وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) سورة النساء
س : هل تمت نجاة المسيح من أعدائه ؟
أكدت نصوص من الأناجيل أن يسوع قبض عليه وقدم للمحاكمة وصلب ومات ولكن نصوص العهد القديم في المزامير تؤكد نجاة المسيح من أعدائه وأنه لم يصلب ولم يمت كما يأتي :
1 ـ « قُمْ يَا رَبُّ! خَلِّصْنِي يَا إِلهِي » [مزمور 3 : 7]
وكيف لا وقد وعد الله رسله بالنجاة وتوعد الأشرار بالانتقام .
2 ـ « لاَ أَمُوتُ بَلْ أَحْيَا وَأُحَدِّثُ بِأَعْمَالِ الرَّبِّ. تَأْدِيبًا أَدَّبَنِي الرَّبُّ، وَإِلَى الْمَوْتِ لَمْ يُسْلِمْنِي. » [مزمور : 118 : 17 ، 18] .
3 ـ « تُصِيبُ يَدُكَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ. يَمِينُكَ تُصِيبُ كُلَّ مُبْغِضِيكَ. تَجْعَلُهُمْ مِثْلَ تَنُّورِ نَارٍ فِي زَمَانِ حُضُورِكَ. الرَّبُّ بِسَخَطِهِ يَبْتَلِعُهُمْ وَتَأْكُلُهُمُ النَّارُ. تُبِيدُ ثَمَرَهُمْ مِنَ الأَرْضِ وَذُرِّيَّتَهُمْ مِنْ بَيْنِ بَنِي آدَمَ. لأَنَّهُمْ نَصَبُوا عَلَيْكَ شَرًّا. تَفَكَّرُوا بِمَكِيدَةٍ. لَمْ يَسْتَطِيعُوهَا » .
4 ـ « الْخَوْفُ مُسْتَدِيرٌ بِي بِمُؤَامَرَتِهِمْ مَعًا عَلَيَّ. تَفَكَّرُوا فِي أَخْذِ نَفْسِي. » مزمور[31: 13] .
5 ـ « عِظَامِي قَدْ رَجَفَتْ، وَنَفْسِي قَدِ ارْتَاعَتْ جِدًّا. وَأَنْتَ يَا رَبُّ، فَحَتَّى مَتَى؟
استمع يارب بصوتي أدعو فارحمني واستجب لي لك قال قلبي : « قلت : اطلبوا وجهي » وجهك يارب أطلب « قَدْ كُنْتَ عَوْنِي فَلاَ تَرْفُضْنِي وَلاَ تَتْرُكْنِي يَا إِلهَ خَلاَصِي. إِنَّ أَبِي وَأُمِّي قَدْ تَرَكَانِي وَالرَّبُّ يَضُمُّنِي. عَلِّمْنِي يَا رَبُّ طَرِيقَكَ، وَاهْدِنِي فِي سَبِيل مُسْتَقِيمٍبِسَبَبِ أَعْدَائِي. لاَ تُسَلِّمْنِي إِلَى مَرَامِ مُضَايِقِيَّ، لأَنَّهُ قَدْ قَامَ عَلَيَّ شُهُودُ زُورٍ وَنَافِثُ ظُلْمٍ » [ مزمور 27 : 9 ، 12 ] .
6 ـ « استمع يا رب بصوتي أدعوا فارحمني واستجب لي ...لك قال قلبي : « قلت : اطلبوا وجهي » ودهك يارب أطلب . « ... قد كنت عوني فلا ترفض ولا تتركني يا إله خلاص ، لا تسلمني إلى مضايقي لأنه قد قام على شهود زور ونافث ظلم .. » .
7 ـ « فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ. يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ، وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. » [مزمور 41 : 1 ، 2] .
8 ـ « حِينَئِذٍ تَرْتَدُّ أَعْدَائِي إِلَى الْوَرَاءِ فِي يَوْمٍ أَدْعُوكَ فِيهِ. هذَا قَدْ عَلِمْتُهُ لأَنَّ اللهَ لِي. اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. الرَّبُّ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الإِنْسَانُ؟ اَللَّهُمَّ، عَلَيَّ نُذُورُكَ. أُوفِي ذَبَائِحَ شُكْرٍ لَكَ. لأَنَّكَ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ » [مزمور 56 : 9 ، 13] .
