الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا
الحمد لله الذي فضّلنا على كثيرٍ ممّن خلق تفضيلاً
الحمد لله الذي تكفّل بحفظ القرآن بنفسه ولم يكل ذلك إلينا كما وكّل أهل الكتاب بحفظ كتابهم فضيّعوه.
حين أقرأ في الكتاب المقدّس أجد نفسي حائرةً أمام كثيرٍ من اللامنطق والمهازل العجيبة وأحتار أليس من أهل الكتاب من ناقدٍ مبصر يقف في وجه المهازل المتناثرة ليقول لها: كفى!
أليس من عالمٍ ربّانيٍّ يمسك بمكنسةٍ كهربائيّةٍ ويبدأ بتنظيف الأسفار من تلك المصائب؟!
دعوني أشارككم ببعض ما وجدت لأرى إن كنتم تفكّرون مثل ما أفكّر حين تقرؤون أم لا؟!
علماً أنني أعيذ أنبياء الله عليهم السلام من كل ما ذكر عنهم في تلك المهازل.
" لصّ البَرَكة "
في سفر التكوين: للأسف لم يعدل النبي إسحق بين أبنائه يعقوب وعيسو، فدعا لأحدهما أن يكون سيّداً للآخر (تك 27/ 29) وكان يريد بهذا الدعاء ابنه عيسو ولكن ابنه يعقوب كذب عليه مدّعياً أنّه هو عيسو مستغلّاً عماه ومتنكّراً بصفة أخيه وذلك لكي ينال البركة ويظفر بهذا الدّعاء (تك 27/ 24) ولمّا عاد عيسو واكتشف أنّ أخاه استأثر ببركته انزعج بشدّة وقال لإسحق (باركني أنا أيضاً يا أبي) فقال له: (جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك) تك 27/ 38،
واسدل السّتار على المشهد المحزن التالي: (فقال عيسو: أما لك غير بركةٍ واحدة يا أبي، باركني أنا أيضاً يا أبي، ورفع عيسو صوته وبكى..) تك 27/ 38
حتى قصّة ليلى والذئب أفصح من هذه القصّة لأنّ الذئب حين تنكّر بملابس الجدّة كان يخادع طفلة صغيرة، أمّا يعقوب هنا فيخادع: 1- نبياً 2- بالغاً عاقلاً مسنّاً 3- وهو أبوه
والبركة ليست قطعة بسكويت تؤكل فتنتهي ولا تعبّأ في زجاجة فتُخزّن وتُحتَكر ولا هي قطع نقدية يُستحوذ عليها بالاحتيال والخداع، ولا عود يكسر نصفين فيقلّ طوله، ولكنها مثل رحمة الله وفضله لا تنضب ولا تسرق فلماذا لم يبارك إسحق ولديه الاثنين؟ لماذا الحديث عن البركة بشحٍّ وكأنّ الله تعالى فقير وعاجز وبخيل عن أن يسع الجميع ببركته؟!
(تبارك الذي بيده الملك وهو على كلّ شيءٍ قدير 1) المُلك
خصوصاً وأنّ الله تعالى بارك إبراهيم وآل بيته (رحمت الله وبركاتُه عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد 73) هود
سئلت امرأة كثيرة الأولاد: كيف تقسمين حنانك على أطفالك؟ فقالت: أنا لا أقسمه بل أضاعفه! فهل عجز إسحق –في خيال مؤلّفي القصّة- أن يكون مثل تلك المرأة؟
زهرة وأزواجها الخمسة
في سفر صموئيل الأول: يطلب الملك شاول من داود مهراً لكي يزوجه من ميكال ابنته "100 غلفة من الفلسطيين" -والغلفة هي الجلدة التي تقطع بالختان- ويأتي المطهّراتي داود بالمئة غلفة، ولكن حماه الكذاب شاول يعطي (ميكال ابنته التي تزوجها داود لفلطي بن لايش) 1صم 25/ 44
أتخيّل داود في هذه الحظة وهو ينظر مقهوراً إلى المئة غلفة متحسّراً على جهده من جهة ومفكّراً في زوجته التي في كنف زوج آخر من جهة أخرى وهو يلعن أبا ميكال على أبي سنسفيل ابن عم خالة المئة غلفة..
لكن بعد موت شاول وترشيح داود ليكون ملكاً على جميع إسرائيل يطالب باسترجاع (زوجته) من عند (زوجها) فلطئيل الذي يسلمها بدموع عينيه (2صم 3/ 14-16)
ولم يذكر الكتاب المقدّس شيئاً عن موقف ميكال (بطلة القصة ومحور القضية والحبل في لعبة شدّ الحبل والفاعل به المجرور لفاعلين أحدهما مقهور والآخر مكسور!)
رحم الله إباء الشاعر العربي الذي قال:
تركت حبها من غير بُغضٍ لـكـثـرة الشـــركـاء فـيـه
إذا وقع الذباب على طعامٍ رفعت يدي ونفسي تشتهيه
حيّرتمونا!
