اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زكريا99
السلام عليكم جميعا
لدي بعض الأسئلة التاريخية + شبهة أتمنى أن أحصل على الجواب الكافي والشافي لها
فأما الأسئلة التاريخية فهي مضمونها واحد ولكنها عن 3 بقع مختلفة من العالم.
السؤال هو عن قصة الإسلام في اسبانيا (الأندلس) والفلبين .. فكما نعلم تاريخيا بأن هاتين الدولتين كانتا مسلمتين وقد وصل لهما الفتح الإسلامي وأقيمت دولة الإسلام فيهما، لكن ما يحيرني حقا هو تغير دين هاتين الدولتين من الإسلام إلى المسيحية !! كيف تم ذلك على أرض الواقع؟ تاريخيا الإجابة هي أن النصارى قد أجبروا المسلمين على ترك دينهم وقتل الآخرين. ولكن كيف تم ذلك وفي الإسلام هناك جهاد دفع وهو في حالة حصول الهجوم على المسلمين من قبل المشركين (أو غيرهم) فهل مسلمو الأندلس والفلبين جاهدوا ودافعوا ولكنهم لم يقدروا على النصارى؟ أم ما القصة بالضبط؟ ولو افترضنا أنهم كانو أضعف من النصارى عدة وعتادا؟ ولكن أين كانوا بقية المسلمين في ذلك الوقت (من أتراك وفرس وعرب وهنود و..و..) ولماذا تركو هاتين الدولتين لتضيع بهذه الطريقة؟ بصراحة أود أن أعلم تفاصيل تحول هاتين الدولتين المسلمين إلى دولتين مسيحيتين وبتفصيل ممل فهلا تكرم أحد بشرحها وسردها لي أو إعطائي روابط لأقرأ منها حقيقة وسبب هذا التحول الغريب ؟
والأما الحدث التاريخي الآخر الذي أقصده فهو مشابه لهذا ولكنه عن دولة فارس (إيران) فكما يعلم الجميع بأن دولة فارس قد فتحها الخليفة عمر (رض) وساد الحكم الإسلامي فيها إلى ما يزيد عن ألف عام حتى أتى الجيش الصفوي ليفرض الحكم والمذهب الشيعي على دولة إيران؟ ولكن ما يحيرني هنا أيضا هو عن كيفية استطاعة هذا الجيش الصفوي من فرض المذهب الشيعي ( أي كما فعل النصارى في الفلبين واسبانيا ). فما قصة المذهب الشيعي في إيران وكيف استطاع أن يفرض نفسه فحتى الشعب الإيراني معظمه من الشيعة بعد أن كانو سنة ً، فكيف حصل هذا؟
باختصار: أنا محتار لسبب واحد وهو أن الذي يفرض دينه أو مذهبه بقوة ويجبر الناس على اتباعه لا يكسبهم، فكيف استطاع النصارى من تغيير دين شعب مسلم كامل في الفلبين واسبانيا، وكيف استطاع الصفويون من تغيير مذهب شعب سني إلى المذهب الشيعي إن كان بالقوة؟ بصراحة الأمر أشبه بلغز بالنسبة لي أتمنى من أحد الأخوة العارفين والمتعمين بالأمور التاريخية أن يوضح لي الأمر...
=====================================
حياك الله اخي الكريم
من يقرأء التاريخ يعرف جليا اسباب ونتائج مصيبة الاندلس وكيف انها بعد ان سادت وتوسعت واصبحت منارة من منارت الشرق والغرب زالت وتلاشت.
ولاشي يأتي من فراغ بل هي اسباب تراكمت عبر سنين طويلة لتكون نتائجها المحتومة زوال حكم الاسلام في الاندلس ولا حول ولاقوة الا بالله .
قال ابن خلدون في تاريخه :
فصل , في أن المغلوب مولع أبداً بالإقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده .
يقول رحمه الله متنبئاً سقوط الاندلس :
" والسبب في ذلك أن النفس أبدا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت اليه : إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه , او لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب. فإذا غالطت بذلك واتصل لها حصل اعتقادا, فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبهت به , وذلك هو الاقتداء , او لما تراه والله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية ولا قوة بأس , وإنما هو بما انتحلته من العوائد والمذاهب , تغالط ايضا بذلك عن الغلب , وهذا راجع للأول , ولذلك ترى المغلوب يتشبه ابدا بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها , بل في سائر أحواله , وانظر الى ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائما , وما ذلك إلا لإعتقادهم الكمال فيهم , وانظر الى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية جند السلطان في الأكثر لأنهم الغالبون لهم , حتى إنه إذا كانت أمة تجاور أخرى ولها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه والإقتداء حظ كبير , كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة , فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم وشاراتهم والكثير من عوائدهم وأحوالهم , حتى في رسم التماثيل في الجدران والمصانع والبيوت , حتى لقد يستشعر عن ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء , والأمر لله , وتأمل في هذا سر قولهم (( العامة على دين الملك)) فإنه من بابه , إذ الملك غالب لمن تحت يده والرعيةمقتدون به لإعتقاد الكمال فيه اعتقاد الأبناء بآبائهم والمتعلمين بمعلميهم , والله العليم الحكيم وبه سبحانه وتعالى التوفيق " أ.هـ (المقدمة 2/505 ت علي عبد الواحد وافي)
يقول ابن الاثير: وأنه لا يحدث أمر إلا وقد تقدم هو أو نظيره فيزداد الإنسان بذلك عقلاً ويصبح لأن يقتدي به أهلاً .
يقول كوندي - أحد الكتاب النصارى -: ( العرب هَوَوْا عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها ، وأصبحوا على قلب متقلب يميل الى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات ) [1]
- يستطيع الراصد لذلك التاريخ-يقصد تاريخ الأندلس- أن يقول : إن بداية الانحسار الإسلامي في الأندلس كان منذ أن سقطت الدولة الأموية هناك ، وبعد أن قام على أنقاضها العديد من الدويلات الإسلامية المتناحرة المتنازعة التي صورها الشاعر بقوله [2] :
مما يزهدني في أرض أندلسٍ ... أسماء معتمد فيها ومعتضد
ألقاب مملكة في غير موضعها ...كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسد
- قد أدرك هذه الحقيقة الشاعر الأندلسي المسلم-ابن العسال-عشية سقوط طليطلة سنة 478 هـ (1085 م) فعرف أن ذلك له ما بعده حيث قال محذراً إخوانه المسلمين هناك [3] :
حثوا رواحلكم يا أهل اندلس ... فما المقام بها إلا من الغلط
السلك يُنثَر من أطرافه وأرى ... سلكَ الجزيرة منثوراً من الوَسَطِ
من جاور الشر لا يأمن عواقبه ... كيف الحياةُ مع الحيات في سَفَطِ
- أسباب سقوط الأندلس:
1- انحراف كثير من مسلمي الأندلس عن منهج الله .
2- موالاة العدو النصراني والتخلي عن الجهاد .
3- انعدام الوحدة السياسية بينهم .
4 - تكالب القوى النصرانية ضدهم .
