زكريا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح
كما اوضحنا فيما سبق ان ليس هناك اي خطا تاريخي متعلق بنسب مريم عليها السلام كما ورد بالقرآن الكريم ، وان الامر يحتاج فقط لجرعة مبسطة من الانصاف لدى من يلقون بمثل هذه الشبهات الواهية ليتبين لهم كذب وافتراء ما ادعوه من خطا القرآن الكريم في نسب مريم عليها السلام ، بل ان الخطا كل الخطا هو عندهم هم انفسهم ، فاولى بهم واولى ان يصححوا هذا الخطا وان يعالجوا جهلهم الذي لم يقف حده عند القرآن الكريم فحسب بل امتد ليشمل كتابهم المقدس الذي به يؤمنون ولعقيدتهم وافكارهم منه يستقون. فكما اننا اوضحنا صحة نسب مريم لهارون بحسب الكتاب المقدس ، سوف نقوم بالقاء الضوء على احد نصوص الكتاب التي ان كان مدعوا الايمان هؤلاء لديهم علما بكتابهم ما استطاعوا ان ينبسوا ببنت شفة حول نسب مريم عليها السلام في القرآن الكريم، فلقد ورد بانجيل متى على لسان يسوع - عيسى - مخاطبا اليهود:
مت 23:35 لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الارض من دم هابيل الصدّيق الى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح.
ومن المعروف من هو هابيل الصديق، انه ابن ادم الوارد ذكره في سفر التكوين من العهد القديم حيث قتله اخوه قايين - قابيل - تك 4:8 وكلم قايين هابيل اخاه.وحدث اذ كانا في الحقل ان قايين قام على هابيل اخيه وقتله.
ولكن من هو ذلك زكريا بن برخيا الذي قتل بين الهيكل والمذبح ؟؟
ان الكتاب المقدس يذكر لنا النبي زكريا بن برخيا في العهد القديم في مواضع عديدة نذكر منها:
زك 1:1 في الشهر الثامن في السنة الثانية لداريوس كانت كلمة الرب الى زكريا بن برخيا بن عدّو النبي قائلا
زك 1:7 في اليوم الرابع والعشرين من الشهر الحادي عشر.هو شهر شباط.في السنة الثانية لداريوس كانت كلمة الرب الى زكريا بن برخيا بن عدّو النبي قائلا
ولكن زكريا بن برخيا هذا لم يقتل في بيت الرب بين الهيكل والمذبح، بل الذي قتل في بيت الرب هذا كان زكريا اخر ، لم يكن زكريا بن برخيا بل كان اسمه زكريا بن يهوياداع الوارد ذكره في اخبار الايام الثاني بــ الاصحاح الرابع والعشرين:
20 ولبس روح الله زكريا بن يهوياداع الكاهن فوقف فوق الشعب وقال لهم هكذا يقول الله لماذا تتعدون وصايا الرب فلا تفلحون.لانكم تركتم الرب قد ترككم.
21 ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بامر الملك في دار بيت الرب.
22 ولم يذكر يواش الملك المعروف الذي عمله يهوياداع ابوه معه بل قتل ابنه.وعند موته قال الرب ينظر ويطالب.
وبهذا نرى ان هناك خلطا - ان صح القول - بين زكريا بن برخيا وبين زكريا بن يهوياداع ، فكليهما شخصيتين كتابيتين ولكن احدهما هو الذي قتل بين الهيكل والمذبح ، وهو زكريا بن يهوياداع وليس زكريا بن برخيا كما يقول النص، وقد حاول علماء المسيحية بان يثبتوا ان المقصود في هذا النص ليس زكريا بن برخيا كما هو منصوص عليه بل انه زكريا بن يهوياداع كما يقول العهد القديم !!
