إن الداعية النصراني مغرم بالاستدلال بسطور تثبت أن كتابه المقدس هو كلام الله .
(( فإن الكتاب قد اوحى به من الله وهو مفيد للتعليم وللحِجَاجْ وللتقويم وللتهذيب بالبر)) .
( رسالة القديس بولس الثانية غلى تيموتاوس 3: 16) – استدل بها سكوفيلد).
استدل على هذا السطر من الكتاب الذي ترجمته الطوائف النصرانية الانجليزية من المخطوطات الإغريقية الأصلية التي تستحق أن أعرض ترجمتها الصحيحة الآن: (( إن لكل كتاب موحى فائدة عظيمة في تعلم الحقيقة ودحض الخطأ ، أو إصلاح الأخلاق وتعليم النظام في الحياة المستقيمة )) ( رسالة القديس بولس الثانية إلى تيموتاوس 3: 16).
ونحن لن ننتقد هذه الكلمات ، فالمسلمون والنصارى يتفقون على أن ما يصدر من الله عن طريق الوحي أو الرؤيا يجب ان يخدم واحداً من هذه الأغراض الأربعة :
1 – إما أن يعلمنا المبادىء والعقائد
2 – أو يوبخنا على خطأ ارتكبناه
3- أو يقدم لنا الصواب
4 – أو يهدينا إلى الصلاح
وخلال اربعين سنة وأنا اسأل علماء اللاهوت إذا كان لديهم غرض خامس يمكن ارتكاز كلام الله عليه ، ولكنهم أخفقوا في أن يأتوا به . ولنفحص (( الكتاب المقدس )) بهذه الاختبارات الموضوعية :
ليس بعيد المنال:
ويمدنا السفر الأول من الكتاب المقدس _ سفر التكوين _ بأمثلة جميلة. افتح الفصل الثامن والثلاثين واقرا . ونحن نُعطي هنا تاريخ يهوذا ، اب السلالة اليهودية ، وهو مصدر كلمة اليهودية تزوج ابو اليهود ورزقه الله بثلاثة ابناء ، عير واونان وشيله .
(( واتخذ يهوذا زوجة لعير بكرة اسمها ثامار . وكان عير بكر يهوذا شريراً في عيني الرب فأماته الرب)) .
( سفر التكوين 38: 6 – 7 )
وتحت أي مبدأ من مبادىء تيموتاوس الأربعة تستطيع أن تضع هذه الأخبار السيئة ؟
الثاني – (( التوبيخ )) فعير كان شريراً فأمته الرب ، وهذا درس للجميع فالرب سيدمرنا لشرورنا .
ولنواصل التاريخ اليهودي ، ففي العادات اليهودية كان الرجل يدخل بامرأة أخيه حتى يقيم النسل الذي يخلّد اسم الأخ الميت . وإخلاصاً لهذه العادة أمر يهوذا ابنه الثاني أونان بتادية واجبه ، ولكن الغيرة والحسد يدخلان قلبه فيفكر في أن البذرة ستكون ملكه ، ولكن الاسم سيكون لأخيه الأكبر!
ولهذا ففي اللحظة الحرجة (( أفسد على الأرض ... فقبُح ما فعله في عيني الرب فأماته ايضاً )) ( التكوين 38: 9-10 ) ونعود فنتساءل اين ما يناسب هذا القتل في اختبارات تيموتاوس ؟ ونجيب ثانية هو (( التوبيخ )) ! فمن عمل سيئة يتحمل عواقبها ! وينسى الناس أونان في
(( الكتاب المقدس )) ولكن علماء الجنس خلدوه بتسمية (( قطع الاتصال الجنسي )) الأونانية في كتب الجنس التي يؤلفونها.
ويأمر يهوذا كنته ثامار بالرجوع إلى بيت والدها حتى يكبر ابنه شيله ثم ترجع هي حتى يؤدى شيلة واجبه .
انتقام إمرأة :
وكبر شيله وربما تزوج من أمرأة أخرى ، ولكن يهوذا لا يفي بوعده لثامار فهو خائف (( لأنه قال لعله يموت هو أيضاً كأخويه )) .( التكوين 38: 11 ) . ولذلك ينسى يهوذا وعده ، فتقرر الأرملة الانتقام من حماها الذي حرمها من حقها . وعلمت ثامار أن حماها صاعد إلى تِمْنَه ليجز غنمه ، فتقرر خطة تنفذها على الطريق ، فتخفت وجلست على طريق تِمْنَه . (( فرآها يهوذا فحسبها بغّيا لأنها كانت مغطية وجهها . فمال إلى الطريق وقال : هلم أدخل عليك ... فقالت : ماذا تعطيني حتى تدخل عليّ ؟ قال : ابعث بجدي معز من الماشية . فقالت : أعطني رهنا إلى أن تبعث . فقال : ما الرهن الذي اعطيكه ؟ قالت خاتمك وعمامتك وعصاك التي بيدك . فأعطاها ودخل عليها فعلقت منه ( أي حبلت) )) ( التكوين 38: 15 – 18 ) .
