بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقتباس
ورغم انه طبع اليهود العناد الا انها افحمتهم ولم يستطيعوا المجادله !
ما الذي افحمهم؟
أيها الأخ الكريم
لا شك أن اليهود أهل جدال وعناد ولكن قد تتغير معهم الأحوال بتغير المواقف والأزمان
أحببت أن أقدم لمحة تاريخية لعلها تساعد على فهم الموضوع
لقد احتل اليهود فلسطين بعد خروجهم من مصر وبعد أربعين سنة من التيه وبعد وفاة هارون وموسى عليهما الصلاة والسلام
فكانت مدن فلسطين من الشمال إلى الجنوب مسرح وجود اليهود ، فيها حروبهم وفيها عيشهم وفيها بعثت أنبياؤهم ، ومنها كان سبيهم ، وإلى فلسطين عاد أكثرهم من السبي
ولقد أرسل الله إلى اليهود الكثير من الأنبياء والرسل فصدقوا بعضهم وكذبوا ورفضوا بعضهم بل وقتلوا الكثير من الأنبياء والرسل ، وقد صور الحق ذلك بقوله :
( لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون )
المائدة 70
وبحسب انجيل متى ولوقا فإن المسيح عليه السلام خاطب اليهود بقوله :
( يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا 38 هوذا بيتكم يترك لكم خرابا ) متى 23/37
وقد كان المسيح عليه السلام آخر أنبياء اليهود ( بني إسرائيل ) فرفضه اليهود وكذبوه وطعنوا في عرضه وعرض أمه عليها السلام
فقد قالوا أنه إبن الجندي الروماني باندريا ( ومن أعجب العجب أن المسيحية دفعت هذه التهمة بأنها نسبته إلى يوسف النجار ، ووضعت نسب يوسف النجار على أنه نسب المسيح عليه السلام - أنظر متى 1/1 )
لم تكتفي اليهود بالطعن في شرف المسيح عليه السلام وتكذيبه وإنما وصل بهم الأمر إلى التآمر عليه ومحاولة قتله ( فنجاه الله كما جاء في كتاب الله عز وجل )
ولكن اليهود والمسيحيين متفقين على أنهم قتلوا المسيح عليه السلام شر قتلة ، وأنهم صلبوه على الخشبة الملعونة ليصبح ملعونا ،
ومن هنا تبدأ الأحداث التي أثرت على المنطقة بأسرها
فقد كان أتباع المسيح قليلي العدد وضعفاء بينما كان اليهود كثيرو العدد أقوياء ولهم تأثير على الدولة الرومانية ،
لذلك اضطهد اليهود أتباع المسيح وشردوهم وقتلوا العديد منهم - حتى انهم صلبوا بعض التلاميذ بالمقلوب ، الأرجل إلى أعلى - ولكن بعد هذا الإستقواء بثلاثين عام تقريبا دخلت في المسيحية الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين - الذي استمر على وثنيته - كما ودخل من الرومان في المسيحية خلق كثير حتى أصبحت المسيحية دين الدولة الرسمي ، عند ذلك انقلبت حياة اليهود إلى جحيم ،
حيث أصبح المسيحيون يتقربون إلى المسيح بذبح اليهود الذين كانوا سببا في صلب يسوع الذي امتنع بيلاطس عن قتله في البداية ، ولكن بسبب ثورة اليهود وإصرارهم على قتله وقولهم لبيلاطس ( ليصلب ، دمه علينا وعلى أولادنا ) متى 27/25
لذلك جاء دورهم ، فانقلب حياة اليهود رأسا على عقب ، وأصبحت جحيما لا يطاق ، فليس أمامهم إلا القتل أوالتشريد ، فهربوا وتشتتوا في الأمصار ، فوصل بعضهم إلى تركيا وبعضهم إلى الشام والعراق ومصر وليبيا والجزائر ومراكش وغير ذلك ،
ولكن بعض اليهود كبني قريظة وبني النضير وغيرهم توجهوا إلى الجنوب فكان اختيارهم الإقامة في خيبر وأطراف يثرب ( المدينة المنورة ) ووصل بعضهم إلى مكة ، ومنهم من استمر هاربا إلى أن وصل إلى اليمن
هذا ما حدث لليهود في فلسطين ، قتل وتشريد حتى أنه لم يبقى في فلسطين يهوديا واحدا إلا إذا كان متخفيا خلف الصليب الذي في عنقه ، وبذلك فانتهى وجود اليهود وخربت بيوتهم ، وقد كان هذا تصديقا لما تنبأ به المسيح عليه السلام ( هوذا بيتكم يترك لكم خرابا ) متى 23/38
لقد كان سبب قدوم اليهود إلى جزيرة العرب حفاظا على حياتهم وخوفا من بطش المسيحيين والتنكيل بهم ، وهذا هو السبب الأول ،
أما السبب الثاني الذي دفعهم لإختيار بلاد العرب للعيش فيها بالرغم من ظروفها القاسية أنهم يعلمون من كتبهم ومصادرهم أن نبيا سيبعث في هذه الديار من العرب ، وسيكون آخر الأنبياء ،
وبسبب تلك المعرفة كانوا يستفتحون على مشركي العرب وعلى أهل المدينة خاصة بأنهم ينتظرون بعثة نبي آخر الزمان والذي سيبعث في هذا المحيط وسنكون ( أي اليهود ) من جنوده وسنقاتلكم أيها المشركون معه
( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين )
البقرة 89
ولقد كانت رواياتهم لأهل يثرب عن صفات النبي المنتظر ومحاسنه سببا في المسارعة إلى الإيمان بالرسول الخاتم ونصرته عليه الصلاة والسلام ،
فان أهل الكتاب عامة واليهود خاصة يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبنائهم
( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )
