اشارة القرآن الكريم الى كروية الأرض في سورة القصصبسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أخوتي الكرام و رحمة الله و بركاته أما بعد فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {53}(فصلت)
فالقرآن هو كتاب هداية لكل زمان و مكان و لذلك أودع الله فيه الكثير من الاشارات و الآيات التي تؤكد على صدق و حفظ القرآن الكريم و منها اشارته الى العديد من الحقائق العلمية التي اكتشفها العلم الحديث و منها كروية الأرض حيث كان يعتقض الناس قديما أنها مسطحة ولكن القرآن كان السباق في الاشارة الى كرويتها في عدة آيات و منها:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ {71} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ {72} (القصص)
و يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآيات الكريمات:
"يقول تعالى ممتنًا على عباده بما سخر لهم من الليل والنهار، اللذين لا قوَامَ لهم بدونهما. وبين أنه لو جعلَ الليلَ دائمًا عليهم سرمدًا إلى يوم القيامة، لأضرّ ذلك بهم، ولسئمته النفوس وانحصرت منه، ولهذا قال تعالى: { مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ } أي: تبصرون به وتستأنسون بسببه، { أَفَلا تَسْمَعُونَ } .
ثم أخبر أنه لو جعل النهار سرمدًا دائمًا مستمرًّا إلى يوم القيامة، لأضرَّ ذلك بهم، ولتعبت الأبدان وكلَّت من كثرة الحركات والأشغال؛ ولهذا قال: { مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } أي: تستريحون من حركاتكم وأشغالكم"
فالله تعالى في الآيتين يهدد الناس تارة بأن يجعل عليهم الليل أبديا الى يوم القيامة و تارة بأن يجعل النهار أبديا ولكن لمذا تكررت الصيغة نفسها "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ" في الآيتين؟ و لمذا هدد الله تعالى الناس بالليل الأبدي و النهار الأبدي و ليس بواحد منهما؟ تخيلوا أعزائي أن مشكك أو كافر قرأ الآية الأولى قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ {71} و توقف و لم يقرأ ما بعدها لتسائل بأنه بحال توقفت الأرض عن الدوران و أصبح الليل دائم في نصف الأرض الغير المقابل للشمس لأصبح النهار أبديا في النصف الآخر المواجه للشمس و لأمكن الناس أن ينتقلوا الى النصف الآخر عند الحاجة! ثم سيقول أن هذه الآية تناقض العلم الحديث فلا يمكن أن يكون ليل أبدي على الأرض كلها, و هنا تجيبه الآية الثانية مباشرة: } قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ {72} فالله تعالى خالق كل شيء يعلم كروية الأرض و دورانها و لذلك أتبع التهديد بالليل الأبدي بآخر بالنهار الأبدي اشارة منه تعالى الى كروية الأرض و بأنه بحال حل الليل الأبدي على جزء من لبكرة الأرضية فسيحل النهار الأبدي على الجزء الآخر مشيرا كذلك دورانها الذي يسبب تعاقب الليل و النهار بالاضافة الى الاشارة الى الضرر الهائل الذي سوف يسببه توقف هذا الدوران.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفضلات