بسم الله الرحمن الرحيم ..
أبدأ الموضوع بمثال بسيط وسؤال ..
تخيل أن رجلا أراد تسخير غلام ليرسله إلى مجموعة من الناس في مكان معين برسالة معينة .. فأتى الغلام وقال له الرجل اذهب إلى أولئك الناس وقل لهم أني أقول لهم كذا وكذا .. فانطلق الغلام .. ولكن الرجل انطلق هو أيضا مع الغلام ! .. ولما وصلا كلاهما .. قال الغلام للناس ما أوصاه الرجل أن يقوله لهم .. وفي نفس الوقت تكلم الرجل وقال لهم أنا الذي أرسلت لكم هذا الغلام الذي أتى معي وقال لهم بعض ما كان يريد أن يقوله لهم .
هل هناك شيئ في هذا المثال غير منطقي ؟
طبعا ..
فأي عاقل سيتبادر إلى ذهنه هذا السؤال : ما الداعي إذن أن يسخر الرجل الغلام ويرسله إلى أولئك الناس ما دام ذهب إليهم بنفسه وكلمهم ؟
أقل ما يقال عن هذا الرجل أنه غبي !
الآن ندخل في الموضوع ..
نعلم جميعا أن النصارى يقولون عن المسيح أنه لاهوت وناسوت .. وعندما يقول المسيح أو يفعل شيئا لا يليق بالله يقول النصارى أن ذلك قاله أو فعله الناسوت .. والعكس تقريبا صحيح ..
وعلى سبيل المثال ..
نأخذ هذا النص الشهير الذي يستدل به النصارى على ألوهية المسيح ونسألهم :
يوحنا 10 :30 أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ.(الفانديك)
نسألهم من المتكلم هنا ؟ .. اللاهوت أم الناسوت ؟ .. يجيبون اللاهوت .. طبعا .. وإلا لما استدلوا به على الألوهية !
ثم نأخذ النص التالي ونسألهم :
يوحنا 5 :30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.(الفانديك)
نسألهم من المتكلم هنا ؟ .. الناسوت أم اللاهوت ؟ .. يجيبون الناسوت .. لأن صفة العجز (أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا) لا تليق باللاهوت طبعا ..
خلاصة القول .. أن النصارى يؤمنون .. أن الذي كان يكلم الناس أحيانا يكون هو الله (اللاهوت) وأحيانا يكون رسول الله (الناسوت) ..
والآن نعود للمثال في أول الموضوع .. ونسأل النصارى ..
ما الداعي إذن لأن يتكلم يسوع مع الناس كإنسان فيقول لهم ما يريد الله قوله لهم ما دام الله كلم الناس بنفسه بلسان الناسوت ؟
يا مثبت العقل !!
المفضلات