البقرة 146
وبعد فترة
بُعث النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر إلى المدينة
فاختلف اليهود في شأنه وافترقوا
وكلهم على يقين أنه نبي آخر الزمان ولكن بعضهم أعمته الأنانية والعصبية فزعم أن النبي يجب أن يكون خاصا باليهود أو منهم ،
وفريقا آخر هاله تحلق الضعفاء من المهاجرين والأنصار حول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، فكان مطلبه كمطلب صناديد قريش ، على أن يكون مهر إسلامهم أن يطرد الضعفاء والمساكين من حوله ،
أما فريق العقلاء من اليهود فيتمثل في عبد الله ابن سلام رضي الله عنه وقد كان أعلم اليهود بالتوراة ،
فقد جاء إلى رسول الله معلنا إيمانه ثم طلب منه أن يسأل اليهود عنه ،
فبعدما اجتمعوا إليه قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ماذا تقولون في عبد الله ابن سلام ؟
قالوا : هذا سيدنا وابن سيدنا ، هذا حبرنا وزعيمنا ، هذا أعلمنا بالتوراة
قال : أرأيتم لو أسلم ؟
قالوا : حاشا لله أن يسلم ( حاز فحليلا )
فخرج عليهم عبد الله ابن سلام فقال :
يا قوم ، تعلمون أني أعلمكم بالتوراة ، وهذا هو النبي الذي بشرت به التوراة
والقصة طويلة ، خلاصتها أن مجموعة من أهله وخاصته دخلوا في دين الله وتبعهم بعد ذلك من تبعهم
هنا يأتي موضع السؤال
اقتباس
ورغم انه طبع اليهود العناد الا انها افحمتهم ولم يستطيعوا المجادله !
ما الذي افحمهم؟
من خلال ما ذكر سابقا فإنهم لم يستطيعوا الجادل لأنهم مقتنعون تماما بصدقه صلى الله عليه وسلم وصدق دعوته
ثم إن لهم تجربة عملية معه فضحتهم فلا يرغبون أن تتكرر وذلك أنهم جاؤا إليه بمن أمسكوا منهم أثناء الزنا ، فسألوه عن حكمه فيهم ، فقال لهم : ما هو حكم التوراة فيهم ؟
فأنكروا أن يكون في التوراة حكم لهذا الفعل
فقال لهم : فاتوا بالتوراة فتلوها إن كنتم صادقين
ولعلمهم بأمية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ظانين أن من لا يعرف القراءة بلغته العربية أولى أن لا يعرف القراءة باللغة العبرية البعيدة عنه ،
فجاؤا بصحيفة من التوراة ، وأخذ أحدهم يقرأ وهو واضع يده عليها
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارفع يك واقرأ هنا
فرفع يده - فإذا بآية الرجم تحتها - فقرءها ، فبذلك أفحمهم وفضح كذبهم
ثم يجب أن لا يغيب عنك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتمتع بصفات شخصية فريدة ، فمن مجرد النظر إلى وجهه صلى الله عليه وسلم ، قال بعض من رآه لأول مرة ( لا والله ليس هذا بوجه كذاب ) فأسلم من فوره
وكذلك جاءه يوما من يبيت النية على قتله ، ولكنه تحول إلى الإسلام وتعلق به صلى الله عليه وسلم
رحم الله من قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس أحدا على وجه الأرض أبغض علي منه ، وخرجت من عنده وليس أحدا على وجه الأرض أحب إلي منه صلى الله عليه وسلم
فشخصيته صلى الله عليه وسلم لها دور كبير في إفحام خصومه والتحرج من مجادلته ، فلقد ارتعد أحدهم من هيبته صلى الله عليه وسلم ،
فقال له ( هون عليك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة )
أيها الأخ الكريم
إن إخفاء اليهود للآيات والإشارات الدالة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وجوه عدة
أولها - الإختلاف فيما بينهم على كتبهم ولا أدل على ذلك ما بين التوراة السامرية والعبرية من خلاف
ثانيا - كتب اليهود كلها باللغة العبرية ولم تترجم للعربية ، ولم يطلع عليها من المسلمين إلا نذرا يسيرا
كما أن الترجمة العربية لأسفار العهد القديم التي يتسنى لنا الإطلاع عليها كلها ترجمات تمثل الفكر المسيحي ومأخوذة عن أصل يوناني وليس عبري
ثالثا - إن اليهود لا تعتمد على أسفار العهد القديم فقط بل تتعداها إلى تعاليم الآباء الشفهية والكتابية كالمشناة والتلمود ، وهذه الكتب لم يتسنا لنا مطالعتها أيضا ،
فالمسيحيون يبحثون في كتب اليهود لخدمة دينهم فقط ، ولو أن أحدهم وجد أمرا يخدم الإسلام لطمسه وما أعلن عنه
ولنا شاهد في مخطوطات قمران أو البحر الميت التي اكتشفت منذ حوالي 65 سنة ، تحديدا عام 1947 وقد تم إخفائها منذ ذلك الحين ،
ولقد زعموا أنها مطابقة لما في العهد القديم - مع العلم أن مخطوطات الكتاب المقدس غير متطابقة - فإن كان كما يقولون فما هو سبب خوفهم من كشفها للباحثين والدارسين بل ولعامة الناس ؟
لذلك نحن لا نثق في ترجماتهم فهي أشبه ما يكون بقيام وزير الداخلية بسلسلة من التفجيرات ثم قيامه بتشكيل لجنة للتحقيق ، فهل من المعقول أن تقوم لجنة التحقيق التي شكلها بإدانته ؟؟
أعتذر عن الإطالة ودمتم بخير
المفضلات