بسم الله ارحمن الرحيم
الصلاة والسلام على خير الخلق الصادق الأمين ، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين .. وبعد :
لا يزال هذا القرآن يدفع الشبهات عنه ، ويذهلنا بين الفينة والأخرى بمعجزات لا تنتهي.
وبين أيدينا في هذا المقال ما قاله تعالى : ((فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ @ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ @ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ )) (الطارق5-7).
لنستفهم بعض المفردات في هذه الآيات :
الصلب : فقار الظهر.
الترائب : عظام الصدر.
يدعو الله الإنسان للنظر والتدبر إلى مادة خلقه ، ذلك الماء المتدفق الخارج من منطقة ما بين عظام الصدر وعظام الظهر.
لقد طعن الملاحدة -خذلهم الله- في هذه الآية منذ زمن بعيد ، ولم ينته الأمر عندهم بل لازال ملاحدة ونصارى هذا الزمان يطعنون في هذه الأية ؛ والسبب هو أنه لا يوجد علميا ما يشير إلى خروج ماء الرجل أو المرأة من عظام الظهر والصدر ، أو حتى من منطقة ما بين عظام الصدر وعظام الظهر!!
وكما اعتدنا ، فإن العلم الحديث دائما يقف مع آيات كتاب الله ، ليحول الشبهات إلى معجزات.
عند دراسة تكون نطاف الرجل ونطاف المرأة بعد البلوغ ، لم نجد علميا ما يؤكد هذا الرأي.. ولكن ما أن بدأنا دراسة أصول الغدد الجنسية والخلايا الجنسية عند الإنسان حتى فوجئنا بمعجزة علمية جديدة.
لنبدأ بالتحقيق العلمي :
في الأسبوع السادس من الإخصاب وبدء رحلة تكون الإنسان ، تبدأ الخلايا الجنسية germ cells بالهجرة إلى جسم الجنين من تركيب خارج جنيني يسمى كيس المح yolk sac ، لتتجمع في الحرف التناسلي genital ridge مكونة غدة تناسلية غير متمايزة بعد إلى خصى أو مبايض ، وتحتوي هذه الغدة الجنسية البدائية على ثلاثة أنواع من الخلايا ، هي :
1- خلايا جنسية. germ cells
2- خلايا داعمة. supporting cells
3- خلايا ستيرويدية المنشأ. steroidogenic cells
وبدءا بالأسبوع السابع يحدث ما يلي :
بالنسبة للجنين الذكر :
تكون الخلايا الداعمة والخلايا الستيرويدية المنشأ خلايا سرتولي ، وخلايا لايديغ لتكوين الخصى ، وهذه الخلايا تبدأ بإنتاج هرمون التستستيرون في الأسبوع الثامن... أما الخلايا الجنسية فهي التي تكون برزات النطاف التي تكون نطاف الرجل (الحيوانات المنوية) بعد البلوغ.
بالنسبة للجنين الأنثى :
تكون الخلايا الداعمة والخلايا الستيرويدية المنشأ خلايا قرابية theca cells ، و خَلاَيا الطَّبَقَةِ المُحَبَّبة granulosa cells... أما الخلايا الجنسية فتكون الحويصلات المبيضية التي تكون نطاف المرأة (البييضات) بعد البلوغ.
والمفاجأة المذهلة ، هي أن الغدة التناسلية غير المتمايزة تلك تكون في موضع الكلية البدائية!! وتستمر في هذا الموضع إلى الأسبوع الثاني عشر حيث تبدأ بالهبوط!!! إذ تهبط الخصيتان إلى كيس الصفن ، وتهبط المبايض إلى موضها على جانبي الرحم... انظر موقعها في الشكل :
[IMG]http://www.endo****.org/Pediatrics/pediatrics7/figures/figure13.png[/IMG]
الرابط : [IMG]http://www.endo****.org/Pediatrics/pediatrics7/figures/figure13.png[/IMG]
لاحظ في الشكل التالي كيف تهاجر هذه الغدة من جوار الكلية إلى كيس الصفن بالنسبة للجنين الذكر :
[IMG]http://www.endo****.org/Pediatrics/pediatrics7/figures/figure10.png[/IMG]
الرابط : [IMG]http://www.endo****.org/Pediatrics/pediatrics7/figures/figure10.png[/IMG]
ولا شك أن هذا الموضع -كما قال الله تعالى- : (( ...بين الصلب والترائب))!!!
وأريد هنا أن أقف عند قضية لغوية حتى لا نتهم بالالتفاف على النص :
لفظة "يخرج" : كانت المشكلة عند البعض في فهم هذا التفسير، أنه يعتقد أن قوله تعالى : "يخرج" يعني يتدفق عند الجماع خارجا من مستودعه ... إلا أن المقصود بهذه الكلمة هي بدء نشأة هذا الماء.. ولفهم ذلك أطرح المثال التالي :
إذا قال أحد الخبازين معتزا بمهنته : "أخرج الخبز الساخن من حقول القمح."
فهل يعني ذلك أن الخبز الساخن كان مدفونا في تراب الحقل ثم قام ذلك الخباز بإخراجه من مكانه؟؟!!!
بالطبع لا ، بل يقصد المزارع أن يتحدث عن أصول نشأة خبزه. وكيف أنه حوله بمهارة من حبوب قمح متناثرة على النبات إلى خبز ساخن يخرجه من الفرن.
وكذلك -مع فارق في التشبيه- يشير الله إلى منشأ وأصل خلق الإنسان من خلايا جنسية كانت تستقر بين الصلب والترائب ، وليس عن مستودع هذا الماء ومستقره.
فها هي نطاف الإنسان ، نتجت (خرجت) عن خلايا جنسية كانت تستقر في بداية خلقها بين الصلب والترائب ، لتشهد على صدق رسالة الإسلام ، وعلى ربانية ذلك القرآن.
..والسؤال الآن نطرحه باستغراب لهؤلاء المكذبين :
كيف علم ذلك الرجل الأمي ذلك؟؟!! أليس ذلك كافيا لإثبات صدق ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟؟!
وفي الختام أقول : اللهم ما كان في قولنا هذا من صواب فبتوفيق منك ، وما كان فيه من خطأ فبتقصير منا أو بوسواس من الشيطان.... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المفضلات