في سفر صموئيل الثاني 24، أمر الربّ داود أن يحصي الشعب (قال له الربّ: عدّ شعب إسرائيل ويهوذا)
وبعد أن نفّذ داود أمر ربّه "أنّبه ضميره" لأنّه عدّ الشعب وبدأ يستغفر (فقال داود للرب: لقد أخطأت جدا في ما فعلت، والآن يارب، أزل إثم عبدك لأني انحمقت جدا)
ولكنّ الربّ –الذي أمره بعدّ الشعب- أصرّ على عقابه -بسبب عدّ الشعب-
فما معنى أن يأمره بشيء ثم يعاقبه على تنفيذه؟ ولماذا استغفر داود من تنفيذ أمر ربه أصلاً؟
هذا من ناحية، من ناحيةٍ أخرى كان العقاب موت 70000 من الشعب.. (فجعل الرب وبأ في إسرائيل من الصباح إلى الميعاد، فمات من الشعب من دان إلى بئر سبع سبعون ألف رجل)
فما ذنبهم؟
وهل "خطيئة داود" تستحق كل هذا العقاب؟ ألم يكن استغفار داود كافياً لإطفاء غضب الربّ؟
وكعادة الرب في الكتاب المقدّس ندم بعد تلك الكارثة (فندم الرب عن الشر)
ومن ناحية أخرى حدث الوحي بالكارثة على لسان جاد النبي، فلماذا لم يوحَ بذلك لداود مباشرةً؟
أحسن استجابة لدعاء
في سفر الملوك الأول: حين ملك سليمان طلب من الرب عقلاً حكيماً يميز به الحق (فمنحني عقلاً مدركاً لأحكم شعبك وأميّز الخير من الشرّ..) 3/ 9، والرب يلبي طلبه: (فأعطيك عقلاً راجحاً لم يكن قبله مثله لأحدٍ قبلك ولا يكون مثله لأحدٍ بعدك) 3/ 12
ولكنّ سليمان في آخر أيامه "يفعل الشرّ أمام عيني الربّ" فيقع في حبّ نساء الأمم الكافرة المنهي عن حبّهن ويتّبع آلهةً أخرى ويبني لها المعابد! (1مل 11/ 1-13)
هل يكفي ليكون العقل راجحاً دراسة علم النبات والحيوان والطيور وكتب الأمثال والحكمة والقصائد بينما يعجز عن معرفة الله الواحد الأحد ويهتدي لتوحيده وعبادته وطاعته ويمتنع عن معصيته وكل ما يسبب زوال ملكه؟
هل هكذا استجاب الله لسليمان؟ وإن كان هذا هو العقل الراجح فما هو العقل الفارغ والغباء؟!
لماذا التّناحة والنكد؟
في سفر يونان في الفصل الأول: أمر الربّ يونان النبي أن يذهب لنينوى شرقاً ليدعو أهلها... فذهب غرباً!
وركب سفينةً وحين هاجت خاف الملّاحون وتوجّه كلٌّ منهم إلى إلهه ليدعوه... باستثناء النبي يونان الذي نزل إلى جوف السفينة ونام!
فحدث ما حدث من قصة وقوع القرعة عليه وإلقائه في البحر.
وبعد أن خلّصه الله من جوف الحوت وأعاده إلى القوم الذين رحمهم لأنّهم خضعوا له واستغاثوا به ألّا يدمّرهم، استاء النبيّ يونان وصلّى معاتباً للربّ على حنانه ورحمته طالباً منه الموت (خذ حياتي منّي) يونان 4/ 3
فهل من جرّاح دماغ يُشَرِّح هذه التّناحة وهل من طبيب نفسي يفسّر هذا النكد؟!
وهل من الأحبار والرّهبان من يبيّن لنا كيف يَفهَمون معنى النبوّة وطبيعة الأنبياء؟
الآلهة ثلاثة ولكنّهم واحد
علم الرياضيات يقول أنّ 3 لا تساوي 1، ولكن الكتاب المقدس يقول(فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ) رسالة يوحنا الأولى 5/ 7،
وعلم الفيزياء يقول أنّه لا يمكن أن يشغل جسمان حيزاً واحداً في آنٍ معاً، والكتاب المقدّس اتّفق مع أرخميدس في هذا حين قال أنّ يسوع جلس عن يمين الله (مرقس16/ 19)، فهما اثنان إذاً وليسا واحداً، لأنّ كلّاً منهما شغل حيّزاً مختلفاً، ولكن علماء النصارى قالوا: يجلس عن يمين أبيه وهما واحد، أي: واحد يشغل حيّزين، وهذا يعني أنّ الربّ يتجزّأ ويتقسّم ويتبعّض، وهذا ينافي الألوهية وينافي صفة الواحد الأحد، كما أنه كيفما نظرت إليه تجسيم.
