أيها المؤمنون والمؤمنات إلى متى سنكون قادرين على تحمل اذى الكفار والمنافقين والطامعين … وإلى متى سيدوم كابوس هذا القرف الشيطاني البغيض والذي هو ماضً في تحطيم وإفساد أيقونة المفهوم الإنساني وجوهره القويم … ومتى ستتصدى له جحافل الأُمة صفاً واحداً ونكون بالقادرين على دفن الوهن والخوف معه؟
لقد كان بأن نُقل عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: من قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل وما الوهن يا رسول الله ؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت.
-
إن نبي الله سليمان عليه السلام سمع صرخات التنبيه التي أطلقتها نملة من قاع وادي النمل أبت لأن تُسحق تحت الأقدام …. فكانت صرخة تحذير لباقي النمل أبقتهم على قيد الحياة،
لقد أدركت نملة واحدة مسؤوليتها تجاه الآخرين فأدت دورها بممسؤولية وأمانة لِتهب حياة لمن أراد الحياة ……. فتقدمت صفوف النمل مُحذِرة من خطر وشيك … “قالت نملةٌ يا أيُها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكُم سُليمان وجنودهُ وهم لا يشعرون” … “فتبسم ضاحكاً من قولها وقال ربِ أوزعني أن أشكُر نعمتك التي أنعمت علىّ وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه” سورة النمل 18 – 19 .
.. فهل ولّى مع النمل الصراخ حين ولى زمان الإصغاء … وهل أصبحنا نمل الأرض بعد أن كنّا أسيادها وأصبحنا نُداس بالأقدام ..؟ … وهل من يجيب النداء، أما في قولها (أدخلوا مساكنكم) فهي دعتهم للجوء إلى مساكنهم على الرغم من ضعف مساكنهم والتي لا تحتمل ثقل جيش سليمان عليه السلام ولكن اللجوء إليه أشعرها بالأمان والطمأنينة والسكينة، أما في بلاغة قولها والذي أجبرتنا هذه النملة على التوقف عنده هو قولها “يَحْطِمَنَّكُمْ” أي إستعمالها لكلمة ذات ازدواجية في معناها فـيَحْطِمَنَّكُمْ أي يحطمكم ويطمكم في آن واحد ولم تقل يُحَطِمنَّكُم فقط فكان إنتقاءها للكلمة يحمل تحذير للنمل من أن ما قد يحصل لهم هو إما التكسير “التحطيم” أو الدفن “الطم” أي الموت ولكن أين الإعجاز ..
أما لإعجاز هو بأن القرآن اشار على صلابة الهيكل الخارجي للنمل والمخلوق من مادة تُدعى كيتين ” Chitin ” حيث يتكسر هذا الهيكل الخارجي او أجزاء منه عند تعرضه للحوادث ولا يتعرض للجروح مثلاً أو للتمزيق أو الإعوجاج بل للتحطيم وهذا ما قد يحصل للنمل وهو أقل الضررين والذين اشارت عليهم النملة في كلمتها هذه لأن الإعجاز الآخر هو ما قد ينتج عن الطم اي غمرهم تحت التراب وهو سوف يؤدي إلى موتهم لأن ما قد تم اكتشافه بالإضافة إلى مادة هيكلهم الصلب هو بأن النمل ليس له رئتين على غير من الإنسان أو الثديات وأن عملية التنفس تتم من خلال فتحات انبوبية في البطن تعمل على السماح للأُكسجين بالمرور إلى الأنسجة والخلايا من خلالها.. ولكن فالعجيب بأن هذه الفتحات ليس لها صمام للفتح والإغلاق وبالتالي فلو فلو تم غمر “طم” النمل تحت التراب بدون توفر مكان “أشارت النملة عليه بالمسكن” يتوفر فيه الأكسجين يموت النمل نتيجة إنسداد هذه الفتحات ..