تعليق الترجمة اليسوعية في الصفحة 101: (( يذكر الكتاب المقدس هذين الحدثين : كان زكريا بن يوياداع ( 2 اخ 23: 20-22 ، قد قتل في الهيكل قبل ان يصل الى حمى المذبح))
تعليق الترجمة العربية المشتركة في الصفحة 42: ((زكريا بن برخيا رج 2اخ 24:20-22))
ويقول وليام ماكدونالد في تفسيره في الصفحة 149: ((زكريا الذي سجل قتله في 2 اخ 24: 20-21 وهو السفر الاخير بحسب الترتيب العبراني للكتاب المقدس (وهذا ليس زكريا كاتب سفر زكريا في العهد القديم ))
فكما نرى فان علماء الكتاب المقدس حين يعلقون على هذا الامر يذكروا بان المقصود ليس زكريا بن برخيا المذكور بسفر زكريا في العهد القديم بل ان المذكور هو زكريا بن يهوياداع المذكور بسفر الاخبار الثاني والذي ورد عنه كيف انه قتل في بيت الرب رجما.
والسؤال هنا ان كان المقصود هو زكريا بن يهوياداع حقا ، فلماذا يستخدم النص اسم زكريا بن برخيا ؟؟؟؟
قد حاول العديد من علماء المسيحية الرد على هذا السؤال الذي ان لم يتم الرد عليه قد يترك خلطا تاريخيا رهيبا بين شخصيتين كتابيتين ، وخصوصا ان الذي قال الكلام بحسب انجيل متى هو الرب يسوع نفسه ، فقد لجأوا الى طرح عدة تفسيرات لتوضيح السر وراء استخدام اسم زكريا بن برخيا على الرغم ان المقصود ليس زكريا بن برخيا ، بل انه زكريا بن يهوياداع !!
وقد انقسم المدافعون الى قسمين
القسم الاول الذي يؤكد على صحة النص بشكله الحالي:
وهم الذين لم ينسبوا اي خطا لهذا التعبير بل تعاملوا في تحليلهم على صحة ودقة العبارة المستخدمة، وقد اوردوا احتمالات عديدة اشهرها : ان يهوياداع والد زكريا كان يسمى ايضا برخيا !! هذا بالطبع لا دليل عليه لكنهم قد قالوا بان اليهود معروف عندهم ان يكون للشخص الواحد اسمان فلا يمنع ان يكون يهوياداع كان له اسم اخر وهو برخيا وخصوصا ان المعنى متقارب بين برخيا وبين يهوياداع على حسب كلامهم ، وقد ايد هذا الراي جماعة من الدارسين نذكر منهم:
الاب متى المسكين حيث اوضح في تفسيره في الصفحة 628:
أمَّا هابيل الصدِّيق فمعروفة قصته وكيف تحمَّل أخوه سفك دمه. والمعروف عن زكريا بن برخيا أنه ليس زكريا النبي كما في سفره (1:1)؛ بل زكريا الكاهن وكان موته كالآتي:
+ » ولبس روح الله زكريا بن يهوياداع الكاهن فوقف فوق الشعب وقال لهم: هكذا يقول الله: لماذا تتعدُّون وصايا الرب فلا تفلحون لأنكم تركتم الرب، (الرب) قد ترككم. ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب. «(2أي 24: 20و21)
وواضح جداً من هذا التقرير أنه مات شهيداً للمناداة بحق الرب. وهو أقصى ما ينطبق عليه كلام المسيح. والمعروف أن والد زكريا الكاهن كان يسمَّى يهوياداع وبرخيا أيضاً. لذلك حدث لبس ما بين هذا الكاهن الشهيد المبارك وبين زكريا النبي الذي هو ابن براخيا أيضاً. إذن، فالشهيد المقصود هنا هو الكاهن وليس النبي وهذا يرجِّحه العالِم لنسكي([5]).
