يقول المستشرق موير: "
إن المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد ليد حتى وصل إلينا بدون أي تحريف، ولقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر، بل نستطيع أن نقول إنه لم يطرأ عليه أي تغيير على الإطلاق في النسخ التي لا حصر لها، والمتدوالة في البلاد الإسلامية الواسعة، فلم يوجد إلا قرآن واحد لجميع الفرق الإسلامية المتنازعة، وهذا الاستعمال الإجماعي لنفس النص المقبول من الجميع حتى اليوم يعد أكبر حجة ودليل على صحة النص المنزل الموجود معنا"
فى بداية هذه الشبهة احب أن أوضح للنصارى وأعداء الدين أن ما جاء على لسان ابن مسعود ليس دليل على أى شبهة ضد جمع القرآن ولكنكم تخفوا الحقيقة
النقطة الأولى :
فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول : والله لقد أخذت من في رسول الله :salla-ico بضعا وسبعين سورة .... كما جاء بصحيح البخاري .. كتاب فضائل القرآن
ولكنكم أخفيتم هذه النقطة والتي تقول :
يبين ابن مسعود عمن أخذ باقيه فيقول في رواية أخرى:"وأخذت بقية القرآن عن أصحابه" .. كما جاء بفتح الباري ابن حجر ج9 ص48
وبهذا فما جاء عن ابن مسعود يوضح أنه حصل على ما نقص منه من سور قرآنية .
النقطة الثانية:
كلّ مجموعة وَرَقيّة تقعُ بين دفّتين تُسمّى ((مصحفا)) . كما كان مصحف فاطمة عليها السلام لم يحتوي على شيءٍ من القرآن، وإنّما محتواهُ أمورٌ أُخرى. (الكافي للكليني 1/ 187)
-------------------------
المعنى اللغوي للمصحف :
قبل أن أبدء أحب ان ألفت نظر الكنيسة أنه في الكنيسة الحبشية هناك تعاليم تُسمى بالـ (
ترجواى) وهي تنقسم لعدة تفسيرات ومنها :
1) تفسير
مصاحف ليتعاونت (كتب العقائد)
2) تفسير
مصاحف منكوسات (كتب الرهبنة الثلاثة)
فهل هذه المصاحف يطلق عليها قرآن ؟
إذن كلمة (مصحف) لا تعني قرآن .
قال الفرّاء في لفظ المصحف : " وقد استثقلت العرب الضمّة فكسرت ميمها وأصلها الضم ، من ذلك مِصحف .. ، لأنها في المعنى مأخوذة من أصحف جمُعت فيه الصُحف "
وقال أبو الهلال العسكري في الفروق اللغوية : " الفرق بين الكتاب والمصحف ، أن الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق ، والمصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت ، أي جمع بعضها إلى بعض "
وكلمة مصحف مأخوذة من الصحيفة وهي القرطاس المكتوب ، والمصحف ـ مثلث الميم ـ هو ما جُمع من الصحف بين دفتي الكتاب المشدود ، ولذلك قيل للقرآن مصحف ، وعليه فكل كتاب يسمى مصحفاً
يطلق الجمع على القرآن الكريم ويراد عدة معان هي:
-
المعنى الأول: جمعه بمعنى حفظه في الصدور.
-
المعنى الثاني: جمعه بمعنى كتابته وتدوينه.
-
المعنى الثالث: جمعه بمعنى تسجيله تسجيلا صوتيا.
* فقد بدأ جمع القرآن بمعناه الأول والثاني في عهد الرسول
، إذ حفظ صلوات الله وسلامه عليه القرآن من واقع مسؤولية الوحي وقد أمنه ربه تعالى من النسيان: { سنقرئك فلا تنسى } ، ثم حفظه الصحابة رضي الله عنهم كما حفظه التابعين رحمهم الله، وحفظته الأمة متتابعة في كل عصر، حتى ظهرت مدارس ومعاهد تحفيظ القرآن الكريم في عصرنا الحاضر، مما جعل هذه الأمة تختص دون سائر الأمم بحفظ كتابها القرآن العظيم وستستمر في حفظه بمشيئة الله تعالى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
* أما جمعه بمعنى كتابته في عهد الرسول
فقد بدأ باتخاذ الرسول الكريم كتابا للوحي ، كانوا يجمعون القرآن على العسب واللخاف والأكتاف، لأن أدوات الكتابة لم تكن متوفرة لديهم، فكانوا يضعون ما يكتبون في بيت رسول الله
وينسخون منه نسخة لكل واحد منهم وكانت تلك النسخ المكتوبة بمحضر رسول الله
فيحرسها الصحابة فِى بيوتهم مع استظهارهم لما فيها بل للقرءان كله, ولم يجمع القرآن في مصحف واحد في عهد رسول الله
لعدة أسباب أهمها ورود آيات ناسخة وأن القرآن لم ينزل جملة واحدة على الرسول
واستمرار نزول الوحي.