الدرس الأخلاقي :
وقبل أن نبحث عن المكان المناسب لهذه القصة الحقيرة القذرة في مبادىء تيموتاوس (3: 16 ) أتساءل ، كما يتساءل القارىء : ما هي العبرة التي يمكن أن يتعلمها أطفالنا من انتقام ثامار؟ فنحن حينما نسرد على اطفالنا بعض القصص والخرافات نحاول دائما أن نعلمهم العبرة من ورائها ، مهما كانت تفاهة وسخافة القصة ، فلا بد من درس يتعلمونه منها .
مأزق الوالدين النصارى :
قام الدكتور فيرنون جونز – وهو عالم نفس امريكي مشهور – بإجراء بعض التجارب على مجموعة من أطفال المدارس الذين سردت عليهم بعض القصص . كان ابطال القصص متشابهين في كل المجموعات ، ولكن تصرفهم كان متناقضاً مع بعضهم البعض عند كل مجموعة . فقيل لمجموعة معينة بأن القديس جورج قتل التنين فصار بطلاً شجاعاً ، ولكن قيل لمجموعة أخرى بأنه هرب فزعاً واحتمى في حجر أمه . (( وكان لهذه القصص تأثيرات وتغييرات بسيطة ولكنها راسخة في شخصياتهم حتى في حالات التعامل الضيق في مجال الفصل الدراسي )) .
( استنتاج الدكتور جونز) .
هذه التغييرات الراسخة الضارة التي أنتجتها الاغتصابات وجرائم القتل وزنى المحارم الموجودة في (( الكتاب المقدس )) وتاثر أطفال النصرانية بها ، يمكن قياسها من تقرير جرائدنا اليومية . فإذا كان هذا هو مصدر الأخلاقيات الغربية فليس من العجيب إذن أن يقيم الرومان كاثوليك والميثوديون ( إحدى الطوائف النصرانية ) أعراساً بين اللوطيين في (( بيوت ربهم )) . حتى قام ثمانية آلاف لوطي بمسيرة استعراضية في حديقة هايد بارك بلندن في يوليو عام 1979 مصاحباً بتشجيع وهتافات وسائل الإعلام .
لا يمكن الهروب إلى الابد :
(( وبعد مضي ثلاثة أشهر أخبر يهوذا وقيل له قد باغت ثامار كُنتك وها هي حامل من البغاء . فقال يهوذا أخرجوها فتحرق )) . ( التكوين 38: 24) وتعمد يهوذا إزدراءها فهو يريد حرقها ولكنها كانت اذكى منه . فارسلت ثامار إليه (( الخاتم )) و (( العمامة )) و (( العصا )) مع خادم تطلب منه اكتشاف المتسبب في حملها ، فوجد يهوذا نفسه في مأزق وأقر بأن كنته (( ابرّ)) أي اشرف منه (( ولم يعد أيضاًً يعرفها )) (التكوين 38: 26 ) وهذا ليس آخر ما نسمع عنها في
(( الكتب المقدس )) فقد خلدتها البشارات فوضعتها في (( سلسلة نسب الرب عيسى )) .
تكريم زنى المحارم :
ولا اريد ان أطيل على القارىء بالتفاصيل المملة ولكن السطور الأخيرة من الفصل الثامن والثلاثين من سفر التكوين تتكلم عن صراع التوأمين في رحم ثامار ، فإن اليهوذ يشددون على تسجيل المولود الأول فهو الذي يكون له نصيب الاسد . فمن هم الفائزون في هذا السباق ألأبوي ؟ هم اربعة : (( فارص وزارح وثامار ويهوذا )) . كيف ؟ سترون . ولكن فلنسأل أولاً : ماهي العبرة من وراء هذا الجزء من القصة ؟ أتذكرون عير وأونان وكيف أماتهم الرب لخطاياهم ؟ إن الدرس الذي تعلمناه في كلا الحالتين كان (( التوبيخ )) . فتحت أي مبدأ نضع زنى يهوذا بكنته ثامار وذريته غير الشرعية ؟ وهي شخصيات يكرمها (( كتاب الرب )) لولادتهم غير الشرعية فهم إباء أجداد وأمهات أجداد (( ابن الله الوحيد )) (؟) . انظر إنجيل متى (1: 3) لتجد الأسماء ، يهوذا وثامار وفارص وزارح ، ولكن ماذا عن العبرة ؟ هل يبارك الرب يهوذا لجريمة الزنى ! وتحت أي تصنيف سيضع النصارى هذا التكريم في (( الكتاب المقدس )) ؟ .