كذلك متى هنري في تفسيره بصفحة 230: (( دم زكريا بن برخيا ع36 والذي من المرجح انه زكريا بن يهوياداع الذي رجم في دار بيت الرب 2 اخ 24: 20- 21، وقد سمي ابوه برخيا وهي تعني نفس اسم يهوياداع وكان امرا عاديا بين اليهود ان يكون للشخص اسمان ))
اما بارنز في تفسيره حول نص متى 23:35 يوضح ان زكريا شخص غير معروف على وجه اليقين: (( زكريا بن برخيا ، ليس معروفا على وجه التأكيد من كان )) ويضيف قائلا((يعتقد البعض بانه كان زكريا الذي قد سجل خبر موته في اخبار الايام الثانية الاصحاح 23: 22-21 والذي يسمى هناك زكريا بن يهوياداع ، ولكنه معروف انه كان شائعا بين اليهود ان يكون عندك اسمين، كما هو الحال مع متى كان يدعى لاوي وليباوس الملقب تداوس وايضا سمعان الملقب بكيفاس. ، واخرون يعتقدون ان يسوع كان يشير الى زكريا النبي والذي من المحتمل انه قتل على يد اليهود ، ومع انه لا يرد نص يذكر موته الا انه من المحتمل انه كان معروفا بالتقليد.))
Zacharias, son of Barachias - It is not certainly known who this was. Some have thought that it was the Zecharias whose death is recorded in 2Ch_24:20-21. He is there called the son of Jehoiada; but it is known that it was common among the Jews to have two names, as Matthew is called Levi; Lebbeus, Thaddeus; and Simon, Cephas. Others have thought that Jesus referred to Zecharias the prophet, who might have been massacred by the Jews, though no account of his death is recorded. It might have been known by tradition.
وهكذا نرى بارنز في اثباته صحة ما ورد قد تعرض لاحتمالات ليس لها اي دليل، ولكنه تصدر كلامه بان شخصية ذلك زكريا بن برخيا الذي قتل بين الهيكل والمذبح ليس معروفا على وجه اليقين، ومن المعتقد انه رجح القول بان المقصود زكريا بن برخيا النبي بالفعل وخصوصا ان حادثة موته لم تذكر بالكتاب فلعل اليهود قتلوه ايضا حيث اخبر بهذا يسوع ، وقد كان معلوما بواسطة التقليد !
والحقيقة ان مسالة التقليد هذه قد اشار اليها قاموس الكتاب المقدس في الفقرة السادسة تحت شرحه لكلمة زكريا حيث اوضح ان التقليد اليهودي يقر بان زكريا بن برخيا النبي قد عاش زمنا طويلا ومات ودفن مع حجي (( ويذكر التقليد اليهودي أن زكريا هذا طالت أيامه وعاش في بلاده ودفن بجانب حجي الذي كان زميلاً له.))
وليس هذا فحسب فان قاموس الكتاب المقدس يتحفنا بنظريته حول ان زكريا بن يهوياداع هو المقصود بالنص ولكن تم الاشارة اليه باسم زكريا بن برخيا لا لان برخيا والده او لان والده يهوياداع كان يسمى ايضا برخيا ، بل لان من اجداد زكريا بن يهوياداع رجلا كان اسمه برخيا - ولم يقدم القاموس دليل على كلامه - وبهذا فان قوله زكريا بن برخيا لا تعني زكريا الابن المباشر لبرخيا بل يقصد زكريا المنحدر من نسل شخص يدعى برخيا ، وقد ذكر هذا قاموس الكتاب المقدس تحت شرح كلمة زكريا في الفقرة الثالثة:
(3) زكريا بن يهوياداع (ويرجح أنه كان حفيده) وكان كاهناً للرب في أيام اخزيا ويوآش وبعد موت يهوياداع الموقر الذي كان يتمتع بالاحترام والإكرام الذي والذي كان صديقاً وحامياً ومرشداً ليوآش قام الملك والشعب وتركوا بيت الرب إله آبائهم وعبدوا الآلهة اشيرة والأصنام.
