يدعي النصارى أن في قول كاتب رسالة يوحنا الأولى :
1يو 5/20 وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
دليل على ألوهية يسوع .. وللرد بنعمة الحق نقول :
مقدمة:
يظن العديد من النصارى أن الأناجيل وما فيها حجة على المسلم وأنه يضر المسلم وجود ما يقرر ألوهية المسيح فيها!
وهذا خطأ كبير!
فالمسلم لا يؤمن بمحتوى هذه الكتب كليا بل يؤمن بأن فيها من الحق وفيها من الباطل ويحتج بما فيها من الحق على ما فيها من الباطل والكذب على الله تعالى ورسله!
فلا يفرق مع المسلم شيئاًً إن وجد في الكتاب أن المسيح هو الله أو أن الله مثلث الأقانيم متحدة بغير امتزاج متميزة بغير انفصال .. هذا كله لا يضير المسلم ولا يفرق معه شيئاً..
كل ما في الأمر أن المسلم يستطيع أن يثبت للنصراني من داخل كتابه الذي يؤمن به أنه لا يحوي معتقده!
أي ان المسلم لا يهمه وجود ما يقول بالكفر البواح على الله وعلى رسله في الكتاب ولكن هو يثبت لمن يؤمن بألوهية يسوع بأن المسيح عليه السلام لم يدع هذا في حياته على الأرض أبداً أبداً .. وأن ألوهيته ما هو إلا تقليد وانتشر بين الناس!
الـــــــــرد
إن إيمان يوحنا في المسيح واضح وصريح فقد قال في 2يو 1/3 تَكُونُ مَعَكُمْ نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ الآبِ وَمِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ابْنِ الآبِ بِالْحَقِّ وَالْمَحَبَّةِ.
فهو مهرطق يؤمن بأن الله هو الآب ! وأن الآب هو الإله الحقيقي وحده
يو 17/3 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.
فإيمانه في المسيح معروف واضح فتعالوا نرى النص الذي اقتطع من سياقه ونناقشة بما لدينا من معطيات:
يقول النص "كاملاً"
1Jo 5:18 نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ.
1Jo 5:19 نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ.
1Jo 5:20 وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
نجد أن النصوص تذكر كلاً من الله والمسيح وتتحدث النصوص بشكل قوي عن الله فيقول "كل من ولد من الله لا يخطئ" و "المولود من الله يحفظ نفسه" و "نحن ولدنا من الله" و "ابن الله قد جاء وأعطانا بصرية لنعرف الحق" و "نحن في الحق في ابنه يسوع" خذ بالك من الهاء في ابنه واخيراً "هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية"
وذكرنا سابقاً أن الحياة الأبدية هي الإيمان بالإله الحقيقي وحده (الله الآب) والإيمان بالمسيح الذي أرسله الله يو 17/3
كقول الكتاب :
1صم 20/20 آمِنُوا بِالرَّبِّ إِلَهِكُمْ فَتَأْمَنُوا. آمِنُوا بِأَنْبِيَائِهِ فَتُفْلِحُوا.
النص مبهم وكما قلت ذكر في السياق قبله حديث كامل عن الله تعالى لا عن المسيح وليس معنى أن أخر مذكور هو المسيح أن الكلام يعود عليه فأعلم يا هداك الله أن الكتاب لم يكن مرقماً ومرصوصا بهذا الشكل قبل القرن السادس عشر!
فنقول وبالرحمن التوفيق:
الرد من عدة أوجه:
الوجه الأول:
القول بأن "هذا هو الإله الحق" تعود إلى المسيح فقط لأنه أخر مذكور في النص خطأ .. فالنص ذكر الله وذكر المسيح .. ولكن ما لا يعلمه النصارى أن أنها قد تشير إلى الله بنفس النسبة التي قد تشير فيها إلى المسيح ! بل ونسبة الإشارة إلى الله أكبر للقرائن العديدة! تعالوا نؤصل الموضوع لغوياً حتى نصل إلى نتيجة مرضية:
الكلمة هذا في النص اليوناني هي الكلمة اوتس وبدراسة هذه الكلمة في محتوى العهد الجديد سنجد أن الإشارة بها قد تشير إلى البعيد لا إلى القريب فتأمل الكلام! وأعطانا الكتاب المقدس بعض الأدلة فمثلا أعمال 7/18 يقول
Act 7:17 وَكَمَا كَانَ يَقْرُبُ وَقْتُ الْمَوْعِدِ الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ عَلَيْهِ لِإِبْرَاهِيمَ كَانَ الشَّعْبُ يَنْمُو وَيَكْثُرُ فِي مِصْرَ
Act 7:18 إِلَى أَنْ قَامَ مَلِكٌ آخَرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ.
Act 7:19 فَاحْتَالَ هَذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا.