« اَلآنَ عَرَفْتُ أَنَّ الرَّبَّ مُخَلِّصُ مَسِيحِهِ، يَسْتَجِيبُهُ مِنْ سَمَاءِ قُدْسِهِ، بِجَبَرُوتِ خَلاَصِ يَمِينِهِ » [مزمور : 20 ، 6]
9 ـ « 6هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي. انْحَنَتْ نَفْسِي. حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا » [مزمور 57 : 6]
« الرب قضاء أمضى : الشرير يعلق بعمل يديه » [مزمور : 9 ، 16] .
10 ـ « لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرُقِكَ. عَلَى الأَيْدِي يَحْمِلُونَكَ لِئَلاَّ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. عَلَى الأَسَدِ وَالصِّلِّ تَطَأُ. الشِّبْلَ وَالثُّعْبَانَ تَدُوسُ. «لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ » . [مزمور : 91 : 11 ، 14] .
س : هل تنبأت الأناجيل بنجاة يسوع ؟
إن خبر تنبؤ المسيح بقتله وصلبه تناقض وتتعارض نصوص كثيرة أخبر فيها المسيح تلاميذه بنجاته وأعلن ذلك على اليهود وتحداهم وقد تجاهل النصارى هذه الروايات ولم يلتفتوا إلى الأناجيل وهي تنقل بين سطورها الحقيقة التي حاولوا إخفاءها وطمس معالمها ، وهي تنقل حقيقة ما تبقى من كلام الله « فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا يَسِيرًا بَعْدُ، ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا » يوحنا [7 : 32 ، 36] .
ألم يقل لليهود ويخبرهم أنهم لن يتمكنوا من القبض عليه « قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» فَقَالَ الْيَهُودُ:«أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟». فَقَالَ لَهُمْ:«أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. فَقُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ، لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ. إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَق. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي » يوحنا [8 : 21 ، 28] .
فقد طلبوا أن يمسكوه ويقتلوه فلم يجدوه ولم يقدروا أن يصلوا إليه .
نعم : لقد مضى إلى حيث لم يقدروا هم أن يأتوا إليه أو يأتوا به فهو قد رفعه الله إليه وإذا أصر علماء النصارى على أقوالهم أن اليهود طلبوه وامسكوه وصلبوه فحينئذ يلزم تكذيب يسوع وحاشاه من ذلك الكذب ونحن معاشر المسلمين نصدق بقول المسيح ونكذب تلك الحكايات المختلفة والمختلقة والمتناقضة .
قال له سمعان بطرس : « يا سيد إلى أين تذهب أجابه يسوع : حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني ، ثانيًا : ولكنك ستتبعني أخيرًا » يوحنا [13 : 32 ، 36] .
وأظهر أدلة نجاة يسوع ما قاله كاتب رسالة العبرانيين عن المسيح « الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه » [عبرانيين 5 : 7] .
فهذا النص شهادة ناطقة بأن الله استجاب للمسيح تضرعه في تلك الليلة التي قضاها في بستان جثماني وصرف عنه ما كان يحذره ويخافه من الصلب والبلاء وهذا ما تيقنه المسيح من ربه .
« أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي » يوحنا [11 : 40 ، 41] .
س : ماذا يعني قولهم « عندئذ تركه الجميع وهربوا » ؟
وبذلك يتضح من خلال هذا النص الإنجيلي المعتمد عند النصارى كافة ، هو أن التلاميذ هربوا لحظة القبض عليه فقد ترتب على ذلك عدة أمور :
1 ـ لا تصح لهم شهادة على ما قاله المقبوض عليه . لأنهم كانوا غائبين والغائب لا تعتد بشهادته .
2 ـ لم يشاهدوا المحاكمة التي جرت بين جدران مغلقة ولم تجر علنًا ، فهم لم يشاهدوا كل ما جرى له وما جرى منه .