أما ذكريا يهوياداع هذا، وكان قد تنصب كاهناً، وقد رأى ما كان من الملك والشعب قام بإرشاد الروح وتوعدهم على تمردهم وشر قلوبهم وهو في حالة الغيظ الشديد، غير أن خطابه أثار غضبهم ففتنوا عليه ورجموه بحجارة في دار بيت الرب بين المذبح والهيكل بأمر الملك الناكر للجميل، أما هو فرفع دعواه إلى الله واستغاث بملك يهوذا العظيم لينتقم له من أعدائه إذ قال "الرب ينظر ويطالب" (2 أخبار 24: 20-22). وقد أشار المسيح إلى هذه الحادثة الفظيعة في مت 23: 35 ولو 11: 51، وقد دعاه المسيح في متى زكريا بن برخيا ولعله استعمل لفظة "ابن" هنا كما تستعمل في مواضع كثيرة في الكتاب للدلالة على النسب فقط فيكون برخيا أحد أجداد زكريا كما يقال أن يسوع ابن داود.
فان قاموس الكتاب المقدس يفصل جيدا بين شخصية زكريا بن برخيا النبي المذكور في العهد القديم وبين زكريا بن يهوياداع الذي ذكره يسوع باسم زكريا بن برخيا وذكر خبر مقتله بين الهيكل والمذبح ، فعن زكريا بن برخيا النبي يذكر في الفقرة رقم 6 :
(6) زكريا بن برخيا بن عدّو، وهو الحادي عشر بين الأنبياء الصغار، وفي عز 5: 1 و 6: 14 يذكر أنه "ابن عدّو". وسبب ذلك، على الأرجح، هو أن أباه برخيا مات في ريعان الشباب فنسب حسب العوائد إلى جده عدّو الذي مشهوراً أكثر من أبيه. ويظهر أنه كان من نسل لاوي ولذلك كان مستحقاً وظيفة كاهن ونبي (نح 12: 16). وقد تنبأ زكريا في الشهر الثامن من السنة الثانية لداريوس الملك وذلك في غضون المدة التي أذن فيها لرجال يهوذا أن يرجعوا من سبي بابل فكان من أم الأمور لديه أن يقوي عزائم الشعب الضعيف وينهض هممهم الساقطة لينزعوا عنهم نير بابل ويعززوا روح التقوى فيما بينهم ويرجعوا اليهودية إلى ما كانت عليه من عز وقوة. فيرى رؤى مشجعة ويقدم رسائل روحية عظيمة بخصوص الصوم والطاعة كما يقدم نبوات متنوعة بخصوص المسيح ومجيئه وجروحه، كما يرتفع بالفكر إلى نهاية الأيام وملك المسيح.ويذكر التقليد اليهودي أن زكريا هذا طالت أيامه وعاش في بلاده ودفن بجانب حجي الذي كان زميلاً له.
فكما نرى فان المدافعين عن النص بشكله الحالي يستندون على عدة احتمالات ، من اجل ان يحافظ على شكل النص الحالي دون ان يلصق به اي خطا من اي جانب، ولقد اشرنا الى حساسية هذا الامر بالذات حيث انه على لسان يسوع نفسه، وبالطبع لا يمكن ان يقبل اي خطا على لسان يسوع الذي يعتبره معظم مؤمني الكتاب المقدس رب الارباب وملك الملوك ، الاله المتجسد الذي اتى لفداء البشر بذبيحة نفسه ، فكما راينا هناك تفسيرات عدة استندوا اليها لتوضيح السبب وراء التعبير المستخدم (( زكريا بن برخيا )) في حين ان المقصود (( زكريا بن يهوياداع )) حيث قالوا بانه من المحتمل ان يكون يهوياداع كان يسمى برخيا ايضا، او ان برخيا هذا كان من اجداد زكريا بن يهوياداع ، الى غير هذا من الاحتمالات .
