بقلم : محمد عمارة
لكل كنيسة من كنائس النصرانية الكبرى «قانون ايمان» خاص بها ومختلف مع غيره في قواعد لاهوتية هي ـ عندهم ـ من اصول الايمان.. اي ان كل كنيسة من هذه الكنائس «تكفر» اتباع الكنائس الاخرى. وبين يدي ـ وانا اكتب هذا الكلام ـ كتاب ضخم عن «الذين كفروا بالمسيح» اي الكنائس التي يعتبرها مؤلف هذا الكتاب «كفارا» وهي ما عدا الكنيسة التي ينتمي اليها؟
وعندما زار بابا الفاتيكان ـ يوحنا بولس الثاني ـ مصر في فبراير 2000 استقبله شيخ الازهر في المطار.. ولم يستقبله بابا الكنيسة الارثوذكسية المصرية! وفتح له الازهر الشريف مشيخته، واجتمع به علماء الاسلام في قاعة المشيخة الكبرى، وعندما ذهب البابا الكاثوليكي الذي يتبعه ويقدسه اغلب المسيحيين في العالم ـ مليار من البشر ـ الى «دير سانت كاترين» في سيناء ـ وهو تابع للروم الارثوذكس ـ واراد ان يصلي في الدير، رفض القساوسة والرهبان دخول البابا الكاثوليكي الى الدير، لانه ـ في نظرهم ـ كافر بالمسيحية، فصلى الرجل في الحديقة، اي في الشارع «خارج الدير».
وعندما زار البابا الكاثوليكي اليونان ـ في مايو 2000 ـ قامت المظاهرات ضده في كل مدن اليونان، وهتف المتظاهرون ضده، باعتباره «عدو المسيحية» ـ وليس مجرد كافر بها! ـ وحملوا اللافتات التي تصوره في صورة «شيطان» له قرون! ولم يستقبله رؤساء الكنيسة الارثوذكسية بكلمة مجاملة، وانما استقبلوه بعرائض الشكاوى والمطالب التاريخية، لأن الكاثوليك احتلوا اليونان لسنوات ابان الحروب الصليبية، التي استمرت قرنين ضد الاسلام والمسلمين! ولم يعتذر البابا للمسلمين! فلما غادر البابا الكاثوليكي اليونان الى سوريا، استقبله رؤساء الدين والدنيا استقبالا تاريخيا وحافلا، وفتحوا له ابواب وساحات المسجد الاموي ـ بدمشق ـ لا لأنه قد رغب في تعظيم المسجد الاموي، وانما لأنه اراد زيارة قبر تعظمه النصرانية وهو معظم ايضا عند المسلمين!..
يحدث هذا، في الوقت الذي تتفق فيه جميع الكنائس ـ التي تكفر كل منها الاخرى ـ على الانكار للاسلام، كدين سماوي، وجحود ان يكون القرآن وحيا الهيا، والكفران بمحمد صلى الله عليه وسلم، نبيا ورسولا صادقا! وفوق كل ذلك، تشكو جميع هذه الكنائس ـ التي تكفر كل منها جميع من عداها ـ تشكو من تكفير المسلمين لاتباعها، مع ان المسلمين هم الذين يصلون ويسلمون على رسل وانبياء كل الديانات، ويطلب قرآنهم من اهل تلك الديانات ان يحتكموا الى كتبهم وينبه هذا القرآن الى ان ما اصاب تلك الكتب من تحريف لم يكن عاما ولا شاملا، اذ لا يزال في تلك الكتب (هدى ونور)!
ومع شكوى جميع هذه الكنائس ـ وخاصة الغربية ـ من تراجع الايمان النصراني في بلادها، وانهيار منظومة القيم المسيحية بين اتباعها، فلقد اتفقت جميعا على شن حرب التنصير للمسلمين، بدلا من تنصير اتباعها الاوروبيين، فهل هناك «خلل ـ عبثي» يفوق هذه الصورة التي عبرت عنها هذه السطور؟!
هل من تعليق من النصارى على هذا المقال الحق؟
المفضلات