اخي العزيز,
بداية بالنص الكامل للآية مع الشاهد:
[
اشعياء 29: 12 او يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا اعرف الكتابة]
لا ينحصر تفسير الاية على ان كانت الكلمة هي "غير مثقف" (not learned) او "لا يعرف الكتابة", فكلا الكلمتين لهما نفس المعنى, وليس استعمال الكلمة ما يغير التفسير, بل الموقف الذي به استعمل هذا النص. فهنالك العديد من القصص والروايات المكتوب في العالم التي تحتوي على نصوص شبيهة بنصوص الكتاب المقدس, فهل لنا ان نقول انها نفس الحادثة؟ بالطبع لا, فلا يجوز استخراج جملة من نص بدون معرفة الموقف الذي قيلت به, وهذا القانون ينطبق في كلاً من تفسير الكتاب المقدس والقرآن واي كتاب اخر.
مقدمة الاصحاح 29 من اشعياء:
بعدما تنبأ اشعياء بامور تخص المسيا, يتكلم في الاصحاح عن معاتبة الله للشعب, وعن الغضب الآتي من الله على الشعب, وعن الاسباب التي يصب الله غضبه عليهم, ومعاتبته لهم بعدم الدخول معه في عمق العبادة ومجرد عبادته بالشفاه, لا بالقلوب, وعن تذمرهم عليه وعن اتهامهم له بانه لا يفهم بالخلق, وتذمرهم على خليقته.
(تستطيع ان
تقرأ الاصحاح كله بنفسك كي تتأكد من صحة ما ذكر اعلاه).
اما عن الاية المذكورة, فلنسرد السياق التي جاءت به هذه الاية (اشعياء 29: 10-14):
[
لان الرب قد سكب عليكم روح سبات واغمض عيونكم.الانبياء ورؤساؤكم الناظرون غطّاهم. 11 وصارت لكم رؤيا الكل مثل كلام السفر المختوم الذي يدفعونه لعارف الكتابة قائلين اقرأ هذا فيقول لا استطيع لانه مختوم.12 او يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا اعرف الكتابة 13 فقال السيد لان هذا الشعب قد اقترب اليّ بفمه واكرمني بشفتيه واما قلبه فابعده عني وصارت مخافتهم مني وصية الناس معلمة 14 لذلك هانذا اعود اصنع بهذا الشعب عجبا وعجيبا فتبيد حكمة حكمائه ويختفي فهم فهمائه].
لان الرب قد سكب عليكم روح سبات واغمض عيونكم.الانبياء ورؤساؤكم الناظرون غطّاهم
من اجل غضب الرب عليهم, قام الرب وانزل عليهم روح عدم فهم وعمى (عمى الذهن), لكليهم, الناس العاميون, والمعلمون والرؤساء منهم, كي لا يروا الحقائق والرؤيا, لانهم لم يجتهدوا (بربط مع الاية 13).
وصارت لكم رؤيا الكل مثل كلام السفر المختوم الذي يدفعونه لعارف الكتابة قائلين اقرأ هذا فيقول لا استطيع لانه مختوم
اصبحت النبوات المذكورة (الرؤيا عن المسيا) كانها كلام مشفر (كلام الغاز غير مفهوم), لا يستطيعوا تمييز المسيا من وسطهم, فانهم مثل شخص يعرف الكتابة (يقصد رؤساء اليهود المتعلمين) ولكن يدفع اليهم كتاب الغاز, فيقولون لا نستطيع لانه مشفر (مختوم). اي انهم قرأوا عن النبوات, يعرفون التوراة ويعرفون ما تقوله النبوات ولكنهم لا يفهمون مضمونها, ولا يجتهدون لفهم ما تقوله الايات, بادعائهم انها مليئة بالالغاز. فانهم يجهلون كلمة الله وقوته كما قال عنهم السيد المسيح (
متى 22: 29)
او يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا اعرف الكتابة
وهي الاية التي ذكرتها اخي, وتعني ان عامة الشعب ايضا (استمرارا للايات السابقة) لا تستطيع ان تفهم الرؤيا (النبوات والكتاب), ولا تمييز الامور, لكن الان ليست بحجة ان الايات مليئة بالالغاز, بل بحجة انهم غير متعلمين. مشبها اياهم بالشخص الذي لا يعرف الكتابة (عامة الشعب من اليهود, وليس الفريسيين والرؤساء على غرار الاية السابقة), فيدفع اليهم كتاب (مفهوم, وليس بالغاز) فيقولون لا نعرف الكتابة. لم يجتهدوا ليتعلموا الكتابة ليعرفوا ما في كتبهم من نبوات ورؤيا.
فقال السيد لان هذا الشعب قد اقترب اليّ بفمه واكرمني بشفتيه واما قلبه فابعده عني وصارت مخافتهم مني وصية الناس معلمة
الرب يعاتب الشعب (كرؤساء وعاميون) بانهم لا يجتهدوا ليعبدوه ويقرأوا ويفهموا كلمته والرؤيا (الايات السابقة), بل مجرد يعبدون بالشفاه, وانهم بعيدون عنه تماما, مبطلون تعليم الله وتابعين وصايا اناس يقودوهم الى الهلاك.
الايات المذكورة اعلاه, لا تتنبأ عن نبي او رسول, بل تتنبأ عن حالة اليهود في ما قبل المسيح, وفي زمنه ايضا, ونستطيع ان نتأكد من هذا, بكلام السيد المسيح نفسه عن هذه الأية, واستخدامه لها لوصف اليهود من خلال كلامه اليهم:
[
متى 15: 6- 9, 6 فقد ابطلتم وصية الله بسبب تقليدكم. 7 يا مراؤون حسنا تنبأ عنكم اشعياء قائلا. 8 يقترب اليّ هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا.9 وباطلا يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس]
المفضلات