عطية زاهدة
قصة أهل الكهف في القرآن الكريم
يقولُ عالمُ الغيبِ والشـهادةِ، سبحانَهُ وتعالى: "أَمْ حَسِبْتَ أنَّ أَصْحبَ الكهفِ والرقيمِ كانُوا مِنْ ءايتِنا عَجَباً (9) إذْ أَوَى الفِتْيَةُ إلى الكَهْفِ فَقالُوا: رَبَّنا ءاتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أمْرِنا رَشَداً (10) فَضَرَبْنا عَلى ءاذانِـهِمْ في الكهفِ سِنيَن عَدَداً (11) ثُـمَّ بعثْنهُمْ لِنَعْلَمَ أيُّ الِحزْبيْنِ أحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالحَقِّ إنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنهُمْ هُدىً (13) وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إذْ قامُوا فَقالُوا: رَبُّنا رَبُّ السَّموتِ والأرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دونِهِ إلهاً لَقَدْ قُلْنا إذاً شَطَطاً(14) هَؤلاءِ قَوْمُنا اتَّخَذُوا مِنْ دونِهِ ءالِهَةً لَوْلا يَأْتونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطنٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللهِ كَذِباً؟! (15) وَإذِ اعْتَزَلْتُموهُمْ وما يَعْبُدُونَ إلاّ اللهَ فَأْوُا إلى الكَهْفِ يَنْشُرْ لكُمْ ربُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ويُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مِرْفَقاً (16) وتَرى الشَّمْسَ إذا طَلَعَتْ تَزوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ اليمينِ وإذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وهُمْ في فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ ءايتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ الُلهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً (17) وتَحْسَبُهُمْ أيْقاظاً وَهُمْ رُقودٌ ونُقَلِّبُهُمْ ذاتَ اليميِنِ وذاتَ الشِّمالِ وِكَلْبُهُمْ بسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالوَصيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً ولَمُلِـئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (18) وكَذلِكَ بَعَثْنهُمْ لِيَتَساءَلوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ: كَمْ لَبِثْتُمْ؟ قالُوا: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بعضَ يَوْمٍ. قالُوا: ربُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ؛ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إلى المدينةِ فَلْيَنْظُرْ أيُّها أزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (19) إنَّهُمْ إنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أوْ يُعِيدُوكُـمْ في مِلَّتِـهِمْ وَلَـنْ تُفْلِحُوا إذاً أبَـداً (20) وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وأنَّ الساعةَ لا رَيْبَ فِيها إذْ يَتَنـزَعونَ بيْنَهُمْ أمرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيناً ربُّهُمْ أعلَمُ بِهِمْ قالَ الذينَ غَلَبُوا عَلى أمرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (21) سَيَقولُونَ ثَلثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ويقولونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بالغيْبِ ويقولونَ سبعةٌ وثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ ربِّي أعلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إلاّ قليلٌ فَلا تُـمارِ فيهِمْ إلاّ مِراءً ظهِراً ولا تَسْتَفْتِ فيهِمْ مِنْهُمْ أحداً (22) ولا تَقولَنَّ لِشَاْىْءٍ إنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (33) إلاّ أنْ يشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إذا نَسِيتَ وَقُـلْ عَسى أنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْـرَبَ مِنْ هـذا رَشَــداً (24) ولَبِثُوا في كهفِهِمْ ثَلثَ مِائَةِ سِنيَن وازْدادُوا تِسْعاً (25) قُلِ اللهُ أعلمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غيْبُ السموتِ والأرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دونِهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا يُشْرِكُ في حُكْمِهِ أَحَداً (26)".
===========
أوَراءَ كلِّ اكتشافٍ عظيمٍ "عنزة"؟
لقد قدَّر اللهُ سبحانَهُ وتعالى أنْ يكتشفَ رعاةٌ من عربِ التعامرةِ الكرامِ القاطنين في برّيّةِ بيتَ لحمَ أولَ مجموعةٍ مِنْ مخطوطاتِ قمرانَ. كانَ ذلكَ في العامِ 1947م؛ وقيلَ – وربَّما هوَ الأصَحُّ – في عامِ: 1946م. وإذْ إنَّ قمـرانَ، منْ عشراتِ القرونِ، مقفرةٌ موحشةٌ، فقد كانتْ تمرُّ عليْها عشراتُ السنينَ دونَما طارقٍ مِنَ الناسِ. وأمَّا اليومَ – عامَ 2006م - فتمرُّ بِها طريقٌ عامرةٌ تقودُ إلى مُتَنَـزَّهاتِ عَيْنِ الفَشْخَةِ.
