أشباح الصحراء
سفيان خالد هزايمة
الصف العاشر - الاردن


في يوم من الأيام، وفي قرية صغيرة، كان هناك صديقان وكانا دائمي التنقل والترحال، وكان لهما مختبر رائع بنياه بأنفسهما، وكانا محبوبين من أهل القرية جميعهم.
وفي يوم من الأيام، قال أحدهما للآخر: لِمَ لا نبني آلة لتنقلنا من مكان إلى آخر من دون أن نتعرض لمشاق السفر وتعبه؟
- فكر الآخر في نفسه لهنيهةٍ و قال: ولكن كيف ذلك، فنحن لا نملك المال لشراء الأدوات اللازمة ولا نملك المخطط لبناء هذه المركبة الرائعة؟!
- أجاب الآخر: إنَّ هذا الأمر سهلٌ يا صديقي، لا تقلق.
- تعجب الآخر وقال: وكيف ذلك؟
- فقال : أما المال فسوف نعمل ونحصل على المال لشراء الأدوات اللازمة،و أما المخطط فسوف نرسمه نحن.
- هزّ الآخر رأسه وقال : ليكن إذن.
وبدأ الصديقان العمل، فذهبا إلى المدينة وبقيا في المدينة يعملان مدة 5 سنوات إلى أن جمعا ما يحتاجانه من المال. وعادا إلى القرية، فرحب أهل القرية بهما وأقاموا احتفالا لعودتهما.
وبعد3 أيامٍ بدأ الصديقان عملهما في بناء الآلة، فرسما مخططاً لبنائها، وقد استغرق رسمه منهما أسبوعاً كاملاً، وبعد أن أنهياه بدأا العمل. وبعد مدة أنهيا صنع الآلة. وعندما أرادا أن يختبرا الآلة لم تعمل لوجود خللٍ فني فيها، فأعادا الكَرَّة لكنها لم تعمل أيضا، وبعد جهدٍ جهيد ومحاولاتٍ مضنية، تمكنا من بناء هذه الآلة الرائعة من أجل أن تنقلهما من مكانٍ إلى آخر بسرعة كبيرة جداً.

وبدأ الصديقان رحلاتهما الرائعة فزارا الأهرامات المصرية، و البتراء في صحراء الأردن، و سور الصين العظيم، وجبل "فوجي" في اليابان، وغيرها من مناطق العالم الرائعة والمدهشة.
وفي يومٍ من الأيام قرر الصديقان الذهاب إلى الصحراء، فهما لم يزوراها من قبل، فحزما أمتعتهما ثم ركبا آلتهما الرائعة وضغط أحدهما على زر فإذا بهما في الصحراء، وقررا التخييم مدة 3 أيامٍ في الصحراء.
في اليوم الأول قاما ببناء المخيم، وقد أمضيا اليوم بطوله في بناءه، فأنهكا وناما بسرعة من شدة تعبهما، ولا ننسى حر الصحراء فقد أضناهما التعب والمشقة.
وفي صباح اليوم التالي قاما بجولة في الصحراء، و بعد أن أضناهما التعب، قررا أن يستريحا في ظل صخرة كبيرة. فما مضى وقت قصير على جلوسهما في ظل الصخرة، حتى سيطر عليهما (سلطان النوم)، فناما بسرعة. وعندما استيقظا من النوم نسيا أين هما، فنظرا حولهما و إذا بهما تائهان في وسط الصحراء.
- فقال أحدهما للآخر: لقد ضعنا يا صديقي، ما الحل؟
- فأجاب الآخر: لا أدري، لقد وقعنا في مصيبة، لا طعام ولا ماء ولا حيوان في الأرض ، ولا طيور في السماء، يا إلهي!
- فقال الآخر: إذن يجب أن نقتصد بالماء والطعام الذين جلبناهما معنا من المخيم.
- أجاب الآخر: نعم.
وحلَّ الظلام وبدأ الليل يسدل ستاره المظلمَ على الصحراء، و الجو زاد برودةً، وأصدقاؤنا في خطر. لكن من الجيد أنهما أحضرا المصباح معهما.
وفي صباح اليوم الثالث، قرر الصديقان أن يسيرا بحثاً عن قرية أو واحة أو قافلة ترجعهما إلى قريتهما. وبينما هما يبحثان عن شيء يبقيهما على قيد الحياة، نظر أحدهما أمامه - وكانا منهكين من التعب- فاندهش بشدةٍ وو قع على الأرض مصعوقاً من هول ما رأى، فالتفت إليه صديقه وقال له: ما بك؟ ما الأمر؟ فلم يستطع صديقه الإجابة وإنما أشار بإصبعه إلى حيث رأى، وبدأ يقول: سف سف...!
فنظر الآخر فصعق مما رأى. لقد رأيا سفينة بحرية في وسط الصحراء. فقال أحدهما: ياللهول. ثم ذهبا ليستكشفا السفينة الغريبة، فإذا بأحدهما يرى كتابة على جسم السفينة، فنظر إلى صديقه، وقال له: تعال انظر ما هذا! فلما اتى صديقه ورأى ما كتب على جسم السفينة صعق، كان قد كتب على جسم السفينة(حوت البحار). فقال أحدهما للآخر: أليست هذه سفينة (حوت البحار) التي غرقت منذ 150 عاماً؟
- أجاب الآخر: بلى، إنها هي!
- سأل الأول: إذن، ما الذي جاء بهذه السفينة من قاع البحر إلى وسط الصحراء؟!
- أجاب الآخر: لا أدري.
- قال الأول: إذن هيا بنا لندخل إليها لعلنا نعلم سبب وجودها الغريب هنا.
- قال الآخر: هيا لنذهب.
دخلا السفينة وبدأا يتفقدان حجراتها وغرفها حجرة حجرة، وفجأة سمعا صوتاً قادماً من إحدى الغرف المجاورة! فقال أحدهما للآخر: هل هذه أصوات الأشباح و العفاريت؟
- أجاب الآخر: هلاَّ سكتَّ، فلا وجود لمثل هذه الأشياء، وسأثبت لك ذلك، هيا بنا نذهب إلى الغرفة حيث أتى الصوت. وأضاف قائلاً: لعله الهواء أنا واثق من ذلك.
ما إن دخلا الغرفة التي أتى منها الصوت، لم يجدا أيَّة نافذة ليدخل الهواء منها، ولم يجدا أي شخص أو حيوان في الغرفة. وفجأة أغلق باب الغرفة عليهما،