فهذا المذكورة هنا هي الكلمة اوتس اليونانية وستجد أنها لم تشر إلى "يوسف" مع أنه آخر مذكور .. وأشارت إلى الملك الآخر وهذا مثال جيد لأن النص الذي نحن بصدده ذكر الله كثيراً وبعده المسيح ثم قال هذا هو الإله الحق وبالتالي كلمة هذا قد تعود على الله لا على المسيح حسب النص اليوناني!!
ولو لم النصارى بهذا فهناك مشكلة أكبر وهي نص 2يو 1/7 وهو نص مشابه جداً للنص الذي ندرسه ولنفس الكاتب حيث يقول:
2Jo 1:7 لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.
فإن أقررتم بأن المسيح هو المقصود حسب نص 1يو 5/20 فإن يسوع حسب هذا النص هو المضل!!!
وبالتالي فإن اشارة نص 1يو 5/20 ب"هذا" تعود إلى الله لا إلى المسيح ولفظ الله مذكور في النص أيضاً عزيزي فلا تنس أن النص فيه ابن الله وفيه ابنه والهاء عائدة على الله أي في النص ذكر مباشر لله أيضاً بعيداً عن ما سبق ذكره وتفصيله...
ولو نظرت للنصوص من منظور عام فستجد الكلام عن الله كلياً لا عن المسيح حتى في النص الذي ذكرته ستجده يذكر "ابنه" ولم يذكر الله قبلها مباشرة مما يدل على أن مضمون الكلام كله عن الله ويدل على هذا ما سبقها من نصوص صريحة!!!
الوجه الثاني:
بدراسة النص دراسة منطقية ستجد أن الإله الحقيقي قد تعود إلى الله وقد تعود إلى المسيح وقد بينا هذا سابقاً ولكن علينا أن ندرس باقي الشواهد لنر فهل تعلم أن عبارة الإله الحقيقي هذه تكررت 4 مرات في الكتاب المقدس ولم يقصد بها إلا الله الآب؟ فأقرأ مثلاً
2أخ 15/3 وَلإِسْرَائِيلَ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ بِلاَ إِلَهٍ حَقٍّ وَبِلاَ كَاهِنٍ مُعَلِّمٍ وَبِلاَ شَرِيعَةٍ.
واقرأ ايضاً
ار 10/10 أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. مِنْ سُخْطِهِ تَرْتَعِدُ الأَرْضُ وَلاَ تَطِيقُ الأُمَمُ غَضَبَهُ.
واقرأ ايضاً
يو 17/3 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.
وكلمة وحدك هنا تنهي الإشكالية ..
وأخيراً
1تسالونيكي 1/9 لأَنَّهُمْ هُمْ يُخْبِرُونَ عَنَّا أَيُّ دُخُولٍ كَانَ لَنَا إِلَيْكُمْ، وَكَيْفَ رَجَعْتُمْ إِلَى اللهِ مِنَ الأَوْثَانِ لِتَعْبُدُوا اللهَ الْحَيَّ الْحَقِيقِيَّ،
فكلها قيلت عن الله الآب لا الابن !! فتأمل الكلام!
فنجد أن يوحنا كاتب الرسالة هو كاتب الإنجيل فقال عن الآب "أنت الإله الحقيقي وحدك" وهذا يؤكد أن النص في 1يو 5/20 يشير إلى الله لا إلى المسيح!!!
الوجه الثالث:
بعض الشراح المؤمنين بالثالوث ما قالوا أن هذا النص دليل على ألوهية المسيح!!!
تعال لنر ماذا قال آدم كلارك مثلاً:
for as he lay in the bosom of the Father, he hath declared him unto us; and he hath besides given us a spiritual understanding, that we may know him who is true, even the True God, and get eternal life from him through his Son, In whom we are by faith
كما أنه كان في حضن الآب فقد حدثنا عنه واعطانا مفهوماً روحياً وبذلك يمكننا أن نعرف الحق الإله الحقيقي ونحصل على الحياة الأبدية من خلال ابنه
فتأمل عزيزي إنه آدم كلارك المؤمن بالثالوث لم يشر إلى أن الكلام في نهاية العدد يشير إلى المسيح بل إلى الإله الحقيقي الآب في حين أنه يهلل لكل نص يرى فيه أن يسوع يتحدث عن لاهوته!!!
وقال ألبرت بارنس وإن كان ممن يؤمنون أنها تعود على المسيح:
There has been much difference of opinion in regard to this important passage; whether it refers to the Lord Jesus Christ, the immediate antecedent, or to a more remote antecedent - referring to God, as such.
يوجد خلاف كبير في الرأي بين اعتبار هذه العبارة الهامة تشير إلى المسيح الأقرب ذكره أم إلى الله!!
ونعود للقاعدة الرئيسية ما وقع فيه الاحتمال بطل به الاستدلال....
وهكذا فإن هذا النص لا يصلح للاستدلال على لاهوت يسوع .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
..................................
كتبه الاخ: م. عمـرو المصري
المفضلات