يحمل هذا الأصحاح خطِّين واضحين:
1. إن كان الله قد قدَّم لهم أرض الموعد كهبة إلهيَّة مجَّانيَّة، فمن جانبهم يلتزمون بإزالة كل أثر للنجاسة فيتمتَّعون بالحياة المقدَّسة. كان إسرائيل في ذلك الحين من أحدث الأمم الناشئة، وكان الشعب الداخل أرض الموعد قد وُلد في البريَّة لا يحمل خبرات الأمم القديمة. لهذا كان الاحتمال كبيرًا أن يُبهر الشعب بما يراه في أرض الموعد من ثقافات وإنجازات. لهذا جاء الأمر الإلهي مشدِّدًا بهدم كل ما يمت للأوثان.
2. وهبهم الله الأرض المقدَّسة، وفي نفس الوقت طالبهم أن يقيموا له بيتًا مقدَّسًا له، في الموقع الذي يحدده لهم. يعطي الكثير ويطلب منهم ممَّا أعطاهم لتأكيد الحب المشترك بينه وبينهم.
بعد أن تحدَّث موسى النبي عن بركات قبول الوصيَّة الإلهيَّة والتجاوب معها، واللعنة التي تحل بمن يعصاها، تحدَّث عن إزالة كل أثرٍ للعبادة الوثنيَّة. فالتساهل مع الخطيَّة أو ترك آثارها يسحب قلب المؤمن تدريجيًا عن محبَّة الله، ويفسد أعماقه، فلا يجد لذَّة وعذوبة في الوصيَّة الإلهيَّة. هذا وقد أمر بضرورة عدم تقديم ذبائح خارج المكان الذي يحدِّده الرب لإقامة عبادة مقدَّسة، حتى لا يعطي لأحدٍ فرصة أن يقدِّم ذبيحة لغير الله أو يعبد الله بطريقة تشبه العبادة الوثنيَّة. وأيضًا عدم شرب الدم كعادة الوثنيِّين، وعدم السؤال عمَّا كان الوثنيُّون يمارسونه حتى لا ينشغل المؤمنون بما يلوِّث أفكارهم. هكذا حرص الله ألاَّ يتسلَّل أدنى دنس من العبادة الوثنيَّة وعاداتها إلى شعبه الذي اختاره ليكون مقدَّسًا له.
تعبد الكنعانيُّون لآلهة كثيرة، فكانوا يقيمون مذابح في مواضع مختلفة. هنا يثبت فكرة الوحدانيَّة في أذهان الشعب لمنع تقديم الذبائح في غير الموضع الوحيد المختار كهيكل لله [1-14]، حيث يسكن اسم الله [11] . قبل هيكل أورشليم كان مقدس الرب هو خيمة الاجتماع أو تابوت العهد.
الله هو الذي يختار موضع مقدسه، بل ويختار الطريقة التي يُعبد بها، رافضًا أن يتبنَّى شعبه طريقة الكنعانيِّين في العبادة [31]. يرفض ما اعتاد الكنعانيُّون عليه من شرب الدم [15-28]، وأيضًا تقديم ذبائح بشريَّة [29-31]. 1. إزالة آثار الوثنيَّة:
حينما يستريح الإنسان من تجاربه غالبًا ما ينسى الله ويتجاهل وصيَّته، لهذا يؤكِّد موسى النبي لشعبه أنَّهم متى ورثوا الأرض حسب وعد الله لهم وجب عليهم أن يحفظوا الوصيَّة الإلهيَّة. "هذه هي الفرائض والأحكام التي تحفظون لتعملوها في الأرض التي أعطاك الرب إله آبائك لتمتلكها كل الأيَّام التي تحيون على الأرض" [1].
بقوله "في الأرض" واضح إن الكاتب يشعر بأن دخول إسرائيل إلى أرض الموعد وشيك، هذا ما يسود السفر كله.
يؤكِّد لهم أن الوصيَّة ملزمة للإنسان مادام حيًّا على الأرض. لم تُقدِّم له لكي يسلك بها وقت الشدَّة فقط في البريَّة، وإنَّما يلتزم بها هي بعينها في كنعان. يليق أن يجاهد الإنسان في الطاعة للوصيَّة حتى النفس الأخير.
جاءت الوصيَّة العظمى صريحة أنَّه لا يوجد ألاَّ إله واحد، يجب أن يعبدوه دون غيره من الآلهة الباطلة. لهذا عندما يدخلون الأرض يمحون كل أثر للعبادة الوثنيَّة.
"تخربون جميع الأماكن حيث عبدت الأمم التي ترثونها، آلهتها على الجبال الشامخة وعلى التلال وتحت كل شجرة خضراء. وتهدمون مذابحهم، وتكسرون أنصابهم، وتحرقون سواريهم بالنار، وتقطعون تماثيل آلهتهم، وتمحون اسمهم من ذلك المكان" [2-3]. السواري asherahs هي أعمدة خشبيَّة كانوا يقيمون عليها الأصنام للعبادة.
من العجيب أنَّه يقول للجيل الذي يدخل كنعان لأول مرة "الأرض التي ترثونها" [2] كأنها كانت ملكًا لآبائهم وقد ورثوها عنهم. لقد وعد الله إبراهيم أن يُعطي هذه الأرض لنسله، فحسبها قد صارت لهم حتى ولو لم يكونوا بعد قد وضعوا أياديهم عليها. الآن جاء هذا الجيل لكي يملك ويرث ما هو لآبائهم.
