السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان ما أنقله لك ليس بالاجابة ولكن عليك ان تكون حذر وقارئ لنقاط التالية
هَل يُقتل المُرْتـَدّ عن الإسلام؟
اقتباس
السؤال: هل ورد حديث صحيح في قتل المرتد عن الإسلام؟ وهل هذا الحكم عامّ ويمكن تطبيقه في عصرنا؟ رغم قساوته وبدائيته وتخلفه، ورغم معارضته لأسس حرية الفكر، ولعولمة الحداثة وحقوق الإنسان.
هذا السؤال كنت قد خذنته عندي على الجهاز واعتقد ان سائله ليس بمسلم وذلك اننا نجد من خلال السؤال ان هدفة ليس الاستعلام عن السؤال ، وانما زرع فكرة ان هذا المبدأ رجعي وبدائي وأنه لا يجوز الاخذ به ، فهنا اختلف منحى الحديث عن مجرد الاستفسار وانتقل إلى التهجم على الدين ، ومحاولة إيجاد الاخطاء فية ، ولكن هيهات وبعد أن يجدون ما هو ناقص في الدين .
الجواب: للدخول في عرض هذه المسألة أرى أهمية الانطلاق من بعض النِّقاط المرتكزات، منها:
" الله عز وجل هو خالق الكون ومالكه ومَلِكُه، الرب الحاكم مستحق الطاعة مطلقاً، وهو لا يأمر إلا بعدل لأنه متصَرِّف في محض ملكه بحكمة.
" الإنسان مخلوق مملوك لله، عليه شكره ويتَشرف بعبادته وهو ممنوع (بمقتضى أوامر خالقه وبكرامته الإنسانية) من أن يَعبد غير الله، ويطيع ما يعارض أمر خالقه.
" الوَحْي هو طريق التعرف إلى أوامر الله وشريعته الحكيمة الرفيقة، وعلى الإنسان التعرف بالقرائن العقلية المتاحة له إلى المصدر الصحيح له بعيداً عن المدّعين المزوّرين.
" المسلم ينطلق من ثوابته (التي دل عليها العقل) معتبراً الخير والعدل والمصلحة فيما أمر الله على لسان أنبيائه من آدم إلى محمد مروراً بموسى وعيسى وغيرهما عليهم الصلاة والسلام.
" مصادر الشريعة الإسلامية هي القرآن الكريم والأحاديث النبوية الثابتة وما أرشدا إليه (هذه مصادر العقائد والأحكام والقيم).
" أحكام الشريعة الإسلامية ثابتة تطبق كلَّما وُجدت أسبابها وشروطها وانتفت الموانع، وبالتالي فالمتغير بتغيّر الأحوال هو المرتبط بالمتغيرات كالأعراف.
" الإنسان مخلوق مكرّم، ومن تكريمه إطلاق اختياره وتصرفاته، مع تحميله مسؤوليتها ونتائج عمله، ومن ذلك إلزامه بما التزم به بمحض اختياره عند كمال أهليته.
" هناك صراع قديم في الكون بين حزبين وإن تعددت أسماؤهما وواجهاتهما تاريخياً هما:
1- حزب الله الداعي إلى الخير الموصل إلى الجنة.
2- حزب الشيطان الداعي إلى الشر الموصل إلى النار.
" الاجتماع البشري والمخالطة ينتج عنها تجنٍّ وبغي وظلم عادة، ولا بد من نظام يحفظ على الاجتماع البشري أكبر قدر من الأمن والرخاء والرقي.
" تتناسب العقوبة مع الجناية والجريمة وآثارهما، كبراً وصغراً.
" ما يتعذر الاطلاع عليه (كبواطن النفوس والنيات)، يُقام مقامه الدلالات الظاهرة (كالألفاظ والتصرفات)، وفي إثباتها يُعمل بالإقرار أو بالشهادة.
" الإسلام يربي على العدل وحسن الخُلق ويشجع على تنازل الفرد عن حقه تواضعاً، ولكنه لا يرضى إلا بالعزة والقوة للأفراد والمجتمع والدولة التي يصوغها ويربيها، بعيداً عن الذل والضعف والغباء.
وبناءً على ما سبق فما حكم قتل إنسان اختار اعتناق دين الاسلام ثم ارتد عنه إلى دين آخر؟
المُستَنَد النَّصِّي الشرعي: نظر العلماء في المصادر الشرعية المعتمدة في الإسلام فوجدوا فيما يتعلق بهذه المسألة نصوصاً؛ منها:
- ما ورد في القرآن عن المنافقين والزنادقة واحتيالهم لمحاربة الإسلام: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [المجادلة:16] فسّر الإمام القرطبي رحمه الله ذلك العذاب المهين بأنه: (في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار).
