) الأول أن نبي الله عيسى قد مات بالفعل ، لو فسرنا التوفي بمعنى الموت ،
وهذا يناقض الأحاديث الصحاح وأن المسيح سينزل في أخر الزمان وأنه سيذوق الموت الذي هو وعد الله و سنته في جميع خلقه .
والثاني أن المسيح قد استتر من مطارديه في مكان آمن ، و في منامه توفاه الله من غير موت ورفع إليه روحه الطاهرة ، ولن يردها إلى جسده حتى يأتي وعد ربنا . .
* * *
إيضاح: التوفي الذي عليه المسيح غير الموت ، ففي حالة الموت تذهب الروح للبرزخ ، بينما الروح في حالة الوفاة حرة تهيم كروح النائم حتى يستيقظ وهذه الصورة
ليست من خيالنا بل حدثت لفتية أهل الكهف إذ ضرب الله على آذانهم في الكهف فناموا ، وبرغم إجماع الأمة على أن أهل الكهف لم يموتوا ، إلا أن ربنا يخبرنا بأنه بعثهم !! . .
( وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ ) سورة الكهف: الآية 19
وقد عرف لنا رسولنا النوم بأنه الموت الأصغر فجاز أن يقال عند الاستيقاظ منه بأنه بعث وإحياء بعد موت كما ذكر في الحديث الصحيح ، فحق التنويه ، فقد ذكرت
أحاديث رسولنا الكريم بعث المسيح أو نزوله في أمتنا أخر الزمان ، مما لا يتعارض مع استيقاظه من نومه المديد ، من بعد عودة روحه الهائمة لجسده المبارك
وهذا سبب افتقادنا قبراً للمسيح لأنه لم يُقبر من الأساس . . وما وقع الحواريين في حيرة ، أدت لتلفيقهم لبعض القصص حول موته و قبره ، إلا لفقدانهم أي أثر له
تنويه : إن الذي حفظ أجساد أهل الكهف وحرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء قادر على حفظ جسد نبيه طاهر مبرأ حتى عودة روحه فيه
* * *
خلاصة ما سبق أن رُسل الله لا تُقبض أرواحهم قهرا ً كما في الموت ، ولا تؤخذ أرواحهم عنوه مثل حال باقي البشر ، فقد أكرم الله رُسله وعصمهم من الناس
لذلك لن نعثر على رسولا ً مقتولا ً أبدا ً ، بل نرى رسولا ً يقف في وجه أطغى فرعون ، و رسولا ً يقف في وجه قَيصر ، ورسول يقف في وجه قِيصره
لأن الله يخبر رَسُولَهُ بأنه معه و بأن ( لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ) ، فمن أتعس ممن تصور بأن يترك المُرسِل رَسولهُ ليُقتل وهو قادر على أن يحميه !! . .
* * *
يتبع
المفضلات