-
لا تفقدنى للأبد :: اغتنم شبابك قبل هرمك 3 ::
" لاتفقــــدني للأبــد "
جَلَسَ يَرْتشفُ قَهوتَهُ كَعَادَتِهِ كُلّ صَبَاحٍ
شَعرَ أنّ نَظرَتَهُ اليومَ للحياةِ تَختلفُ بَعدَ أن أعَادَ تَرْتِيبَ أورَاقِهِ أمس ، وَنفَضَ الغُبَارَ عَن أدْرَاجِهِ القَدِيمَةِ
،قَرّرَ أن يَبْدَأ حَيَاةً جَدِيدةً ،و بِنَشْوَةٍ مَمزُوجَةٍ بِسَعَادَةٍ غَرِيبَةٍ
مَدّ يَدَهُ إلى فُنجَانِ قَهْوَتِهِ
فَوَجَدَهُ فَارِغا ً
فارغــا ً إلّا مِن بَقَايـَـــا ذِكْرَيَاتٍ جَمَعَتهُ بِصَاحِبهِ يَوماً ما
حَاوَلَ إسْتِرجَاعَهَا ( اسْتِرجَاعَهَا ) فِي لَحْظَةٍ ، وَإذَا بِطَيفِهِ يَبْزُغُ مِن خَلْفِ قُضبَانِ نَافِذَتِهِ المُتْعَبَةِ ، طَيفُ ذَاكَ الصّدِيقِ الّذِي فَارَقَهُ يَوماً دُونَ سَابقِ إنذَارٍ فَمَاكَانَ مِنهُ إلا أن أعَادَ فُنجَانَهُ الفَارِغَ إلى طَاوِلَتِهِ ،وَخَاطَبَهُ فِي دَهْشَةٍ :
-صَدِيقِي عُدت إليّ !
أهُوَ الوفاءُ جَاءَ بِكَ ؟ !!
أينَ كُنتَ ؟
-لَمْ أفَارِقُكَ يَوماً ، كُنتُ أرْقُبُكَ مِن بَعِيدٍ .
- أنا مُتعَب ٌ , أحْتَاجُكَ .
-مَاأتْعَبكَ إلا طَيشُكَ ، وإسُرَافُكَ فِي أمرِكَ .
-عَجَبا ً كُنتَ صَاحِبِي !
-وَلازِلتُ، لَكِنّهَا فُرصَتُكَ الأخِيرَةُ مَعِي وَهُو الرّحِيلُ الأخِيرُ
تَعِبت ُ مِن كُلّ مَافِيك َ، تَعِبت ُ مِن تَفْرِيطُكَ بِي وأنا وأنتَ مُنذُ وُلِدتَ رِفَاق ، فَمَاعَرفْتَ الوَفَاءَ وَلاصُنتَ الإخَاءَ
سَأرحَلُ إلى مَن يَعرفُ قِيمَتِي وَأتْرُكُكَ مَع دَهْشَةِ فُنجَانِكَ الفَارِغَ !
- لا ، لاتَرحَل أرْجُوكَ فَأنا مُتعبٌ
يَاصَاحِبِي رِفْقَتِي غَدَرتْ بِي وَمَاكُنتُ لَهُم إلا وَفيّاً
-الوفاءُ بَابُ التّقْوَى ،أينَ أنتُم مِنهَا ؟؟!!
لكن ،،،
لاتأسف عَلَى شَيءٍ
فإنّكَ إن أحْببتَ وَوَجدتَ جُحوداً فالرّابِحُ أنتَ وإن أعْطَيتَ وَوجدت نُكرَاناً ؛ الرّابحُ أنتَ
وإن حَاولتَ وَفَشِلتَ فَوَحدكَ مَن سَيعرفُ السّببَ!
إذاً ( إِذَنْ ) دَعِ الأسفَ جَانِبا ً وَتعلمْ أن تَخْتارَ جَيدا ً لِتبقَى عَلَى وِئامٍ
- كيفَ أبْقَى علَى وِئامٍ وَذاتِي هِي مَن أتْعَبتنِي ؟!
- وأتْعَبَتنِي أيضاً
أتَذكُرُ تِلكَ الليَالِي البَرِيئةِ حِينَ كُنتَ طِفلا ً تَتَوسّدُ ذِرَاعَ أمّكَ المُتْعَبَةِ مِن كُلّ شيء إلا حُبّكَ ؟
أتَذكُرُ سَاعَاتِ الصّفاءِ الّتِي جَمَعتكَ وَصُحْبَةُ الخيرِ الّتِي فَرطتَ فِيهَا ؟
أتَذكُرُ لَحَظَاتِ وَدَاعِكَ للبراءةِ فِي لَحظةِ طَيشٍ وَكيفَ تُؤرخُهَا كُلّ ليلةٍ بِمدَادِ مِن دمٍ وَدُمُوعٍ
فِي ُمحَاوَلَةٍ مِنكَ لِنسْيَانِهَا ، لكن !