فلم لا نعتبر ونتعظ لما يمكن لأن يحدث لنا “المرة تلو المرة” ونسكُن إلى ديننا وبعضنا البعض وذلك حتى نشعر بالأمان والطمأنينة رغم تكالب وتعاظم القوى المتأمرة والمحيطة بنا، فلماذا على الرغم من تعملُقِنا إذ قورنا بحجم نمل الأرض كُنّا قد إخترنا الصمت على الكلام .. ؟؟ والدعس والسحق أو التحطيم، أو الطم والموت على القيام، فصرخة نملة من قاع وادي النمل أهَلتها لأن تكون عبرة لنستفيد منها ودرس لنتعلم منه، إن ثقافة الحرص والتنبيه التي تمتعت به نملة جعلت منها آية تُذكر في كتاب الرحمن ..!! فيا حبذا لو تعلّم المسلمون عدم الصمت وحرصوا لأن يكونوا مسموعين وغير مهزومين، وحق النمل إننا لا نُقاس بهم لا بالحيطة ولا بالحذر.. فلننظر إلى مسار النمل وهو يلحق ببعضه البعض بخطى واضحة وجلية وتباعاً تباعا وفي نظام غير مألوف لدينا حتى في طوابير الخبز، فشتان ما بين النمل وبيننا … فنحن لازلنا في إنتظار جواب شبيه بجواب سُليمان عليه السلام وقوله (وأن أعمل صالحاً ترضاه) من كل واحد منا، فأين هم جنود الله على الأرض من أءمة وشيوخ وعلماء وفقهاء وقادة وأحرار .. أين هم أحفاد عمر وصلاح والمعتصم والقسام والمختار وقطب .. أين هم الرجال المخلصين ودورهم للوقوف إلى جانب النفس التي حرم الله قتلها .. والذين لم يستجيبوا لقول خالقهم بعد؟ نرى النفس الإنسانية تُسحق وتُقتل على أيدي الطواغيت من المسيحيين واليهود والرجعيين الفاسدين وأعوانهم من المجوس والذين كانوا قد سقطوا في خليط من الهمجية والجهل والكِبر وتجردوا من إنسانيتهم وامتثلوا لغرائزهم الحيوانية وجندوا آلتهم الهمجية للفتك بعصب الأمة وعمودها الفقري.
إن اليهود ومشروع المسيحية المشبوه ذو الجذور اليهودية المتصهينة الذي رسموه للمضللين من أتباع المسيح هو السبب في ضلالة أهل الأرض من البشر المفقودين روحانياً، فهاهو اليوم يطل علينا من خلال هوية إجتماعية عنصرية ليمثل فئة الضالين الدنيويين البائسين والذين يعاملون كقطيع من الماشية “مع احترامي لإنسانيتهم الآدمية التي كرَمها الله” مستيقنين بمعتقد الإيمان الأعمى والذي رسمته الكنيسة لهم، فكنيستهم اليهو مسيحية وجسدها التلموذي والفاتيكاني يخلو من الروحانيات، والمُشرفين عليها هم من حاملي البطاقات التاريخية المزورة والمشبوهة والمؤمنين بدين يهودا وبمسيحية بولس ومارتن لوثر، ورسلهم وباباواتهم وحاخاماتهم وكهنتهم من فئة المضلَّلين والمضَلِلين، وهاهو مشروعهم القابيلي الدموي ذو العداء التاريخي للمؤمنين يتحكم بقيادة الأرض بأسرها من خلال هوية فاشية عنصرية متغولة ومتنكرة بقناع هيئة أممية لا إنسانية متحيزة تُجيّرها لخدمة أطماع ومصالح عصاباتهم الرأسمالية والماسونية العالمية الغربية وتُسخرها لإضافة الشرعية اللا أخلاقية على مسلكياتهم الدموية والعدوانية، وهاهم منذ نشأتها يعملون تحت ستار مراكز التجارة العالمية ونظام المؤسسات المتعددة الأقطاب، وفي أطار مؤسسات ومنظماتها الأممية التي تدّعي الإنسانية كإغاثة اللاجئين “اليونسكو” والصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولي وحقوق الإنسان من أجل تسهيل عمل البعثات التبشيرية الكنيسية والتي تعمل بدورها على زرع العملاء والسماسرة والجواسيس والمرتزقة بغرض الإستغلال والإحتلال والسلب لخيرات وثروات وممتلكات الآخرين، والعمل على الترويج لدين المادة ونشر الفكر العلماني الكتابي الجذور والبنيان، وزرع الفساد وثقافة الجنس في الأرض باسم المسيح. ….