3 ـ تضاربهم فيما رووه بالسماع فنقطع بأنهم أكملوا ما لم يسمعوا ، فكانت لكل منهم مصادره فتفاوتت أقوالهم ، وهناك الكثير لم يحدث إنما هو من قول الرواه .
4 ـ كيف سمعوا الحوار الهامس بين المصلوب على الصليب وبين زميليه الذي انفرد به لوقا دون الآخرين .
« الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس » لوقا [23 : 39 ـ 42] .
5 ـ أم أنهم رأوا نصر الله لنبيه واطمئنوا على سلامته فهربوا مع معلمتهم أو ليلحقوا به .
س: من هو الشخص الذي رآه مرقس يتبع المقبوض عليه عريانًا إلا من إزاره ؟
« وتبع يسوع سمعان بطرس وتلميذ آخر كان رئيس الكهنة يعرفه فدخل ذلك التلميذ مع يسوع إلى دار رئيس الكهنة » يوحنا [18 : 15] .
« فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا. وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِسًا إِزَارًا عَلَى عُرْيِهِ، فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ، فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَانًا. » [مرقس 14 : 50 ، 52] .
1 ـ ترى من كان هذا الشاب الواقف مباشرة خلف المقبوض عليه ؟
2 ـ هل كان من تلاميذ يسوع ؟
كيف ذلك وهم قد هربوا جميعًا كما يروي مرقس ؟ أفكان من الجند ؟ فكيف أرادوا إمساكه ؟
أكان هو يهوذا الذي دل عليه بالقبلة فامسكوه ؟
فكيف يهرب منهم وهو الذي جاء بهم ؟
أم كان عابر سبيل دفعه الفضول إلى السير في موكب الجند والمقبوض عليه مثلما يسير الناس في موكب الشرطه والجناه .
فلماذا حاول الهرب من الجند وهو يسير في موكبهم ؟
ولماذا يحاولون الإمساك به وحده ؟
فلماذا لم يمسكوا بالمتجمهرين جميعًا ؟
أليس لأنه استفزهم بالتصاقه بالمقبوض عليه ؟
فهل أمسكوه بإزاره فسقط عنه أم حبذوه منه فتفلت منهم ؟
وكيف يخرج من إزاره ولا يلحقون به ؟
وكيف أنسل من أيديهم ولم يلاحقوه ؟
أليس هو يسوع نفسه الذي حاجزت عنه الملائكة بعد أن ألقى شبهه على يهوذا المقبوض عليه لحظة « القبلة » لا ندري من قبّل من ؟
هكذا غاب الشاب عن أعين طالبيه الذين قبضوا على يهوذا مكانه ؟
س : هل كان هذا الشاب هو يوحنا الذي يحبه يسوع ؟
ـ ليس هو لأن المكتوب في الأناجيل أن التلاميذ كلهم هربوا وتركوا يسوع .
ـ لم يتبعه أحد منهم أو فكر في اتباعه إلا بطرس الذي تبعهم من بعيد . كما يقول لك متى ومرقس ولوقا .
ـ ولكن يوحنا يقول في إنجيله « وهو ليس يوحنا التلميذ المعنى » « وتبع يسوع سمعان بطرس وتلميذ آخر كان رئيس الكهنة يعرفه ، فدخل ذلك التلميذ مع يسوع إلى دار رئيس الكهنة » يوحنا [18 : 15] .
ـ إنها المعجزة الكبرى تشبيه عيسى لطالبي دمه وقضاته ومحاوريه وللجمهور الذي شهد الصلب .
ـ هذه المعجزة لم يشاهدها أحد قط غير المسيح والملائكة ويهوذا الذي ألقى عليه الشبه.
ـ إن هذه اللحظة التي اقترب فيها يهوذا لتقبيل المسيح كعلامة للجند على أنه المطلوب القبض عليه ، فتدخلت قدرة الله العظيم ـ كما ذكر يوحنا ـ فسقطوا على الأرض بعد أن رجعوا للوراء .
« واقترب الجموع من المسيح يتقدمهم يهوذا والتلاميذ نيام ، فلما قال لهم : إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض » يوحنا [18 : 6] ولك أن تتخيل ما حصل من هرج وتدافع ، من جراء سقوط هذه الجموع التي تحمل المشاعل وتنير ظلمة الليل .
