يعقوب بن اسحق والد الصديق يوسف وحكمته الربانية
يعقوب بن اسحق والد الصديق يوسف وحكمته الربانية
لقد كان سيدنا يعقوب حكيما في أفعاله وأقواله وفى طلباته من أبنائه أيضا
عندما جاءه الصغير يوسف قائلا
يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
ربما علم سيدنا يعقوب سلفا بما يدور بين أبنائه حول أخيهم يوسف ومحبة أبيه له
قال لابنه يوسف الصغير
يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رأياك عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
حكمه من سيدنا يعقوب لا يريد لابنه الصغير مكائد أخوته له وهو صغير لا يستطيع مقاومتهم
وأراد أن يبث الطمأنينة في قلب صغيره قائلا له
وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
وبشره بمستقبل ربما يختلف عن مستقبل أخوته
سيجتبيك ربك
سيعلمك تأويل الرؤيا
وسيتم نعمته عليك ليس فقط بل على آل يعقوب أيضا
وكان أخوة يوسف يكنون له سوءا
قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ
نحن أولى بهذه المحبة من يوسف وأخيه
وأتخذ الأخوة فيما بينهم قرارهم على أن يلقوا يوسف الصغير في الجب فجاءوا إلى أبيهم قائلين
قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ
أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
وهنا تتجلى حكمة سيدنا يعقوب
فهو لم يرفض الطلب رغم خوفه على ابنه ورغم علمه بمكائد أبنائه ليوسف
إنما حذرهم بما سوف يكون منهم تجاه يوسف قائلا
إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ
هذا تحذير لهم وتنبيه لهم أيضا بما سيكون
وعندما فعلوا فعلتهم ونالوا ما أرادوا رجعوا إلى أبيهم قائلين
وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ
قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ
لقد حدث ما كان يتوقعه سيدنا يعقوب وما كان يخشاه
وهنا تتجلى حكمه سيدنا يعقوب مرة أخرى قائلا لهم
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ
وفى السجن تجلت حكمه سيدنا يعقوب أيضا بما بشر به ابنه يوسف سابقا
وظهرت على يوسف علامات الصلاح والتقوى
إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِينَ
وقدرته على تأويل الرؤيا قائلا لهم في تفسير الرؤيا
يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ
وتجلت حكمه سيدنا يعقوب أيضا بعد خروج يوسف من السجن وظهرت بشارته
وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ
ومكن الله ليوسف أيضا وهذه بشارة أبيه له وهو صغير
وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ
ومن حكمه سيدنا يعقوب أيضا رده على أبنائه عندما قالوا له
يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
تعهدوا لأبيهم بحفظ أخيهم بنيامين
كما تعهدوا سابقا بحفظ أخيهم يوسف
أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
في كلتا الحالتين تعهدوا بالحفظ
ومن حكمه سيدننا يعقوب أن ذكرهم بما تعهدوا به سابقا مع يوسف قائلا لهم
هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
وذكرهم بأن الحفظ من الله ليس منهم قائلا لهم
فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً
ومع ذلك تعهدوا له بحفظه أيضا مره ثانيه قائلين
يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ
ويظهر جليا خوف سيدنا يعقوب على ابنه الثاني بنيامين فيقول لهم
لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ
وتظهر حكمه سيدنا يعقوب أيضا في أن أقدار الله اكبر من وعدهم له واكبر من حفظهم لبنيامين قائلا في استثناء
إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ
هذه حكمه جميله من سيدنا يعقوب وإيمان كامل منه بأقدار الله عز وجل
ومن حكمته أيضا قال لهم
لاَ تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ
ومن كمال إيمانه بالله يظهر في قوله لهم
وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْء
ومن كمال إيمانه أيضا يظهر في قوله لهم
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً
يرجوا من الله أن يرجع له بنيامين بل يرجع له يوسف أيضا
لديه إيمان بالله وثقه في الله بعوده بنيامين وعوده يوسف أيضا
واستمر سيدنا يعقوب في إيمانه بالله وثقة في الله يضأ وقال لأبنائه
يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ
مازال يشعر بان الله سيعيد له يوسف رغم هذه السنين
وكان إيمان سيدنا يعقوب إيمانا شفافا يتيح له رؤية المستقبل وان يشعر بالأحداث قبل وصولها إليه قائلا
إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ
ومن قبلها قال لأبنه يوسف
وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
وتحقق لسيدنا يعقوب أمنيته لثقته في الله وكمال إيمانه به عندما جاءه البشير وألقى القميص على وجهة قال لهم
أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
وكان رحيما بأبنائه رغم ما فعلوه بيوسف وأخيه بنيامين قائلا لهم
سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ
عندما اعترفوا بالخطأ وطلبا المغفرة قائلين
يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ
ومن حكمه سيدنا يعقوب انه لم يتعالى أو يترفع على قوانين مصر وقوانين الملك في ذلك الوقت
بعد دخولهم على يوسف وآوى يوسف إليه أبويه
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً
ويذكر سيدنا يوسف أباه سيدنا يعقوب قائلا
يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقا
ويدعوا سيدنا يوسف قائلا
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
اللهم علمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا
كتاباتي تنويرية تثقيفية توجيهيه
من يتفق معي فأهلا به
ومن يعارضني الرأي فأهلا به أيضا
المفضلات