ولكن فلماذا بعد منّ الله علينا بمعلمنا ورسولنا العظيم،
قال تعالى “لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” سورة آل عمران 164 .
بأن لازلنا نبحث عن الضلال بدلاً من الهُدى وأصبح من السهل تعبيدنا وتحقيرنا وأصبحنا نرضخ لما هو ليس من شيمنا وديننا وقيمنا وعاداتنا ونتجهل بعد إذ جاءنا الهدى، ولماذا أصبحنا نتعثر في كل يوم بألف أسوء من جهالة ابا جهل وألف من الذين هم من درجة التب التي وصل اليها أبا لهب والذين أصبحوا يولدون على الطرقات من كثرتهم وبالألآف، ولماذا نراهن على وجودنا ونخضعه لواقع أليم ومُهين وحقير حتى في العصور الجاهلية لم تكُن لترضاه أخلاق العرب. ولماذا هرعنا نعدوا خلفهم وسمحنا لأيديهم لأن تجوس في أحشائنا، ولماذا أصبحت معالم الجاهلية تبدوا وتظهر فينا من جديد، فلماذا خلعنا ثوب الإيمان وتخلينا عن قلادة الإسلام وتفضيل وتكريم الله لنا، هل نسينا بأن الله أعزنا بالإسلام بعد أن كُنّا عرب جاهلية وأد البنات، جاهلية كان فيها أجدادنا يوماً عُبّاداً لأصنام لا تضر ولا تنفع …
فاليوم هو ليس عصر أعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله التي نطق بها ابن العذراء البتول تحسباً من إفتراء يهود بني إسرائيل، ولا هو عصر مقولة عبد المطلب المشهورة للبيت رب يحميه لكن أعطني ما هو ملك لي، بل إنه وقت الإسلام الذي أتى ليدافع عن حقوق العباد ويحرر الأرض المسلمة أي كُل الأرض العابدة ويرفع راية الله أكبر فيها، فنحن اليوم لا نعيش عصر الجاهلية ولا عصر وثنية الرومان، إن حجارة الطير الأبابيل التي تَصدّت لفيلة الأشرم ومقولة عيسى ابن مريم المفترضة خوفاً من إستبداد وأذى الرومان واليهود لا بد لها لأن تستبدل اليوم بعمل عباد الله المؤمنين الذين عاهدوا الله لينصروا دينه بسواعدهم الجبارة وتقوى قلوبهم المؤمنة والمرابطة بسلاح القرآن…
قال تعالى ” وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)” سورة الحج.
فالمؤمنون بدعوة الحق هم وحدهم القادرون لأن يصنعوا تاريخ جديد ولأن يسطروا بدمائهم العطرة الزكية الابية حرية حمراء جديدة تأبى إلا لأن تحفر وتترك معالمها وأثرها النفيس في ضمير كل إنسان حي وعلى كل طرقات الأحرار وفي كل الميادين لتصبح قلادة لكل محب للحرية وللإنسانية وللكرامة وتبقى عبرة لتُدرس لا بل لتُصبح مدرسة وعلم للطالبين… فدماء الأحرار كانت ولا زالت تسيل وتروي الأرض العطشى شهداً وحياة …. ولكن ويا للأسف على أُمة لم تستيقظ، لا ولم تنضج بعد، فنحن لا نرى لا صلاح ولا قسام ولا مختار واحد يتقدمهم، ولكن فلتعلم الناس بأن الله تعالى قال ” …الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ…” المائدة 3 .
وقال تعالى “….. أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” سورة التوبة 13 .
ولنتذكر وعد الله للمؤمنين والذين ينتصرون له ولدينه، قال تعالى “ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز”، وما كان قد كتب الله على نفسه والذي فيه قوله تعالى “كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز” ………..
أيها المسلمين يتوجب علينا العمل بقول الله تعالى فيكون طريقنا يتوجه الوسطية والإعتدال لا التعصب والتشدد اللا معقول ..
قال تعالى “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ……” سورة البقرة 143
المفضلات