بعد ذلك الاضطراب والفوضى قام الساقطون من الأرض ، وأفاقوا من ذهولهم لما حصل لهم ، ورأوا يهوذا وحده مبهوتًا أصابه الذهول . وقد رأى المسيح يرفع للسماء ويهوذا في ذهول تام من شدة ما رأى وحدث .
فكانت لحظة وقوع الجند هي لحظة الخلاص كما وصفتها . [المزامير 20 : 8]
« الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه ... هم جثوا وسقطوا أما نحن فقمنا وانتصبنا » .
وفي مزمور آخر يسجل تلك اللحظة الخالدة « لِيَرْتَدَّ إِلَى خَلْفٍ وَيَخْجَلِ الْمُشْتَهُونَ لِي شَرًّا » [المزمور 70 : 2]
« وعندما اقترب إلى الأشرار ليأكلوا لحمي ومضايقي وأعدائي عثروا وسقطوا » [مزمور 37 : 3]
بعدها حمل يهوذا إلى المحاكمة وإلى ديوان بيلاطس والشك يلاحق الجميع .
س : هل نجى الله المسيح بإلقاء شبهه على يهوذا ؟
تؤكد المزامير الإجابة على هذا السؤال بأن الشخص الذي أراد أن يوقع المسيح في حفرة هو الذي وقع فيها وصلب وعلق على الصليب بدلًا من المسيح :
[في المزامير 57 : 6]
« هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي. انْحَنَتْ نَفْسِي. حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا » .
وتؤكد [المزامير 9 : 16]
« الرَّبُّ. قَضَاءً أَمْضَى. الشِّرِّيرُ يَعْلَقُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ » .
فكيف حدث ذلك ؟
1 ـ في المزامير [56 : 9 ، 13]
« حِينَئِذٍ تَرْتَدُّ أَعْدَائِي إِلَى الْوَرَاءِ فِي يَوْمٍ أَدْعُوكَ فِيهِ. هذَا قَدْ عَلِمْتُهُ لأَنَّ اللهَ لِي. اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. الرَّبُّ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الإِنْسَانُ؟ اَللَّهُمَّ، عَلَيَّ نُذُورُكَ. أُوفِي ذَبَائِحَ شُكْرٍ لَكَ. لأَنَّكَ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ. نَعَمْ، وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ، لِكَيْ أَسِيرَ قُدَّامَ اللهِ فِي نُورِ الأَحْيَاءِ » .
2 ـ يوحنا في [18 : 3 ، 8]
اتفق مع المزامير في ارتداد أعداء المسيح إلى الوراء وزاد على ذلك بأنهم سقطوا على الأرض .
« فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّامًا مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ. فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» أَجَابُوهُ: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». قَالَ لَهُمْ:«أَنَا هُوَ». وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ أَيْضًا وَاقِفًا مَعَهُمْ. فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ:«إِنِّي أَنَا هُوَ»، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ. فَسَأَلَهُمْ أَيْضًا: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» فَقَالُوا:«يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». أَجَابَ يَسُوع:«قَدْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ »
فماذا يعني ذلك ؟
ـ لا يمكن أن يرتد أعداء المسيح إلى الوراء ويسقطوا على الأرض إلا بسبب حدوث معجزة ومفاجأ مذهلة أفقدتهم صوابهم والقدرة على الثبات والاتزان والوقوف على أرجلهم فارتدوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض .
ـ كانت هذه المعجزة مفاجأة مذهلة لأنهم رأوا تغير وجه يهوذا وهو يقترب من المسيح ليشير إليه وهو يقبله فلم يدروا من هو يسوع ومن وهو يهوذا فاختلط الأمر عليهم وساورهم الشك جميعًا فسقطوا على الأرض من هول المفاجأة التي أفقدتهم صوابهم وخارت قواهم فلم تقوى أرجلهم على حملهم . وعندما أفاقوا قبضوا على يهوذا وهم يظنونه يسوع .