هذا كان عن المدافعين من مجموعة المحافظين على النص بشكله ، اما القسم الثاني وهم المجموعة الاخرى، والتي ترى بحدوث خطا مرتبط بهذا النص كان في رايهم اما ان يكون راجع للتقليد اليهودي نفسه والذي عادة ما يخلط بين الاسمين كما قال التفسير الحديث للكتاب المقدس - العهد الجديد - إنجيل متى - ر.ت فرانس في الصفحة 367 (( وذكر مقتل زكريا في 2 اخ 24: 20-22 )) ويضيف (( وزكريا الذي ذكر في 2 اخ 24 والذي اشير اليه هنا بوضوح بذكر المكان الذي قتل فيه بكل دقة ، كان ابن يهوياداع ، وكان براخيا والد نبي ما بعد السبي زك 1:1 ولكن التقليد اليهودي عادة ما يخلط بين الاسمين))
وقد يعتبر القول بالخلط بين الاسمين عن طريق الخطا ، خصوصا ان جيروم قد اكد على ان النص بحسب انجيل الناصريين - انجيل ابوكريفي - قد ورد به زكريا بن يهوياداع وليس زكريا بن برخيا ، كما نقل عنه ادم كلارك في تفسيره تعليقا على نص متى 23:35
(( يقول جيروم ان في انجيل الناصرين ، كانت يهوياداع بدلا من برخيا))
Jerome says that, in the Gospel of the Nazarenes, it was Jehoiada, instead of Barachiah.
وقد وصل الحد عند بعض العلماء الى ان قال بعدم اصالة المقطع اصلا وانه لم يعدو على ان يكون اضافة من احد النساخ اراد منها توضيح شخصية زكريا المقصود بالنص:
ولنقرأ تعليق الترجمة البولسية في الصفحة 153 (( والثاني في سفر الاخبار الثاني (24:20-22) وهو اخر اسفار العهد القديم بحسب الترتيب اليهودي ، فيما سفر التكوين اولها - وزكريا المقصود هنا ابن يوياداع وليس ابن برخيا (زك 1:1) .يرى علماء الكتاب ان العبارة - زكريا بن برخيا- ليست من الاصل وانما زادها احد النساخ عن سهو بقصد "التوضيح" . والنساخ هم الذين كانوا ينقلون الكتب بخط ايديهم اذ لم تكن الطباعة معروفة بعد.))
ويساند هذا القول ان رواية انجيل لوقا لهذا النص لا يوجد بها بن براخيا ولا ابن يهوياداع :
لو 11:51 من دم هابيل الى دم زكريا الذي اهلك بين المذبح والبيت.نعم اقول لكم انه يطلب من هذا الجيل.
اي ان رواية يسوع الاصلية لم توضح زكريا المقتول هذا ابن من هو ، فقام احد النساخ باضافة ((بن برخيا)) ظنا منه انه يوضح الامر ثم اخذت هذه الزيادة التي هي اصلا لا توافق الحقيقة طريقها الى الكتاب المقدس حتى وقتنا الحالي حيث اصبحت تعامل معاملة المتن الاصلي. وقد قال بهذا الامر كثير من علماء الكتاب كما اشار تعليق الترجمة البولسية بكل وضوح.
خاتمة:
قد تناولنا في هذه الدراسة المبسطة شبهة نسب مريم عليها السلام في القرآن الكريم ، حيث اوضحنا ان لا غبار على ما ورد في كتاب الله تبارك وتعالى من نسب مريم لعمران او تقرير نسبها لهارون عليه السلام بثبوت المقصد ، كما اننا اشرنا الى امرا قد يكون فيه نوع من التشابه مع هذه الشبهة الواهية ، وهو الامر المرتبط بزكريا بن برخيا المذكور في انجيل متى على انه الشخص الذي قتل بين الهيكل والمذبح والذي ثبت ان اسمه ليس هذا بل زكريا بن يهوياداع ، وايضا ان زكريا بن برخيا هذا كان من انبياء اليهود وليس له علاقة بشخصية زكريا بن يهوياداع المراد الاشارة اليها في نص انجيل متى على الحقيقة، وقد اوردنا شهادات من علماء المسيحية حيال هذا الامر لنرى كيف يتعاملون مع مثل هذه الامور حين ترد في كتبهم المقدسة،
والحقيقة ان كل ما ذكرناه حيال هذا الامر ليس مناقشة لشخصية زكريا بن برخيا الذي قتل بين الهيكل والمذبح بغرض الفصل في القضية ، بل مجرد ذكر اراء علماء المسيحية لحل هذه المعضلة التاريخية او الخلط التاريخي الذي - ان ثبت - لا يمكن ان يصدر من شخص له دراية بالتاريخ اليهودي، او موحى له من الله فضلا عن ان يكون الله نفسه. حيث انهم اوضحوا انه لا معضلة في الامر اذا كان يهوياداع يدعى برخيا ايضا، لا معضلة في الامر ان كان زكريا بن يهوياداع ينحدر من نسل برخيا، بل ان هناك من وصل بهم الامر ان اقروا بالخطا للخروج من نسب الخطا لرب الارباب وملك الملوك حيث ارجعوا المسالة لزيادة لم تكن من الاصل، وخلط راجع للتقليد اليهودي لا ليسوع بالطبع.