- قال المنصور بن أبي عامر عوتب فى سهره وقلة نومه:
إن الملك لا ينام إلا إذا نامت الرعية ، ولو استوفيت نومي لما كان في دور هذا البلد العظيم عين نائمة [4]
- لما تزايد الخطر النصراني ضد مسلمي الأندلس بعد حادثة بربشتر سنة 456 هـ وجه أبو حفص عمر بن حسن الهوزني [5] رسالة إلى المعتضد ابن عباد(433 - 462 ه) دعاه فيها إلى الجهاد ، كما بين فيها شدة معاناة المسلمين ،وسبب تزايد الخطر النصراني عليهم
ومما جاء في تلك الرسالة :
أعباد جل الرزء والقوم هجع ... على حالة من مثلها يُتَوَقَّع
فَلَقِّ كتابي من فراغك ساعه ... وإن طال فالموصوف للطول موضع
فما إن تلقاها حتى أرسل إلى الهوزني يستدعيه القدوم إلى أشبيلية ، فلما قدم إليه أخذ يسعى للقضاء عليه حتى تمكن من قتله سنة
460 هـ [6]
- يقول الإمام ابن حزم فى وصف حكام زمانه من أهل أندلس" والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم بادروا إليها ، فحن نراهم يستمدون النصارى فيمكنوهم من حُرَم المسلمين وأبنائهم ... وربما عطوهم المدن والقلاع طوعاً فأخلوها من الإسلام وعمروها بالنواقيس "[7]
يقول ابن خلدون واصفا درجة التقليد التى وصل إليها المسلمين للكفار ( .. إذا كانت أمة تجاور أخرى لها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه والاقتداء حظ كبير كما هو في لأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم وشاراتهم الكثير من عوائدهم وأحوالهم حتى رسم التماثيل في الجدران والمصانع والبيوت ، حتى يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء والأمر له ) [8]
ذكر ابن الخطيب أن جند مسلمي الأندلس تشبهوا بالنصارى في زيهم أسلحتهم [9] ، ولم يقتصر الأمر على هذا ، بل إن بعض مسلمي الأندلس قلد لنصارى في الاحتفال بأعيادهم ومناسباتهم الدينية [10]
هناك فئة أخرى من المسلمين كانت تحضر مجالس النصارى وتشاركهم فراحهم ، ومن هؤلاء منذر بن يحيى - صاحب سرقسطة - فقد بالغ في التشبه النصارى وموالاتهم حيث كان يحضر عقود المصاهرة التي كانت تتم بين بنائهم [11]
حسام الدولة يحيى بن عبد الملك - صاحب مدينة شنتمرية - كان يقلد لنصارى في اقتناء القرود حيث أهدى إليه ألفونسو السادس ملك قشتالة قرداً كان فتخر به على ملوك الأندلس [12] .
وقد أدى التشبه بالعدو وتقليده عند أولئك القوم أن ( ذل الرئيس والمرؤوس افتقرت الرعية وفسدت أحوال الجميع بالكلية وزالت من النفوس الأنفةالإسلامية ) [12]
ذكر ابن حزم أن براهيم بن سيار النظام رأس المعتزلة في الأندلس عشق غلاماً نصرانياً فوضع له تاباً في تفضيل التثليث على التوحيد تقرباً إليه !!![13]
---------------------------------------
مقدمة ابن خلدون .
أثر الضعف الخلقي في سقوط الأندلس -. حمد بن صالح السحيباني عدد شعبان - 1412ه- مجلة البيان
المصادر:
(1) شوقي أبو خليل ، عوامل النصر والهزيمة عبر تاريخنا الإسلامي ص 122 .
(2) مقدمة ابن خلدون 2/752 ، ابن الخطيب ، أعمال الأعلام 2/144 .
(3) ابن سعيد ، رايات المبرزين ص 50 ، المقري نفخ الطيب 4/253 .
(4) البيان المغرب 2/298 .
(5) وهو أبو حفص عمر بن حسن الهوزني من علماء الأندلس المشهورين ولد سنة 392 هـ ، واهتم بطلب العلم منذ صغره ، وتد تفنن في كثير من العلوم حيث أخذ من كل علم بطرف وافر ، (ابن بشكوال ، الصلة 2 / 402 - 403) .
(6) ابن بسام ، الذخيرة ق ج 4 1/192 ، بالنثيا ، تاريخ الفكر الأندلسي ص 98 .
(7) رسائل ابن حزم 3/176 .
(8) الإحاطة ج 1 ص 136 ، اللمحة البدرية ص 39 .
(9) ابن عذاري : البيان المغرب 3 ص 176 .