بقوله: "آلهتهما على الجبال الشامخة وعلى التلال وتحت كل شجرة خضراء" [2]. يعلن كما لو أن الآلهة الوثنيَّة بانتشار مذابحها قد احتلت هذه المواقع التي كان يجب تقديسها للرب خالق المسكونة. احتلَّت الجبال والتلال إشارة إلى أنَّها آلهة ثابتة ومرتفعة ليس من يقدر أن يحطِّمها، وتحت كل شجرة إذ كان سكان المنطقة يعتبرون آلهتهم هو مصدر الخصوبة والأثمار. كان يجب إزالة كل أثر للوثنيَّة في هذه المواقع ليُعلن الشعب أن الله وحده هو حصن شعبه الذي لن يتزعزع. يرفعهم إلى أعالي السموات، ويهبهم لا خصوبة الحيوانات والنباتات فحسب بل وثمر الروح المتزايد. أولًا: أراد الله إبادة كل أثر للأوثان، لأن الأرض صارت مقدَّسة للرب، فلا يمكن الجمع بين المقدَّسات الإلهيَّة والآثار الدنسة التي تحمل رائحة الرجاسات. لم يقبل أن تستخدم الأماكن الوثنيَّة لعبادة الله الحيّ حتى لا يحدث خلط بينهما. من يلتقي بالله القدُّوس يبغض "حتى الثوب المدنَّس من الجسد" (يه 23). ثانيًا: إذ اختارهم الله خاصَّته، يعتز بهم ويكرمهم، لهذا يليق بهم أن يختاروا الله دون سواه، فيخجلوا من الوثنيَّة ويرذلونها تمامًا ويبغضونها. وكما يقول الرسول: "كونوا كارهين الشرّ ملتصقين بالخير" (رو 11: 9). ثالثًا: لم يسمح ببقاء أي أثر للوثنيَّة لئلاَّ تجتذب النفوس الضعيفة في لحظات ضعفهم، فينحرفوا نحوها. رابعًا: يعلن ملكوت الله في حياة الناس، وأيضًا في المكان المقدَّس، فلا نعزل تقديس الإنسان عن تقديس المكان الذي يعبد فيه إلهه. خامسًا: أمرهم ألاَّ ينقلوا العادات الوثنيَّة إلى عبادة الله. "لا تفعلوا هكذا للرب إلهكم" [4]. لقد خشي لئلاَّ يحاولوا أن يكرموا الله فيقدِّمون الذبائح على الجبال والتلال وتحت كل شجرة خضراء كما كان يفعل الوثنيُّون. فإن الله لا يطلب هذه الأمور، بل الطاعة له. لا يليق بنا أن نكرمه حسب فكرنا البشري، بل حسب فكره الإلهي. سادسًا: يقدِّم لنا مبدأ هامًا يمس حياتنا العمليَّة، خاصة الروحيَّة، وهو عدم الخلط بين الحق والباطل، بين الكلمة والنور. فيليق بالمؤمن الذي يود الشركة مع الله النور أن يرفض كل أعمال الظلمة، يلزمه أن يخلع كل أعمال الإنسان القديم ويلبس الإنسان الجديد بكل أعماله وأفكاره. لا يتهاون مع فكر واحد شرِّير بل يحطِّمه تمامًا، متذكِّرًا كلمات يوحنا الحبيب: "إن قلنا إن لنا شركة معه (الله) وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق" (1 يو 1: 6).
_____________________
أصحاح 7 من سفر التثنية 1«مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا، وَطَرَدَ شُعُوبًا كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الْحِثِّيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، 2 وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ، وَضَرَبْتَهُمْ، فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لاَ تَقْطَعْ لَهُمْ عَهْدًا، وَلاَ تُشْفِقْ عَلَيْهِمْ، 3 وَلاَ تُصَاهِرْهُمْ. بْنَتَكَ لاَ تُعْطِ لابْنِهِ، وَبِنتْهُ لاَ تَأْخُذْ لابْنِكَ. 4 لأَنَّهُ يَرُدُّ ابْنَكَ مِنْ وَرَائِي فَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى، فَيَحْمَى غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ وَيُهْلِكُكُمْ سَرِيعًا. 5 وَلكِنْ هكَذَا تَفْعَلُونَ بِهِمْ: تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ، وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ، وَتُقَطِّعُونَ سَوَارِيَهُمْ، وَتُحْرِقُونَ تَمَاثِيلَهُمْ بِالنَّارِ. من تفسير أصحاح 7 من سفر التثنية للقمص تادرس يعقوب
1. لا شركة مع الوثنيين:
يقدم هنا تحذيرًا صارمًا ضد كل علاقة مع عابدي الأوثان، فإن من يُقيم شركة مع أعمال الظلمة غير المثمرة لا يقدر أن يدخل في شركة مع الله، أما غاية هذا التحذير فهو منع إقامة فخاخ الشر أمامهم.
"متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها، وطرد شعوبًا كثيرة من أمامك، الحثيين والجرجاشيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين، سبع شعوب أكثر وأعظم منك. ودفعهم الرب إلهك أمامك وضربتهم. فإنك تحرمهم. لا تقطع لهم عهدًا، ولا تشفق عليهم" [1-2].
سبق أن تعرضت لموضوع الحروب في المقدمة. غاية هذه الوصية هي خلق كنيسة طاهرة، وأسرة مقدسة، ومملكة متبررة في الرب محفوظة من الرجاسات الوثنية.