ـ وعندما ارتد أعداء يسوع إلى الوراء وسقطوا على الأرض وجد يسوع وتلاميذه فرصة نادرة للهرب فهربوا وقد هرب المسيح من أعدائه قبل ذلك أكثر من مرة [يوحنا 10 : 39] « فَطَلَبُوا أَيْضًا أَنْ يُمْسِكُوهُ فَخَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ » [وفي يوحنا 8 : 59]
« فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى » واعترف مرقس بعملية الهروب وقال في [14 : 5] « فتركه الجميع وهربوا » .
ولم يلفت نظر مرقس أن المسيح هرب مع التلاميذ وقد أيد متى مرقس في عملية الهروب وذلك في [26 : 56] .
س : هل قبض على يهوذا بدلًا من يسوع ؟
نعم : لما أفاق أعداء المسيح لم يجدوا إلا يهوذا الذي ارتد إلى الوراء وسقط معهم على الأرض ، وقد ألقى الله بشبه المسيح عليه فألقوا القبض عليه وحاكموه وعلق على الصليب بعمل يديه كما قالت المزامير .
وقد هيأ الله الظروف للمسيح وتلاميذه للهروب فقد كانت محاولة القبض بالليل وكانت المشاعل هي وسيلة الإضاءة الوحيدة فلما أراد أعداؤه القبض عليه ارتدوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض ، فسقطت المشاعل معهم وانطفأ أكثرها على الأقل وكانت الإضاءة شبه معدومة ، فكانت أعظم فرصة للهروب وعندما أفاق أعداء المسيح قبضوا على يهوذا وهم مقتنعون أنه المسيح .
وهذا أكبر دليل على أن الذي تم القبض عليه هو يهوذا وليس يسوع ففي إنجيل مرقس ولوقا ويوحنا لم يظهر أثر ليهوذا بعد ذلك أبدًا وهذا دليل عظيم على أنه الذي تم القبض عليه وقد ظن أعداء المسيح أن يهوذا هرب خوفًا من انتقام تلاميذ وأتباع يسوع من ما بعد سلمه لأعدائه .
س : لماذا كان المسيح يتخفى من اليهود وهو في الحياة الأبدية ؟
فقد كان يسوع يتخفى من اليهود مرة في صورة بستاني عندما قابل مريم المجدلية وقال لها في [يوحنا 20 : 17] لم أصعد بعد إلى أبي ، وكأنه في لغة اليهود واصطلاحهم يقول « لم أمت بعد إنني ما زلت حيًا » وفي المرة الثانية عندما قابل إثنين من أتباعه وهما متوجهان إلى قرية عمواس ولم يعرفاه وذلك في [لوقا 24 : 13 ، 33] .
إنها الحقيقة المخفية تأبى إلا أن تظهر كالشمس في كبد السماء لتؤكد أن المسيح لم يقبض عليه ولم يمت بل كان هاربًا من اليهود وكان متخفيًا عن أعينهم وقبض على يهوذا بدلًا منه وعلق على الصليب بعمل يديه كما قالت [المزامير9 : 16] .
« الرَّبُّ. قَضَاءً أَمْضَى. الشِّرِّيرُ يَعْلَقُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ » .
س : لماذا سيطر الشك على الجميع ؟
عندما ألقوا القبض على هذا المشبه يهوذا الخائن وأرادوا التثبت والتأكيد وقعوا في شك من أمره .
كيف ولا وما من أحد إلا يعرفه بذاته وصفاته وحليته ولهجته ونسبه وحسبه ولا يختلف عليهم أمره ولكن لما هجموا عليه في ذلك المكان أعمى الله بصيرتهم عن معرفته فأنكره أصحابه بعد تلك الصحبة وخفى الله شخصه على أعدائه بعد تلك المعرفة .
فلما أعياهم أمر الإثبات استحلفه رئيس الكهنة في مجمع من جمهور الأحبار باسم الحي قائلًا له هل أنت المسيح ؟ على ما صرح به الإنجيل فلو كان هو المسيح لما أنكر نفسه بعد هذه الآية العظيمة والمعجزة الكبرى .
