لماذا يدخل أوروبيون وأميركان في الدين الإسلامي بهذه الكثرة؟
السبت 24 يوليو 2010 - الأنباء
صحيح، الأعداد تتزايد طرديا مع ازدياد كثافة حملة «الإسلامو فوبيا» أو التخويف من الإسلام كدين والمسلمين كشعوب، إذن لماذا تكون النتيجة هكذا؟ رغم أن الأدوات الإعلامية غير متكافئة بين من يدعون للدين الإسلامي ومن يخوفون منه باستخدام أحدث التكنولوجيا، وكتب تصدر يوميا ونظريات تروج لها الجامعات، مثل «صراع الحضارات»، نظريات يتم تلميع أصحابها الذين لم يكن أحد ليسمع بهم لولا ارتباط كتبهم بالتخويف من هذا الدين، سواء كانوا غربيين ثقافيا (فوكوياما) أو شرقيين مثل «سلمان رشدي» والنتيجة هي أن الداخلين في الإسلام من المثقفين الغربيين هم أكثر من العامة، علامَ يدل هذا؟ تعالوا نقرأ ما كتبه جيفري لانغ، استاذ الرياضيات في سان فرانسيسكو وهو يصف تجربته، يقول د.لانغ: «نشأت في أسرة نصرانية.. غير أني حينما صلب عودي أصبحت ملحدا.. أنهيت دراستي الثانوية والجامعية.. وأكملت الماجستير والدكتوراه في الرياضيات.. ولم أر في النصرانية ولا اليهودية ما يبعث على الاهتمام.. وحينما أنهيت الدكتوراه صرت أتساءل: هل يكفي هذا؟ هل أنا أعيش من أجل نيل هذه الشهادة؟ ماذا بعدها؟ كان من طلابي ثلاثة شبيبة مسلمين، كان أحدهم أكثر حماسا لدينه من الباقين.. دعوني مرة للغداء، ثم أهدوني نسخة مترجمة من القرآن الكريم، ففهمت أنها من الشخص الأكثر حماسا فيهم، وذات يوم أخذت أتصفح هذه النسخة، وأخذت أقرأ، وأقرأ. .أنهيت قراءة القرآن في ثلاث سنوات، عشت خلالها مع القرآن، وجدته يتعامل مع قارئه على أنه أحد شخصين: إما أنه مؤمن به، فهذا يجد القرآن صديقا حميما. .يحنو عليه، ويقربه ويدنيه، ويبشره، ويشجعه، ويرغبه.. النوع الثاني، غير المؤمن به..وهذا يعلن القرآن العداء معه من أول لحظة. .يحاوره، ويتحداه، ويجابهه بالحقائق التي تصدع أركانه.. وأحيانا يسخر منه سخرية مؤلمة، ويهدده، ويتوعده. .ويحصره في زاوية ضيقة. .ويجد نفسه في أحيان كثيرة يعيش ما توعده به القرآن يصرخ في النار. .ويناله لهيبها، ويتبدل جلده، كنت أنا هذا النوع الثاني..لذلك تطلب مني إكمال قراءته طول هذه المدة.. وانتهيت الى أنه يحتوي على النصرانية الصحيحة واليهودية السليمة والدين الذي يبحث عنه كثير من الناس».
ثم تحدث جيفري لانغ عن أول صلاة أداها وحده في غرفته: «أمضيت وقتا طويلا أراجع حركات الصلاة وحفظت النصوص القرآنية باللغة العربية، دخلت الى الحمام ووضعت الكتيب على طرف المغسلة مفتوحا على الصفحة التي تشرح الوضوء وتتبعت التعليمات مثل طاه يجرب وصفة لأول مرة، خرجت والماء يقطر من أطرافي ثم وقفت باتجاه الكعبة ونظرت الى الخلف لأتأكد من اني أغلقت باب الشقة ثم اعتدلت في وقفتي وأخذت نفسا عميقا، رفعت يدي الى مستوى أذني، ثم انتبهت الى أن ستائر النافذة غير مغلقة فذهبت وأسدلت الستائر، وبدأت من جديد، وقرأت سورة الفاتحة بطريقة لم يكن أي عربي ليفهمها مني، ثم انحنيت راكعا وداخلني شعور بالاحراج اذ انني لم أنحن لأحد في حياتي ولكنني فعلتها وقلت «سبحان ربي العظيم» ثلاث مرات، وعندما هممت بالسجود أحسست بأن ساقي مقيدتان لا تقدران على الانثناء، فقلت «رب، أرجوك، أرجوك، أعني على هذه» كان قلبي يخفق بشدة، أخيرا أخذت نفسا عميقا وأرغمت نفسي على النزول وضغطت بجبهتي على الأرض فوق السجادة وقلت «سبحان ربي الأعلى» ثلاث مرات، كنت مصمما على انهاء هذا الأمر مهما كلفني ذلك، وكررت الركعات الأربع، فلما انتهيت بقيت جالسا على الأرض، أخذت أراجع المعركة التي مررت بها وأحسست بالخجل الشديد من الصراع الذي مررت به، خفضت رأسي وقلت «اللهم اغفر لي تكبري، وغبائي، فقد أتيت من مكان بعيد ولايزال أمامي سبيل طويل لأقطعه»، في تلك اللحظة شعرت ببرودة بدا لي أنها تشع من وسط صدري، كنت أرتعش ثم بدأت في البكاء من غير أن أعرف السبب، أخذت الدموع تنهمر من عيني على وجهي ووجدت نفسي أنتحب، وكلما ازداد بكائي ازداد إحساسي بوجود أحد بقربي، كأن هناك قوة خارقة من اللطف والرحمة تحتضنني، لم أكن أبكي بدافع الشعور بالذنب، رغم أنه يجدر بي ذلك، ولا بدافع الخزي ولا السرور، لقد بدا لي أن سدا كبيرا قد انفتح وتدفق من ورائه مخزون هائل من الخوف المتراكم بداخلي، خرج بقوة ليحل محله الاطمئنان والسكينة.
بعد أن هدأت قلت «يا رب، إن تجرأت مرة أخرى على الكفر بك فأمتني قبل تلك اللحظة وخلصني من الحياة في دنيا الكفر الى الأبد، فإنني لا أستطيع العيش يوما واحدا وأنا أنكر وجودك».
موقع جريدة الأنباء
المفضلات