كثيرًا ما نسقط في تقييم ما ورد في العهد القديم بمنظار غير سليم، متجاهلين لغة الزمن. فالظروف المحيطة بالشعب في ذلك الحين مختلفة تمامًا عما نعيشه اليوم في عهد النعمة، ومفاهيمهم غير مفاهيمنا. لهذا احتاجوا إلى وصية تسند خلاصهم. تُفهم هذه الأوامر المشددة في حياتنا كرموز: أ. عدم قطع عهد معهم [2]، يعنى رفضنا التساهل مع الخطية وفتح باب الحوار معها. ب. عدم مصاهرتهم [3]، فإنه ليست شركة بين المؤمن وغير المؤمن في حياة زوجية، ولا بين النور والظلمة. فإن قبول المؤمن الاتحاد مع غير المؤمن على مستوى العلاقات الأسرية يتحقق على حساب خلاص النفس وتقديس الأسرة. ج. هدم المذابح وكسر الأنصاب وقطع السواري وحرق التماثيل بالنار [5] يعنى تطهير القلب (هيكل الرب) من إقامة آلهة أخرى كمحبة الذات أو حب المديح أو إشباع شهوات الجسد. د. لا تشفق عيناك عليهم [6]. لتكن كلمة الله كسيف ذي حدين (عب 4: 12)، تفصل الحق عن الباطل بقوة وتمييز بلا ميوعة. ه. لا تخف منهم [18]، الإنسان الروحي صاحب سلطان (تث 10: 1)، لا يهاب الخطية ولا يخشى عدو الخير، واثقًا في الله واهب الغلبة (1 كو 15: 57).
الله من جانبه يدخل بهم إلى أرض الموعد ويطرد أمامهم الشعوب الكثيرة والقوية. فإن قوة الله لا تُقاوم، هو قادر أن يحقق وعده. بقي من جانب شعبه أن يرفضوا الدخول مع الوثنيين في عهدٍ أو الارتباط بعلاقات زوجية أو أسرية معهم، وأن يبيدوهم.
من جهة العدد فإن إسرائيل كأمة غريبة واحدة لا تقدر بحسب الفكر البشري أن تقف أمام هذه الشعوب التي كان لها خبرتها العسكرية الطويلة ومعرفتها بإستراتيجية الأرض، لكن وعد الله يحقق المستحيلات.
تبدو الخطية قوية، ويبدو الإنسان ضعيفًا للغاية أمامها، كما يبدو عدو الخير بكل قواته وخبرته الشريرة وخططه يمثل قوة خطيرة لا يقدر إنسان ما أن يقف أمامه. لكن المؤمن الذي يعمل روح الله القدوس فيه، ويقدم له اتحادًا مع الآب في ابنه يسوع المسيح، يحمل إمكانيات سماوية يُحطم بها كل طاقات الشرير والشر. يستطيع بالمسيح يسوع أن ينال روح الغلبة، وينتزع من إبليس سلطانه الذي به يسيطر على كيان الإنسان كله، إنه يسلبه كل قدراته، ويشهر به جهارًا بصليب ربنا يسوع (كو 2: 15).
في دراستنا لكتابات القديس يوحنا كاسيان رأينا أن العلامة أوريجانوس يرى أن الخطايا الرئيسية في حياة الإنسان هي ثمانية، وقد نقل عنه القدِّيس أوغريس نفس الفكرة وانتشرت في كتابات الآباء الشرقيين والغربيين. لقد غلب شعب الله فرعون وجيشه أو المصريين وها هو يغلب السبع أمم المذكورين هنا، وكأن الله يهب كنيسته روح الغلبة على الثمانية خطايا الرئيسية.
لم يسمح لهم الله بأي نوع من العلاقات مع الأمم الوثنية، فلا يقبلونهم كمستأجرين لديهم ولا كدافعي جزية ولا حتى كعبيد؛ لا يقيمون أي عهد معهم، ولا يظهرون أية رحمة تجاههم. لقد أعطى هذه الأمم فرصًا للتوبة لأجيال طويلة، لكن مع مرور الزمن جاءت الأجيال المتتالية أكثر فسادًا من السابقة، فامتلأ كأس شرهم.
أصحاح 7 من سفر التثنية 22 وَلكِنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَطْرُدُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبَ مِنْ أَمَامِكَ قَلِيلاً قَلِيلاً. لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُفْنِيَهُمْ سَرِيعًا، لِئَلاَّ تَكْثُرَ عَلَيْكَ وُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ. 23 وَيَدْفَعُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ وَيُوقِعُ بِهِمِ اضْطِرَابًا عَظِيمًا حَتَّى يَفْنَوْا. 24 وَيَدْفَعُ مُلُوكَهُمْ إِلَى يَدِكَ، فَتَمْحُو اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ حَتَّى تُفْنِيَهُمْ. 25 وَتَمَاثِيلَ آلِهَتِهِمْ تُحْرِقُونَ بِالنَّارِ. لاَ تَشْتَهِ فِضَّةً وَلاَ ذَهَبًا مِمَّا عَلَيْهَا لِتَأْخُذَ لَكَ، لِئَلاَّ تُصَادَ بِهِ لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِكَ. 26 وَلاَ تُدْخِلْ رِجْسًا إِلَى بَيْتِكَ لِئَلاَّ تَكُونَ مُحَرَّمًا مِثْلَهُ. تَسْتَقْبِحُهُ وَتَكْرَهُهُ لأَنَّهُ مُحَرَّمٌ.
