مجمع نيقية 325 م.
المجمع الذي عقده الرسل والشيوخ عام 50 م. والمذكور في سفر أعمال الرسل (15، 6-29) هو المثال الأول للمجامع الكنسية. في ذلك المجمع تم التداول في شؤون اختلف بشأنها البعض ولم يكن الموقف واضحا. بعض تبادل وجهات النظر وفحص الأمور اتفق المجتمعون على الخطوات الصحيحة الواجب اتباعها، ثم تم تعميم الأمر على الكنائس المختلفة الأمر الذي يجعل من المجمع مسكوني أي شامل يشمل بقراراته جميع الكنائس. وهذا ما فعله يعقوب الرسول حينما كتب إلى الأخوة يقول: 28فَقَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نُحَمِّلَكُمْ أَيَّ عِبْءٍ فَوْقَ مَا يَتَوَجَّبُ عَلَيْكُمْ. 29إِنَّمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الأَكْلِ مِنَ الذَّبَائِحِ الْمُقَرَّبَةِ لِلأَصْنَامِ، وَعَنْ تَنَاوُلِ الدَّمِ وَلُحُومِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَخْنُوقَةِ، وَعَنِ ارْتِكَابِ الزِّنَى. وَتُحْسِنُونَ عَمَلاً إِنْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ. عَافَاكُمُ اللهُ !» (أعمال الرسل 15، 28-29)
في العقد الأول من القرن الرابع (حوالي عام 318 م. ) وجدت الكنيسة نفسها تعاني مسألة غاية في الأهمية، هذه المسألة تتعلق بشخص مؤسسها الذي عبدته ربا جالسا عن يمين الله وهو الذي قدم لها نفسه بأنه ابن الله. فالكنيسة انطلقت طاعة لرغبته وإرادته تبشر باسمه وتمنح سر المعمودية باسم الآب والابن والروح القدس.
في ذلك الوقت، برز راهب اسكندري اسمه أريوس، وكان تلميذا للوسيان الأأنطاكي وقال: إن "الكلمة" ما هو إلا خليقة خلقها الله وأنها ليست أزلية وأنه كان ثمة وقت لم يكن الكلمة فيه موجودا.
حوالي عام 318 م.، قام اسقف الإسكندرية بعقد مجمع ضم حوالي 100 أسقف من مصر وليبيا حيث أعلنوا بعد التداول والنقاش بطلان تعاليم آريوس ودعوه إلى التوقف عن نشر هرطقته (أي تعاليمه الضالة الفاسدة) وأرسلوا رسائل بالموضوع إلى أبرز الأساقفة في الكنيسة ليعلموهم بالأمر وبقرار المجمع الذي اعتمد أساسا على فاتحة الإنجيل بحسب القديس يوحنا: "في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة لدى الله، وكان الكلمة الله".
قام الإمبراطور قسطنطين بدعوة أساقفة الامبراطورية إلى نيقية في بيثينيا (شمال شرق تركيا حاليا) وذلك لإيجاد حل نهائي لهذه القضية التي أرقت الكنيسة. فلبى الدعوة حوالي 250-300 أسقف ذكر أوسابيوس من قيصرية فلسطين أسماء 250 أسقفا منهم فقط. أما العدد الرسمي الذي يعلن أنه حضر المجمع فهو 318 أسقفا وهي دلالة رمزية غير واقعية في إشارة إلى سفر التكوين 14، 14.
جاء الأساقفة من مختلف أنحاء الشرق وقليل من الغرب:
سوريا، فينيقية، بلاد العرب، فلسطين، مصر، ليبيا، آسيا الصغرى، فريجية، بمفيلية. جميع هذه البلدان أرسلت أساقفتها المميزين. وحضر أيضا هوسيوس من أسبانيا. أما البابا سلفستر، أسقف روما، فقد امتنع عن الحضور بسبب وضعه الصحي وأرسل نيابة عنه فيتوس ومنصور.
قدم الإمبراطور في بداية المجمع خطابا افتتاحيا باللاتينية ثم ترك اللجنة تدير شؤون المجمع ولم يتدخل هو شخصيا في أي لحظة بأي عمل بل اكتفى بالحضور بدون تعليق.
دافع آريوس وجماعته (17 عضوا آخرين أبرزهم أوسابيوس من نيقوديميا) عن تعاليمه ودارت نقاشات طويلة حول هذه المسألة قاد وجهة النظر الأرثوذكسية (القويمة) خلالها الأسقف مارسيلو من أنقرة، والأسقف أوستاذيوس من أنطاكية، والشماس الاسكندري أثناسيوس تلميذ أوسابيوس من قيصرية فلسطين.
في نهاية النقاش تم الاتفاق والتأكيد على تعاليم الكنيسة والرسل الحواريين والتي توضح موقف الكنيسة بشأن السيد المسيح وقاموا بتبني صيغة قانون الإيمان المستخدم في كنيسة قيصرية فلسطين والتأكيد فيه على الحقائق الإيمانية التالية:
أن السيد المسيح مولود من الآب قبل كل الدهور (أزلي)
إله من إله، نور من نور ، إله حق من إله حق
مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر
وقام جميع الأساقفة الحاضرين بالتوقيع على قانون الإيمان هذه فيما عدا اثنين منهم بالإضافة طبعا إلى آريوس وجماعته.
.
المفضلات