اسالوا ذلك المتحمس لكتابه حين يطرق بابكم وإذا استطاع أن يضع هذا تحت واحد من التصنيفات الأربعة فسوف يستحق جائزة حقاً . لم ولن يولد هذا الذي يستطيع أن يبرر هذه القذارة والحقارة تحت أي من تلك التصنيفات الرئيسية . ولكن لا بد من إيجاد تصنيف يناسبها ، ولذا فلا مكان لها الا تحت تصنيف (( الدعارة )) .
امنعوا هذا الكتاب :
يقول عنه الأديب جورج برنارد شو : إنه ( الكتاب المقدس ) : (( من أخطر الكتب الموجودة على وجه الارض ، احفظوه في خزانة مغلقة بالمفتاح )) . احفظوا الكتاب المقدس ، بعيدا عن متناول الأطفال . ولكن من يصغي لنصيحته ؟
واعتماداً على القوانين الأخلأقية التي تحكم بها حكومة جنوب افريقيا ، فقد منعوا مسرحية
(( عاشق السيدة تشاترلي )) لوجود لفظ سيء واحد بها ، وكان من الممكن أن يمنعوا (( الكتاب المقدس )) لو كان كتاباً هندياً أو اسلامياً ، ولكنهم ضعفاء عندما يواجهون (( الكتاب المقدس )) لانه وسيلة خلاصهم التي يعتمدون عليها كما يعتقدون .
(( ان قراءة قصص الكتاب المقدس للأطفال يفتح الباب لفرص مناقشة العبرة وراء الجنس . وإن الكتاب المقدس غذا لم يهذب وينقح قد تعتبره مجالس الرقابة صالحاً للكبار فقط لمن جاوزوا الثامنة عشرة من العمر )) . (الحقيقة المجردة – اكتوبر 1977 ) .
الفتاتان تضاجعان ابيها :
اقرأ سفر التكوين ، الفصل التاسع عشر وضع خطاً أحمراً تحت السطور الداعرة ، ولا تتردد في ذلك فإن الكتاب المقدس الذي تملكه سيكون بمثابة كنز في يد أبنائك . انا اوافق ((شو)) بأن الكتاب المقدس يجب أن يوضع في مكان مقفل ، ولكننا نحتاج لهذا السلاح لنواجه التحدي النصراني . فلا يترك الأمر لما نحب أو نكره ، فنحن مضطرون لاستعمال هذا السلاح ضد الذين يطرقون ابوابنا قائلين (( يقول الكتاب المقدس كذا )) . إنهم يريدوننا أن نستبدل قرآننا بكتابهم ، فأروهم الثغرات في (( مقدسهم )) التي لا يرونها . انهم في بعض الأحيان يتظاهرون بأنهم يرون القذارة لأول مرة . فقد بُرمُجوا بمقتطفات مختارة لنشر دعوتهم .
ولنكمل : يقول لنا (( التاريخ )) بانه ليلة بعد ليلة كانت بنتا لوط تضاجعان أبيهما وهدفهما النبيل من وراء ذلك هو حفظ نسل ابيهما . ونتج عن جريمة الزنى هذه بنو عمون وبنو موآب الذين فضلهم الرب – كما يدعون . وبعد ذلك بفترة نعلم بأن هذا الرب المحب قد أمر بني عمُون وبني موآب الذين فضلهم بذبح شعب آخر بدون رحمة – رجالاً ونساء وأطفالاً ، وحتى الشجر والبهائم لم تفلت من الدمار – ولكن ! نسل لوط (( لا تعادهم ولا تناصبهم )) . ( تثنية الاشتراع 2:19 )
لا يستطيع أي قارىء شريف أن يقرا قصة اضطجاع البنات مع لوط لأمه أو أخته أو ابنته أو حتى لخطيبته لو كانت امراة شريفة ولكنك ستجد بعض الناس الذين يلتهمون هذه القذارة .
اقرأ نبوءة حزقيال ، الفصل الثالث والعشرين عن بغاء الأختين اهُلَّه وأهليبه ، أن التفاصيل الجنسية التي بها لتخجل منها تلك الكتب الجنسية الممنوعة . واسال زائرك النصراني تحت أي تصنيف توضع مثل هذه الحقارة؟ من المؤكد أن مثل هذه القذارة ليس لها مكان في (كتاب الرب)
(يتبع)
المفضلات