لكان ينبغي أن يقول : « أنا المسيح » .
وهو النبي المرسل لإعلان ذلك ، ولا يخادعهم في الجواب قائلًا « أنت تقول ذلك » .
ولما اجتمع في النهار مشيخة الشعب ورؤساء الكهنة « واصعدوه إلى مجمعهم قائلين : « إن كنت أنت المسيح فقل لنا » ، فقال لهم : « إن قلت لكم لا تصدقون وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني منذ الآن يكون ابن الإنسان جالسًا عن يمين قوة الله » ، فقال الجميع : « أفأنت ابن الله ؟ » ، فقال لهم : « أنتم تقولون إني أنا هو » [يوحنا 22 : 66 ، 70] .
إن هذه الإجابات الغريبة وتلك الأسئلة من أناس كانوا يرون المسيح في كل يوم لا نفسره إلا أن نقول بأن المأخوذ هو غير المسيح وإن أشبهه وهذا الشبه حير رؤساء الكهنة في حقيقة المأخوذ فحاولوا استجلاء الحقيقة المخفية بسؤال المأخوذ فلم ينكر ولم يثبت .
وقد علم يهوذا أنه لا فائدة من إنكاره إذ لن يصدقه أحد ولم يتركوه فاستسلم لقضاءه وقد سبب اختفاء يهوذا ارتباكًا شديدًا عند الكتاب الإنجيلين فاخترع كل من متى ولوقا نهاية ليهوذا تليق بجريمته ، إن هذا التناقض والاختلاف بين الروايتين يؤكد بوجود نهاية حقيقية مخفية على الكاتبين دفعتهما لاختلاق الروايات الكاذبة إن هذه الروايات لم يستطيع أحد أن يثبت وقوعها لكثرة ما فيها من أخطاء وتناقض واختلاف فهذه الروايات المفككة على كل حال أظهرت بعض من الحقيقة ولكن لم تتضح منها الحقيقة كاملة وهي لا تتعارض مع نجاة المسيح من الصلب بل نراها تؤكد هذه الحقيقة .
فوجود المسيح يدل على أنه ما زال حيًا وتخفيه من اليهود والرومان في صورة بستاني . [يوحنا 20 : 14 ـ 15] وبهيئات أخرى منعت التلاميذ من معرفة شخصه لوقا [24 / 13 ـ 19] يوحنا [31 : 1 ـ 7]
وكل ذلك يدل على نجاه المسيح من الموت لا على قيامته منه فلو كان المسيح قد قهر الموت لما خافه ثانية ولما تخفي من اليهود إذ الموت لا يتسلط عليه ثانية يذكر متى أنه أخذ بطرس ويعقوب ويوحنا .
« وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، » متى [17 : 1 : 2] فقد صح أن المسيح يقدر على تغيير شكله كما يزعم كاتب الإنجيل وأن يخفي أمره على تلاميذه فهذا دليل على قدرته على الخلاص والنجاة من أيدي أعدائه وهذا لا ريب دليل واضح على نجاة يسوع من الإنجيل .
فهم أرادوا قتل عيسى وصلبه وأراد الله أن يتوفاه وفاة عادية ففعل ، ورفع روحه كما رفع أرواح الصالحين من عباده وطهره من مخالطة الذين كفروا .
فقد أعطاه الله ﻷ القدرة على النجاة والهروب من أيدي أعدائه فقد اختفى منهم أكثر من مرة لما أرادوا به شرًا ولما اكتشف اليهود خيبتهم وتحطيم آمالهم وأن الذي قتلوه ليس يسوع إنما هو يهوذا خافوا من فضيحتهم أمام الناس ماذا يفعلون ألقوا بالجثة من مكان عال ليظن الناس أنه ندم فخنق نفسه كما قال متى أو دفع نفسه من عال كما قال بطرس « وقع على وجهه فانشق من وسطه واندلقت أمعاؤه كلها » أعمال الرسل [1 / 18]
من كتابى(الاختلافات والتناقضات فى قصة المسيح)ص118-119
موضوع هام ذو صلة يبين نجاة المسيح
https://www.ebnmaryam.com/vb/t188678.html
المفضلات