وكان رسول الله
يشرف بنفسه على ما يكتب، فعن زيد قال: فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسره فأكتب وهو يملي عليَّ فإذا فرغت قال: إقرأه، فأقرأُه، فان كان فيه سقط أقامه، ثم اخرج إلى الناس
لقد صح عن الرسول
أنه كان يعارض القرآن على جبريل مرة فِى كل سنة فِى شهر رمضان, وفِى عام وفاته صلى الله عليه وسلم كانت المعارضة بينهما مرتين فِى شهر رمضان منه. والمعارضة تكون بقراءة هذا مرة واستماع ذاك ثم قراءة ذاك واستماع هذا, تحقيقًا لمعنى المشاركة فتكون القراءة بينهما فِى كل سنة مرتين, وفِى سنة وفاته أربع مرات, فتفرس النبِى صلى الله عليه وسلم من تكرير المعارضة فِى السنة الأخيرة قرب زمن لحوقه بالرفيق الأعلى _ جبريل وميكائيل _, فجمع الصحابة رضِى الله عنهم فعرض القرءان عليهم ءاخر عرضة.
وروي أن الصحابة كانوا يختمون القرآن من أوله إلى آخره حتى قال (صلى الله عليه وآله): (
إن لصاحب القرآن عند الله لكل ختم دعوة مستجابة)
وتكشف لنا واقعة إسلام عمر بن الخطاب صدق الحديث
فبعد انتقال الرسول الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه إلى الرفيق الأعلى، ومحاربة أبي بكر المرتدين ، واستشهد من الصحابة حفظة القرآن في معركة اليمامة وحدها سبعون صحابياً، فأشار عمر رضي الله عنه إلى أبي بكر بجمع القرآن في مصحف واحد، وتردد أبو بكر في هذا الأمر قليلا ثم عزم عليه فاختار الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه ليقوم بهذه المهمة الصعبة والتي وصفها بقوله: "
والله لو كلفوني بنقل جبل لكان أهون علي من جمع القرآن" .
وزيد بن ثابت رضي الله عنه أهل لهذه المهمة فهو من كتاب الوحي وحفظة كتاب الله، وهو من الذين شهدوا العرضة الأخيرة للقرآن، بالإضافة إلى ورعه وكريم أخلاقه، فجمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في مصحف واحد وسماه مصحفا، وقد نال هذا الجمع استحسان وإجماع الصحابة رضي الله عنهم حتى قال عنه
علي رضي الله عنه: "
أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر فهو أول من جمع ما بين اللوحين"
واحتفظ الخليفة أبو بكر رضي الله عنه بهذه النسخة المجموعة على أدق وجوه التحري والبحث، ولما توفي احتفظ بها عمر رضي الله عنه ثم عهد بها بعد طعنه إلى أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها وظلت محتفظة بها حتى خلافة عثمان رضي الله عنه، فطلبها منها ثم أعادها إليها بعد الفراغ من نسخ المصاحف، وفي خلافة عبد الملك بن مراون أحرقت هذه النسخة خشيت أن تختلط على مصحف عثمان رضي الله عنه والذي أجمعت الأمة عليه.
وقبل أن نقدم جمع القرآن فى عهد عثمان ابن عفان نقول
لقد كان لسيدنا عليّ :radia-ico مصحف كباقي المصاحف التي جمعت فيما بعد مثل مصحف زيد ومصحف ابن مسعود ومصحف أُبي بن كعب ومصحف أبي موسى الأشعري ومصحف المقداد بن الأسود، كما كان لعائشة أيضاً مصحف.
وكان أهل الكوفة يقرأون على مصحف عبد الله بن مسعود، وأهل البصرة يقرأون على مصحف أبي موسى الأشعري، وأهل الشام على مصحف أبي كعب، وأهل دمشق على مصحف المقداد.