من تفسير أصحاح 7 من سفر التثنية للقمص تادرس يعقوب "وتماثيل آلهتهم تحرقون بالنار" [25]. بقيت هذه الوصية كغيرها من الوصايا حيَّة بروحها في العهد الجديد، إذ يلزم إبادة كل مصدر للخطية بلا تراخٍ أو مهادنةٍ. وكما يقول السيِّد المسيح: "فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. وإن كانت يدك اليُمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم" (مت 5: 29-30). الله لا يقبل أنصاف الحلول، بل يطلب التقديس الكامل لهذا جاءت الوصية تكرر: "لا تمس، لا تذق، ولا تجس شيئًا دنسًا". ____________________
تفسير أصحاح 18 من سفر ملوك ثاني للقمص تادرس يعقوب الآيات 1-8:- وفي السنة الثالثة لهوشع بن ايلة ملك إسرائيل ملك حزقيا بن احاز ملك يهوذا.كان ابن خمس وعشرين سنة حين ملك وملك تسعا وعشرين سنة في أورشليم واسم امه ابي ابنة زكريا. و عمل المستقيم في عيني الرب حسب كل ما عمل داود ابوه.هو ازال المرتفعات وكسر التماثيل وقطع السواري وسحق حيَّة النحاس التي عملها موسى لأن بني إسرائيل كانوا إلى تلك الأيام يوقدون لها ودعوها نحشتان. على الرب إله إسرائيل اتكل وبعده لم يكن مثله في جميع ملوك يهوذا ولا في الذين كانوا قبله.و التصق بالرب ولم يحد عنه بل حفظ وصاياه التي امر بها الرب موسى.و كان الرب معه وحيثما كان يخرج كان ينجح وعصى على ملك اشور ولم يتعبد له.هو ضرب الفلسطينيين إلى غزة وتخومها من برج النواطير إلى المدينة المحصنة.حسب كل ما عمل داود أبوه = كما قيل في الملك آسا (1 مل 11:15) والملك يوشيا (2 مل 2:22) ولم تقال سوى في هؤلاء الثلاثة والعجيب أن كل منهم، من هؤلاء الملوك الثلاثة كان ابنا لملك شرير وكان أشعياء مشيرا لأحاز وحزقيا. أزال المرتفعات = وفي (2 أي 29) جاء أنه في السنة الأولى لملكه فتح ابواب بيت الرب وطَهَّر كهنة بيت الرب وأصعدوا ذبائح وأوقف حزقيا اللاويين للتسبيح وعملوا فصحًا للرب. وكان قد دعا لذلك أسباط إسرائيل ولما فعل هذا خرج كل إسرائيل إلى مدن يهوذا وكسروا الأنصاب وقطعوا السوارى وهدموا المرتفعات. ويحسب لهُ شجاعته فهو لم يهاب الثورة الشعبية بعد هذه الإصلاحات ولم يهاب ملك أشور. نحشتان = مشتقة إما من نحشت أي نحاس أو من نحش أي حية. وبعده لم يكنمثله = وقيل في يوشيا ولم يكن قبله ملك مثله (25:23) فهما كلاهما ملكين قديسين وربما تميز كل منهما عن الآخر في شيء فمثلًا تميز حزقيا باتكاله على الرب ولا مثيل لهُ في ذلك وتميز يوشيا في غيرته لعبادة الرب الطاهرة وليس لهُ مثيل في ذلك. ولكن العبارة "لا قبله ولا بعده" هي عبارة عامة تفيد التميز والامتياز، وما زلنا نستخدمها كمديح حتى هذا اليوم وعصى على ملك أشور = وذلك لاتكاله على الرب وربما عصاه في أول ملكه ولكن ملك أشور لم يحاربه منذ أن عصى لأنه كان منشغلًا في حروب أخرى مع السامرة ومع صور ومع مصر. وضرب الفلسطينيين = كان سنحاريب قد أعطى قسمًا من يهوذا إلى ملك غزة. وربما كانت هذه الحرب لإسترداد ما أخذه الفلسطينيين منهم. برج النواطير إلى المدينة الحصينة = من المزرعة الحقيرة إلى المدن الكبيرة أي كل الأرض. ويبدو واضحًا أن حزقيا كان ملكًا قديسًا لكن الشعب لم يرتفع إلى هذه الدرجة. فكانت الإصلاحات ظاهرية ولكن الشعب استمر في محبته لأوثانه داخل القلب لذلك لم نجد أشعياء سعيدًا أو يعبر عن فرح قلبي بعمل حزقيا لأن أشعياء شعر أن الملك في وادٍ والشعب في وادٍ آخر، فاستمر في تأنيبه وإنذاراته للشعب. ولم نسمع أن أشعياء قد وافق على عصيان ملك أشور. وربما كان ذلك بسماح من الله لتأديب هذا الشعب وليتمجد في ملك أشور وجيشه أمام أعينهم. وكان مما دفع حزقيا لهذه الإصلاحات درس انهيار إسرائيل أمامهُ بسبب أوثانها فهو قد استفاد من الدرس.