تَأبّى اللوحــةُ إلا أن تُعانِدَ
وتَتمرّدَ عَلَى كُلّ شَيءٍ لِترسُمَ
شَجَرَةً تَمْتَدُ عُرُوقُهَا إلى هُنَاكــ
إلى وَاد ٍ مِن الذّكْرَيَاتِ السّحِيقَةِ
الّتِي كَانتْ تَنعمُ بِالحُرّيَةِ يَوماً مَــا
فَانهَارتْ تَحتَ وَطأةِ التّحليقِ بَعِيداً
أبعدَ مِن أحْلامِهَا
وأبْعَدَ مِن مِسَاحَاتِهَا الخَضرَاءِ
فَسَحَقتْ فِي لَحظَةٍ طَيشَ
وَعَادتْ لِتَرْسُمَ اللوحَاتِ
وَهَيهَاتَ تُمحَى هَيهَات
- قَسوتَ عَليّ كَثِيراً يَاأخِي
- بَلِ القَسْوةُ الحَقّةُ هِيَ رَحِيلِي عَنكَ
هَاكَ يَدِي وَمَعَهَا بَقَايَا أمل
-تعبت ُ، تعبت ُ مِن كلّ شيء .
- أخِي ،سَتمضِي الأيّامُ
تُسابِقُ خُطَاكَ المُتعبةِ
وأنتَ َ مَكانَكَ ....لاشيء
الوحْشَةُ تَملأ المَكَانَ
وَرَائحَةُ المَوتِ تَقْتَرِبُ
مَوتُ كُلّ شيءٍ فِيكَ حَتَى ذَاتُكَ
فَالإنكِسَارَاتُ (فَالانكِسَارَاتُ ) كَثِيرةٌ
والإنتصَاراتُ (والانتصَاراتُ ) قَليلةٌ ..والأرضُ حُبلَى بِالهُمومِ
ولاشيء
سِوَى المَـــوتِ
يَنظرُ إليكَ بِعينِ العَطفِ
ولسانُ حَالِهِ يَقُولُ :
هَلْ أعددتَ العُدّةَ لِي ؟؟؟
- الموتُ ! أخَافُه وَأخشَى الحَرِيقَ
- لاتَخشَ الحَرِيقَ
تَقدمْ سِرْ فِي الدّربِ وَارمِ باِلأثقالِ جَانِبا ً
دَعِ الامطارَ تَهْطُلُ فَإنّهَا سَتغْسِلُ كُلّ شيء
سَتغسِلُ البَعْضَ وَتُفتِتُـــه
وتُلمعُ البَعضَ وَتُعِيدهُ أملَسا ً كَالحَريرِ
إذَا لَمْ تَفعَل فَستَنُوءُ بِحِملِ تِلكَ الأوحَالِ وَسَتَغطِسُ أقْدَامُكَ فِي الطيــنِ
سَيُدَنِسُ ثَوبكَ وَبَدَنَكَ
وَبعـــدُ
لن يَنظَفَا أبداً
وإن أردتَ المَسِيرَ
تَابِعِ الدّربَ
فَهُناكَ بِانتِظاركَ مَاءٌ عَذبٌ إن أردتَ شَرِبتَ وأن أردتَ اغْتَسَلتَ
تَطَهرْ مِن ذُنُوبِكَ وانهَضْ
اجعَلِ الحُبّ رَبِيعَ قَلبِكَ
أحبّ مَن حَولَكَ لِتَعِيشَ فَمَا الموتُ إلامـــوتُ القُلوبِ
عَليكَ بِالتّضحِيةِ فِهيَ مَصِيرُكَ
أنتَ مَن اختِرتَ الطّرِيقَ
فَلاتَخشَ الحَرِيقَ
أطرقَ رَأسهُ ، صَمتَ ، شَهقَ ، بَكَى ، نَظَرَ إلى مُصْحَفِهِ
و ابْتَسَمَ
رَفَعَ رَأسَهُ وإذَا بِالطّيفِ يَكادُ يَرحَلُ
خَاطَبهُ مُتوسِلا ً:
-لاتَرحَــل !!!
-سَأرحلُ يَوما ًفَاعْمَلْ عَلَى أن لاتَحتَاجَ إلا لأعْمَالِكَ
ولست ُبِصَاحِبكَ الدّائم
- مَن أنــــتَ ؟؟!!!
- أنَا وَقتُكَ المُهـــدُور
تفضلوا إهدائنا
[ أيا من يدعي الفهم ]
-
قال الفضيل بن عياض رحمه الله لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة، قال له: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك؟! يوشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون. فقال الفضيل: من علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف وإنه مسؤول فليعد للمسألة جواباً. فقال له الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة. قال: وماهي؟ قال: تحسن فيما بقي فيغفر لك ما مضى فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.
-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله العفو العافية وأن يقوي في رضاه ضعفنا وأن يختم بالصالحات أعمالنا آمين
الرابط لا يعمل أختي الغالية تاج الوقار
اقتباس
تحسن فيما بقي فيغفر لك ما مضى فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
شكرا أختي بارك الله فيكِ وفي حملتكم المباركة ( حملة الفضيلة ) ونفع بكم جميع وجزاكم خيرا
-
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 23-11-2009, 02:00 AM
-
بواسطة تاج الوقار في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 19-08-2009, 01:38 PM
-
بواسطة تاج الوقار في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 17-08-2009, 02:41 PM
-
بواسطة تاج الوقار في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 6
آخر مشاركة: 08-08-2009, 06:43 AM
-
بواسطة تاج الوقار في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 01-08-2009, 06:08 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات