مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس متسترا ليتعرف أخبار رعيته فرأى عجوزا فسلم عليها

وقال: لها ما فعل عمر؟

قالت : لا جزاه الله عني خيراً .

قال : ولم ؟

قالت : لأنه - والله - ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين دينار ولا درهم.

فقال لها : وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟

قالت : سبحان الله ! والله ما ظننت أن أحدا يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.

فبكى عمر ثم قال: وا عمراه ! كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر.

ثم قال لها: يا أمة الله ، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار.

قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله

فقال لها : لست بهزاء.... ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً

وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما

فقالا : السلام عليك يا أمير المؤمنين.

فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت : واسوأتاه أشتمت أمير المؤمنين في وجهه !

فقال لها عمر : لا بأس عليك رحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد ، فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها

" بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارا ، فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء " وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود

ورفع عمر الكتاب إلى ولده وقال: " إذا أنا مت فاجعله في كفني ، ألقى به ربي"