- والآية فيها كشف لبواطن المنافقين ونياتهم العدائية، حيث اتخذوا إظهار الإسلام والحَلف بذلك دِرعاً ساتراً للتغلغل بين المسلمين لإبعاد الناس عن الإسلام وصدهم عن تعاليمه بالكلية؛ بأن يكفر الناس ويرتدوا مثلهم. أو جزئيّاً؛ بأن يحرفوا العقائد والأحكام باسم الإسلام، كما يحصل اليوم من بعض الذين يحملون أسماء إسلامية فيدَّعون أنهم "مفكرون مسلمون" وأنهم يقرأون القرآن "قراءة تجديدية". والأمر أوضح من أن يحتاج إلى ذكر أسماء وأمثلة.
- وقد حكت آيةٌ أخرى حصولَ مثل هذه الاعتداءات الخطرة على العقيدة الإسلامية تجاه الفرد المسلم والمجتمع الإسلامي ونظام الدولة الإسلامية أيضاً، حتى في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في دولة المدينة من قِبل اليهود: {وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون} [آل عمران:72] فبعض قادة اليهود اتفقوا على أن يعلن بعض أحبارهم وعلمائهم الإسلامَ أمام المسلمين صباحاً، ثم يعلنوا ارتدادهم عن الإسلام مساءً، فإن ذلك سيفسَّر على أن أهلَ الكتابِ والأحبارَ أصحابَ العلم الديني: لولا أنهم وجدوا في الإسلام أخطاءً تجعل اليهودية خيراً منه لَمَا رجعوا! ومثل هذا الفعل كان محاولة لشق الصف الداخلي للمسلمين وإضعاف الانتماء، مما قد يتسبب بالفوضى، وبالفلتان الأمني والاجتماعي، وبِرِدَّة بعض المسلمين الجدد الذين كانوا ينظرون إلى اليهود بإعجاب في جاهليتهم. فكشف الله ذلك المكر السرِّي للمسلمين بمعجزة الوحي.
- ومثل هذا الأسلوب المضلِّل لا زال متبعاً في هذا العصر، بل صار منظَّماً إلى حد أنه قد تعتمده الدُّول المحتلة لإنشاء فِرَق وأحزاب تدَّعي تمثيل "الإسلام المعتدل" كما حصل في شبه القارة الهندية مع "غلام أحمد" الذي أسس "القاديانية" باسم الإسلام وحرَّم جهاد الإنكليز المحتلين، حتى وصل نفوذهم إلى أن كان الرئيس الحاكم منهم، والتبس الأمر على كثير من الناس حتى قام العلماء في مؤتمر وبينوا "رِدَّة" تلك العقيدة وكفرها ومخالفتها للإسلام.
- وكذلك ما ورد في الأحاديث الصحيحة؛ مثل ما ورد في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن بدَّل دِينَه فاقتلوه".
- وقد نفَّذ هذه العقوبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واستمر تنفيذُها في خلافة أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم مما يَدُلّ على أنها عقوبة لم تُنسخ (ولم تُلْغَ بتشريع قانون آخَر حتى آخِر عصر النبي صلى الله عليه وسلم الذي انتهى الوَحْي بوفاته)، فلا يمكن لعالِم أن يحكم في مسألة بغير حكم الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما كان هذا الحكم ليس له سبب وتعليل غير: تبديل الدين من الإسلام إلى غيره "من بدل دينه فاقتلوه"، فَهِم المجتهدون المسلمون باتفاق أن قتل المرتد واجب على الحاكم المسلم أو السلطة القضائية والتنفيذية في الدولة التي تُحكم بالإسلام.
ولما درسوا باقي النصوص التي تبين شروط ذلك الوجوب وجدوا أن المرتد الذي يُحكم عليه بعقوبة القتل هو:
o البالغ
o العاقل
o الذي أعلن ردته
o بكامل اختياره وأهليته
o وثبتت ردته بإقراره أو بالشهود
o وأصر على الردة رغم كشف شبهاته
والذي يَحْكم بردة المسلم هو القاضي المسلم. وهو الذي يحكم بتنفيذ العقوبة بعد الاستتابة منعاً من الفوضى. فإن تولّى قتل المرتد غيرُ الحاكم والقاضي يكون قد تعدى صلاحياته واستحق التعزير بعقوبة يقدرها القاضي. هذا إن كان المقتول مرتدّاً حقيقة، وإلا فقد تشتبه بعض الأقوال والتصرفات على غير الفقهاء فيُظن أنها كفر وليست كذلك. وقد تكون سَبْق لسان أو دون فهم للمعنى...