ونعرف من التاريخ أن ملك أشور قبل أن يحاصر أورشليم أحرق 46 مدينة من يهوذا، وكان هذا لتأديب الشعب على إنحرافهم تجاه الوثنية. فالله أدب المنحرفين وأظهر قوته في هلاك جيش أشور القوى، فيفهم هذا الشعب لمن يجب أن تقدم العبادة. _____________________
10 «حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11 فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12 وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13 وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14 وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15 هكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ مِنْكَ جِدًّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤُلاَءِ الأُمَمِ هُنَا. 16 وَأَمَّا مُدُنُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَّا، 17 بَلْ تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، 18 لِكَيْ لاَ يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ الَّتِي عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ، فَتُخْطِئُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ. 19 «إِذَا حَاصَرْتَ مَدِينَةً أَيَّامًا كَثِيرَةً مُحَارِبًا إِيَّاهَا لِتَأْخُذَهَا، فَلاَ تُتْلِفْ شَجَرَهَا بِوَضْعِ فَأْسٍ عَلَيْهِ. إِنَّكَ مِنْهُ تَأْكُلُ. فَلاَ تَقْطَعْهُ. لأَنَّهُ هَلْ شَجَرَةُ الْحَقْلِ إِنْسَانٌ حَتَّى يَذْهَبَ قُدَّامَكَ فِي الْحِصَارِ؟ 20 وَأَمَّا الشَّجَرُ الَّذِي تَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ شَجَرًا يُؤْكَلُ مِنْهُ، فَإِيَّاهُ تُتْلِفُ وَتَقْطَعُ وَتَبْنِي حِصْنًا عَلَى الْمَدِينَةِ الَّتِي تَعْمَلُ مَعَكَ حَرْبًا حَتَّى تَسْقُطَ. تفسير أصحاح 20 من سفر التثنية للقمص تادرس يعقوب 2. حصار المدن خارج كنعان:
بالنسبة للأمم البعيدة يرسل إليهم لإقامة عهود سلام، فإن قبلوا يقومون بخدمة الله وشعبه [10-15]. لا يجوز لهم أن ينزلوا في معركة مع الجيران ما لم يقدِّموا أولًا إعلانًا عامًا، فيه يطلبون الصلح.
"حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح. فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وإن لم تسالمك بل عملت معك حربًا فحاصرها. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأمَّا النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدًا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا" [10-15].
اختلف المفسِّرون في شرح هذه العبارة، فالبعض يرى أنَّها تنطبق على البلاد المجاورة لأرض الموعد، ولا تنطبق على الأمم السبع التي في كنعان. وعلَّة هذا أن بقاء أيَّة بقيَّة من الأمم السبع وسط الشعب يكون عثرة لهم، ويجذبونهم إلى عبادة الآلهة الوثنيَّة وممارسة الرجاسات. ويرى آخرون أنها تنطبق على هذه الأمم أيضًا حيث تكون شروط الصلح هي:
1. جحد العبادة الوثنيَّة والدخول إلى عبادة الله الحي. 2. الخضوع لليهود. 3. دفع جزية سنويَّة.
من لا يقبل هذه الشروط لا يبقون في مدينتهم كائنًا حيًا متى كانت من الأمم السبع، أمَّا إذا كانت من المدن المجاورة فيقتل الرجال ويستبقى النساء والأطفال مع الحيوانات وكل غنائمها. أمَّا سبب التمييز فهو ألا يترك أي أثر في وسط الشعب للعبادة الوثنيَّة. الخضوع للعمل الشاق، تحقيق للعنة نوح لكنعان ابنه (تك 9: 25).
بالنسبة للبلاد البعيدة التي لا تتبع أرض الموعد فيمكن طلب الصلح معها وتسخير شعبها (20: 10-15). صورة رمزيَّة عن رغبة الإنسان الروحي الداخليَّة للسلام مع تحويل الطاقات من العمل لحساب الشر إلى طاقات خاضعة لحساب ملكوت الله فينا.
تفسير أصحاح 17 من سفر التثنية للقمص تادرس يعقوب
1 . عقوبة عابدي الأوثان: "إذا وجد في وسطك في أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك رجل أو امرأة يفعل شرًا في عينيّ الرب إلهك بتجاوز عهده، ويذهب ويعبد آلهة أخرى، ويسجد لها أو للشمس أو للقمر أو لكل من جند السماء الشيء الذي لم أوصِ به، وأخبرت وسمعت وفحصت جيدًا، وإذا الأمر صحيح أكيد قد عمل ذلك الرجس في إسرائيل، فاخرج ذلك الرجل أو تلك المرأة الذي فعل ذلك الأمر الشرِّير إلى أبوابك، الرجل أو المرأة، وأرجمه بالحجارة حتى يموت" [2-5].
يُنظر إلى عبادة الأوثان كجريمة عظمى، بكونها خيانة ضدّ الله وضدّ الجماعة المقدَّسة وضدّ الإنسان نفسه، لهذا فإن عقوبتها هي الإعدام رجمًا. كانت الأوثان منذ القديم تتركَّز بالأكثر في عبادة الشمس والقمر والكواكب، ثم اتَّجهت نحو التماثيل التي تصور بطريقة أو أخرى بشرًا أو حيوانات أو طيورًا أو زحَّافات. أمَّا خطورة هذه الخطيَّة فهي أن من يمارسها لا يهدأ حتى يغوي الآخرين ليمارسوا نفس العبادة. إنَّها أشبه بوباء يحل بالنفس لينتشر في نفوس الآخرين. يظن البعض أن ذكر عبادة الشمس يشير إلى أن السفر قد كتب في عصر آشور، لكن هذه العبادة قديمة ترجع إلى ما قبل عصر موسى النبي، إلى أيَّام Sumerian times[197].