افتقد الراعي التعمريُّ "محمد الذيب" في رواحِهِ ذاتَ يومٍ من ربيع العام 1946عنزةً، وأخذَ يبحثُ عنها في الشعابِ الجبليّةِ في منطقة قمران، جنوب مدينة أريحا، على الشاطئِ الغربيِّ الشماليِّ للبحر الميت.. وأثناء البحثِ في سويعاتِ الأصيلِ رأى فتحةً فقذف عبرَها حجراً، فسمعَ صوتَ فخّارٍ يتكسَّر، فتوقّعَ جراراً تحوي ذهباً.. ولكنَّهُ بسببِ عتمةِ الكهفِ المنفتحِ إلى الشرق، إذْ كانتِ الشمسِ تعانقُ أفقَ الغروب، وخشيةً من احتمال وجودِ الثعابين والذئابِ في داخل الكهف، فقد عزمَ على أنْ يغدوَ إليْهِ فيدخلَهُ على أنوار الشروقِ. ولكنّهُ ذكرَ الأمرَ لراعيَيْنِ آخريْنِ ممّنْ يبيت معهم في تلك البريّةِ. وما أنْ تبيّنَ الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسود من فجرِ اليوم التالي، حتى كان أحدهما واسمه "جمعة خليل" قد تسلّلَ إلى الكهفِ دونَ إشعار "محمد الذيب"؛ يجرُّهُ الطمع في الأملِ بالعُثورِ على كنزٍ عظيمٍ وجمع ثروةٍ عظيمة. ولكنَّهُ وجدَ مخطوطاتٍ قديمةً في جرارٍ من الفخار، تحوّلتْ بعدَ بضع سنينَ إلى كنزٍ من نصيبِ مطران السريان وتجار الآثار في بيت لحم.
ومنْ بعدِ عامِ 1946م، فقدْ حدثتِ اكتشافاتٌ على جولاتٍ امتدَّتْ على زخمٍ إلى عامِ 1956م، وكانتْ حصيلتُها: العثورَ على أحدَ عشرَ كهفاً أسينيّاً، سُمِّيَتْ بالأرقامِ حسبَ تسلسلِ اكتشافِها. واستأنفَ اليهودُ التنقيباتِ في قمرانَ وحولَها بعد احتلالِهمُ الضفّةَ الغربيّةَ عامَ 1967م.
ونظراً لِأَهميةِ مكتشفاتِ قمرانَ، فقد زادَتِ المُؤَلَّفاتُ فيها إلى هذا اليومِ عَنْ خمسةِ آلافِ كتابٍ؛ وتجاوزتِ المقالاتُ الرصينةُ عَنْها سبعينَ أَلْفاً؛ ونشأَ عَنْها: "علمُ القُمْرانِيّاتِ" qumranology، وقد اتَّخذَتْهُ بعضُ الجامعاتِ مَساقاً course.
وتشكلُ تلكَ المخطوطاتُ مكتبةً ضخمةً منْ نحوِ: 875 كتاباً، وآلافِ الجذاذاتِ، رَقمَ الأسينيّونَ معظمَها بالنسخِ المسطورِ على رِقاقٍ منْ جلودِ الماعزِ المدبوغةِ بحبرٍ كانوا يصنعونَهُ من حرقِ العظامِ.