المناقشة الفكرية العقلية: وأما من الناحية العقلية فقد يتساءل البعض عن مناقضة عقوبة قتل المرتد لمبادئ حرية الفكر، وأنا أضرب على ذلك مثالاً تقريبيًّا:
لو أن أحد الأشخاص اللاجئين السياسيين في أمريكا تقدم بطلب الحصول على الجنسية الأمريكية، فقُبل طلبه، مما أَهّله للتمتع بالمواطنية وحقوقها؛ مِن حق الترشح لرئاسة الدولة إلى أدنى الخدمات الاجتماعية. ثم أقر بعد ذلك أو ثبت تورطه بأقوال أو أفعال ينطبق عليها وصف "الخيانة العظمى" أو "الإرهاب" بحسب تعريف القانونيين الأمريكيين، وكانت عقوبة ذلك الجُرم في القانون هو القتل شنقاً أو بالكهرباء، فهل يعتبر تنفيذ العقوبة عليه قمعاً للحرية؟ أو يُعتبر إلزاماً له بما التَزَم ومحافظة على الأمن والوطن وسيادة القانون؟!
ولئن اعتذر بأنه لم يكن يعرف قساوة العقوبة المترتبة على جريمته، وبأنه لو علم "قساوتها وبدائيتها وتخلفها" ربما لم يُقدم على الجريمة، فواجهته المحكمة بأن "القانون لا يحمي المغفلين"، وبأنه كان يمكنه دراسة حقوقه وواجباته وقانون العقوبات قبل التقدم بطلب التجنيس... فلو رفضت المحكمة الإعفاء عنه وقضت بقتله لَمَا اعتبر الكثيرون ذلك خارجاً عن الإنصاف.
فلماذا يريد البعض أن يجعل صلاحيات البشر في المجالس التشريعية الذين يستندون في أحكامهم إلى معطَيات قد تكون دقيقة أو منقوصة أو مغلوطة أو حتى هوىً وتعسُّفاً - كيف تكون صلاحياتهم أوسع من سلطان الله الخالق ومُلْكِه؟
وإن التشريع الاسلامي أتاح للمرتد أن يراجع ضميره وعقله وحساباته، وأتاح له أن يحاور علماء متخصصين قبل إصدار الحكم عليه بالقتل. بل اذا كان الشخص الذي اعتنق الإسلام تغيَّرت قناعاته ويعرف أن القانون الإسلامي يَعتبر الردة "خيانة عظمى" توجب عقوبة القتل، فهل يكون تصريحه وإعلانه بالكفر إلا مؤشراً على استخفافه واحتقاره لسيادة القانون؟ وعلامة على أن الأمر محاولة لإحداث بلبلة وربما على الارتباط بمشاريع كيدية ضد نظام الدولة الإسلامية واستقراراها؟
وكون "دين الدولة الإسلام" لا يمنع من وجود مواطنين من غير المسلمين فيهم لهم حقوقهم وواجباتهم. أما اعتناق أحدهم للإسلام ثم إعلانه بالكفر فهو اعتداء على مقدّس في المنظور الإسلامي الرباني الذي لا يَبلغ نظامٌ بشريٌّ مستواه، فضلاً على أن يكون أَوْلى منه بالسيادة وتحديد القيم والمصطلحات والتشريع.
فالمرتد إذن لا يعاقب على ردَّته إذا كتم ذلك، ولم يجاهر بِسَبّ الإسلام وتحريف تعاليمه، فلم يُحدث فتنة في المجتمع الإسلامي؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أُومَرْ أن أنقِّب عن قلوب الناس" رواه مسلم. كما أنه إن كان "أَبّياً" يزعجه كتمان "قناعاته" الجديدة أو القديمة فهو يستطيع عملاً بالتزامه وتعهُّده بسيادة الشريعة يوم اعتنق الإسلام قائلاً: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله" يمكنه المحافظة على حريته بأن يختار غير دولة الإسلام وطناً له، فيتنازل عن جنسيتها ويلجأ إلى غيرها ليعيش فيها ويناصب الإسلام ودولته العداء إن شاء ولكن على غير أرض دولته.
الإسلام دين الرحمة نعم، ولكن ليس معنى ذلك اعتماد قاعدة (من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر) وخاصة على مستوى نظامه الحاكم لِيَسقط تحت ضربات الداخل والخارج، ثم يتولى الحكم سواه من الأنظمة التي وصفها الله على اختلاف أشكالها ومسمياتها بالظلم في قوله: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. وأما فيما يتعلق بكون هذا الحكم لا يتماشى مع أُسس حرية الفكر والحداثة. فأي أسس؟ ومن أحق من الله بوضع الأسس؟ ومن هم الذين تُقدَّم أهواؤهم على حكم الله في تحديد الحرية المقبولة والمرفوضة؟ إن البشر هم الذين عليهم أن يتماشوا مع أمر الله، لا العكس. وليس كل جديد خيراً من القديم، فإن جديد اليوم هو قديم الغد.
http://islam-forum.net/modules.php?n...rticle&sid=224
يتبع ان شاء الله
المفضلات