يرى البعض أن عبادة الشمس بدأت في أيَّام برج بابل حيث خشي الناس لئلاَّ يرسل الله عليهم فيضانًا آخر، فالتجأوا إلى الشمس ظانين إنَّها لن ترسل فيضانًا. هؤلاء لم يدركوا أن للشمس دور في سقوط الأمطار وحدوث الفيضانات، خلال تبخير المياه وارتفاعها كسحب في السماء ثم سقوطها على شكل أمطار[198]. لقد عبدوا الشمس والقمر والكواكب حاسبين إنَّها صديقة للإنسان، عبدوها وجحدوا خالقها. لماذا يُنظر إلى عبادة الأوثان كجريمة عظمى؟ أولًا: إنَّها تمثل عصيانًا مباشرًا لله الذي لم يأمر بالعبادة الوثنيَّة، بل حرمها. عبادة الأوثان هي حركة تمرُّد ضدّ الله. إن كان التمرُّد ضدّ الملك الزمني يُحسب جريمة عظمى، كم بالأكثر التمرُّد ضدّ ملك الملوك؟! ثانيًا: إنَّها شرّ في عينيّ الرب: "يفعل شرًا في عينيّ الرب إلهك بتجاوز عهده" [2]، يبغضها ولا يطيقها، لأنَّها تعني إحلال الخليقة الجامدة في موضعه. ثالثًا: تحمل خيانة للعهد المُبرم مع الله، فهي نوع من الخيانة للعهد الزوجي، تكسر الرباط الزوجي الروحي بين الله ومؤمنيه. رابعًا: رجس في إسرائيل [4]؛ فإن كان الله قد اختار شعبه ليكون خاصًا به، مقدَّسًا ومكرَّسًا له، يتمِّم إرادته الإلهيَّة، يقدِّم له معرفته لأسراره الإلهيَّة. فإنَّه إن انحرف إلى العبادة الوثنيَّة تكون خطيَّته أعظم من الشعوب الأخرى. إنَّها رجس! ما هي شريعة السقوط في العبادة الوثنيَّة؟ أولًا: الفحص الدقيق، فمع جسامة هذه الخطيَّة لا يمكن معاقبة شخصٍ ما لمجرَّد الاشتباه في تصرُّفاته، بل يلزم الفحص الدقيق للأمر.
"وأخبرت وسمعت وفحصت جيِّدًا، وإذا الأمر صحيح أكيد، قد عمل ذلك الرجس في إسرائيل" [4].
مع اهتمام الشريعة بقداسة شعب الله القدُّوس، إلاَّ أنَّه يجب إلاَّ يُساء إلى سمعة أحد أو يُجازي ظلمًا. لهذا فإن كل إنسان يعتبر بريئًا حتى تثبت إدانته بعد تدقيق شديد. وفي نفس الوقت من تثبت إدانته بعد الفحص الدقيق لا يجوز التهاون معه.
في الأصحاح السابق رأينا تأكيد الشريعة أن يُقام قضاة يتَّسمون بالعدالة وعدم المحاباة، وفي هذا الأصحاح يطلب أن يكونوا قادرين على الفحص الدقيق للقضايا حتى لا يسقط أحد تحت الظلم. إن كانت "أحكام الرب حق عادلة كلَّها" (مز 19: 9) فإن القاضي كوكيل الله يلتزم أن يلتحف بالعدالة في غير محاباة للوجوه.
قد لا يجد الإنسان الفقير من ينصفه في أي مكان، لذا لاق به أن يلجأ إلى بيت الله ليجد في "كراسي القضاء" العدالة. في بيت الرب يرى حمل الله الذي يقدِّم روح البرّ والعدل مع الرحمة والحنو. كثيرون يتعثَّرون في إيمانهم بسبب ما قد يجدوه من محاباة لدى رجل الدين. ثانيًا: أن تتم المحاكمة بوجود شاهدين أو ثلاثة [6] كدليلٍ صادقٍ ضدّ المُشتكى عليه. إذ لا يجوز تحت التظاهر بالدفاع عن مجد الله يُساء إلى إنسان بريء.
"على فم شاهدين أو ثلاثة شهود يُقتل الذي يُقتل، لا يقتل على فم شاهد واحد. أيدي الشهود تكون عليه أولًا لقتله،
ثم أيدي جميع الشعب، أخيرًا فتنزع الشرّ من وسطك" [6-7]. ثالثًا: عقوبة عبادة الأوثان الرجم، سواء كان العابد رجلًا أو امرأة، فإنَّه لا يُقدَّم ضعف المرأة عذرًا للتعبُّد للأوثان. رابعًا: يتم الرجم عند باب المدينة، وفي مواضع أخرى نجد أن العقوبة كانت تنفَّذ خارج أسوار المدينة (نح 8: 1؛ أي 29: 7؛ أع 7: 58؛ عب 13: 12)، وفي أثناء التيه في البريَّة كانت تتم خارج المحلَّة (لا 24: 14؛ عد 15: 36). ويُلقي الشاهدان أو الأكثر أول الحجارة وذلك للأسباب التالية:
أ. مادامت الخطيَّة علنيَّة، أو يمكن أن تصير علانيَّة، يجب أن تكون العقوبة علنيَّة.
ب. لكي تتَّعظ المدينة كلَّها، فيكون ذلك درسًا للجميع.
ج. إذ يُلقي الشهود الحجارة الأولى لا يستطيعون أن يتبرَّروا أمام ضمائرهم إن كانوا شهود زورٍ، إذ يشعروا بأنَّهم قتلوا إنسانًا بأيديهم ظلمًا.
* في ظل الشريعة القديمة من يعصى الكهنة يُطرد خارج المحلَّة ويُرجم بواسطة الشعب، أو تقطع رأسه، ويكفر عن استخفافه بدمه. أمَّا الآن فإن العاصي يُقطع بسيف الروح أو يُستبعد من الكنيسة ويُقطع إلى أجزاء بواسطة الشيَّاطين الثائرة[199]. القديس جيروم
د. الترجمة الحرفيَّة للنص العبري هي: "الرجل الميِّت يموت"، أو "رجل الموت" (1 مل 2: 26)، أو "ابن الموت" (1 صم 20: 31). وكان ما يصدر عليه من حكم بالموت ليس بالأمر الغريب عنه لأنَّه بفعله الشرِّير صار بالفعل ابن الموت، وفي قبضته. كان رجمه إنَّما يظهر ما حلَّ بنفسه من موت.