وكما اشرنا من قبل لسنا هنا بصدد دراسة هذه القضية وان كان هناك اي اشكال متعلق بذكر اسم زكريا بن برخيا بدلا من زكريا بن يهوياداع ، بل انها كانت مجرد اشارة لذوي الالباب ، ان ينتهوا من دراسة كتابهم اولا ثم يبدأوا بدراسة كتاب الاخرين ، او على الاقل يكيلوا بمكيال واحد ، فكما انهم قبلوا مع كل هذا ان زكريا بن برخيا هو نفسه زكريا بن يهوياداع ، وان يسوع لم يخطأ ، وان الكتاب لم يخطأ .. فكان اولى بهم ان لا يثيروا اصلا شبهة نسب مريم عليها السلام في القرآن الكريم والتي قد اوضحنا بحمد الله وفضله ان لا هناك اي خطا من الاساس ، مع ملاحظة استنادنا على الدليل من كتاب الله تبارك وتعالى ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم واهل العلم ولم نقل ان هناك خطا في التقليد اليهودي ، او ان هناك احدا زاد في كتاب الله تبارك وتعالى ما ليس منه بغرض توضيح امور ليست واضحة، ونعود ونكرر من له اذنان للسمع فليسمع ومن له عينان فليبصر بهما .
اسال الله تبارك وتعالى ان يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وان يفتح قلوب الذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا لما هو مكتوب ، فتكون دعوة متواضعة لان يفتشوا الكتب حتى يعرفوا الحق الذي سوف يحررهم من قيود التقليد والعبادات الموروثة لا المدروسة،
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[1] عد 26:59 واسم امرأة عمرام يوكابد بنت لاوي التي ولدت للاوي في مصر.فولدت لعمرام هرون وموسى ومريم اختهما.
[2] صحيح البخاري باب الأدب حديث رقم 6141
([3]) J. Jeremias, op. cit., pp. 213-221.
[4] التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدس - العهد الجديد 3 - الإنجيل كما دونه لوقا - الأب الدكتور ميشال نجم الصفحة 56
([5]) R.C.H. Lenski, cited by W. Hendriksen, op. cit., p. 838.
------
المصادر:
1- القرآن الكريم
2- الكتاب المقدس
3- تفسير زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي
4- التفسير الكبير الامام الطبراني
5- الكشاف للزمخشري
6- معالم التنزيل للبغوي
7- صحيح البخاري
8- صحيح مسلم
9- تفسير الاب متى المسكين
10- تفسير ادم كلارك
11- التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدس - العهد الجديد 3 - الإنجيل كما دونه لوقا - الأب الدكتور ميشال نجم
12- كتاب السنكسار
13- الترجمة اليسوعية
14- الترجمة العربية المشتركة
15- الترجمة البولسية
16- تفسير وليام ماكدونالد
17- تفسير متى هنري
18- تفسير البرت بارنز
19 - قاموس الكتاب المقدس
20 - التفسير الحديث للكتاب المقدس - العهد الجديد - إنجيل متى - ر.ت فرانس
كما اهدي هذا المقال لاختي الحبيبة مسلمة
o0o Muslima o0o
وكذلك اختي الحبيبة امة الله amatallah_87
كتبته مريم علم الدين
المفضلات