(10) ابن الخطيب : أعمال الاعلام القسم الثاني ص 197 ، ابن عذاري : البيان المغرب ج 3 ص 176-177 .
(11) ابن عذاري : البيان المغرب ج 3 ص 177 .
(12) ابن الكردبوس : تاريخ الأندلس ص 77 .
(13) طوق الحمامة ج 1 ص 13
ثانيا : اخي الكريم نحن امة اعزنا الله بالاسلا فان ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله وهذا ماجرى تحديدا لاهل الاندلس فقد تقسمت الاندلس الى طوائف متعددة متناحرة فيما بينها حتى ان بعضها تحالف مع الكفار ضد اخوانهم الاندلسيين :
اما اسباب سقوط الاندلس الخارجية :
1_ تدهور قوة المسلمين ليس في الاندلس فقط ولكن في كل العالم الإسلامي في ذلك الوقت ، بتعرضهم لهجوم قوي من كل القوي المسيحية
2- إطلاق البابوية الصرخة لدعوة إلي محاربة المسلمين في الشرق والغرب .
3- استجابة كل القوي المسيحية لدعوة البابا ليس فقط تلبية دينية ولكنها استجابة للظروف الاجتماعية والإقتصادية التي تسود العالم الاوربي سواء اشتراك الافراد بسبب سيادة النظام الاقطاعي أو اشتراك الجمهوريات الايطالية في هذه الحروب والذي كان من دافع المصالح التجارية ، او لسيادة الفقر في اوربا ورخاء الشرق حتي ان البابا قال في دعوته " إن بلاد الشرق تفيض عسلا "
4- تفكك قوة المسلمين بين اكثر من خلافة سواء في الشرق او الغرب والعداء السائد بينهم جعلهم لا يجتمعون لمحاربة عدوهم .
5- كانت الاندلس منذ بدايتها بعيدة عن الخلافة في الشرق مما جعلها تعتمد علي نفسها في الدفاع .
6- وقوع الاندلس في وسط العالم المسيحي وبعدها عن العالم الاسلامي ، جعلها سهلة الوقوع في يد المسيحيين
5_ القوي المسيحية تحيط بالاندلس وتلقي الدعم الكامل سواء من الكنيسة والبابوية أو من الامراء الاقطاعيين .
كما ان هناك سبب أخر مهم لسقوط الاندلس :
الخطأ الفادح الذي إرتكبه المسلمون في الاندلس...
عندما هزم المسلمون الأسبان في معركة" وادي لكة"...هرب اللواء "بلاي" دون أن يشارك في القتال واتجه شمالا ...و قام بتأسيس" مملكة أشتورياش" في الركن الشمالي الغربي بمنطقة يقال لها صخرة بليه
وهي مناطق قام المسلمون بغزوها مرات عديدة وانسحبوا منها... فإن المسلمين لم يفرضوا سلطانهم تماماً على هذه الجبال لوعورة مسالكها وبرودة مناخها... فأهملوا جانبها زهداً فيها واستهانة بشأنها... فإعتصم "بلاي" بالجبال الشمالية الغربية في هذه المنطقة ... وعاش على عسل النحل الذي وجدوه في خروق الصخر ... ولما أعيى المسلمين أمرهم ... تركوهم وانصرفوا عنهم استخفافاًً بشأنهم وقالوا :" ثلاثون علجاً ما عسى أن يجيء منهم ؟"...فتاعظم آمرهم بمرور السنين حتى قامت لهم دولة وطردوا المسلمون منها .
وعلى اي حال تبقى الاستهانة بالامور والفتور وقلة العزيمة هي مااوصلتنا الى هذه النهاية المؤلمة بالاضافة طبعا لما سبق وذكرناه في الاعلى وانا لله وانا اليه راجعون .
سقوط الاندلس دروس وعبر لمن يعتبر :
يقول د. راغب السرجاني في معرض حديثه عن سقوط غرناطة أخر معاقل الاسلام في الاندلس :
كان تاريخ الأندلس يحوي أكثر من ثمانمائة عام، الأمر الذي ينبغي على المسلمين أن يقفوا معه وقفات ووقفات، يأخذون منه العبرة والدرس، ويكررون ما حدث فيه من أفعال العظماء، وفي ذات الوقت يتجنبون أفعال الأقزام، تلك التي أدت إلى هذه الحال التي رأيناها آخر عهود الأندلس وفترات السقوط.
بداية لم يكن سقوط الأندلس بالسقوط المفاجئ، فقد كان هذا متوقعا منذ أكثر من مائتي عام، إلا أنها وبمدد من بني مارين مرة، وبخلاف النصارى مرة أخرى مع بعضهم البعض، صمدت وصبرت بعض الشيء، لكن الذي حدث في النهاية هو الذي كان متوقعا.
وهنا لا بد لنا من وقفة على أسباب هذا الانهيار والتي كان من شأنها أنها ما إن تكررت في أيٍ من الأزمان أو الأوقات، وفي أيٍ من البلدان أو القارات، فإنها ولا شك ستعمل عملها، وتكون العاقبة والنتيجة من نفس العاقبة وتلك النتيجة.
الدرس الأول:
سقوط وضياع غرناطة.. العوامل والأسباب
كانت عوامل انحدار وسقوط وضياع الأمم قد تشابهت وإلى حد كبير في كل فترات الضعف في تاريخ الأندلس، وهذه العوامل نفسها قد زادت وبشدة في فترة غرناطة؛ ولذلك كان السقوط كاملا وحاسما، وكان من هذه العوامل ما يلي:
العامل الأول:
كان الإغراق في الترف، والركون إلى الدنيا وملذاتها وشهواتها، والخنوع والدعة والميوعة، هي أولى العوامل التي أدت إلى تلك النهاية المؤلمة، وقد ارتبطت كثيرا فترات الهبوط والسقوط بكثرة الأموال والانغماس في الملذات، والميوعة الشديدة في شباب الأمة، والانحطاط الكبير في الأهداف، قال تعالى: [وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ(11)فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ(12)لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ] {الأنبياء:11،12،13}.
العامل الثاني:
ترك الجهاد في سبيل الله، وهو أمر ملازم لمن أُغرق في الترف؛ فالجهاد سنة ماضية إلى يوم القيامة، وقد شرعه الله ليعيش المسلمون في عزة ويموتون في عزة، ثم يدخلون بعد ذلك الجنّة ويُخلّدون فيها.
وإن الناظر إلى عهد الأندلس ليتساءل: أين أولئك الذين كانوا يجاهدون في حياتهم مرة أو مرتين كل عام، وبصفة مستمرة ودائمة؟! أين يوسف بن تاشفين، وأين أبو بكر بن عمر اللمتوني؟ وأين الحاجب المنصور؟ وأين عبد الرحمن الناصر وغيرهم؟
وإنها لعبرة وعظة حين ننظر إلى ملوك غرناطة، ومن كان على شاكلتهم حين ذُلوا وأُهينو لما تركوا الجهاد في سبيل الله، يقول تعالى:
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ(38)إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] {التوبة:38،39}.
العامل الثالث:
يتبع العامليْن السابقين عامل الإسراف في المعاصي، فجيش المسلمين لا يُنصَر بالقوة ولا بالعدد والسلاح، لكنه يُنصر بالتقوى، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنكم لا تُنصرون على عدوكم بقوتكم ولا عُدتكم، ولكن تُنصرون عليه بطاعتكم لربكم ومعصيتهم له، فإن تساويتم في المعصية كانت لهم الغلبة عليكم بقوة العُدّة والعتاد.
فإذا بعُد المسلمون عن دين ربهم، وإذا هجروا نهج رسولهم صلى الله عليه وسلم كُتب عليهم الهلكة والذلّة والصغار، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ.
http://www.islamstory.com/%D8%B3%D9%...AF%D9%84%D8%B3
يتبع ...
المفضلات