إذ أظهر الجانب المبهج للسحابة المتَّجه نحو الطاعة يقدِّم لنا الجانب المظلم الذي يتَّجه نحو العصيان. فإنَّنا إن لم نحفظ وصايا ليس فقط نُحرم من البركات الموعود بها، إنَّما نلقي بأنفسنا تحت اللعنة التي تقدِّم كل بؤس كما تقدِّم البركات كل سعادة.
أعلن الله عن قوَّة بركاته وفاعليَّتها في حياة المؤمن، وفي نفس الوقت كشف عن خطورة العصيان، حتى لا يظن المؤمن أن الحياة الروحيَّة هي حب بلا ضابط ولا قانون. يقدِّم صورة بشعة لما يحل بالشعب بسبب انحرافه عن الله مصدر حياته ونموُّه وفرحه وشبعه وتقديسه وحريَّته الداخليَّة. يرى كثيرون أن هذا الجزء من الأصحاح يمثِّل أرهب ما ورد في الكتاب المقدَّس. قال متى هنري أن إنسانًا ما إذ قرأ هذا الجزء لم يحتمل ما ورد فيه من لعنات، فنزع هذا الأصحاح من الكتاب المقدَّس. لم يدرك هذا أن الحب لا بُد من أن يُغلَّف بالحزم؛ ومحبة الله الفائقة لا يمكن التمتُّع بها دون المخافة الإلهيَّة.
في كل أمَّة يوجد أناس هم أطفال روحيًا يحتاجون إلى شيء من الخوف كي يرفعهم إلى النضوج ليقبلوا الطاعة خلال الحب. ما يدعوه هنا باللعنات إنَّما يعبَّر به عن الغضب الإلهي ضد الخطيَّة ذاتها أو الشر. غضب الرب مقدَّس، لا يمكن فصله عن الحب؛ فهو يغضب على الخطيَّة، مشتاقًا أن يحرر الخاطئ منها. فاللعنات هي ثمر طبيعي لاعتزال الإنسان الله مصدر كل بركة. فعندما نتحدَّث عن ما يسمح به الله من لعنات، فإن هذه ليست مصدرها الله كلي الحب وصانع الخيرات، إنَّما هي ثمرة إرادتنا الشرِّيرة التي تعتزل مصدر البركة.
الحب الحقيقي يرافقه الإخلاص والجديَّة في العمل، لا التراخي والتهاون وعدم الإخلاص.
تفسير أصحاح 28 من سفر التثنية للقمص تادرس يعقوب
عقوبات الله المخيفة إن رحمة الله التي لا تحد ، لم تمنع ورود أمثلة لعقوبات مخيفة، أوقعها العدل الإلهي علي البشرية، بسبب خطايا الإنسان التي تحدت قداسة الله، وقاومت صلاحه، وكسرت وصايا.. · مثال ذلك الطوفان، الذي محا الله فيه الإنسان من علي وجه الأرض.. (تك 6: 7). * مثال آخر هو حرق سدوم وعمورة.. إذ أمطر الله عليهما كبريتًا ونارًا من السماء "وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض.. ونظرت امرأة لوط إلي الوراء فصارت عمود ملح" (تك 19: 24-26).. ونحن نقف أمام الطوفان، وأمام حرق سدوم وعمورة ونتعظ ونفكر.. من قال إن خطايانا هي أقل من خطايا سدوم؟! أو أقل من خطايا الناس وقت الطوفان؟! أو أقل من خطية امرأة لوط التي صارت عمود ملح؟! ومن قال إن الله الذي أوقع هذه العقوبات في القديم، قد تغير في العهد الجديد؟! أليس "هو هو، أمسًا واليوم وإلي الأبد" (عب 13: 8) "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع 1: 17).. هو أيضًا الذي في العهد الجديد أوقع حنانيا وسفيرا ميتين.. من أجل أنهما كذبا في حديثهما مع بطرس الرسول.. وكم من الناس يكذبون أثناء حديثهم مع الآباء الأساقفة والآباء الكهنة بل مع الآباء البطاركة أيضًا..! · وهو أيضًا الذي سمح لعبده بولس أن يقول عن خاطئ كورنثوس: · "حكمت.. أن يسلم مثل هذا للشيطان لإهلاك الجسد، لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع" (1كو5: 5). * ومن أعنف ما ورد في الكتاب المقدس عن عقوبات الله للخطاة: اللعنات التي صبها الله علي من يعصي وصاياه. وقد وردت قائمة بهذه اللعنات في سفر التثنية إذ يقول الرب: "ولكن إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه.. تأتي عليك جميع هذه اللعنات وتدركك: ملعونًا تكون في الحقل، ملعونة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك، نتائج بقرك وإناث غنمك، ملعونًا تكون في دخولك، وملعونًا تكون في خروجك. يرسل الرب عليك اللعن والاضطراب والزجر في كل ما تمتد إليه يدك لتعمله، حتى تهلك وتفني سريعًا من أجل سوء أعمالك إذ تركتني تكون سماؤك التي فوق رأسك نجاسًا، والأرض التي تحتك حديدًا.. يجعلك الرب منهزمًا أما أعدائك، في طريق واحدة تخرج عليهم، وفي سبع طرق تهرب أمامهم. وتكون قلقًا في جميع ممالك الأرض.. ولا تنجح في طرقك، بل لا تكون إلا مظلومًا مغصوبًا كل الأيام، وليس مخلص.. أيضًا كل مرض وكل ضربة -لم تكتب في سفر الناموس هذا- يسلطها الرب عليك حتى