بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ان الله عز وجل خلق الخلق ليعبدوه وما أقام السماوات والارض الا لاجل ذلك قال تعالى:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" -طبعا العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والافعال والاعتقادات - ولم يتركهم هملا فأرسل اليهم الرسل ليدعوتهم الى عبادته وحده لا شريك له ،واقتضت حكمة الله تعالى أن يكون لهؤلاء الانبياء أعداء قد يقاتلونهم وقد يحرفون ماجاؤوا به ويَكذبون عليهم ، بل وقد يجعلهم تعالى دليلا على صدق المرسلين، فكان نزول الرسل يتتالى حتى جاء خاتمهم صلى الله عليه وسلم ،ففصل في الامر وبين الحق و أزهق الباطل وايده الله بمعجزة باقية الى يوم القيامة,
ميلاده وطفولته :
لا احد يجهل ان الرسول صلى الله عليه وسلم ولد يتيم الاب ثم ماتت امه ومات جده وانتقلت كفالته الى عمه -الفقير الذي كان له الكثير من الاولاد- ولم يتجاوز عمره التسع سنوات وبقي عنده لم يقرأ ولم يكتب ولم تكن له اي صلة لا باليهود ولا بالنصارى ، وما كان له من عمل غير رعي الغنم.
شبابه وبعثته :
عرف بصدقه وأمانته وباخلاقه الفاضلة و عمل في رعي الغنم و كان له بعض الرحلات التجارية الى الشام وتزوج خديجة رضي الله عنها واتجر بمالها . ولما بلغ الاربعين جاءه جبريل وهو في غار حراء بصورة أفزعته وظن أنه سيُجن ولكن خديجة رضي الله عنها هونت عليه واصطحبته الى قريب لها يدعى ورقة بن نوفل وكان له علم بالتوراة ولما قص عليه مارأى استبشر ورقة و قال له انه الناموس الذي كان يأتي موسى عليه السلام وتمنى لو انه كان شابا ليقف الى جواره حين يخرجه قومه ، ولم يخفي النبي صلى الله عليه وسلم تعجبه من ذلك
وهكذا بدأ الوحي الذي أعجز العرب بفصاحته وبلاغته التي علموا انه يستحيل على بشر ان يأتي بمثلها ،و طبعا لم يرحبوا به بل على العكس من ذلك عارضوه واعلنوا الحرب عليه رغم ان عدد المسلمين في البداية كان قليل وكانوا ضعفاء وكانوا يدعون الى التوحيد سرا، لكن العرب حينها شعروا بعظمة الرسالة وأنها الحق الذي سيظهر على دينهم فعذبوا وقتلوا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ،وهكذا استمرت الدعوة وتواصلت والعقباة تتوالى الى ان ظهرت رسالنه صلى الله عليه وسلم.
دليل صدق نبوته صلى الله عليه وسلم:
1 - النبي صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ و لا يكتب فأنى له أن يعرف قصص السابقيين من الانبياء والمرسلين وأ ممهم ولم تكن له أي علاقة مع اي كان من أهل الكتاب ، ومن ذا الذي يعلمه ويؤثره على نفسه بحيرا أم ورقة و لماذا ؟ وكيف خفي على كفار قريش -الذين أعلنوا العداء له منذ البداية - أنه قد تعلم على يد أحدهما ، بل كانوا أحيانا يستعينون باليهود قصد إعجازه صلى الله عليه وسلم ويتحدونه بأشياء ذكرت في التوراة ، ولا جرم ان يكون هذا كذلك دليل على أن أغلب أهل مكة لم تكن لهم أي علاقة بكتب السابقين لا من قريب ولا من بعيد
2 - لا أحد يماري في أن العرب كانوا فصحاء وبلغاء برعوا في الشعر والنثر وغيرهما من الفنون ، و لا أحد يماري في أن القرآن قد تحداهم و هم على ذلك ،و لا أحد يمارى في أن العرب اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بالشعر والكهانة والجنون وهو على خلاف ذلك كله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد يماري في أن القرآن تحداهم على أن يأتوا بمثله في الفصاحة والبلاغة وعجزوا ،ولا أحد يماري في أنهم لو وجدوا في القرآن خطأ ولو بسيطا لفضحوه و لألفوا في نقده شعرا لا يعد ولا يحصى . و يا عجبي في هذا الزمان من أناس لا يعلمون من العربية غير الجمل البسيطة والفاعل والمفعول والمبتدأ والخبر يدعون أن القرآن فيه زخم كبير من الأخطاء ، و لا أحد يماري في جهلهم لأنهم في الحقيقة فضحوا أنفسهم و أظهروا سطحية عقولهم وعلمهم ولا أحد يماري في حمقهم اذ اعتقدوا أنهم قد اكتشفوا ما غفل عنه الآلاف من جهابذة اللغة العربية وبلغائها علما أنهم لم يكونوا جميعا أحباب الاسلام والمسلمين .
3 - لقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم معجزات رأها الصحابة أمام أعينهم بل وحتى الكفار ولم يقولوا شعرا ينكرونها به. كانشقاق القمر ، وأيضا عندما أخبره اللحم- الذي دست يهودية فيه السم- أنه مسموم ، وتكثير الطعام عند حفر الخندق فأكل ألف رجل من داجن وقليل من الخبز و أيضا نزول الماء من يديه صلى الله عليه وسلم .
4 - والقرآن معجزته الخالدة بما فيه من فصاحة و اعجاز غيب واعجاز في التشريع و إعجاز علمي وعددي و كيف لقرآن يدرس قضايا البشرية في العمق و الصميم ويتحدث عن حقائق الخلق والحياة و البعث و النشور أن يراعى فيه العدد في الكلمات والحروف ، فهذه سورتي "ق" و" الشورى" كلاهما في بدايتها حرف قاف و نستغرب عندما نقرأ سورة قاف ان الله عز وجل قال عن قوم لوط عليه السلام اخوان لوط على خلاف ما جاء في القرآن كله فلو قال قوم لوط لاختل العدد وعندما نعد حروف قاف في كلا السورتين نجده 57 ومجموعهما يساوي 114 وهو عدد سور القرآن ، فكيف لنبي أمي أن يأتي بمعجزات كهذه من عنده . و هل فعل أحد من البشرية كلها شيئا مثل هذا قبله أوبعده غير الانبياء و المرسلين.
5 - يدعو صلى الله عليه وسلم الى التوحيد و الى مكارم الاخلاق وهي دعوة الانبياء من قبله و لا غرابة ان نجد بعض ما في الكتب القديمة يشبه ما جاء به القرآن فهما ينبعان من مشكاة واحدة ، وكيف لرجل يدعو الى مكارم الاخلاق و عرف بها قبل البعثة يتغير فجأة ليصير مخادعا يكذب على البشرية جميعا ويدعي النبوة والرسالة إن الذين يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم بذلك هم أبعد الناس عن الأخلاق الكريمة وأقربهم إلى الخيانة والكذب و يظنون أن الناس جميعا مثلهم .
المفضلات