عن جريدة الرأي الاردنية
في الشريط الاخباري لفضائية الجزيرة ، اقرأ مساء امس الاول ، ان الفاتيكان سمح بفتح ارشيفه السري الذي يحتوي على ملفات الحرب العالمية الاولى والثانية وموقف الكنيسة الكاثولوكية وباباواتها حيال تلك الحروب وما تخللها من احداث ومفارقات واتفاقات ومعاهدات ومطالب ، خاصة.. تلك المتعلقة باليهود وحركتهم الصهيونية التي كانت تسعى بضراوة الى انشاء دولة لهم في فلسطين، ،
وربما يجهل الكثيرون انه ... بعد وفاة البابا بيوس الثاني عشر عام 1958 وتطويب يوحنا الثالث والعشرين بابا جديدا خلفا له ، شن اليهود حملة شديدة على البابا الراحل بيوس الثاني عشر واتهموه بشتى التهم بحجة انه كان يكره اليهود ويحاربهم وانه احجم عن مساعدة اليهود ايام ملاحقة النازيين الالمان لهم ، وان بامكانه كان انقاذ الالوف من ارواح اليهود ولكنه.. لم يفعل،،.
ومن قبيل تعزيز حملتهم الظالمة ، وضعوا كتبا والقوا محاضرات وكتبوا دراسات والفوا مسرحيات وانتجوا برامج وافلاما لا يجمع بينها الا الحقد اللاهب على البابا بيوس الثاني عشر والا افتعال الوقائع وبث الاضاليل والاكاذيب وشتى انواع الاتهامات بحق ذلك البابا ، بالدرجة الاولى وبحق غيره من الباباوات الذين سبقوه ، مثل بيوس العاشر الذي رفض مطالب هرتزل حين قابله عام 1903، ،
وبعد ان نجح اليهود ، بمساعدة وتآمر الكاردينال الالماني امين سر المجمع المسكوني الثاني الذي انعقد في روما «1962 - 1965» والذي انتهى باعلان براءة اليهود من جريمة صلب المسيح عمد اليهود الى مطالبة الفاتيكان بضرورة الاطلاع على الارشيف السري للفاتيكان بحجة اثبات ان بيوس الثاني عشر كان متواطئا مع النازية ، وانه كان يكره اليهود،،. ويسجل للبابا بولس السادس انه رفض الكثير من المطالب والمزاعم اليهودية وفي طليعتها الاعتراف بـ «حق» اليهود في اغتصاب فلسطين استنادا الى خرافة ... الشعب المختار والوعد الالهي بارض الميعاد ،
ومع ان عدم الاعتراف هذا قد تم تجاوزه ، من قبل اللجنة الاسقفية الفرنسية للعلاقات مع اليهود ، حين اصدرت ما سمي «وعد بلفور الكاثوليكي» عام 1973 ، الا ان البابا بولس ، وهو رأس الكنيسة الكاثولويكية لم يعترض؟،.
كذلك... فان البابا بولس السادس ، حاول جادا ومخلصا تبديد الاتهامات والاضاليل التي الحقها اليهود بالبابا بيوس الثاني عشر ، ولم يخضع للضغوط اليهودية بفتح الارشيف السري للفاتيكان ، لان هذا الارشيف خاص بدولة الفاتيكان وحدها،،. ومع ذلك ... وبالرغم من كل الممانعات ، ظل اليهود يواصلون مطالبتهم بفتح الارشيف الى ان قرأنا امس الاول نجاحهم في الفوز بمطلبهم هذا ، الذي ظل البابا السابق يوحنا بولس الثاني مترددا كثيرا في الموافقة عليه ، ولم يسمح ، به الى ان جاء البابا الحالي فوافق وسمح،،. هذا مع العلم بان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني هو الذي انعطف بموقف الكنيسة الكاثولويكية العقائدي والتاريخي حيال اليهود واليهودية ، انعطافا حادا لا يقل عن 180 درجة،،.
اما لماذا استقطب ويستقطب البابا بيوس الثاني عشر كل هذا الحقد والعداء ، من قبل اليهود والمتهودين المتسللين والمتسترين بالقلنسوة المسيحية والصليب ، فليس لانه ... كان يكره اليهود وانه .. لم يساعدهم ، فقد ثبت بالحقائق والوثائق انه ساعدهم وحمى عشرات الالوف منهم وآواهم بالكنائس وفعل كل ما باستطاعته لدفع الاذى والملاحقة ولكن ... لان ذلك البابا العظيم حاول ان يظل منسجما مع الحقيقة المسيحية والعقيدة المسيحية ، بعيدا عن التلوث والمساومة والتهديد.. ذلك البابا المسيحي الصادق في ايمانه المسيحي ، ظل يرفض بشدة الادعاءات الصهيونية وعارض بشدة ، قيام دولة اسرائيل ، لان مجرد قيامها يتناقض مع الايمان المسيحي والعقيدة المسيحية. بل انه سعى جادا ، بدافع من اخلاصه لمسيحيته ورتبته الكهنوتية كرأس للكنيسة الكاثوليكية ، الى الاتصال بقادة الغرب وساسته وتحذيرهم من مغبة الانجراف بالمزاعم الصهيونية ومن النتائج والتداعيات المريعة المترتبة على قيام دولة لليهود في فلسطين،،.
الكلام هنا كثير وطويل ويحتاج الى تفصيل ، ولكن ما يهمنا الان هو قرار الفاتيكان السماح بفتح الارشيف السري للباحثين اليهود. والسؤال هنا: ماذا عن الباحثين العرب وغير العرب من طلاب الحقيقة الموضوعية، هل يسمح لهم بالاطلاع والقراءة؟، ،
وبافتراض السماح ، اين هي مراكز الابحاث والدراسات ودوائر الاعلام والجامعات العربية المؤهلة لاستغلال هذه الفرصة الثمينة الثمينة؟، ،
هل ثمة من يقرأ.. وهل ثمة من يتجاوب؟
المفضلات