القصة حدثت منذ ما يزيد على عشر سنوات!
كنت وقتها طبيب مُقيم الجراحة فى إحدى المستشفيات....و لخبرتى فى جراحة اليد ....كنت أقوم بعمل طبيب التجميل المُختص فى جراحة اليد إلى جانب عملى فى الجراحة العامة
و حدث أن أتت ذات يوم حادثة لإنقلاب ميكروباس فى مكان قريب...كان الميكروباس يُقل عدداً من الصليبيين فى زيارة لهم لإحدى الكنائس التى فيها ظهورات للعذراء يلتمسون بركتها.....المهم أن الميكروباس إنقلب و أصيب كل من فيه و حملهم الأهالى إلى المستشفى..... و عند مباشرتنا للحالات وجدت سيدة منهم....يبدو عليها البساطة فى الملبس، و قد تمزق كف يدها بفعل الحديد المُمزق من الميكروباس....و قد تقطعت أوتار راحة يدها و كذلك الشرايين ، و كانت يدها تنزف بغزارة....فقمت بإيقاف النزيف على وجه السرعة ريثنا يتم تحضير العمليات لإصلاح أو ربط الشرايين النازفة و كذلك إصلاح الأوتار المُمزقة.....
المهم.....صعدت المريضة إلى العمليات.....و كنت بجوارها بكامل التعقيم ريثما يجهز طبيب التخدير أجهزته لتخدير المريضة و البدء فى تقيم اليد و العملية....إذا بالمريضة تلح علىّ فى معرفة إسمى قبل أن يبدأ طبيب التخدير فى تخديرها.....تعجبت من الأمر و لكن خطر ببالى أنها بحكم أنها صليبية تريد أن تتأكد من ديانة من سيقوم لها بالعملية.....فأجبتها مازحاً: إننى مُسلم...إذا كان هذا ما تودين معرفته......هل لا تسمحين لطبيب مسلم أن يقوم بعمل العملية......و لا يوجد طبيب جراح مُتخصص غيرى.....
لاحظت الإرتباك فى وجه المريضة و هى على سرير العمليات.....و أخيراً قالت: لا أبداً......برضه فيه ناس مُسلمين ربنا حط الرحمة فى قلبهم زيك كده!
صدمتنى الكلمة و صدمت زميلى طبيب التخدير الصليبى الذى سارع إلى مُقاطعة المريضة و قال لها:أنا مسيحى مثلك لكن لا يوجد لدينا هنا مُسلم أو مسيحى...نحن هنا فى خدمة جميع الناس....و الدكتور من أفضل الأطباء فى المستشفى و أستأمنه على فلذة كبدى.....إهدأى و خلينا نشوف شغلنا.....و سارع بتخدير المريضة قبل أن تقول المزيد مما تلقنته فى الكنيسة و يدرى هو عنه جيداً!
هذه الحادثة فى ذهنى طوال الوقت....... و أتساءل من الذى يُلقن هؤلاء الناس البسطاء تلك التخاريف بأن المسلمين وحوش كاسرة يخلو قلبها من الرحمة..... و ما أن يقع صليبى بين أيديهم حتى يأكلوا لحمه و يُقرقشوا عظامه.........ألم تتعامل هذه السيدة مع أحد من المسلمين من قبل.......و هل كل المسلمين كانوا بالنسبة إليها وحوشاً كاسرة خلت قلوبهم من الرحمة!
لقد ضحكنا أنا و زميلى و سخرنا من سذاجة هذه السيدة...... و لكن بعد تفكير.....هل ما قالته تلك السيدة هو من وحى اللحظة أم هو نتاج لما تتلقنه بالفعل......
هذه هى القصة و أترك لكم التعليق و إستنتاج العبر!
المفضلات