ولكن انتهى دور هذه المصاحف والقراءة فيها على عهد عثمان عندما أرسل عليها وأحرقها
هل مصاحف الصحابة التي سميت بأسماء جامعيها تختلف فيما بينها؟ وهل لكل واحد منها خصوصية؟
يرى المؤرخون أن فروقاً من ناحية تقديم السور وتأخيرها تكتنف تلك المصاحف، فمثلاً مصحف ابن مسعود نجده مؤلفاً بتقديم السبع الطوال ثم المئتين ثم المثاني ثم الحواميم ثم الممتحنات ثم المفصلات.
أما مصحف اُبي بن كعب نجده قد قدّم الأنفال وجعلها بعد سورة يونس وقبل البراءة، وقدم سورة مريم والشعراء والحج على سورة يوسف
فلما اتسع نطاق الفتوح الإسلامية جدًا, وبدأت الأغلاط فِى التلاوة تذيع فِى البلاد الشاسعة أجمعت الصحابة فِى عهد عثمان رضِى الله عنه على نسخ مصاحف من صحف أبِى بكر وإرسالها إلى أمصار المسلمين تحت إشراف الصحابة المرسلة إليهم.
روى البخاري عن أنس:
"
أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردّها إليك ؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن، فأكتبوه بلسان قريش، فإنّه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ ومصحفٍ أن يحرق".
وكان
زيد بن ثابت رضِى الله عنه هو القائم بها فِى عهد أبِى بكر, فقد وقع عليه الإختيار فِى العهدين بالنظر إلى أن زيد بن ثابت كان أكثر كتاب الوحِى ملازمة للنبِى عليه السلام فِى كتابة الوحِى, على شبابه وقوته وجودة خطه, فيكون أجدر بذلك, ولأبِى بكر وعثمان أسوة حسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم فِى اختياره لكتابة المصحف الكريم, على أن طول ممارسته لمهمة كتابة القرءان يجعله جاريًا على نمط واحد فِى الرسم, واتحاد الرسم فِى جميع أدوار كتابة القرءان أمر مطلوب جدًا.
وقد استمر عمل الجماعة فِى نسخ المصاحف مدة خمس سنين, من سنة خمس وعشرين إلى سنة ثلاثين فِى التحقيق, ثم أرسلوا المصاحف المكتوبة إلى الأمصار, وقد احتفظ عثمان بمصحف منها لأهل المدينة, وبمصحف لنفسه, غير ما أرسل إلى مكة والشام والكوفة والبصرة, وكانت تلك المصاحف تحت إشراف قراء مشهورين فِى الإقراء والمعارضة بها, فشكرت الأمة صنيع عثمان شكرًا عميقًا, وفـِى مقدمتهم
علِى بن أبِى طالب كرم الله وجهه,
بل كان يقول: لو وليت لفعلت فِى المصاحف الذِى فعله عثمان كما روى ذلك أبو عبيد فِى فضائل القرءان عن عبد الرحمن بن مهدِى عن شعبة عن علقمة بن مرثد عن سويد بن غفلة عن علِى كرم الله وجهه.
وروى سويد بن غفلة عن على بن أبي طالب أنه قال :
((
لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا ، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا على ملأ منا )) .. و في مرة أخرى قال : ((
لو لم يصنعه عثمان لصنعته )) .
حتى أهل الشيعة ينفوا مخالفة مصحف عليّ رضى الله عنه بالمصحف الذى جمعه عثمان رضى الله عنه
فالمقارنة بين مصحف علي رضى الله عنه والمصحف الموجود هى بأن مصحفه كان مرتّباً على حسب النزول ، وأنّه قدّم فيه المنسوخ على الناسخ ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل على حقيقة تنزيلها ، وبه الأحاديث القدسية
---------------
وما جاء بخصوص مصحف فاطمة
فهذا يُفيد أنه خاص بها ، ولا علاقة له بالقرآن ، وهذا ما جاء على لسان الشيعة· وقد قال سيدنا
علي رضى الله عنه : " .. وليخرجوا مصحف فاطمة فان فيه وصية فاطمة " وهذا ما جاء عن الرافضة
---------------
موقع للرد على الشبهة
http://alummah.net/misshaf/tarikh_kitabat_alquran.htm
http://wwww.ksu.edu.sa/kfs-website/source/57.htm#_ftn6
المفضلات