قال الأول: ألم أقل لك إنها الأشباح؟ إنها سفينة مسكونة بالأشباح، هيا نهرب الآن!
قال الآخر: ليس قبل أن نكتشف سر هذه السفينة العجيبة.

ما أن أنهى كلامه حتى ظهر لهما شبحٌ ضخمٌ، وقال لهما: لن أسمح لكما بمعرفة سرنا المدفون منذ 150 عاماً!. وضحك ضحكة شريرة هزّت أركان السفينة، وإذا بالأشباح والعفاريت تظهر من كل مكان في الغرفة حيث الصديقان. فخاف الإثنان وهربا بسرعة من السفينة المسكونة.
- فقال الذي اعتقد بوجود الأشباح لرفيقه مستهتراً:لا يوجد أشباح هااا!؟ لقد كنتُ محقاً وأنت لم تصدقني!
- فأجابه صديقه: أهذا وقت العتاب يا صديقي!؟ هيا بنا الآن نهرب من هذه الأشباح والعفاريت اللعينة.
وما أن صارا بعيدين عن السفينة، اذا بهما قد رأيا واحة قريبة، فقال أحدهما: أرجو ألا تكون هذه الواحة سراباً!
- فقال الآخر: أرجو ذلك أيضا.
فما أن اقتربا حتى كانت الواحة حقيقة، فسعدا بهذا، وشربا من ماء الواحة واستظلا بظلها إلى أن هدأ روعهما، وأمضيا الليلة في الواحة.
في الصباح بدأا يبحثان عن مخيمهما ليعودا إلى قريتهما وكان قد مضى عليهما أسبوع حتى الآن. وفجأةً، قال أحدهما للآخر:انظر انظر، انه مخيمنا!. فركضا إليه وحزما أمتعتهما وركبا الآلة وعادا إلى القرية. وما أن وصلا إلى القرية، حتى وجدا أهل القرية قلقين عليهما.
وفي اليوم التالي، اجتمع أهل القرية بصديقيهم، فقصا لهم القصة. فقال أحد سكان القرية: يالها من قصة غريبة، الآن فهمنا لِمَ بقيتما في الصحراء أسبوعاً كاملاً، وقد قلتما لنا إنكما ذاهبان فقط لثلاثة أيامٍ، حسنا غداً سنذهب معكما لنرى هذه السفينة العجيبة.
وفي اليوم التالي ذهب صديقانا مع شيخ القرية و3 من رجالها إلى حيث كانت السفينة، لكن المفاجاة كانت عندما لم يجدوا تلك السفينة. فقال لهم أحد الصديقان: صدقونا نحن لم نكذب عليكم، نقسم بأنه كانت في هذا المكان سفية،
- وقال الآخر: أجل نقسم بذلك!
- فقال شيخ القرية- وكان كبيرا في السن- :إنهما صادقان، لقد سمعت عن هذه السفينة في صغري.
ومنذ ذلك اليوم لم تظهر السفينة في الصحراء قط، ولكن تقول بعض الروايات والأقاويل: إنها تظهر كل 50 عاماً ثم تختفي، وبعضها يقول: إن الأشباح التي تسكنها حملتها إلى السماء، فصارت سفينة طائرة، حيث لا يمكن لأحد أن يزعج الأشباح التي تسكنها. ولكن سواءً أكانت في الأرض أم في السماء، في البحر أم في الصحراء لا يزال أمر هذه السفينة الغريبة غامضاً إلى الآن... .