طريق الايمان
ينهض الانسان بما عنده من فكر عن الحياة والكون ولانسان , وعن علاقتها جميعا بما قبل الحياة الدنيا وما بعدها . فكان لا بد من تغيير فكر الانسان الحاضر تغييرا اساسيا شاملا , وايجاد فكر اخرله حتى ينهض , لان الفكر هو الذي يوجد المفاهيم عن الاشياء ويركز هذه المفاهيم والانسان يكيف سلوكه في الحياة بحسب مفاهيمه عنها ,فمفاهيم الانسان عن شخص يحبه تكيف سلوكه نحوه , على النقيض من سلوكه مع شخص يبغضه وعنده مفاهيم البغض عنه , وعلى خلاف سلوكه مع شخص لا يعرفه ولا يوجد لديه اي مفهوم عنه , فالسلوك فالسلوك الانساني مربوط بمفاهيم الانسان , وعند ارادتنا ان نغير سلوك الانسان المنخفض ونجعله سلوكا راقيا لا بد من ان نغير مفهومه اولا : ((ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم
تضمنت الفقرة مجموعة من المفاهيم:
1. النهضة
2. الفكر عن الحياة والكون والإنسان، وعن علاقتها جميعها بما قبلها، وعن علاقتها جميعها بما بعدها.
3. لا بد للنهضة من تغيير فكر الإنسان الحاضر.
4. تغيير الفكر يجب أن يكون أساسياً شاملاً.
5. الفكر هو الذي يوجد المفاهيم عن الأشياء.
6. الفكر هو الذي يركز هذه المفاهيم.
7. الذي يتحكم بسلوك الإنسان تجاه الأشياء هو مفاهيمه عنها.
8. إذن السلوك الإنساني مربوط بمفاهيم الإنسان.
9. لتغيير سلوك الإنسان المنخفض وجعله سلوكاً راقياً لا بد من تغيير مفاهيمه.
10. الاستئناس بالآية الكريمة: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
*** وردت كلمة الفكر في الفقرة السابقة بمدلولين:
أولهما: الفكر (مصدر) بمعنى التفكير، وذلك في العبارة: (لان الفكر هو الذي يوجد المفاهيم عن الاشياء ويركز هذه المفاهيم )
ثانيهما: الفكر (اسم جنس) بمعنى الأفكار، وذلك في العبارة: (ينهض الانسان بما عنده من فكر عن الحياة والكون ولانسان ).
*** هناك فرق بين الفكرة والمفهوم.
النهضة هي الارتفاع الفكري، وليست هي الارتفاع الاقتصادي ولا الارتفاع الروحي ولا الارتفاع الخلقي، وإنما هي الارتفاع الفكري ليس غير، فإذا كان هذا الارتفاع الفكري مبنياً على أساس روحي، كانت النهضة نهضة صحيحة، لأن الفكر يستند فيها إلى أساس يستحيل عليه النقص، فلا يتسرب الخطأ إلى الفكر من ناحية أسسه، وإنما يكون الخطأ ممكناً عليه من ناحية الفروع، ولذلك يكون مأمون الأساس ثابت الاتجاه، مقطوعاً بنتائجه، أما إذا كان الارتفاع الفكري غير مبني على أساس روحي فإنه يكون نهضة ولكنها نهضة غير صحيحة، لأن الفكر فيها لا يستند إلى ما يستحيل عليه النقص فيكون عرضة للخطأ والخلل والاضطراب والضلال، وجميع أنواع النقص، فيتسرب إلى ذلك الأساس، وبالتالي إلى الاتجاه والنتائج، ولكنه على أي حال يحدث نهضة.
إلا أن الفكر الذي تحصل بارتفاعه النهضة هو الفكر المتعلق بوجهة النظر في الحياة وما يتعلق بها، لأن معنى ارتفاعه هو الانتقال من الناحية الحيوانية البحتة إلى الناحية الإنسانية. فالفكر المتعلق بالحصول على الطعام فكر، ولكنه غريزي منخفض، والفكر المتعلق بتنظيم الحصول على الطعام أعلى منه، والفكر المتعلق بتنظيم شؤون الأسرة فكر، ولكن الفكر المتعلق بتنظيم شؤون القوم أعلى منه، وأما الفكر المتعلق بتنظيم شؤون الإنسان باعتباره إنساناً لا فرداً فهو أعلى الأفكار. ومن هنا كان مثل هذا الفكر هو الذي يحدث نهضة. فعلى دعاة النهضة إذن أن ينشروا هذا الفكر ويجعلوه أساساً لغيره من الأفكار، وأن يجعلوا العلوم والمعارف مبنية على هذا الفكر، وآخذة الدرجة الثانية من الإهتمام حتى يستطيعوا أن يحدثوا نهضة.
دعوني أضرب لكم مثلا حيا عن فكرة المفهوم يسير السلوك
الكثير من المسلمين اختلط عليهم مفهوم الديمقراطية ، ولم يستعبوه كما هو في الواقع ، بل خلطوه - متعمدين أو متساهلين ، أو متجاهلين - بتصوراتهم الخاصة ، ولعلها طموح أو آمال عندهم ، مما جعل هذا المفهوم ينصرف عن معناه الصحيح , والآن نجد أن هؤلاء ما زالوا يسوقون هذه البضاعة الرثة بأغلى الأثمان ، بدمائهم وأرواحهم وممتلكاته , أليس أكثر من هذا دليل على أن المفهوم يسير السلوك ؟ وعلى النقيض من ذلك بجد أن المسلم الذي يفهم معنى رضى الله كما يرضى الله , تجده أيضا يضحي بالغالي والنفيس في سبيل الله .
﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
المفضلات