تهلك.. وتكون حياتك معلقه أمامك، وترتعب ليلًا ونهارًا، ولا تأمن علي حياتك. في الصباح تقول ياليته المساء، وفي المساء تقول ياليته الصباح، من ارتعاب قلبك الذي ترتعب، ومن منظر عينيك الذي تنظر.." (تث 28: 15، 68). حقًا مخيفة ومرعبه هي هذه اللعنات. ومن شدة ما فيها من رعب أصمت عن تسجيل جميعها.. إنها تعطينا فكرة عن قداسة الله التي لا تتساهل مطلقًا مع الخطية، وتعطينا فكرة عن عدل الله الذي يجازي الخطية حسب ما فيها من بشاعة، فليتنا نقرأ كل هذا ونتعظ ونتوب.. وتاركين الخطية التي تسبب كل هذه اللعنات.. * حقًا أن اللعنة دخلت إلي العالم نتيجة الخطية: * عندما أخطأ آدم، قال له الرب "ملعونة الأرض بسببك" (تك 3: 17). ثم تطور الأمر فزجفت اللعنة إلي الإنسان ذاته، وهكذا قال الرب لقايين "ملعون أنت من الأرض التي فزحفت فاها لتقبل دم أخيك من يدك" (تك 4: 11) "ملعون أنت.." تمامًا مثلما قال للحية من قبل "ملعونة أنت.." (تك 3: 14). وهكذا تشابه الإنسان الخاطئ مع الشيطان "الحية القديمة" وحق أن يسمي الخطاة بأنهم "أولاد إبليس" (1 يو 3: 10)، أو أنهم "أولاد الأفاعي" (مت 3:7) ثم كانت لعنة الطوفان، التي هي لعنة الإفناء (تك 8: 21). ثم كانت لعنة العبودية التي وقعت أولًا علي كنعان، حيث قيل له "ملعون كنعان. عبد العبيد يكون لأخوته" (تك 9: 25). ثم كانت لعنات الناموس (تث 28) التي شملت عقوبات عديدة.. كان منها الموت والمرض والوباء والفقر والفشل والظلم والقلق والهزيمة.. وفي العهد الجديد لعن السيد المسيح شجرة التين المورقة غير المثمرة (مر 11: 21) التي تعطي فكرة عن الرياء مع عدم التقوى، وكانت رمزًا لكل من يسلك هذا السبيل. * حقًا من يقرأ كل هذا ولا نخاف؟! ومن يحتمل أن يلعنه الله؟! بل من يحتمل أن يفقد البركة التي أخذها أولًا من الرب؟! فلنتب يا أخوتي لأن كل هذه الأمور قد تركت لنا مثالًا، وكتبت لإنذارنا، نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور (1كو 10: 11). ولنغسل خطايانا بدموعالتوبة، قبل أن يلحقنا يوم الدينونة الرهيب حيث لا ينفع بكاء ولا توبة. عقوبات الله المُخيفة - الفصل الرابع - كتاب حياة التوبة والنقاوة الأنبا شنودة الثالث
9 -الذين يصورون صنما كلهم باطل ومشتهياتهم لا تنفع وشهودهم هي.لا تبصر ولا تعرف حتى تخزى.
10- من صور الها وسبك صنما لغير نفع.
تثنية 4 : 16
لئلا تفسدوا وتعملوا لانفسكم تمثالا منحوتا صورة مثال ما شبه ذكر او انثى
تثنية 4 : 23
احترزوا من ان تنسوا عهد الرب الهكم الذي قطعه معكم وتصنعوا لانفسكم تمثالا منحوتا صورة كل ما نهاك عنه الرب الهك.
اقتباس
تفسير أصحاح 12 من سفر التثنية للقمص تادرس يعقوب
الهيكل وإزالة كل أثرٍ للوثنيَّة
يحمل هذا الأصحاح خطِّين واضحين:
1. إن كان الله قد قدَّم لهم أرض الموعد كهبة إلهيَّة مجَّانيَّة، فمن جانبهم يلتزمون بإزالة كل أثر للنجاسة فيتمتَّعون بالحياة المقدَّسة.
كان إسرائيل في ذلك الحين من أحدث الأمم الناشئة، وكان الشعب الداخل أرض الموعد قد وُلد في البريَّة لا يحمل خبرات الأمم القديمة. لهذا كان الاحتمال كبيرًا أن يُبهر الشعب بما يراه في أرض الموعد من ثقافات وإنجازات. لهذا جاء الأمر الإلهي مشدِّدًا بهدم كل ما يمت للأوثان.
السؤال :
لمَ لمْ يلتزم النّصارى بتعاليم الكتاب و أقوال الآباء فيكنسون كلّ أثر للتماثيل و الأصنام التي هي على حدّ قولهم نجاسة ؟؟؟
التعديل الأخير تم بواسطة *اسلامي عزي* ; 12-09-2015 الساعة 12:55 AMسبب آخر: إضافة مرفق
جزاك الله الخير اخي الكريم
لكن هناك اسئله بسيطه لذوي الالباب
هل التماثيل التي يقبلونها و يتمسحون بها في كنائسهم ليست اصنام ؟
ثم لماذا لا يحوي الكنيس اليهودي اي صور او تماثيل ولكن الكنيسه تحوي العديد منها ؟
اين ورد حلهم من منع التماثيل والصور في دور العباده في العهد الجديد ؟
كيف علموا ان هذه الصور الحقيقه للاب والابن والروح ... وحتى مريم العذراء ؟
وتقبل تحياتي اخي الكريم
اللهم لنا اخوتنا واخوات كانوا معنا هنا فاتاهم اليقين
اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدلهم دارا خيرا من دارهم وأهلا خيرا من أهلهم وزوجا خيرا من ازواجهم وأدخلهم الجنة وأعذهم من عذاب القبر أو من عذاب النار
المفضلات