وقد انتهتِ الرحلةُ بمعظمِ مخطوطاتِ قمران إلى حوزةِ اليهودِ، وجعلوا لها مُتحفاً خاصّاً ذا قبّةٍ متميّزةٍ على شكل جِرار المخطوطاتِ التي عثرَ عليْها الرعاةُ التعامرةُ في الكهفِ الأول، وجعلوا موضعَها بجوارِ الجامعةِ العبريّةِ مقابلَ "الكِنيست". ولم يقمِ اليهودُ بنشرِ محتوياتِ كثيرٍ من المخطوطات؛ و ذلكَ - على الأغلبِ – مخافةَ أنْ ينكشفَ ما فيها مِنَ التبشيرِ بالنبيِّ محمدٍ، عليهِ السلامُ؛ وما في أسفارِ العهدِ العتيقِ المتداولةِ – الآنَ – مِنَ التحريفِ والتزوير؛ ولِما فيها مِنَ المخالفاتِ والمعارضاتِ للفكرِ الصهيونيِّ، ولِرَفْضِ كاتِبيها الاعترافَ بِهِ. وهذا ما يذكِّرُنا بجماعةِ حرَّاسِ المدينةِ المسَمّاةِ: "ناطوري كارتا"، اليهوديّةِ المعاصرةِ المكفِّرةِ والمحرِّمةِ للصهيونِيَّةِ. ولهذهِ الجماعةِ في العالمِ مركزانِ رئيسيّانِ: حيٌّ يعـرفُ باسمِ: "مِئاهْ شَعاريم" – مِئَهْ شَعاريم – أيْ: حيِّ مئةِ بوابةٍ، في غربِ القدسِ؛ والمركزُ الآخرُ في مدينةِ: "بْرُوكْلِن" في أمريكا. ويبدو لي أنَّهم الورثةُ المعاصرونَ لكثيرٍ مِنْ تعاليمِ ملَّةِ الأسينِيّينَ.
نشأة الأسينيّين
ربّما كانَ الأسينِـيِّـونَ Essenesأعجبَ طائفةٍ في تاريخِ الأديانِ. وما هؤلاءِ الأسينيّونَ إلاّ شبابٌ قاموا يُقاوِمونَ قَوْمَهُمْ، بِالنُّصحِ والموعظةِ؛ إذْ دَنََّسَ هؤلاءِ القومُ التوراةَ، وارْتَدُّوا عَنْ شرعِها، وعَنْ ملَّةِ التوحيدِ، فذبحوا للأوثانِ، واتَّخذوا التقويمَ القمريَّ.
لقد حاولَ اليونانُ في عهدِ "أنطيوكس إيبيفانوس" في القرنِ الثاني قبلَ الميلادِ (176 ق.م – 164 ق.م) توثينَ إمْبَراطورِيَّتِهِمْ، وفي جُمْلَتِها سُكّانُ فَلَسْطينَ، إذْ كانتْ في احتلالِهم منذُ 333 ق.م.
وكانَ ضمنَ سكانِ فلسطينَ عصرَئذٍ أقَلِّـَّيّةٌ عبريّةٌ معظمُها مُتَهَـوِّدٌ، وقدْ جرفَهُ التَّـوَثُنُ؛ وكان فيها بَقِيَّةٌ من الشبابِ مُحافِظٌ على التوراةِ غيرِ المحُـَرَّفَةِ، فقاوموا التوثينَ، واعتزلوا مجتمعَهم الكافرَ، وتَشَكَّلَتْ مِنْ بينِهم: "طائفةُ الأسينِيِّينَ"، بقيادةٍ "معلّم الحقِّ". وقد جعلتْ هذه الطائفةُ الحفاظَ على التوراةِ، وعلى كتبِ الشرعِ الأخرى، أوجبَ واجباتِها. ولهذا الهدفِ قامتْ بحفرِ مجموعةٍ من الكهوف السرّيّةِ في قفارِ قمران، حيثُ كانتْ تبعثُ إليْها سرّيّاً في كلِّ ليلةٍ مجموعةً من الفتيةِ يقومونَ الليلََ أثلاثاً وهم يتلون تراتيلََ توحيديّةً من مخطوطِ "الهودايوت"، أي الهدايات.
وتعرضتْ طائفةُ "الأسينِيّينَ" للاضطهادِ العنيفِ على يدِ سلسلةٍ منَ الملوكِ الكهنةِ في عهدٍِ المكّابِيّينَ (165ق.م – 63ق.م ) الذين توثّنوا واتّبعوا اليونانَ. وقدْ بلغَ الاضْطهادُ للأسينيّينَ ذُرْوَتَهُ في عهدِ الكسندر جانيوس (103ق.م–76ق.م )، حتى وصلَ به الأمرُ في السنة الثانيةِ من حكمِهِ إلى مهاجمةِ أريحا ومحيطِها بشكلٍ مباغتٍ، في يومِ عيدِ الغُفرانِ، وقَتَلَ منهم المِئاتِ.
