مؤتمر بأسبانيا يبحث "تحرير" المرأة المسلمة
تستضيف مدينة برشلونة الأسبانية في أكتوبر 2005 "مؤتمر المرأة المسلمة في الغرب وفي كاتالونيا" الذي يسعى لتقديم نظرة الإسلام "الحقيقية" للمرأة والتي تضمن "تحريرها" وتخالف ما تعاني منه المرأة أحيانًا "من تعسف وقمع" في مجتمعات إسلامية، بحسب القائمين على المؤتمر.
وأعرب مصدر مطلع على أجندة المؤتمر الذي يعقد في الفترة من 27 إلى 29 أكتوبر 2005 عن تخوفه من أن يجنح المؤتمر إلى تبني "أجندة تطوع مبادئ وتعاليم الإسلام إزاء المرأة وفق الرؤية الغربية، وبشكل قد يتناقض مع جوهر تعاليم الدين الإسلامي بدلاً من أن يسعى إلى أن يوجه الغرب إلى فهم وضع المرأة المنصف في الإسلام".
ومن اللافت في هذا المؤتمر أنه وجه الدعوة لشخصيتين نسائيتين تتناقض توجهاتهما الفكرية وهما: أمينة داود التي تتبنى أفكارًا "تحررية" تتناقض أحيانًا مع الشرع، وندية ياسين التي تنتمي للتيار الإسلامي المغربي.
وتشرف الهيئة الإسلامية الكاتالونية بالتعاون مع فرع منظمة اليونسكو بإقليم كاتالونيا على تنظيم المؤتمر الذي يهدف إلى "إبراز مبادئ المساواة بين المرأة والرجل في الإسلام ودراسة وتقييم دور المرأة المسلمة في الحياة العامة بالغرب"، بحسب بيان صادر عن اللجنة التنظيمية للمؤتمر تلقت "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه الثلاثاء 20-9-2005.
وأضاف البيان أن "هذا اللقاء الدولي يهدف أيضًا إلى تقديم الصورة الحقيقية للمرأة المسلمة سواء في العالم الإسلامي أو البلدان الغربية، بعيدًا عن الدعاوى والقراءات المنحازة" و"إلى تحليل وبحث العلاقة بين الإسلام والاتجاهات النسوية التحررية".
رد على التغريب
ويعتبر البيان هذا المؤتمر سيكون ردًّا على من يعتبر "التغريب هو الوسيلة المثلى من أجل تحرير المرأة". ويضيف أن "هناك من يعتقد أن الإسلام يقمع المرأة وأنه لا يمكن تغيير هذا الواقع على الإطلاق، وبذلك يبدو طريق التغريب هو الوسيلة الوحيدة لتحرير المرأة، غير أنه وأمام هذه القراءة العدوانية فإن هناك طريقًا آخر يدعو إلى إمكانية تحقيق تحرير المرأة من داخل نسق الإسلام".
واعتبر بيان اللجنة المنظمة الذي نشر على موقعها على الإنترنت أن "هناك تفسيرا خاطئا ومتعسفا للنصوص القرآنية أدى إلى الوضعية الحالية للمرأة في البلدان الإسلامية، وأن الإسلام في أصله يحتوي على عناصر هامة لتحرير المرأة".
وأوضحت اللجنة المنظمة أن من بين الهيئات المشرفة على المؤتمر جمعية "إن شاء الله" الكاتالونية التي تدعو للمساواة بين الرجال والنساء وترفض ما تصفه بـ"بعض القراءات الذكورية" الخاصة بموقف الإسلام من المرأة؛ لأنها تعتبرها "قراءات لمسلمين وليست للإسلام".
وتُعَدّ هذه الجمعية مقربة من الهيئة الإسلامية في كاتالونيا، وتقودها عدد من النساء الأسبانيات اللاتي اعتنقن الإسلام في مراحل مختلفة من حياتهن وبوسائل مختلفة.
غموض حول التوجهات
وفي تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" رأى مصدر مطلع على أجندة المؤتمر من إقليم كاتالونيا فضل عدم الكشف عن اسمه "الغموض يسيطر بوجه عام على توجهات المؤتمر، غير أنه من المرجح أن يسير المؤتمر في وجهة تطويع المبادئ الإسلامية، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا المرأة المسلمة، وفق الرؤى الغربية التحررية التي تتعارض أحيانًا مع تعاليم الإسلام".
وأشار إلى أن ما يعزز هذه الشكوك مشاركة نساء في المؤتمر معروفات بقراءاتهن لواقع المرأة المسلمة التي قد تتعارض أحيانًا مع الشرع أو أثرن جدلاً عبر مواقفهن أو كتابتهن في الغرب، مثل أمينة داود أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة "فيرجينيا كومنولث" الأمريكية.
وأثارت أمينة داود في مارس 2005 استياءً كبيرًا في العالم الإسلامي بعد أن تولت إمامة صلاة جمعة مختلطة بين الرجال والنساء في نيويورك من منطلق دعوتها إلى "المساواة بين الجنسين في التكاليف الدينية"، في الوقت الذي يجمع فيه جمهور العلماء على أنه لا تصح إمامة المرأة للرجال لعدة أسباب، منها أنها قد تؤدي للافتتان بها أثناء الصلاة، بينما تجوز إمامة المرأة للنساء.
كما أن الهيئة الإسلامية الكاتالونية المشرفة على تنظيم المؤتمر سبق أن أثارت جدلاً في أوساط المسلمين بأسبانيا عبر مواقف لأحد قادتها، عبدالنور برادو، المؤيد لزواج الشواذ.
كما يرتقب أن تشارك في هذا المؤتمر نساء من عدد من البلدان الإسلامية من المغرب وباكستان وماليزيا وإندونيسيا وكذلك مسئولة قطاع المساواة والتنمية في منظمة اليونسكو فالنتين مغادام، بجانب شخصيات أخرى دولية معنية بقضايا المرأة.
غير أن ندية ياسين ابنة زعيم أكبر جماعة إسلامية في المغرب وهي جماعة "العدل والإحسان" المحظورة رسميًّا وجهت لها الدعوة أيضًا لحضور المؤتمر.
وكانت ندية ياسين أدلت في يونيو 2005 بتصريحات مثيرة للجدل أعلنت فيها تفضيلها للنظام الجمهوري في المغرب عوضًا عن النظام الملكي، وهو ما عرضها لمحاكمة توقفت بعد الجلسة الأولى بسبب ما اعتبرته الصحف المحلية "ضغوطا دولية وعلى رأسها الضغوط الأمريكية".
وسيكون هذا المؤتمر هو الأول من نوعه في إقليم كاتالونيا الذي يحظى بأهمية خاصة في أسبانيا وتوجد به جالية مسلمة هي الأكثر من بين كل مناطق البلاد، حيث تقدر أوساط رسمية عدد المهاجرين الشرعيين في كاتالونيا بحوالي مليون، نصفهم تقريبًا من المسلمين.
وشهدت أوربا الغربية والولايات المتحدة في الأعوام القليلة الماضية توجهًا لحكوماتها بدعم ما يصنف كتيار "متحرر معتدل" بين المسلمين يتبنى ما أضحت وسائل أعلام غربية تطلق عليه مصطلح "إسلام بمقاييس أوربية" في مواجهة ما تراه "تيارًا متشددًا".
المفضلات