بسم الله الرحمن الرحيم
هذا سؤال كثيرا ما يطرحه النصارى أمام المسلمين، ويظنون انهم بذلك أثبتوا أن الرسول عيسى أفضل من الرسول محمد
السؤال هو : من الأفضل روح الله أم رسول الله ؟
الجواب:
معنى كلمة روح:
كلمة روح لها عدة معان قاموسية واصطلاحية، تفهم من خلال سياق الكلام التي وردت فيه:
1-الروح= نسيم الريح، أي النفخة. (راجع لسان العرب لابن منظور/مقاييس اللغة لابن فارس / الصحاح في اللغة للجوهري)
2-الروح=الرحمة. (لسان العرب / القاموس المحيط)
مثال:
يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (يوسف - 87)
3-الروح=الوحي، أمر النبوة، القرآن (لسان العرب عن الزجاج وأبو العباس/القاموس المحيط للفيروزآبادي)
أمثلة:
رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (غافر-15)
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (الشورى - 52)
4-الروح=الراحة (القاموس المحيط)
5-الروح=الفرح، السرور (لسان العرب عن ابن سيده وأبو عمرو وابن الأعرابي)
6-الروح= نفس الانسان، (معجم الغني) وهو معنى اصطلاحي حديث ومعاصر. بمعنى فلان مات – يقال خرجت روحه من جسده
7-الروح= لقب من ألقاب جبريل عليه السلام. وقد لقب في القرآن بالروح الامين (الشعراء-193)، والروح القدس (النحل - 102)، وروح الله (روحنا) (مريم - 17)
الآيات التي تحدثت عن عيسى :
إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ
(النساء-171)
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ
(الانبياء-91)
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ
(التحريم -12)
فالروح من الله هنا أي النفخة من الله. لأنه خلق خلقاً ابتدائيًا مثل آدم . يعني بدون حدوث العملية الجنسية الطبيعية بين ذكر وانثى.
والـ "من" هنا مصدر الإنشاء وليس التبعيض (ليس بعض أو جزء منه).
ونفس العبارة ذكرت في القرآن عن آدم عليه السلام:
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ
(الحجر – 29)
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ
(السجدة – 9)
ومن لطائف تسمية عيسى عليه السلام ب"روح من الله"، إذا ما راجعنا المعاني الأخرى للروح الواردة في القواميس وكتب التفاسير. يمكن تحميله أيضاً معاني مترادفة مثل الرحمة والراحة والسرور. فيكون بذلك عيسى عليه السلام رحمة لمن تبعه وتولاه. من حيث هدايته الى التوحيد كسائر الانبياء ، أو من حيث آيات الله الباهرات التي ظهرت على أيديه مثل شفاء المرضى التي كانت رحمة لهؤلاء الذين عاشوا في تلك الحقبة.
والخلاصة أنه لا يوجد أيّ من المعاني المحددة لكلمة روح في اللغة العربية، سواء معاني قاموسية أو اصطلاحية أشارت الى أن عيسى هو الله، أو له طبيعة الهية. وكما رأينا ان نفس العبارة قيلت عن آدم عليه السلام. فهل القرآن أثبت أيضاً الوهية آدم يا نصارى؟
ولو قلنا أن الموصوف بـ "روح من الله" أفضل من الموصوف بـ "رسول الله"...فهل آدم عليه السلام أفضل من ابراهيم الخليل عليه السلام، وهو من أنبياء أولي العزم؟
فالمقصود أن عبارة "روح من الله" تثبت مزايا خَلقِيَّة مميَّزة (الخلق الإعجازي/ الابتدائي) وقد تحتمل على معنى الرحمة أو الراحة (إسم تشريفي) ... ولكن حتماً لا تعني أن صاحب الإسم أو الصفة هو أعظم شأناً من رسول أو نبي آخر.
المفضلات