كيف تشهد المخطوطاتُ أنَّ محمداً، عليْهِ الصلاةُ والسلامُ، رسولُ اللهِ تعالى؟
أولاً – ذكر محمدٍ في المخطوطات.
يوجد بين مخطوطات قمران أقدم نسخِ التوراة والأسفار الشارحة لها. ويبدو واضحاً أنَّ أحبارَ اليهود يمنعون كشف هذه النسخ مخافةَ أن يعرفَ الناسُ تبشيرَها بمجيء الرسول محمد، عليه الصلاة والسلام.
ثانياً- احتواءُ المخطوطات على نصوصٍ غير محرفةٍ تتوافقُ مع ما قصَّهُ القرآن الكريم عن كثيرٍ من أمورِ بني إسرائيل وعن اختلافاتهم.
ثالثا- ارتباط قصة "أصحاب الكهف والرقيم" بمخطوطات البحر الميت وطائفة "الأسينيّين" ارتباطاً وثيقاً وتفصيليّاً.
فكيف تشهدُ المخطوطاتُ على صدق نبوة الرسول محمد عليه السلام من خلال ذلك الربطِ؟
لقد كانت المخطوطات مخبّاةً في كهوف قمران من قبل ميلاد المسيح عليه السلام بنحو قرنٍ إلى أن اكتشفها رعاة التعامرة في العام 1946م . ومعنى هذا أنَّ "محمدا" عليه السلام قد عاش في فترةٍ لا علمَ للناس أثناءها بالمخطوطات وما تحتويه وما يرتبط بها.
فماذا جاء في قصة القرآن ممّا كشفت عنه مخطوطات البحر الميت؟
1- بين القرآن أنَّ "أصحاب الكهف والرقيم" كانوا شباباً : "إنَّهم فتيةٌ". وقد تبيّنَ أنَّ "طائفة الأسينيّينَ" كانت تتكوّنُ من الشباب.
2- الرقيم في اللغة هو المخطوط، وقد كانت طائفة الأسينيّينَ تسمي كتبَها :"روقموت"، وهي في العبريّةِ جمعُ "روقماه" وتعني المخطوط.
3- عرفتْ طائفة الأسينيّينَ باسم : "المغائريّين"؛ وذلك لأنّهم كانوا يحتفظون بكتبهم ومخطوطاتهم في الكهوف.. وما دام الرقيم هو الكتاب أو المخطوط فإنَّ "أصحاب الكهف والرقيم" هم أولئك المغائريّون.
4- اتخذ الأسينيون الكهوفَ تنفيذاً لهذا الأمر : "قوموا في القفرِ سبيلاً لله" . وجاء في القرآن: "إذْ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض".
5- هربَ الأسينيون إلى الكهوف السريةِ في قمران من "قومِهم" الذين توثّنوا، في سبيل الحفاظ على عقيدة التوحيد، بعدَ تعرُّضِهم لعملّيات ومحاولات الاضطهاد والمذابح، والإعادة في ملةِ الكفر .. ويخبرنا القرآن أنَّ الفتيةَ هربوا من "قومِهم" الذين توثّنوا في سبيل الحفاظ على عقيدة التوحيد بعد تعرُّضِهم لعمليات ومحاولات الاضطهاد والتقتيل، والإعادة في ملة الكفر.
6- كان الأسينيون يحرصون كلّ الحرص على طهر وزكاء الأطعمة. وقد بيّن القرآن الكريم حرص الفتية البالغ على طهرِ وزكاء الأطعمةِ.
7- يوجدُ في المخطوطاتِ نصٌّ يقول: "إن هناك مجموعةً من الشباب نائمة وستستيقظُ مرةً أخرى لتجدَ أنَّ يومَ القيامة قريبٌ وأنَّ ما وعد الله به الرسلَ حقٌّ".. وفي القرآن الكريم أنَّ الفتيةَ كانوا نائمين وقد استيقظوا وأعثرَ الله عليهم "ليعلموا أنَّ وعدَ اللهِ حقٌّ وأنَّ الساعةَ لا ريْبَ فيها".
8- كان للأسينيّينَ مرشدٌ هوَ : "معلم الحقِّ"، وكان بينهم بمثابة نبيٍّ، وهوَ متساوٍ معهم. وفي قصة القرآن الكريم يوجد معَ الفتيةِ مرشدٌ يوجههم ويعلمهم وهو على اتصالٍ بالوحي: "فأووا إلى الكهف ينشُر لكم ربُّكم من رحمتِهِ ويهيئْ لمن من أمركم مرفقا".
9- وفي المخطوطاتِ نصٌّ يتحدَّثُ عن أنَّ "معلم الحقِّ" سيعودُ مع رفقةٍ من الشباب بعد غياب 390 سنة في إقامةٍ مجهولةِ المكانِ.. والقرآن يخبرنا بغياب الفتيةِ والذي كان يرشدهم بقولِه : "ولبثوا في كهفِهم ثلاثمائةٍ سنينَ وازدادوا تسعاً" .
10- وُجدَ في قمرانَ كهفٌ عرفَ باسم : "الكهف الرابع" كان يخدم طائفة الأسينيّين مأوىً ومكتبةً .. فهو كهفٌ يحوي الروقموت – الرقيم - ويأوي إليه فتيتهم. ومواصفاتُ ومشخَّصاتُ هذا الكهفِ هي مثلُ ما يصفُ القرآنُ الكريم؛ فهو منفتحٌ إلى الشرق، ومنفتحٌ إلى الغرب، وبابُه شماليٌّ، وهو ذو فجوةٍ.
11- وُجدَ على التلةِ المقابلة للكهف الرابع معبدٌ (مسجد)، وبنيانٌُ. وعُثرَ في أرضِ المعبد على نقودٍ فضيّةٍ. وقد بيّنَ القرآنُ اتخاذ الذين عثروا عليهم لمعبدِ وبنيانٍ، وبين أن نقودهم كانت من الفضة : "بورقكم".
12- كانَ فتيةُ الأسينيّينَ عندما يدخلون الكهف الرابع يأخذون معاً بتلاوة أدعيةٍ جماعيّةٍ وبصوتٍ مرتفعٍ، وذلك من كتابٍ اسمه : "هودايوت" – الهدايات - . وقد بيّن القرآن الكريمُ أنَّ فتيةَ الكهفِ قدْ اخذوا بالدعاء الجماعي فورَ دخولهمُ الكهفَ طالبين الهدايات :"إذْ أوى الفتيةُ إلى الكهف فقالوا: ربَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رحمةً وهيّئْ لنا من أمرِنا رشداً".. والرشد هو اسمٌ جامعٌ للهدايات.
هذا غيضٌ من فيضٍ منَ الأدلةِ التي تبرهنُ وتشهدُ أنَّ القرآن وحيٌ من عند الله تعالى، وذلك من خلال الربط بين قصة القرآن الكريم عن : "أصحاب الكهف والرقيم" من جانبٍ، وبينَ الأسينيّينَ ومخطوطات البحر الميت من الجانب الآخر. ويكفي أنَّ آيةً من آياتِ القصةِ تتألَّفُ من 38 كلمةً تشتملُ على نحوِ ثمانينَ حقيقةً من مخطوطات البحر الميت : "وكذلكَ بعثناهم لِيتساءَلوا بينهم قال قائلٌ منهم: كم لبثتُم؟ قالوا: لبثْنا يوماً أو بعضَ يومٍ، قالوا ربُّكم أعلمُ بما لبثتُم فابعثوا أحدَكم بورِقِكم هذهِ إلى المدينةِ فلْينظُرْ أيُّها أزكى طعاماً فلْيأتِكم برزقٍ منهُ ولْيتلطَّفْ ولا يُشعرنَّ بكم أحداً".
أجلْ، إنَّ مخطوطاتِ البحر الميتِ تشكِّلُ أكبرَ شهادةٍ وثائقيّةٍ موثّقةٍ وموثوقةٍ تشهدُ بجلاءٍ لا ريْبِ فيهِ أنَّ "محمّداً" رسولُ الله تعالى ، وأنَّ القرآن الكريمَ وحيٌ من عندِهِ إلى هذا الرسولِ الكريمِ. وهي بهذا خيرُ مثالٍ على ما يسمّيهِ البعضُ : "الإعجازَ التاريخيَّ في القرآن الكريم".. فهل توقظُنا قصةُ النيامِ؟
وآخرُ دعوايَ أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ
المفضلات