والسؤال: لماذا يشغل الرب حيّزين؟ حجّتهم في الدنيا الفداء والصلب ..الخ، فما حاجة الرب إلى التجزّؤ في الآخرة؟
يعني لو سمعهم أرخميدس يقولون: جلس الرب عن يمين الرب وهما واحد.. ماذا كان لينعتهم؟
وعلم الكيمياء يقول أن أي مواد مختلفة إذا تفاعلت معاً، فإنّها تنتج مركّبات ونواتج مختلفة عن المواد المتفاعلة، ورغم ذلك فالنصارى مصرّون أنّ الرب ثلاثة أقانيم بجوهر واحد
يقولون الماء يتحول من صلب إلى سائل إلى غاز (هربوا من الكيمياء إلى الفيزياء)
الماء هو الماء ولكنّ الأقانيم مختلفة
فالآب شخصية متميزة عن الابن وكل منهما شخصية متميزة عن الروح القدس؟ وكل منهم يمثل شيئاً مختلفاً عن الآخر، الآب يمثل الحياة والابن الكلمة والروح القدس العلم، وكل منهم يعيش ظروفاً مختلفة؛ الآب في السماء والابن يصلب والروح القدس هو الحمامة وهو المعزي الذي لا يجيء قبل ذهاب المسيح.. فكيف يكون الجوهر واحد والصفات والأحوال "الأقانيم" مختلفة
يعني لو قلنا هذا الماء له لون، وهذا الماء له طعم، وهذا الماء له رائحة، ثمّ مزجنا الثلاثة كؤوس معاً فهل سيكون الناتج ماءً؟! بالتّأكيد لا!
وعلم الأحياء يقول أنّ ابن القرد لا يكون إلّا قرداً وابن الفيل لا يكون إلّا فيلاً وابن الإنسان لا يكون إلّا إنساناً والكتاب المقدّس يسمي المسيح "ابن الإنسان " ولكن في نفس الوقت ابناً للرب
فهل للمسيح 23 كروموسوماً بشرياً و23 كروموسوماً ألوهياً؟
وهل لله تعالى جنس؟ أم أنّه متعال عن الأجناس لأنه هو مبدعها فلا يصح أن يكون له ولد؟!
وعلم المنطق يقول أنّ الإله لا يجوز عليه التكاثر لأنّه غني عن العالمين وليس بحاجة للولد والتكاثر، فلا هو عاجز يحتاج من يساعده ولا سيموت فيحتاج من يخلفه ولا يريد اللهو فينجب من يلهو معه، وليس بجسم أو جنس فيمارس الوظائف الحيوانية، وهو ربّ العالمين ليس بحاجة لوسيط وفادٍ بينه وبين عباده، وهو غفور رحيم ليس بحاجة ليصلب أحداً تكفيراً عن أحد.
قال تعالى: (مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ 35) مريم
وقال: (وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا 92 إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا 93)مريم
وتجد رجال دينهم يأنفون أن يكون لأحدهم زوجة وولد ثمّ ينسبون ذلك إلى الله، سبحان الله!
كما أنّ المنطق يقول: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ 22) الأنبياء، ويقول: (قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً 42) الإسراء
ثمّ يأتيك بندكتوس ليقول لك أنّ الإسلام يفتقر إلى المنطق! على أساس أنّ كل المنطق في التثليث والشرك وتأليه البشر ومضاهأة عبدة البقر.
وعلم المنهج يقول: قبل أن تتحفونا بخرافاتكم أعطونا الدّليل.. الدليييييييييل... أين الدّليل؟
Hello! Daliiil.. Where are you? Is anybody there!
تعابير الكتاب المقدّس
لو لم يكن في القرآن إعجازٌ إلّا البيان لكفى، ولو لم يكن في الكتاب المقدّس خيبةٌ إلّا التعابير لكفت، هل تتخيّون رجل دين على منبر يخاطب المؤمنين يقول لهم "فترضعوا...وتمصّوا من حليب مجدها" اشعيا 66/ 11، أليس هناك تعبير أو كنية عن التنعم أفضل من "المص"؟!
أو هل تتخيّلون فتاة عمرها 14 عاماً ترتّل في الكتاب المقدس وتقرأ عن الأختين الزانيتين في سفر حزقيال أو تقرأ تلك المصائب في نشيد الإنشاد
هل نتذلّل إلى الله بتصوير أنفسنا بخرقة حيض؟ اشعيا 64/ 6، هل هذا ما يريد الربّ الكريم السبوح القدوس المتعالي أن يسمعه منّا؟
هل من فنون مخاطبة الناس ودعوتهم إلى الله نعتهم بالغباء على طريقة بولس "أيها الغلاطيون الأغبياء"؟
لقد قرأت كليلة ودمنة وجزءاً من الكتاب المقدّس ووالله أنّ كتاب كليلة ودمنة مليء بالحكمة والموعظة الحسنة والمنطق والأدب والعلم أكثر من الكتاب المقدّس بكثير. هذا رأيي فماذا ترون أنتم يا إخوتي؟!
المفضلات